8 دقائق
أثر الصراع الدائر على الدول المسلمة في المنطقة والعالم لا يخفى على العين، لولا غاشية من فقه اللحظة والقراءة الآنية وردَّة الأفعال.
إنَّ عالم الشريعة حينما يُصدر حكمًا، يجب عليه تغطيته بالتصوُّر الكامل: سوابقه ومآلاته. فإن اقتصر على نظرةٍ لحظية، أو على موقفٍ جزئيٍّ فقط، وبنى عليه الحكم الشرعي، زلَّت قدمه. ومن أراد أن يُفتي في نازلةٍ عامة، وجب عليه أن يدرسها من كل جوانبها، وأن يُشاور، وأن ينظر في كل جوانبها: مصالح ومفاسد، وأن ينظر في كل عللها الموجبة للأحكام في كل جهة.
وبناءً على ذلكَ نقول:
إنَّ الأثر المآلي للحرب هو أثر سلبيٌّ في الجملة، في كل الأحوال، بالنظر إلى الاحتمالات الثلاثة + واحد، ومآلاتها المصلحية والمفسدية.
إلا أنَّ بعضه أشد من بعض، وهذه نقطة مهمَّة جدًّا، يخطئ العالم إذا أغفلها في النظر التنزيلي.
فإنَّ المفاسد إذا وُجدت، نَظَرنا إلى أعظمها، وأدومها، وأعمها، وأقواها. فإذا اجتمعت هذه الأوصاف، كانت المفسدة واجبة الدفع مقدَّمة على غيرها.
وسأضعها جميعًا على طاولة النظر والبحث بثلاث فرضيات مركزية، ورابع محتمل، ومآلاتها، ومفاسدها، ومصالحها:
صهينة المنطقة بالعلاقات والتطبيع والنفوذ والاقتصاد، والقضاء على أي مشروع مقاومة، ومحاربة الدين وأهله، والحركات الإسلامية، وتصفية قضية غزة، وهيمنة المشروع الغربي والقطب الواحد على المنطقة.
مما سيؤدي إلى تراجع نفوذ المشروع الشرقي في المنطقة، ومن ثم فقد التوازن التدافعي. فهذه مفاسدها.
فلها أثر مصلحي، وهو تصفية النفوذ الإيراني في المنطقة، كاليمن والعراق وغيرها، وتخليص شعوب المنطقة المظلومة من الحرابة الشِّيعية التي سامتهم سوء العذاب، واحتلَّت أربع دولٍ منهم.
كما أنَّ التخلص من العدو الصهيوني ممكن، لأنه عدوٌّ خارجيٌّ ظاهر، لا يخفى على عوام الأمَّة.
تشييع المنطقة، والتمدد الكبير، واحتلال عواصم أخرى إضافةً إلى ما هو حاصل أصلًا، وخلق صراع إضافي بالقوة والنار في بلاد السنَّة ودُولها، وبقاء احتلالها لدول سنيَّة، بل وزيادته واستفحاله.
وإنهاء الحركات السنيَّة والأنظمة السنيَّة، وخلق جيل عنصريٍّ مؤمنٍ بتبعيَّته للمرجعيَّة ودونيَّته، والهيمنة الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية على الحياة في دول الخليج والمنطقة.
فليس هناك أي مصلحة في انتصار هذا المشروع، إلَّا احتمال مساعدتهم للمقاومة في غزة. وهو أمر مستبعَد إذا انتصروا؛ لأنَّ المشروع الشيعي أهدافه الاستراتيجية ليست نصرة غزة، ولا السنَّة، ولا الأمَّة، إنما أن يكونوا بديلًا عن الأمَّة وشعوبها، من الكرسي إلى العقيدة، إلى المنهج، إلى المسجد، إلى المال والاقتصاد، إلى النفوذ، إلى كل مظاهر الحياة. وهذه مفسدة ظاهرة، وهي أكبر من نُصرتهم الصُّوريَّة لغزة.
فبقاء الصراع، وزيادة الولاءات وتعدُّدها، مما يُثمر زيادةً في تمزيق النسيج العربي والإسلامي: دولًا، وأنظمةً، وشعوبًا، مع بقاء الصراع في اليمن والعراق، وزيادة التمزُّق في المنطقة. وهذه مفاسده غالبة وعظيمة، كما هو واقعنا اليوم.
توسُّع الصراع إلى أن يدخل المحور الشرقي والغربي.
