الحقيقة والوهم في الإصلاح الديني (8-8)
إحسان باحارثة
تأثرا بفلسفة التنوير الأوربية وعصر تمجيد العقل وجعله مصدرا للمعرفة والأخلاق؛ شهدت الديانة اليهودية في الفترة ما بين (1750-1880) ظهور دعوة للإصلاح الديني أو التنوير أطلق عليها اسم: (الهسكالاه)، وقد بدأت في ألمانيا قبل أن تمتد إلى دول أخرى، وقادها بعض المثقفين ورجال الدين اليهود. وكان أبرز هؤلاء الدعاة الفيلسوف اليهودي/ موسى مندلسون(1729-1786) الذي يوصف بأنه فيلسوف التنوير اليهودي. (1)
أ/ أسباب ثورة الهسكالاه: (2)
على الرغم من التشابه الظاهري في العناوين والأسماء إلا أن حركة الإصلاح الديني اليهودي لا تشترك مع ثورة الإصلاح البروتستانتي في أسباب قيامها كما هو شائع عند البعض، لكن لأن الحركتين الإصلاحيتن ذات بعد ديني فقد اشتركتا في جانبين من الأسباب هما:
1- رفض سلطة رجال الدين على الشؤون الدينية أي رفض السلطة الحاخامية المهيمنة على الحياة اليهودية، والتي أقامت ما يشبه حكومة دينية عقدت الحياة اليهودية بعدد كبير من العادات والتقاليد والتفصيلات والمحظورات في الممارسة الدينية يصعب الالتزام بها، وتهديد المعارضين لها بالطرد من الدين اليهودي.
2- جعل الكتاب المقدس (التوراة في الحالة اليهودية) متاحا لكل من يفهمه.
إلا أن معظم أسباب ظهور حركة الهسكالاه كانت تعود إلى حيثيات خاصة بالحالة اليهودية الدينية الخاصة، ومعظمها تتناقض تماما مع أفكار الإصلاح المسيحي. ومنها ما لم تتوفر في الحالة المسيحية، وأبرز تلك الأسباب:
1- ظهور نخبة يهودية مثقفة هالها وضع اليهود المزري، وعملت على إقناعهم للخروج من حالة الانعزال والجهل التي كان اليهود يعيشونها وسط مجتمعاتهم الأوربية، والانعتاق والانفتاح على الثقافة الأوربية.
2- رد فعل على حالة التهميش والاضطهاد الأوربي لليهود والنظر إليهم بدونية واحتقار.
3- تأثر المثقفين اليهود من دعاة الإصلاح بفلسفة التنوير الأوربية وتمجيد العقل بوصفه مصدرا أول للمعرفة، وإخضاع الدين لسلطانه!
4- سيادة القيم النفعية في ظل الثورة الصناعية التي جذبت اليهود للمشاركة فيها؛ بما عرف عنهم من حب العمل في الشؤون المالية، وخبرتهم التاريخية بكل ما يتصل بأمور المال والثراء.
ب/ أبرز أفكار دعوة الإصلاح الديني اليهودي: (3)
1- الإيمان بأن اليهودية ليست دينا من عند الله(!)، والتشكيك بقدسية الكتاب المقدس (التوراة) بسبب كثرة تناقضاته، وأنه ليس من عند الله بل من صنع البشر.
2- إنكار عقيدة البعث والحساب في الآخرة، واستبدالها بفكرة خلود الروح (على طريقة العقيدة المسيحية وغيرها من الديانات الأخرى المحرفة التي تؤمن بأن البعث بالروح فقط وليس بالجسد والروح معا).
3- الإيمان بروح العصر، والتكيف مع تطوراته، وتطوير الدين ليناسب كل عصر!
4- رفض الاعتراف بأي جانب في اليهودية يتنافى مع العقل، والإيمان أن العقل أساس المعرفة والأخلاق بدلا من الدين.
5- اليهود ليسوا أمة بل جماعة أو طائفة دينية، ولا وجود لقومية يهودية نقية أو شعب يهودي واحد. وضرورة تكييف وصبغ مواقف الهود وعقائدهم وتطبيقاتهم الدينية لمطالب وأهداف الجماعات الغربية الحديثة.
