أدب

رواية: الخبز الحافي

فوق العامية بقليل ودون الفصحى بكثير

مقدمة:

سمعتُ عن هذه الرواية وعن مؤلفها الكثير، وحين حملني فضولي الأدبي إلى قراءتها صُدمتُ بحجمها الصغير قياساً إلى شهرتها الطاغية. كنتُ ظننتُ في البداية أن “الخبز الحافي” مجلد ضخم من عدة أجزاء دسمة، فإذا هي رواية صغيرة بالإمكان التهامها في جلسة قراءة واحدة. طبعاً لستُ ممن يربطون جودة الأدب بحجم المكتوب إذ كنتُ قرأتُ ستيفان زفايغ وغسان كنفاني، لكن المنطق يخبرنا أن الضجة الكبرى حين تثيرها روايةٌ صغيرة الحجم فلا بد أن ثمة أسباباً وجيهة لذلك.

حاولتُ ما أمكن أن ألزم الحياد أثناء قراءتي، وألا أتأثر بالانطباعات المسبقة، والشائعة، التي تحفُّ بشكري وروايته، والمتمركزة أساساً على اللغة الجريئة للرواية، وحفولها بالأوصاف الصريحة والألفاظ النابية الغريبة عن عالم الأدب، والتي لا نجدها إلا في العوالم السفلية المظلمة للسكارى والمشرَّدين وروَّاد دور الدعارة.

ينتقد المحافظون فرط البذاءة في روايات شكري، ويبرِّر آخرون تلك البذاءة بأنها جزء من “الواقع”، وأن شكري صوَّر عالمه الذي عاش فيه دون مساحيق تجميل، وأنه يستحق التقدير والاحتفاء بشجاعته الأدبية وإقدامه على التصريح بما يُسكت عنه. وعموماً فإن محمد شكري صار “ظاهرة” متميزة تستحق الوقوف عندها وتأملها، مع التأكيد على أن “الظاهرة” لا ترتبط بشكري وحده بوصفه كاتباً صعد من القاع إلى القمة، وإنما بعوامل خارجية كثيرة تتجاوز شكري نفسه، هي التي صنعت لنا صنماً أدبياً شامخاً ربما لا يجرؤ كثيرون على المساس به أو انتقاده ولو بكلمة.

محمد شكري، صنم طنجة الأدبي:

محمد شكري صنمٌ أدبيٌّ صنعته أيدٍ خارجية. لقد رُفع من مستوى إنسانيته إلى مستوى الرمز، القيمة المطلقة، ولارتباطه بمدينة طنجة (رغم أنه ليس من أهلها) لم يعد مستغرباً أن نجده مثلاً أعلى لمن أسلوبهم أفضل منه، أو أن نجد من يمجِّده ممن لم يقرؤوا له حرفاً. وعموماً نستطيع رصد نوعين من الراكعين أمام صنم شكري الأدبي هما:

النوع الأول: الشوفينيون الطنجيون؛ أولئك المتعصِّبون لطنجة تعصُّباً مرَضياً، ولكل ما ارتبط بها من رموز مشهورة دون تمييز. أولئك المصابون بفرط الحنين إلى الماضي، والذين ينشرون صور طنجة قبل مئة عام حيث لا يظهر في الصورة إلا تلال ترابية عديمة اللون يتصاعد منها الغبار ثم يعلقون عليها قائلين: “أيام العزِّ ليتها تعود”. أولئك الذين لا شغل لهم إلا التنقيب في الكتب القديمة والوثائق التاريخية عن أي ذكرٍ لكلمة “طنجة”، وعن أي مشهور أجنبي زارها في زمن مضى وكتب عنها كلمة مديح، ثم يطيرون بما وجدوه كأنما يضيف قيمة ما إلى نرجسيتهم الخاصة. هؤلاء ربما لم يقرأ الواحد منهم حرفاً واحداً لشكري، لكنه يحتفي به ويمجِّده، ويرفعه إلى مصافِّ عظماء التاريخ، لماذا؟ لسببين بسيطين مرتبطين؛ الأول أنه مشهور، والثاني أنه عاش في طنجة.

– النوع الثاني: السكارى، مدمنو الخمر وأحلاس الحانات، والروَّاد الدائمون لدور الدعارة. وهؤلاء ينقسمون بدورهم إلى قسمين: القسم الأول غير راضٍ عن حياة الفساد التي يعيشها، ويأمل أن يأتي يوم يتوب فيه عن ذلك كلِّه ويعود إلى الاستقامة. والقسم الثاني يرى في أسلوب الحياة ذاك نموذجاً أعلى للحرية المنشودة، وهؤلاء هم المجاهرون بكل تلك الموبقات، بل والمستحلُّون لها ربما، والذين يحبُّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا. لا عجب إذن أن يرى هؤلاء في محمد شكري مثلاً أعلى، ورمزاً أدبياً مطلقاً، لأنه منهم وفيهم، ويعبِّر عنهم ويتكلم بلغتهم، ومن ثمَّ فتمجيد هؤلاء لشكري غير مرتبط، على الإطلاق، بأية اعتبارات أدبية، بل فقط بالمضامين المنحلَّة الواردة في أعماله الروائية.