وهذا أمره إلى الله وحده، والله يعلم أين مصلحة الأمَّة.
الموقف الشرعي الصحيح مبنيٌّ على الموازنات بين المصالح والمفاسد، وعلى قراءة الحقائق والمشاريع والخلفيَّات.
من وقف مع إسرائيل، فقد وقف مع عدوٍّ شامل للإسلام والمنطقة، ووقف مع المشروع الغربي وهيمنته، ووقف مع كل المفاسد التي ستؤول إلى صهينة المنطقة العربية.
ومن وقف مع إيران، إنما وقف مع المشروع الشيعي العنصري، الذي تتجه بوصلته إلى الأمة حربًا وصراعًا وتشريدًا وقتلًا، وإيقادًا لنار الفتنة العنصرية التي تقضي على الأمة ومشروعها. فمن وقف معه، إنما يقف مع هذا المشروع.
وأنت أيها العالم، بل أيها العاقل، انظر إلى مئة مليون سنيٍّ في اليمن والشام والعراق؛ يجب عليك أن تستحضر النكال والقتل والتشريد لملايين السنة، وانتهاك أعراضهم، وسحلهم، وإذلالهم، واحتلال عواصمهم، بل وأخذ بيوتهم وممتلكاتهم بأمرٍ قضائي.
ولو وازنت بين ما قتلته إسرائيل في خمسة وسبعين عامًا، وكم شرّدت، لما وجدت مقارنة أصلًا. ولو وازنت بين مفاسد البقاء للمشروعين، سترى بعينيك وعقلك أين المفاسد الأعظم.
أثار بعض العلماء علةً جعلوها شرعية، ناطوا بها مصير أمةٍ في أخطر القضايا، وهي نصرة غزة. ونصرتها حقٌّ وواجب، لا يُماري فيه مسلم ولا عالم.
لكن أن يقول العالم:
من نصرها أيدناه، ولو كان قد نكّل بمئة مليون سنيٍّ في اليمن والشام والعراق، ولو شرّد خمسة عشر مليونًا، وقتل مليونًا ونصف، وسجن، وعذّب، وانتهك ما لا يُحصى، وفجّر… إلى آخر المصفوفة المفسدية؛ ثم يقول: “نصرة غزة أولًا”، فيبني الأحكام على علةٍ واحدة، ونظرٍ جزئي، ويُهمل سائر العلل الأخرى، فهذا هو الخطأ العلمي الفادح.
ومعلومٌ أن إيران قدّمت موقفًا لغزة، على ضعفه وتردده، في معركة الطوفان، لكنه أقوى من المواقف العربية، ومع هذا، فليس موقفًا استراتيجيًا، بل تكتيكيٌّ مرحليّ.
ونظرُ العالم يجب أن يكون إلى كل علل الشريعة الموجبة للأحكام، ولا يقتصر على جزئيةٍ وينسى بقيّة الكليات وبقية الجزئيات؛ فلا ينظر إلى علةٍ شرعية ويتجاهل بقية العلل الموجبة للأحكام.
فإن الموجبات الشرعية لدفع الحرابة التي تمارسها إيران في الدول المحتلة لها، في اليمن والعراق، وقبل ذلك سوريا ولبنان، هذه الموجبات واضحة، صريحة، قاطعة، والمفاسد عظيمة.
ونصرتُها لغزة، إن كان لها أثر، فليس بمانعٍ من تلك الموجبات الشرعية التي تستدعي الوقوف أمامها بكل قوة، لدفع حرابتها وفسادها.
ومن ادّعى المنع، فهو متوهمٌ لمانعٍ شرعيٍّ لا صحة له.
وقد يقع عالم الشرعية تحت تأثير نازلةٍ لها أثرها الشرعي، لكنها جزئيةٌ في ميزان المصالح والمفاسد. كما أن مشاعر نصرة غزة، بلا قراءة واعية وحقيقية لعلل الشريعة وتنزيلها، توقع في خطأٍ في النظر والتنزيل.
كما أن الموجبات لقتال إسرائيل، وإزالة فسادها في الأرض، وإنقاذ غزة والمستضعفين، بيّنة واضحة. وقتال إيران ليس مانعًا من تلك الموجبات الكبرى.
وهذه الموجبات والعلل لا تتزاحم، ولا تتزاحم الواجبات، ولكلٍّ وقته وأسبابه.
وعليه، فيجب أن تكون الرؤية واضحة، لإيجاد وضوحٍ شرعي في النازلة.