6- عدم الاعتراف بالمسيح المنتظر، أو أن الخلاص ببناء دولة إسرائيل، وعدم الإيمان بفكرة العودة إلى فلسطين، ورفض استرجاع القوانين المتعلقة بالدولة اليهودية.
7- قام بعض دعاة الإصلاح اليهودي بإلغاء الصلوات ذات الطابع القومي اليهودي!
8- إدخال الموسيقى والأناشيد الجماعية، والسماح باختلاط الجنسين أثناء أداء الصلوات!
9- لا اعتبار لأي تشريعات يهودية في المأكل، والملبس، وطهارة الكهنة.
10- التسامح والتقارب مع الأديان الأخرى وخاصة المسيحية والإسلام.
11- معارضة التعصب والخرافات للارتقاء بالمجتمع اليهودي لمواكبة المجتمع الأوربي.
12- تبني ثقافات ومعارف المجتمعات التي يعيش اليهود فيها، والتخلي عن كل خصوصية يتميزون بها.
13- استبدال العلوم الحديثة العلمانية بدراسة التلمود.
ج/ آثار الإصلاح اليهودي: (4)
تميزت الهسكالاه عبر تاريخها عن اليهودية التقليدية بتيار ديني أطلق عليه اسم: اليهودية الإصلاحية وخاصة في أوربا الشرقية وألمانيا، وظهرت لها مؤسسات واسعة مثل: الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية، واكتسبت وجودا دينيا وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، واعترفت بها روسيا كمذهب يهودي مستقل، وكان لها معابد في 29 دولة، و848 إبرشية في أمريكا وحدها، وعقدت عدة مؤتمرات عالمية للتأكيد على عقائدها وآرائها المعروفة.
رغم كل ذلك النشاط والتوسع؛ إلا أنها فقدت زخمها تدريجيا وآلت إلى الانكماش، فقد أدى رفضها للشعائر والطقوس اليهودية التاريخية التقليدية إلى فقدان أتباعها الشعور بالانتماء لليهودية كدين في الأصل، واعتنق كثيرون من اليهود الإصلاحيين – منهم جميع أبناء مندلسون فيلسوف الإصلاح اليهودي- الدين المسيحي، كما اعتنق نصف يهود برلين المسيحية!
ومع مرور الزمن بدأ الإصلاحيون اليهود يميلون إلى العودة للأفكار اليهودية التقليدية؛ وخاصة بعد زيادة التوجهات القومية اليهودية في صفوف الإصلاحيين. ومنذ العام 1935 بدأت التراجعات وانهيار حركة الإصلاح اليهودي، وعقدت عدة مؤتمرات عملت على إعادة صياغة العقيدة اليهودية للإصلاحيين اليهود باتجاه تعميق البعد القومي للدين اليهودي، والإيمان بالأرض المقدسة، والقبول بالحركة الصهيونية، وفكرة إقامة دولة إسرائيل في فلسطين، والالتزام ببعض الشعائر اليهودية التقليدية. وبالنسبة لقدسية الكتاب المقدس (التوراة) فقد قدموا رؤية وسط في أنه كتاب مقدس أوحى بها الله ولكن للعبرانيين الأوائل وليس لموسى، ولذا يجب احترامها ولكن مع تكييفها للعصور المختلفة.
وكان آخر مؤتمر عقده الإصلاحيون اليهود عام 1976 وتوج ذلك بسيطرة مرشحي الحركة الصهيونية على مراكز القيادة في مؤسسة الاتحاد العالمي لليهودية التقدمية.
د/ أسباب إخفاق الإصلاح اليهودي: (5)
لم تلق حركة الإصلاح اليهودية النجاح نفسه الذي لاقته حركة الإصلاح المسيحية، وتلاشت تاريخيا لصالح الحركة الصهيونية القومية المعارضة لها للأسباب التالية:
1- كانت كثير من مطالب الإصلاح الديني إلحادية تنسف اليهودية كعقيدة دون تمييز من جذورها، في الوقت الذي كان الدين اليهودي يمثل للجماعة اليهودية عمود البقاء والمحافظة على كيانهم القومي والنفسي والثقافي، فكان من الطبيعي أن ينفر منها عامة اليهود المتدينين.
