تعد أكذوبة عيد الغدير ويوم الولاية من الأكاذيب الشيعية التي أطلت برأسها في يمن الإيمان والحكمة في السنوات الأخيرة، ففي الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون من الفقر المدقع، والعوز الشديد، والفاقة المذلة، يتم صرف المليارات على الاحتفال بخرافات وأكاذيب التشيع الهادفة إلى إثبات أن دين الإسلام يقوم على عقيدة عنصرية، وشريعة طبقية، وأن الغاية الكبرى التي جاء من أجلها هي تأسيس الطبقية الاجتماعية والامتيازات الدينية والسياسية والمالية للسلالة العلوية، وقد بحثنا عن مصدر هذا التحريف والتشويه للإسلام فوجدنا مصدره في الثقافة المجوسية الكسروية التي ارتدت عباءة التشيع، وتمسحت بخرافة (آل البيت) السلالية، لتصل من خلالها إلى هدفها في افراغ الإسلام من مضامينه ومبادئه وقيمه، وإحلال منظومة الأفكار والمفاهيم والقيم الفارسية المجوسية محل المفاهيم والقيم الإسلامية تحت شعار (آل البيت) و(العترة) و(والولاية) ونحوها من الشعارات المضللة، والمفاهيم المحرفة.
وفي سبيل هذا التحريف والتشويه للإسلام اختلق الكذابون من رواة الشيعة آلاف الأحاديث والروايات التي لا مضمون لها سوى حبس الإسلام في قمقم السلالة، وتقزيم رسالة الإسلام وتحويلها من (رحمة للعالمين)، إلى (محنة وبلاء للمسلمين)، واستبدال ميزان الله القويم: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ بالميزان الجاهلي الذميم: التفاخر بالأحساب والاستعلاء بالأنساب.
لكننا لن نسلم أبدًا بهذا التحريف للإسلام، ومهما ابتدع المحرفون أعيادًا ومناسبات وطقوسًا لينشروا من خلالها نسخة الإسلام المحرفة فنحن على يقين راسخ ومعرفة كاملة أن الإسلام الذي بعث الله به محمدًا عليه الصلاة والسلام هو دين المساواة والعدالة والكرامة الإنسانية، وانه جاء رحمة للعالمين، وليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وسنظل ندافع عن هذا الإسلام ونذود عنه، وننفي عنه تحريفات الغالين، وتأويلات الجاهلين، وانتحالات المبطلين، ودسائس الافاكين.
الأهداف الحقيقية من الاحتفال بأكذوبة عيد الغدير ويوم الولاية:
يتمسح السلاليون العنصريون بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويزعمون أنهم يحتفلون بما يسمى عيد الغدير ويوم الولاية محبة وولاء له، والأمر أبعد من ذلك بكثير، فما يسمى بعيد الغدير هو كغيره من الطقوس والاحتفالات في ديانات الغلوِّ الشيعية التي تمت هندستها – في سياق الثأر والانتقام المجوسي من الإسلام وأهله – لتؤدي دورها المرسوم لها في تجييش مشاعر العداء والكراهية تجاه الأمة المسلمة، بدءًا من جيل التأسيس في هذه الأمة وهم جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
إن الاحتفال بخرافة عيد الغدير كل عام في الثامن عشر من ذي الحجة لا يمكن فصله عن تلك المنظومة المتكاملة من الأعياد والطقوس والشعائر الشيعية المعادية لروح الإسلام، والمناقضة لتوجهاته، والطاعنة في رموزه وأعلامه.
ولذلك لا عجب في أن يكون عيد الغدير – شأن سائر أعياد ومناسبات الديانة الشيعية – يومًا لتقيؤ الأحقاد، وافتراء الأكاذيب، وتحريف دين الإسلام، وتشويه مبادئه.
ومن خلال الاستقراء لواقع الاحتفال بما يسمى عيد الغدير برزت أمامنا بوضوح وجلاء الأهداف التالية:
الهدف الأول: الطعن في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام وتكفيرهم:
تأسست ديانات الغلوِّ الشيعية بحمولتها من الأحقاد الفارسية المجوسية والعقائد الباطنية الغنوصية على الطعن في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين حملوا الدين إلى مشارق الأرض ومغاربها، وحطموا امبراطورية فارس، وأطفأوا نار المجوس، وأخرجوا الناس من ظلمات الشرك والنظام الطبقي العنصري المجوسي إلى رحاب العدل والمساواة وعبودية الله الواحد الأحد.
