تناولنا في المبحثين السابقين نشأة مصطلح الزيدية، ومصطلح الوصية، وتحدثنا عن تراث زيد بن علي، وإلى أي مدى يمكننا الوثوق به أولا، ثم إلى أي مدى يحق لنا الاحتجاج به؟ كما تحدثنا عن مفهوم الإمامة لدى زيد بن علي، كما هي في تراثه المعتمد لدى الزيدية. وفي هذا المبحث سننظر إلى رؤية زيد بن علي للآخر: الصحابة، وعلماء الأمة، وأهل البغي.. وإلى أي مدى يمكن القول إن زيد بن علي هو همزة الوصل مع المعتزلة؟
الصحابة والإمامة
لما كانت الإمامة بتلك المنزلة، فإن الإمام زيد ينقل حديثا يبين أن الرسول كان يبايع أصحابه على منع علي وذريته مما منعوا منه الر سول نفسه (1). وبذلك فمن فعل ذلك منهم فقد وفى، ومن لم يفعل منهم فقد هلك. وهذه أول صورة للصحابة أنهم هلكوا في الدين، ولم يفوا بعهد الرسول… ولذلك دخلوا في لعنة رسول الله، فكل من استحل ما حرم الله من العترة فهو ملعون (2).
فأما علي بن أبي طالب، فلقد كان (باب حكمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وكان وصية في أمته، وخليفته على شريعته، فإذا ثبت عنه شيء فاشدد يدك به، فإنك لن تضل ما اتبعت علياً صلوات اللّه عليه وسلامه) (3). ومن ثم فإن من رد حكما على علي فهو كافر؛ لأنه إمام الناس بعد الرسول(4)، و(كان أولى الناس بالناس بعد الرسول) (5). وهو وحده المعني بقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (6).
فما موقفه من الصحابة إذن؟
أما أبو بكر وعمر فيرى أنهما سبب ظلم الناس لأهل البيت، وأنهما السبب في الدماء التي سالت من أهل البيت(7): (هما رمياني، هما قتلاني، هما أقاماني هذا المقام، وهما أول من ظلمنا حقنا، وحملا الناس على أكتافنا، فدماؤنا في رقابهم إلى أن تقوم القيامة).
ولذلك فزيد بن علي (النسخة الزيدية)، يرى أن الشيخين ظالمان (8)، وأنهما مخطئان بتقدمهما على علي، وهذا يدحض مقولة أن الزيدية ترى تقديم إمامة المفضول مع وجود الفاضل. بل يرون تقدم المفضول على الفاضل ظلما واعتداء على الحق. ولذلك جاء عن زيد بن علي: (كل لواء عقد في الإسلام لغيرنا فهو لواء ضلالة) (9)؛ فكل الرايات والألوية منذ عهد أبي بكر هي ألوية ضلالة، قد انحرفت عن الحق.
ويؤكد هذا المفهوم وصفه لمن تولى الإمامة بعد الرسول أنهم انتهبوها، فقال في رسالته لواصل بن عطاء عن الإمامة(10): (إن الإمامة أول خلاف وقع في الأمة بعد مضي النبي ووفاته، انتهبها قومٌ كما يُنتهب تراث الدنيا)… ثم يقول عن أبي بكر أنه: (اختص بها دونهم [أي دون قريش]، من غير مشاورة من جميعهم، ولا أخذ إقرارهم أنه أولاهم بها)، ثم يرى أن أبا بكر سلمها لعمر تسليما، ثم سلمها عمر لعثمان عن طريق عبد الرحمن بن عوف (11).
أما عثمان بن عفان، فيصفه زيد بن علي في رسالته “مقتل عثمان”(12): أنه (نكث على نفسه)، وأن الصحابة أخذوا عليه مآخذ (13)، وحين كلمه المهاجرون والأنصار واستعتبوه (أبى إلا تماديا فيما لا يوافق الكتاب ولا السنة). ويرى أن الصحابة جميعا اشتركوا في قتل عثمان بالحق، فهم بين قاتل أو خاذل(14). ويقول إن الصحابة عقوبةً له تركوا جثته ثلاثة أيام على المزبلة، يمشي الصبيان على بطنه (15).