ولو أن إيران لم تفعل بالأمة ما فعلت، لاصطفت الأمة معها جميعًا.
وهذا محورٌ جوهري، غلط فيه من غلط، فنقل كلام شيخ الإسلام في نصرة المبتدع، ولو غليظًا، على الكافر.
وهذا فقهٌ خاطئ؛ فإن كلامه رحمه الله، في مبتدعٍ ليس محاربًا، ولا مفسدًا في الأرض، أما هنا، فالنظر إلى الأشد ضررًا وفتكًا بالمسلمين.
لذلك بدأ صلاح الدين فأزال دولة الباطنية، حتى استطاع توحيد الأمة وتحرير الأقصى؛ لأن وجود الفاطميين كان مانعًا شرعيًا عظيمًا، يحول دون إقامة التكليف الشرعي، وكان التمزق والفرقة موانع أخرى، لكن ذلك كان سببًا لهذه الموانع، لأن التشيع أصلٌ في تمزيق الأمة، وتفريقها، والنكال بها عبر التاريخ. فكيف يُرجى منه نصرٌ أو تمكين، أو تحريرٌ للأقصى؟
وأقول: لا يمكن أن تتحرر فلسطين، وعموم دول السنة إما محتلٌّ مشرَّدٌ من إيران، أو مفرَّقٌ ممزَّق.
وقد رأينا تبايناتٍ في مواقف علماء الأمة وشعوبها، وهذه التباينات مبنيَّة على تعليلٍ وموازنات، لكنها تختلف من حيث: النظرة الكليَّة، والجزئيَّة، واللحظيَّة، والمآليَّة الدائمة.
فنظرة الشعوب الذين تحتلهم إيران، وأذاقتهم ألوان التنكيل والعذاب، تختلف عن نظرة من لم تُصْلِهِ نارها، وعذابها، وخَسْفها.
ويجب أن نعلم أن القاتل في الشرع قاتل، كان مسلمًا أو غير مسلم، والعدوان محرَّم من مسلم وغير مسلم، فلا ينظر المسلم إلى المجرم: هل هو سنيٌّ أو شيعي، أو مبتدع، أو كافر؟
ومن المعلوم أن المسلمين تتكافأ دماؤهم، وأعراضهم، وحرمة أموالهم؛ فاليمني، والعراقي، والفلسطيني، والغزاوي، والمصري، والخليجي، وكل المسلمين يتساوون في ذلك.
هل ترغب بجمع هذه المقاطع في تنسيق موحد (مثلاً مقالة علمية أو بيان فقهي بصياغة فاخرة)، أم تُبقيها على هذا النحو موزعةً وفق المحاور؟
وعليه، فأيُّ انتهاكٍ ـ ممن كان ـ يجب أن تقوم فيه القراءة الشرعية على هذا الأصل.
ولهذا، لا ينظر الإسلام إلى القاتل: أكان كافرًا أو مسلمًا، سنيًّا أو شيعيًّا، بل إلى ما يوجب القصاص لعِلَّة العدوان والحرابة؛ ولا يُفرَّق بينه وبين الكافر، لأن وصف الكفر أو البدعة أو السُّنَّة غيرُ مؤثِّرٍ هنا.
وعليه:
لا يحقّ لك أن تقول للمظلوم، المقتول، المُشرَّد، المحتلَّة بلده: “لماذا لم تندِّد بضرب إيران؟”
والجواب ببساطة: لا يمكن أن تقول للمظلوم “ندِّد بظالم”، وقد قام فقاتل من جار عليك وظلمك، كائنًا من كان.
هذا يُخالف العقل والمنطق والفطرة والشرع.
كما أنه لا يحقّ للآخر أن يقول: “لماذا تفرح بصواريخ إيران وهي تضرب عمق إسرائيل؟”
ذلك أن ضربها مصلحة لغزة، يفرح بها من ظَلَمَتْهُم أولًا، وكل مسلم، وكل إنسان حر، فضلًا عن غزة وفلسطين.
ولا يوجد أحد لا يُسَرّ بأيِّ فَرَجٍ ونصر لغزة، ممن كان.
وبناءً عليه: .
فإن اتخاذ غزة المسلمة عِلَّةً لبناء الحكم الشرعي في كل شاردة وواردة، وفي مصير الأمَّة كلِّها، مع إغفال العلل الأخرى المؤثِّرة في الحكم الشرعي: وهي الفساد الكبير في الأرض، واحتلال أربع دول، وتشريد خمسة عشر مليون سني، وانتهاك أعراضهم ودمائهم وأموالهم، وتدمير مساجدهم، وقتل أكثر من مليون ونصف سني، وسَجْن، وسَحْل، وتعذيب، وتنكيل، كل ذلك بسبب إيران.