والفكرة التي قامت عليها خرافة عيد الغدير هي أن النبي عليه الصلاة والسلام قام خطيبًا في الصحابة في غدير خُم ونصّب عليًا خليفة من بعده، ولكن الصحابة خالفوا أمر النبي ولم ينفذوا وصيته، وبناءً على هذه الأكذوبة المفتعلة أخذ ورثة الحقد المجوسي يطعنون في الصحابة ويسبونهم ويلعنونهم ويكفرونهم، ولترسيم هذا الإفك والسفه جعلوا من أكذوبة الوصية في غدير خم عيدًا سنويًا، يفرغون فيه أحقادهم على صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويثيرون مشاعر الكراهية والبغضاء نحوهم في نفوس أتباعهم الذين إن هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (الفرقان/44).
وليس يخفى أن هدف الزنادقة المتسترين بعباءة التشيع من الطعن في صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام: إبطال دين الإسلام جملة، وهذا ما تنبه له علماء الإسلام، وحذروا منه، ومن أقوالهم في ذلك:
* قال الإمام الحافظ أبو زرعة الرازي (ت 264هــ): ((إذا رأيت الرجل ينتقص أَحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة)).
* وقال الإمام أبو بكر الخطيب البغدادي (ت463هـ): ((إن الله تعالى اختار لنبيه أعوانًا جعلهم أفضل الخلق، وأقواهم إيمانًا، وشد بهم أزر الدين، وأظهر بهم كلمة المؤمنين، وأوجب لهم الثواب الجزيل، وألزم أهل الملة ذكرهم بالجميل، فخالفت الرافضة أمر الله فيهم، وعمدت لمحو مآثرهم ومساعيهم، وأظهرت البراءة منهم، وتدينت بالسب لهم، يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم كما رام ذلك المتقدمون من أشباههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون)).
وأخرج الدينوري (ت333هـ) عن عبد الرحمن بن عبد الله الخرفي، قال: ((كان بدء الرافضة أن قومًا من الزنادقة اجتمعوا، فقالوا: نشتم نبيهم، فقال كبيرهم: إذًا نقتل، فقالوا: نشتم أحباءه [صحابته]….)).
وسأل الخليفة العباسي المهدي عبد اللَّه بن مصعب الزبيري: ما تقول فيمن يتنقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: زنادقة؛ هم قوم أرادوا تنقص رسول الله فلم يجدوا أحدًا من الأمة يتابعهم على ذلك، فتنقصوا صحابته؛ فكأنهم قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحب صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء.
وقال طائفة من أهل العلم منهم الإمام مالك بن أنس: ((هؤلاء قوم أرادوا الطعن في رسول الله فلم يمكنهم ذلك فطعنوا في الصحابة؛ ليقول القائل رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا صالحًا لكان أصحابه صالحين)).
الهدف الثاني: إثبات الحق الإلهي في السلطة للسلالة:
يزعم السلاليون العنصريون المحتفلون بعيد الغدير أنهم يحتفلون بيوم ولاية علي رضي الله عنه، ولكن سرعان ما تنكشف كذبتهم حين يصرحون أن الوِلاية ليست حقًا خالصًا لعلي فقط، وإنما هي أيضًا لسلالته من بعده إلى يوم القيامة!
ومع أن الأحاديث المكذوبة التي يروونها في وصية غدير خم تتحدث عن علي بن أبي طالب فقط، وليس فيها أي ذكر لأبنائه وأحفاده من بعده، لكن الأهواء السلالية العنصرية جعلتهم لا يلتزمون بمنطوق تلك الروايات الضعيفة والمكذوبة التي يستدلون بها، بل يخرجون عنها، ليجعلوا من الوصية المزعومة لعلي رضي الله عنه وصية لسلالته إلى يوم الدين! وهذا ما لا تدل عليه تلك الروايات بوجه من الوجوه.
وبهذا يتضح أن الاحتفال بخرافة عيد الغدير له رسالة سياسية سلالية كهنوتية واضحة، فحواها: نفي حق الشعب في اختيار من يحكمه، وحصر السلطة السياسية في سلالة معينة ترى نفسها فوق الشعب، وترفض مبدأ المساواة مع بقية أبناء الشعب، كما ترفض حق الأمة في اختيار من يحكمها.
الهدف الثالث: تبرير وترسيخ الاستبداد الكهنوتي باسم الدين:
إن من يتابع المضامين والمفاهيم والأدبيات الفكرية التي يتم ترويجها خلال الاحتفال بخرافة عيد الغدير يرى هدفًا واضحًا من أهداف الاحتفال بهذا اليوم وهو إضفاء القداسة الكهنوتية على مغتصبي السلطة من المنتسبين للسلالة العلوية، وتأليه الحاكم السلالي العلوي وجعله في مقام من لا يسأل عما يفعل، وهذا المقام هو مقام الألوهية الذي اختصه الله لنفسه فقال سبحانه: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (الأنبياء/23).