2- انصراف عامة اليهود عن دعاوى الهسكالاه في رفض الهوية اليهودية، وضرورة الاندماج في المجتمعات الاوربية ثقافيا واجتماعيا نتيجة ما عاناه اليهود في البلدان الأوربية التي عاشوا فيها، وكان يهود روسيا من أبرز الذين رفضوا ذلك نتيجة معاناتهم من حالات الاضطهاد الديني والتهميش والدمج القسري في دولة القياصرة الأرثوذكس، وكل ذلك أسهم في ظهور حركة يهودية عنصرية لا تقبل نبذ الدين اليهودي من حياتهم.
3- قوة الدعوة المضادة للهسكالاه التي تبنتها الحركة الصهيونية (التي ظهرت ردا عليها في بعض الأقوال)، وخاصة مع انتشار الفكرة القومية الأوربية مما رجح كفة الحركة الصهيونية القومية الرافضة للاندماج وطمس الهوية اليهودية، وتأكيدها على الهوية اليهودية، وعلى النقاء العرقي، وعلى ضرورة استيطان فلسطين وإقامة دولة يهودية فيها.. كما استفادت اليهودية من رفض الحركة الإصلاحية اليهودية لفكرة عودة المسيح المخلص لإنقاذ اليهود بالترويج لصالح فكرة إقامة دولة إسرائيل لإنقاذ اليهود مما يعانونه من اضطهاد.
د/ تقييم الإصلاح اليهودي:
قد يكون من المنطقي تقييم حركة الإصلاح أو التنوير اليهودي (الهسكالاه) وفقا لأهدافها ونتائجها، ومدى ما تحقق وما لم يتحقق منها.. لكن ما يهمنا هنا تقييمها وفقا لما يتم تقديمها للمسلمين على أنها حركة إصلاح ديني ينبغي لهم الاقتداء بها.. فهل كانت الهسكالاه بالفعل حركة إصلاح ديني تستهدف إصلاح الدين وتنقيته مما علق به عبر الدهور من أخطاء البشر وممارساتهم؟
1- من الصعب القول – إلا أن يكون الأمر تجاوزا للحقائق والمعاني ومجاراة للشائع- إن حركة الإصلاح اليهودية المعروفة باسم(الهساكالاه) أو (التنوير اليهودي) كانت حركة إصلاح ديني بالمعنى اللغوي الثابت عن كلمة (إصلاح) أي إزالة المفاسد عن الشيء وإعادته نقيا كما كان زمن ظهوره؛ أي تستهدف إصلاح الدين اليهودي وإحياء مبادئه الأصلية في نفوس أتباعه كما كانت زمن موسى عليه السلام .. فمجمل أفكارها تنسف كل القواعد والمباديء التي يقوم عليها الدين اليهودي، وأي دين سماوي آخر، مثل القول بأن اليهودية ليست دينا من عند الله، والتشكيك بقدسية الكتاب المقدس، وإنكار عقيدة البعث والحساب في الآخرة! (6)
2- تضمنت أفكار التنوير اليهودي مطالب دينية قليلة مشروعة أو معقولة في إطار الإصلاح على الطريقة الشائعة في الإصلاحات الدينية؛ مثل رفض هيمنة رجال الدين اليهودي الحاخامات، ورفض الخرافات، والتسامح مع الديانات الأخرى.. إلا أن مثل هذه الأفكار كان من الصعب أن يتقبلها اليهود في مجتمعهم المنعزل عن التاريخ، والواقع، والعلم والمعرفة الحديثة، والمتقوقع في جيتوهات منبوذة من قبل الآخرين. (7)
3- كانت حركة الإصلاح اليهودية أقرب إلى ثورة النخب، ولم تتمكن من استقطاب تعاطف الكيان اليهودي الجماعي التقليدي الراسخ تاريخيا في التمسك بدينه وشعائره وتقاليده وهويته بسبب تشكيكها في كل ذلك، وفي الدين ذاته، ودعوتها إلى نبذ الهوية اليهودية، ورفض الشعائر اليهودية ذات الصبغة القومية الخاصة بهم. (8)
ه/ مقارنة بين سمات الإصلاحين: البروتستانتي واليهودي