إذا أُغفل كل هذا، فأين الفقه؟ وأين قراءة المآلات؟ وأين النظر في الواقع؟!
إذا أُغفل كل هذا، فأين الفقه؟ وأين قراءة المآلات؟ وأين النظر في الواقع؟!
إن التأثير العاطفي والضغط والتضخيم على حساب قضيَّة أهل السنَّة في الأرض، لا يُوصل إلى بناء حكم شرعي صحيح.
والعدل: أن يُنصر هؤلاء وهؤلاء، وأن تُحرَّم أعراض ودماء وأموال الجميع.
فالموقف الشرعي لا يُبنى إلَّا على تصوُّرٍ صحيح: كلِّيٍّ وجزئي، حاليٍّ ومآليّ، يُحقِّق المناطَين: مناط العالم والمناط الخاص.
• والمناط العام هنا: هو ما ستؤول إليه الأمَّة وشعوبها جرّاء هذا الصراع.
• والمناط الخاص: ما يتعلق بغزة، واليمن، والعراق، ودُول الاحتلال الشيعي، والدول التي ستتأثر مباشرة من الحرب مآلًا.
نُقدّمه بحقيقتين واضحتين:
1. إن إسرائيل ومشروعها الغربي خطر وجوديّ على الأمَّة والمشروع الإسلامي.
2. وإن إيران ومشروعها كذلك قد اتضح أنه خطر وجوديّ على الأمَّة ومشروع الإسلام ونشره في الأرض.
الحل الشرعي:
نقول ـ فرضًا وجدلًا وواقعًا ـ هو:
بيد إيران أولًا، وهو أن تتقارب مع الدول المسلمة، ومع جيرانها، بشرط عاجل وعادل، وهو: إنهاء نفوذها وأدواتها في المنطقة، التي جرَّعت الشعوب الويلات، وأن تكون دولة جارة مسلمة صديقة، لها حقوقها السياسية، وكل حقٍّ أمر به الإسلام لها.
لكن للأسف، كل محاولات التقارب والتعايش التي نادى بها العلماء وصلت إلى الفشل.
وتكرار التجربة لا مانع منه، لكن النتيجة معروفة.
لأن الإشكالية أن ذلك التوسع والصراع الإيراني في المنطقة نابع من مشروعٍ مختلف، قائم على عقيدة تجريمية للسنَّة من جيرانهم وعموم دول الإسلام وشعوبها وحركاتها السنِّيَّة، ما سَلِمَ من أذاهم أحد، حتى باكستان التي تقف معهم الآن موقفًا مصلحيًا، آذتها إيران وحركاتها أشد الأذى، ولولا القوّة العسكرية المتماسكة، والعقيدة المتماسكة، لآلت إلى ما لا يُحمد عقباه.
وثنائية القوة والعقيدة هي التي تصارع، وتُقاوم، وتحمي الدول والشعوب. أمّا مجرّد الفكر، فسيُقضى عليه بقوّة السَّحق والسِّجن والتشريد والقتل، كما هو الحال في دول الامتداد الشيعي.
لذلك، من الأمانة الشرعية:
• عدم العماية على الأجيال والشعوب السُّنيَّة العريضة،
• والواجب: بيان العدو بوضوح،
• وأن المحورين: الشيعي والصهيوني، عدوُّ الأمَّة الواضح.
ومن أعظم مصالح الأمة: زوالهما.
فإن زالا بإهلاك بعضهم بعضًا، فهذا يحقّق مصلحتين عظيمتين للأمَّة.
وإن زال المحور الشيعي، تحقق من المصالح للأمة عمومًا، ودُفعت من المفاسد أعظمُها.
لأن العدو الصهيوني عدوٌّ واضحٌ للعيان، عدوٌّ لله ورسوله، محتلٌّ غاصب، يفهم هذا حتى العامي.
والأمة معادية له غيرُ موالية، والنصر وتحرير فلسطين تبعٌ لهذه العقيدة فيه. لكن المفسدة الأكبر أن تمزق الأمة من داخلها، ويصير هذا التمزيق والتنكيل عقيدةً عند العوام، يُربَّى عليها الجيل.