إن الحاكم السلالي يدرك أنه لم ينتخبه أحد من الشعب، وأنه لا مؤهل لديه سوى انتسابه السلالي المزعوم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولذلك فهو يلتمس في إحياء خرافة عيد الغدير إضفاء القداسة على شخصه، من خلال الزعم أنه مُنصب من الله لا من الشعب، وأن أساس شرعيته السياسية الوصية المزعومة في غدير خم، لا الانتخابات، ولا الإرادة العامة للأمة، ولا ما يقدمه للأمة من انجازات.
إن فكرة الإمامة والوصاية التي يسعى السلاليون إلى ترسيخها من خلال احتفالهم بما يسمى عيد الغدير هي فكرة لا تقيم للأمة اعتبارًا ولا وزنًا، وتضرب عرض الحائط بكل القيم والمبادئ السياسية الراشدة، وتحاول أن تجد المبررات الدينية لأسوأ نظرية استبدادية كهنوتية.
إن الأمة في تصور المعتنقين لأكذوبة الوصية في غدير خم هي ذلك القطيع مسلوب الإرادة والتفكير، ويجب عليها أن تسلم التسليم الكامل لـلوصي عليها: (علم الهدى)، وأن توطئ له الأكناف، وتحني له الرؤوس، وتقبل يديه وركبتيه، وتموت بين يديه، وليس من حقها ولا يجوز لها أن تطالبه بحق، أو أن تنتقد فساده أو فساد حاشيته، فإن فعلت ذلك فقد خرجت من الإيمان إلى الكفر والنفاق، وحلَّ لـ (علم الهدى) و (حفيد الكرار) دمها ومالها!
ولا عجب أن لا يجد السلاليون أدنى غضاضة في أعمالهم الإجرامية والقمعية، وأن لا يشعروا بوخزة ضمير تجاه ما تقترفه أيديهم من مظالم وجرائم بحق الشعب؛ ذلك أنهم يرون أنفسهم من طينة أخرى هي غير طينة هذا الشعب، ويرون أنفسهم سادةً وأوصياء على الشعب، ويرون أن مشروعيتهم السياسية مستمدة من النص الإلهي لا من الرضا الشعبي.
وفي سياق هذا التأليه والتقديس للطاغية السلالي يأتي الاحتفال بخرافة عيد الغدير، ليجعل من الاستبداد والقمع والتسلط والظلم إيمانًا وولاية، ومن رفضه ومقاومته نفاقًا وكفرًا، وتنكرًا للوصية والولاية المزعومة في غدير خم!
يحتفل السلاليون الإماميون بعيدهم في يوم الغدير ليقولوا لليمنيين: إن الشخص الفلاني من سلالتهم هو علم الهدى، وسبط طه، وابن فاطمة، وحفيد الوصي، وبناء على ذلك فله أن يتسلط على رقاب اليمنيين دون اختيار منهم، وأن يوردهم المهالك دون مشاورة لهم، وأن يسومهم سوء العذاب، وأن يفعل بهم ما يشاء، استنادًا إلى الوصية المزعومة في غدير خم! والأمر هنا كما قيل في المثل: الجنون فنون.
إن ما يسمى عيد الغدير يهدف في بعده السياسي إلى تحويل الأمة إلى قطيع يساق بعصا الوصاية والولاية، كما يهدف إلى نفي وتجريم الشورى والحرية والمساواة؛ ففي ظل النص والوصية لا مكان للسؤال عن دور الأمة في اعطاء المشروعية السياسية، بل إن من أكبر الكبائر وأخطر الجرائم في منظور دعاة الإمامة السلالية أن يقال: إن من حق الأمة أن تختار حاكمها، أو أن تحاسبه، أو أن تعزله إن اقتضى الأمر عزله؛ بل حتى أن تسأله عن انجازاته!
إن فكرة الإمامة الإلهية التي يحتفل بها السلاليون وزنابيلهم في ما يسمى بعيد الغدير هي فكرة ترفض على نحو قاطع وجازم أن يكون الحاكم أجيرًا عند الشعب – وهو المبدأ الذي قرره الإسلام وقررته كل النظريات السياسية الراشدة في العالم – وبدلاً من ذلك يؤمن الإماميون أن الشعب هو الأجير لدى الحاكم، بل إن الشعب يجب عليه أن يعمل بالسُّخرة لدى أسياده من الأئمة الحكام وأذيالهم، وعليه أن يكون راضيًا وممتنًا لجلاديه ومستعبديه الذين جعلهم الله أوصياءً عليه!
وختامًا: إن يومًا يتخذ عيدًا لبث وترسيخ هذه الأفكار المتخلفة والمخجلة، هو يوم للعار بامتياز!
وإن يومًا الهدف منه التأصيل للاستبداد والقمع باسم الدين، وتحويل الأمة إلى قطيع مسلوب الإرادة والتفكير، هو يوم للغدر بالأمة، ويوم للغدر بالقيم السياسية الراشدة، ويوم للغدر بالقيم الإنسانية النبيلة..
إنه يوم للعار وللغدر، والاحتفال به وصمة عار في جبين الأمة.
يتبع..