1- كان تأثير بعض حقائق العصر الذي ظهرت فيه كل من حركتي الإصلاح البروتستانتي(القرن السادس عشر) واليهودي(القرن الثامن عشر) واضحا في أفكار كل منهما؛ فالإصلاح المسيحي كان – رغم ظهوره زمنيا بعد مرحلة النهضة- عودة قوية للنص الديني المتمثل بالكتاب المقدس بوصفه المرجعية الأولى الذي قدم الكهنة عليه تعاليم الكنيسة وآراء البابوات ورجال الكنيسة، ودعوة قوية للالتزام بطهارة الدين وبساطته الأولى وأوامره ردا على مفاسد رجال الدين والكنيسة. (9)
وفي المقابل فإن حركة الإصلاح اليهودية الهسكالاه ظهرت في القرن الثامن عشر في عصر انتعش فيه المذهب المادي، وأفكار حركة التنوير الإلحادية، وشاعت فيه مظاهر عداوة الدين من قبل كثير من الفلاسفة حتى كان لفظ فيلسوف تعني معاداة المسيحية. (10) وظهرت شكوك بعض الكهنة بمصداقية نسبة الكتاب المقدس إلى الله بسبب التناقضات الخطيرة الموجودة فيه والتي تتناقض مع العقل والتاريخ! وتزايد الهجوم على العقيدة الدينية وخاصة في فرنسا، ثم جاء زمن الفيلسوف ذو الأصول اليهودية باروخ سبينوزا الذي كتب منتقدا الروايات التاريخية في الكتاب المقدس مبينا تناقضاتها وعدم استنادها إلى أسس قوية من المنهجية العلمية والتاريخية (11) .. وفي هذه الأجواء ظهرت حركة الإصلاح اليهودية، وكان مفهوما أن تكون متأثرة بأفكار التنوير المعلية لشأن العقل على الدين، والهجوم على الشعائر الدينية، كما تأثرت بأفكار التسامح مع الأديان الأخرى، ومعارضة التعصب والخرافات لكن التأثير تجاوز كل حد حتى وصل إلى إنكار أساسيات في الديانات الكبرى متفق عليها.
2- تشددت حركة الإصلاح المسيحي بالتمسك بأسباب الفضيلة والأخلاق المسيحية الأصلية، ومحاربة الانحلال الأخلاقي كردة فعل عنيفة لانحرافات الكنيسة دينيا ولمفاسدها المالية والأخلاقية من جهة، ولمظاهر الانحلال الأخلاقي والشذوذ الصاخبة الذي صاحب حركة النهضة الإيطالية من جهة أخرى. (12)
أما حركة الإصلاح اليهودي المتأثرة بعصر العقل ومعادة الدين فقد كانت متساهلة جدا في القضايا الأخلاقية والاجتماعية، وأدخلت الموسيقى في الصلوات، وسمحت باختلاط الرجال والنساء أثناء الصلاة.
3- نجح الإصلاح المسيحي في تحقيق تغييرات ملموسة في الديانة المسيحية: هيكلة وأفكارا، ونشأ دين/ مذهب جديد انتشر تدريجيا في أوربا وخارجها، وتأسست دول وممالك باسمه.
أما الإصلاح اليهودي فقد فشل في التحول إلى بديل لليهودية القائمة أو حتى منافستها، ورغم انضمام نخبة المثقفين والشباب إليه إلا أنه تلاشى تدريجيا حتى تحول إلى طائفة محدودة التأثير باسم الطائفة اليهودية الإصلاحية لمصلحة التوجه المتشدد في التمسك باليهودية التقليدية، واندمج أتباعه وفق أفكاره في المجتمعات الغربية المسيحية كمواطنين ومنهم من اعتنق المسحية ذاتها. (13)
4- نجحت حركة الإصلاح البروتستانتي في كسب دعم وتأييد عامة المتدينين والأمراء والملوك المحليين المسيحيين بسبب دعوتها إلى العودة إلى اعتماد الكتاب المقدس كمرجعية وحيدة ومقدسة للدين الصحيح، وجعلت من أبرز مهامها تعزيز تأثير الدين المسيحي في الفرد المسيحي والأسرة المسيحية والمجتمع، وتقوية ارتباط الدولة بالدين وهيمنتها عليه، ورفضت الخضوع لسلطة كنيسة روما الأجنبية.