وأما طلحة والزبير، فيقول عنهما (16) إنهما نكثا بيعتهما؛ لأنهما رفضا قسمة علي بالسوية، وأنفا من مساواة علي لهما بمواليهما في العطاء، فنكثا البيعة وحاربا عليا. ويصفهم مع عائشة أنهم قد أجرموا (17). وفي مسنده يورد حديث قتال الناكثين والقاسطين والمارقين (18). وفي الوقت نفسه يورد قول علي (19) حين سأله رجل: أكفر أهل الجمل وصفين وأهل النهروان؟ فقال علي: لا، هم إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. ولا شك أن وصف إخواننا بغوا علينا يختلف عن وصف الناكثين والقاسطين والمارقين، وعن وصف المجرمين. فما كانا ليخرجا من مشكاة واحدة.
وأما الذين اعتزلوا عليا فلم يقاتلوا معه، فيقول إنهم كانوا في دينهم يترددون، وفي طغيانهم يعمهون، ولم يكن لهم في الحق بصيرة، وأنهم أظهروا تورعهم للأمة حتى يغروها (20). وأما الذين قاتلوا مع علي فهم (حزب اللّه، وحزب رسول اللّه).
الصورة العلمية للصحابة ولعلماء الأمة
ونختم موقفه من الصحابة ببيان الصورة العلمية للصحابة كما يظهر في مسنده. فالمسند كله آثار عن علي رضي الله عنه، ولا يوجد أثر لسواه من الصحابة، وهذا يرسخ نظرة أهل البيت إلى الصحابة، بأنهم ليسوا أهلا للتلقي عن رسول الله، وهذا ما يؤكده بقوله في المجموع (21):
(وكتبت تسألني عن رواة الصحابة للآثار عن الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، وقلت: إنك قد نظرت في روايتهم فرأيت فيها ما يخالف الحق. فاعلم يرحمك اللّه أنه ما ذهب نبي قط من بين أمته إلا وقد أثبت اللّه حججه عليهم، لئلا تبطل حجج اللّه وبَيِّناته، فما كان من بدعة وضلالة فإنما هو من الحَدَث الذي كان من بعده، وإنه يكذب على الأنبياء صلوات اللّه عليهم وسلامه).
وبالتالي فرواة الصحابة وقعوا في الكذب عن الرسول ومخالفة الحق، وذلك لما أحدثوا من بعده، وأول ضلال لهم – في منظوره – قد كان موقفهم من إمامة علي رضي الله عنهم أجمعين.
وبالنظر في مسنده نجده مثلا ذكر عمر بن الخطاب في ثلاثة مواطن(22)، وفي كلها يظهر عمر بصورة الجاهل، الذي لا يدري ما يفتي الناس فيحيلهم إلى علي، ويقول لعلي: (إنك أحفظ مني). وفي موطنين آخرين(23) يذكره مبينا أن عليا خطأه ورد عليه حكمه. كما ذكر أبا موسى الأشعري وتخطئة علي له(24)، وذكر استفتاء معاوية لعلي وأنه لعن معاوية، وقال: (لعن الله قوما يرضون بحكمنا، ويستحلون قتالنا) (25). هذه كل صورة الصحابة في مسند زيد بن علي: الجهل والخطأ.
وكذلك تظهر صورة الجهل لعلماء الأمة، فحين يناقشهم في مسائل العقيدة يناقشهم على أنهم جهلة، بل يصف من قال بأن أهل البيت في آية التطهير هم أزواج النبي – أنهم جهال (26).
كما يرى أن علماء أهل السنة (قد ضعفوا دين الله، وخالفوا دين الله تعالى، وخالفوا قوله، وقالوا على الله غير الحق، وجادلوا عن أهل المعاصي والخونة)، ويتهمهم أنهم (يدافعون عن أهل الكبائر والفسق والعصيان) (27).
وعلماء الأمة – عند زيد – على ضلال؛ لأنهم اختلفوا، وطالما اختلفوا فهم ليسوا على الحق، (وإذا ضل الناس عن الحق، لم تكن الهداة إلا منا) (29).