ينشأون على حقدٍ للمسلمين، من أول طبقة وهم الصحابة، فضلًا عن عموم أهل الإسلام من أتباع الصحابة.
فهو منهج مبنيٌّ على تدمير الأمة، ويؤول الأمر إلى أن بعضهم لا يرى عدوًّا له غير الأمة والسُّنة والثوابت.
ولذلك، عبر التاريخ، لم تتجه بوصلة المشروع الشيعي إلا إلى الداخل السنّي في الأمة فقط. أما عداؤهم لغيرهم، فغير موجود إلا إن اضطروا دفاعًا عن أنفسهم لا عن الأمة.
ولهذا نجد الفاطمية والبويهية والقرامطة والرسية نكَّلوا بأهل السنة وهم عموم الأمة، أعظم مما نكَّل بهم العدو الصليبي، في الغالب الإحصائي، والحال، والمآل.
ومفاسدهم أعظم، وما انتهكوه أكبر.
وأما العدو الاستعماري اليوم، فإنه يريد مالك وثرواتك والهيمنة عليك، ولا يريد دينك أصالةً، بل تبعًا، لأن التمسك به يعني دفع فساده.
لكن المحور الشيعي يأتي على رأس مصفوفة أهدافه: الدين، والثوابت، والمال، والعِرض، والدم، والتنكيل، والتشريد، والتفجير، والمسجد، والوظيفة، والدولة… كل شيء تقريبًا.
فيكون همّ الأمة وعملها: كيف تدافع عن نفسها من الحرابة الشيعية المفسدة في الأرض. ولا تفكر في تحرير فلسطين، ولا غيرها، لأن الأرض كلَّها صارت محتلة.
أما اتخاذ موقف من العدو بحجج مصلحية جزئية يراها البعض، فمضارُّه أكبر من مصالحه؛ لما له من أثر على الأمة، وتخذيل شعوبها، وتشويش رؤيتهم للعدو، وحقيقة الصراع.
وما له من أثر على قرابة مئة مليون مسلم سنيٍّ في اليمن والشام والعراق، اصطلَوا بنار الطائفة الشيعية.
وعالم الشرع، في مثل هذا الصراع، وظهور المفاسد في كل الاحتمالات، عليه نصح الأمة، والبيان لها بما يصلحها حالًا ومآلًا، وعليه مواصلة البناء للجيل، ومواصلة حمل وبلاغ مشروع الرسالة.
ويسعه أن يلجم قلمه أو لسانه عن التصريحات، إن لم يتبيَّن له الجادَّة، أو لم يقرأ الأمر بشموليَّة كاملة.
أما على مستوى دول الأمة، فعليها أن تجمع كلمتها، وأن تقوم بإنشاء تحالف سياسي واقتصادي وعسكري عاجل، يبدأ بدول الخليج، والشام، والعراق، واليمن، ومصر، وتركيا، وباكستان، ثم ماليزيا وإندونيسيا.
هذا واجب شرعي ووجودي، فإن لم تفعل، فإن المسلمين ودُولهم في مهبِّ الريح، ليس لهم وزنٌ ولا قيمة، بل هم جغرافيا صراع لمشاريع كبرى تمزّقهم، ويجعلهم يُدارون بالانتماءات إلى هنا وهناك.
ويأتي على رأس واجبها الشرعي: إنقاذ غزة بكل وسائل الضغط، وعندها ما تستطيع فعله.
وتحرير فلسطين كاملة من الواجبات الشرعية على الأمة، وهذا لا يتحقَّق إلا بما ذُكر آنفًا.
كما أن من واجب الساعة: تخليص الأمة من النفوذ والاحتلال الشيعي، وأيّ نوع من أنواع المشاريع التخريبية المذكورة، وحماية الجيل وعقيدته ودينه، والوعي بصراع المشاريع الكبرى.
وتبصير الأجيال بكل هذا لحمايتهم؛ هكذا تنهض الأمة، لا بتجزيء المشاريع والمصالح، ولا بتجزيء المواقف والتصريحات والفتاوى، دون استيعابٍ للصورة بكاملها، مع البيان والنصح والإعذار.
وأن يكون موقف المسلم والعالِم من الحرب القائمة مبنيًّا على صورة كاملة، وعلى مناطات شرعية متكاملة.
والله من وراء القصد.
ماشاء الله عليك ياستاذ/د فضل كلام جميل واقرب للوعي ولخصت كلام الشعوب الاسلامي ومتى تحكي بس النفوس