وفي المقابل فقد فشلت حركة الإصلاح اليهودي في كسب عامة اليهود وتجمعاتهم الشعبية بسبب نخبوية أفكارها ومضادتها للمألوف الشعبي التقليدي المستقر منذ أكثر من ألفي عام، ولترويجها لأفكار الاندماج في المجتمعات المسيحية التي نفر منها اليهود المضطهدون من قبل المسيحيين. (14)
والخلاصة أن حركة الإصلاح اليهودي (الهسكالاه) ظهرت تأثرا بدعاوى الالتحاق بحركة التطور والتقدم الحاصل في أوربا، والاندماج في مجتمعاتها، وكانت أقرب إلى الإلحاد وهدم اليهودية، ونبذ شرائعها وشعائرها وتقاليد اليهود دون تمييز من أن تكون حركة إصلاح المفاسد التي تلبست بها اليهودية على الطريقة البروتستانتية، والعودة بها إلى زمن النقاء والبساطة. (15)
هوامش:
1+2+3 – موقع المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني وموقع الألوكة الشرعي.
(4) ويكيبديا: يهودية إصلاحية.
(5) موقع الالوكة، مصدر سابق.
6+7- راجع أبرز أفكار الإصلاح اليهودي المذكورة سابقا.
(8) ويكيبديا، يهودية إصلاحية.
(9) يجدر الملاحظة هنا أن البلدان التي شهدت ظهور ثورة الإصلاح الديني كانت بعيدة عن التأثر بمرحلة النهضة التي تركزت في إيطاليا.. انظر بشارة، ص237ج2م1.
(10) مختصر قصة الحضارة ج4 ص 325
(11) راجت هذه المقولة بعد أن اتسعت حركة النقد لروايات الكتاب المقدس في عصر التنوير، وكان سبينوزا أحد أبرز الذين أسسوا لقواعد النقد التاريخي للنصوص المقدسة في دراسته لرواياته التاريخية في العهد القديم (التوراة) حيث بين أن هذا النص لا يحتوي على مادة معرفية تخضع لمحطات التصديق أو الرفض الواقعيين! انظر عزيز العظمة ص32.
(12) كان من أسباب انتشار الانحلال الأخلاقي في عصر النهضة زيادة الثراء الناتج عن تدفق أموال التجارة والضرائب الواردة إلى الكنيسة من ألف مجتمع مسيحي، فمع الثراء زاد انتشار الآثام، وانغمس الحكام الطغاة في كافة أنواع الملذات، وضعفت قيم الزهد كمثل أعلى في الحياة، كما أشاعت الصراعات السياسية حالة من الاضطراب في حياة إيطاليا حطمت العادات الحارس الأمين للأخلاق (كما يقال)، وصار الخروج على القانون سنة وشريعة متبعة، ونبذت نسبة كبيرة من السكان فكرة أن القانون الأخلاقي موحى به من عند الله! (انظر مختصر قصة الحضارة ج 3 ص140وما بعدها)..وربما كان الانهيار السياسي دافعا خفيا لدعاة الإصلاح البروتستانتي إلى التأكيد والتشديد على محورية دور الدولة على دور الكنيسة، وضرورة طاعة الحكام طاعة مطلقة في غير أمور الإيمان!
(13) ويكيبديا، يهودية إصلاحية.
(14) المصدر السابق.
(15) سوف نلاحظ عند الحديث عن دعوات الإصلاح الديني في الإسلام وجود هذه الافكار والمنطلقات والتطبيقات في الإصلاح اليهودي في بعض دعوات الإصلاح العلمانية في العالم الإسلامي في القرن العشرين!