أهل الكبائر وأهل البغي
من المسائل المهمة التي ينبغي الوقوف عنها عند تحليلنا لصورة الآخر في تراث الإمام زيد بن علي، موقفه من أهل البغي، وأصحاب الكبائر.
في كتاب الإيمان (30) يقرر أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمنا، وأنه ملعون، وأنه من أهل النار. ويقول( ): (إن الله أمر بالتقوى، فمن اتقى مات مسلما، ومن لم يتق مات وهو كافر وإن كان يدعى الإسلام). ويجعل الإيمان إيمانين: إيمان تصديق وإيمان عمل وتقوى (31). ويستدل بأن الله لا يعذب مؤمنا، وإنما جعل النار للكافرين، فمن عذبه الله فهو كافر. والله قد توعد أهل الكبائر بالعذاب (32). ويقول إن الذين أرسل إليهم النبي ثلاثة أصناف: مؤمن ومنافق وكافر وثني، وفي يوم القيامة لا يكون الناس إلا صنفين: مؤمنين يساقون للجنة، وكافرين يساقون للنار (33).
ويظهر في هذا الكتاب نزوعه إلى التفسير الظاهري للآيات نزوعا حادا. فمثلا: يستدل بقوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)) [الانفطار: 13-14] على أن من لزمه وصف الفاجر من أهل القبلة فهو في النار، فيقول (34): (فسلهم عن رجل نهى عن الفساد، فلما نهاه غيره عن الفساد أخذته العزة بالإثم فقاتله، فشرى نفسه هذا فقاتله، فأيهما البار وأيهما الفاجر؟ فإن الله يقول: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14))…فسلهم عن هذا الذي أخذته العزة بالإثم أسلم لله أم حرب) ثم يستدل بآية الحرابة في سورة المائدة.
والكفر عنده ستة أنواع (35): كفر الشرك، وكفر من لم يحكم بما أنزل الله، وكفر من قتل نفسا بغير حق، وكفر بنعيم الله، وكفر من قطع الرجاء بالله، وكفر من لم يشكر الله.
ويستنكر على مخالفيه دعواهم أن القاتل والمقتول في البغي – إذا كانوا من أهل القبلة – أنه يطلق عليهما معا وصف الإيمان. فالقاتل الظالم إما مؤمن وإما كافر، ويمتنع وصفه بالإيمان (36)…ويضرب أمثلة من أعمال أهل الكبائر مبينا أنها كفر، ثم يقول واصفا هذا العاصي: (أشهد أنه كافر بالله ورسوله، ولا أقول إن كفره كفر شك فيما جاء به محمد، ولكن أقول: كفر بأمر الله وأمر رسوله، ففسق عن أمر ربه، فكان كفره ككفر إبليس حين ابى أن يسجد لآدم وهو مصدق بالله) (37).
فهو إذن يرى أن الناس صنفان لا منزلة بينهما: إما مؤمن وإما كافر، وهذا خلاف ما يقرره المعتزلة بالمنزلة بين منزلتي الإيمان والكفر، وهو ما ذهب إليه الهادي في أول أمره، ولكنه نزع إلى المنزلتين فقط في آخر تراثه: الكفر والإيمان. ومن ثم يذهب الإمام زيد إلى وجود ستة أنواع للكفر.
إلا أن هذه النظرة للإمام زيد تخالف ما يذهب إليه في موضع آخر من رسائله، رافضا القول بكفر أهل البغي، مستشهدا بقول علي (38) حين سأله رجل: أكفر أهل الجمل وصفين وأهل النهروان؟ فقال علي: لا، هم إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. كما أن الإمام زيد أنكر قول بعض أتباعه أن قتالهم لبني أمية فيء، وأن حكم قتالهم كحكم قتال أهل الكفر(39)، واتهم من يقول ذلك بأنه يحكم بلا علم، وأنه لا يحكم لا بكتاب ولا بسنة. ولذلك يرى أن السيرة في أهل البغي ألا تسبى ذراريهم، ولا تحل أموالهم إلا ما كان في معسكرهم (40).
وموقف زيد من أهل الكبائر يبين عدم تأثر زيد بن علي (نسخة الشيعة الزيدية) بالمعتزلة، ذلك أن أصول المعتزلة كما هو معلوم خمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد ظهر تأثر كل من الإمام القاسم والإمام الهادي واضحا بهذه الأصول في تراثهما، ولا سيما الهادي في كتابه “أصول الدين” الذي تحدث فيه عن هذه الأصول الخمسة.
أما زيد بن علي فلا نجد في تراثه تأثرا واضحا بأفكار المعتزلة في التوحيد (أو القول بخلق القرآن)، ولا في العدل (أو القول بخلق أفعال العباد) (41)، وأما مرتكب الكبيرة فلم يقل بالمنزلة بين المنزلتين فيه، بل قال بكفره (42)، ولا نجد عنده هذه المصطلحات، وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا دلالة على أن من يقول به معتزلي، فكثير من علماء أهل السنة قالوا به، وقال بعضهم بالخروج على الحاكم الظالم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل جاء في الكتاب والسنة، وليس مختصا بالمعتزلة.
فمن الواضح إذن أن تأثر الزيدية بالمعتزلة لم يأت عن طريق الإمام زيد بن علي، بل جاء عن طريق القاسم أولا، وظهر بوضوح في تراث الإمام الهادي، ثم من بعده من أئمة الزيدية. ومحاولة إلصاق الوصف بزيد يعوزه الدليل من تراثه لدى الزيدية، فضلا عن غيرهم، أما مجرد الدعاوى فلا التفات إليها.
الهوامش:
- المجموع الحديثي والفقهي، 265. وينقل حديثا عن علي: (بايعنا رسول الله، وكنا نبايعه على السمع والطاعة في المكره والمنشط، وفي اليسر والعسر، وفي الأثرة علينا، وأن نقيم ألسنتنا بالعدل، ولا تأخذنا في الله لومة لائم، فلما كثر الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: “ألحق فيها: وأن تمنعوا رسول الله وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، قال: فوضعتها والله على رقاب القوم، فوفا بها من وفا، وهلك بها من هلك).
- المجموع الحديثي والفقهي، 266. ونص الحديث: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لعنت سبعة فلعنهم الله تعالى وكل نبي مجاب الدعوة: الزائد في كتاب الله تعالى، والمكذب بقدر الله تعالى، والمخالف لسنني، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمتسلط بالجبروت ليعز ما أذل الله ويذل ما أعز الله، والمستحل ما حرم الله، والمستأثر على المسلمين بفيئهم مستحلا له). وفي الحديث الذي يليه في الصفحة نفسها، يجعل لعنة علي من لعنة الله نفسه، فيروي مرفوعا: (يا علي لَعْنتُك من لعنتي، ولعنتي من لعنة الله، ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 316.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 383. (كان علي من بعده إماما للمسلمين في حلالهم وحرامهم، وفي السنة عن نبي الله، وتأويل كتاب الله، فما جاء به علي من حلال أو حرام أو كتاب أو سنة أو أمر أو نهي، فرده الراد عليه، وزعم أنه ليس من الله ولا من رسوله، كان رده عليه كفرا…)
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 381.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 278. قال معقبا على الآية: (هو رجل واحد نزلت فيه هذه الآية، وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه، وهو أول من سبق إلى الإسلام).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 382. (قال فضيل الرسان: كنت مع زيد بن علي بالكناسة، فسأله رجل عن الشيخين، فأعرض عنه، فلما دخل الليل ووقع به السهم، قال: أين السائل؟ فأحضروه، فقال له زيد: هما رميان…). فالشيعة ترى أن هذا آخر نص قاله زيد، بما يمثل رأيه في الشيخين. وقد عقب الإمام الحسن بن بدر الدين في أنوار اليقين: (والمحكي عن زيد أنه نسب ما أصابه من ظلم هشام إلى الشيخين لأجل كونهما أول من سن ظلم العترة، والتقدم على الائمة).
- وهذا الوصف يتعارض مع وصف آخر جاء في كتاب ذم الكثرة ومدح القلة، [مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 252] يقول فيه: (فلما قبض الله [رسوله] انطلق المسلمون إلى رجل صالح فبايعوه، ثم بايعوا بعده رجلا، ثم انطلقوا بعده إلى رجل ظنوا به الخير، وظنوا أنه سيجري مجرى صاحبيه).. فهو يصف أبا بكر بالرجل الصالح، وأن الناس بايعوا رجلا صالحا، وأنه مع عمر ساروا سيرة مرتضاة، لم يسر مثلهم عثمان.. وهذا التناقض يؤكد أن الكتاب المنسوب لزيد قد كتبه عدة مؤلفين، لا مؤلف واحد.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 382.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 352- وما بعدها. يقول: (إن الإمامة أول خلاف وقع في الأمة بعد مضي النبي ووفاته، انتهبها قومٌ كما يُنتهب تراث الدنيا. فكل يقول إنه أحق وأولى. فحاج أبو بكر الأنصار بحجج عامة لسائر قريش، ثم اختص بها دونهم، من غير مشاورة من جميعهم، ولا أخذ إقرارهم أنه أولاهم بها، ثم قام بها أيام حياته، وتضمنها بعد وفاته بما جعل لعمر بن الخطاب منها، وما خصه بها من تسليمها له دون غيره، نصا وتسمية وتعيينا، فقام عمر ينحو نحوه، ولا يتغير عن طريقته، حتى كان من أمر عبد المغيرة بن شعبة ما كان، فجعلها في ستة ليختاروا أحدهم، وكان من عبد الرحمن بن عوف الذي كان، فسلمها إلى عثمان فيما خيروه، وعاتبوه واستتابوه، فلم يتب، فهجموا على داره فقتلوه).
- وهذا خلاف ما يرويه أهل السنة عن زيد بن علي، واحترامه للصحابة، وقوله بإمامة الثلاثة، وقوله عن أبي بكر وعمر (هما وزيرا أبي وجدي)، وقوله بجواز إمامة المفضول على الفاضل، وقوله ألا نص على علي.. إلخ. انظر في ذلك: الإمام زيد لأبي زهرة، 188 – وما بعدها.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 283.
- يعددها في مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 285 – وما بعدها، ومنها: (أول من من نكث على نفسه، وأول من خالف أحكام القرآن، آوى طريد الرسول: الحكم بن أبي العاص وابنه مروان، مع نفيه أبا ذر من المدينة إلى الربذة، وإنما ينفى عن مدينة رسول الله الفساق والمخنثون، ومع ضربه ابن مسعود حتى مات، ومع مشيه على بطن عمار بن ياسر، ومع أخذه مفاتيح بيت مال المسلمين من عبد الله بن الأرقم، وإنفاقه المال على من أحب من أقاربه).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 285. أنكر على من زعم أن الذين قتلوه أهل مصر، وقال: (والله ما قتله إلا جماعة المسلمين من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان، ولكن بعض قتله وبعض خذله، فكل معين بقتاله الظالم؛ لأنه كالجنائز إذا حضرها بعض المسلمين أغنى ذلك وأجزى عن الباقين.. فقتله أصحاب رسول الله بكتاب الله تعالى، حين خالف كتاب الله تعالى، وكان أول الناكثين على نفسه..)
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 283.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 284.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 319.
- المجموع الحديثي والفقهي، 270.
- المجموع الحديثي والفقهي، 270.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 319 – وما بعدها. يقول: (وكتبت تسألني عن الذين اعتزلوا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يقاتلوا معه، ولم يقاتلوه. والذي أختاره لنفسي ومن أطاعني فيهم من أمتنا، أن القوم لم يكن لهم في الحق بصيرة فارتابوا فيه، فتركهم أمير المؤمنين عليه السلام في ريبهم يترددون، وعلى شكهم يقيمون، وحرمهم عطاء المحقين في الدنيا أيام حياته، فهذا عافاك اللّه تعالى قولي في المرتابين، الشاكين، الذين قعدوا عن أمير المؤمنين سلام اللّه عليه). ويقول: (وذكرت أمر السامرية الذين قالوا: لا قتال كما قال إخوانهم من قبلهم: لا مساس، فلو كان من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلى أمير المؤمنين أمر في ذلك لأمضاه ، فأنا أوقفهم ولا أجاهدهم كصنع أمير المؤمنين في سلفهم : سعد وابن عمر وأسامة وابن سلمة وذويهم، تركهم أمير المؤمنين في دينهم يترددون، وفي طغيانهم يعمهون، فقد لبس هؤلاء النفر الذين لا يعلمون ويظن الجاهلون إنما كانوا متورعين، وإنما استماتوا وسئموا وتربصوا لغرة هذه الأمة، فقد نالوا ما أرادوا من غلبة الدين، وقد لقوا ربا كريما، والله ولي أمرهم، فنقفهم حيث وقفوا ولا نجوز بهم الأمر الذي عليه عكفوا).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 316.
- المجموع الحديثي والفقهي، 77، و 100، و163.
- المجموع الحديثي والفقهي، 97 (حين صلى عمر جنبا، وأنه قال بإعادة صلاته دون صلاة الناس، أما علي فأفتى بإعادة الجميع لصلاته)، و ص 228 (حين أمر عمر برجم امرأة).
- المجموع الحديثي والفقهي، 102.
- المجموع الحديثي والفقهي، 249.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 233. وربما الاستثناء العلمي الوحيد من علماء أهل السنة نجده للإمام أبي حنيفة، حيث وردت صورة إيجابية له في مسند زيد، [المجموع الحديثي والفقهي، 85]، فقد سأله زيد عن مسائل في الصلاة فأجابه، فقال الراوي: (فأعجب زيدا ذلك منه). هذه الصورة الإيجابية العلمية الوحيدة في مسنده.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 159 -وما بعدها. يقول في كتاب الإيمان بعد أن جادل بأن أهل الكبائر ليسوا بمؤمنين، وأنهم كفار، من أهل النار. واعتبر أن من يصفهم بالإيمان فإنه من أهل البدع والباطل. ويقول متهكما بهم: (فمن كان من الفساق الذين انتهكوا محارم الله كلها، فليأت أهل البدع والباطل، فإنهم سيشهدون له أن ليس أحد – من الملائكة المقربين والنبيين – أفضل إيمانا منه عند الله). ثم يقول عنهم: (فإنهم قد ضعفوا دين الله، وخالفوا دين الله تعالى، وخالفوا قوله، وقالوا على الله غير الحق، وجادلوا عن أهل المعاصي والخونة… فزعموا أن هؤلاء مؤمنين، فعادونا من أجل هؤلاء، وأدخلوهم في ولاية المؤمنين، فمن يعقل يعلم أنا أولى بالحق منهم..).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 316. يقول: (وكتبت تسألني عن أهل بيتي وعن اختلافهم. فاعلم يرحمك اللّه تعالى أن أهل بيتي فيهم المصيب وفيهم المخطيء، غير أنه لا تكون هداة الأمة إلا منهم، فلا يصرفك عنهم الجاهلون، ولا يزهدك فيهم الذي لا يعلمون، وإذا رأيت الرجل منصرفاً عن هدينا، زاهداً في علمنا، راغباً عن مودتنا، فقد ضل ولا شك عن الحق، وهو من المبطلين الضالين، وإذا ضل الناس عن الحق، لم تكن الهداة إلا منا، فهذا قولي يرحمك اللّه تعالى في أهل بيتي).
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 131 – وما بعدها.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 139.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 146.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 145 – وما بعدها.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 154.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 156.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 158. وهو يرى أن الشرك موجب للقتل، مستدلا بقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [سورة التوبة: 5]. [انظر: مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 171].
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 166.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 169.
- المجموع الحديثي والفقهي، 270.
- مجموع كتب ورسائل الإمام زيد، 366.
- المجموع الحديثي والفقهي، 242.
- وكتابه في الرد على المجبرة، ليس من الواضح فيه ذهابه مذهب المعتزلة، بل هو إنكار على من يحتج بأن الله هو سبب عصيان بني آدم، دون أن يصرح بأن العبد هو من يخلق أفعاله.
- وهذا وفق تراثه الزيدي، أما أهل السنة فيرون أن الإمام زيد لم يكفر مرتكب الكبيرة، وأنه لم يقل بخلوده في النار، وأنه لم يذهب عنه اسم الإيمان. [انظر تلك النقولات في: زيد بن علي وآراؤه الاعتقادية، ص 172].