الأدبي 1 1 1 1 رواية: الخبز الحافي

القيمة الأدبية لروايات محمد شكري:

ما الذي أكسب “الخبز الحافي” وغيرها من روايات شكري قيمتها الأدبية؟ أهو الأسلوب اللغوي أم المضمون القصصي؟ أم أنها تلك الاعتبارات الأخرى المتعلقة بطفولته الأليمة وبأنه لم يتعلم القراءة والكتابة إلا حين بلغ العشرين؟ (هناك من يشكك جدياً في هذا الادعاء).

لو جرَّدنا أنفسنا من سطوة الرموز المشهورة، وقرأنا “الخبز الحافي” قراءة محايدة دون اعتبار لكاتبها، فلا شك أن الرواية ستبدو لنا عملاً مبتدئاً كتبه طفلٌ في مراحله الأولى؛ لغة مهلهلة هي فوق العامية بقليل ودون الفصحى بكثير، أخطاء بالجملة، تراكيب ركيكة للغاية، سرد مشتت غير متماسك، انعدام في الترابط كاد يجعل منها مجموعة قصصية وليست رواية، انتقالات زمنية غير منطقية، شخصيات تظهر وتختفي فجأة دون مقدمات، فقر شديد في وصف الشخوص، لا شيء تقريباً سوى المذكرات الجنسية، مع الكثير الكثير من الألفاظ النابية والأوصاف الفجَّة. هذه الآراء ستغضب بالتأكيد مريدي شكري، ونتوقع هنا أن نسمع تعليلين شهيرين لظاهرة شكري الأسلوبية هما:

– التعليل الأول: أن الكاتب لم يتعلم القراءة والكتابة إلا في سن العشرين، ويرى أصحاب هذا التعليل أن هذه الحقيقة تغفر لشكري ضعف أسلوبه في الكتابة، وأنها إضافةً إلى الأهوال التي عانى منها في طفولته تجعله مستحقاً لـ “ظروف تخفيف نقدية”. ما نفهمه من هؤلاء أن علينا أن نعامل أدب شكري كما نعامل الأعمال الفنية التي يقوم بها المعاقون؛ مقطوع اليدين الذي يرسم بقدميه، الأصمُّ الذي يؤلِّف المقطوعات الموسيقية والأعمى الذي يعزفها بإتقان على البيانو… إلخ. فكأنهم يقولون: “نعم إن روايات شكري مليئة بالنواقص الأدبية وجوانب الضعف، نعترف بذلك. لكن رفقاً به، المسكين، فهو لم يتعلم القراءة والكتابة إلا متأخراً، كما أنه عاش طفولة أليمة جداً”.

قد نستطيع أن نتقبَّل رأي هؤلاء رغم انتمائه إلى “مغالطة استدرار العطف”، وقد كان شيء من التعاطف حاضراً في وجداني أثناء قراءتي لـ “الخبز الحافي”، لكن بالنظر إلى مجمل مسيرة الكاتب، وخاصة إلى آرائه التي عبَّر عنها في كتابه المتحذلق “غواية الشحرور الأبيض”، فإن أي تعاطف مع “الخبز الحافي” يصير موضع نظر، بل يتعيَّن علينا أن ننظر بجدية أكبر إلى أصحاب التعليل الثاني.

– التعليل الثاني: أن أدب شكري يجب أن يُنظر إليه بمنظار الحداثة، وهو ما عبَّر عنه صبري حافظ في قراءته النقدية حين قال ما معناه بأن روايات شكري جاءت حداثية بالفطرة، ودون أن يقصد كاتبها ذلك، بل إنها بلغت في الحداثة مبلغاً جعلها متاخمةً لما بعد الحداثة.

لا أميل إلى أمثال هذه التصنيفات النقدية المضللة، كما لا أملك تصوراً دقيقاً واضحاً عن معنى الحداثة وما بعدها، لكن أعتقد أن لديَّ تصوراً ما، وإن يكن غائماً بعض الشيء، حول مفهومي “الصلابة” و”السيولة”. إذا ما اعتبرنا أن الحداثة الغربية بطبعها تنزع نحو السيولة، فلا غرابة إذن أن تحظى رواية “الخبز الحافي” بكل ذلك الاحتفاء الغربي الهائل، وأن تُترجم إلى اللغات الأجنبية وأن تُنشر بها قبل العربية، وأن تُعتبر واحدة من رموز الأدب الحديث.

بإمكاننا إسقاط الخصائص الفيزيائية للصلابة والسيولة على الفن والأدب؛ الصلابة تعني الانتصاب وأخذ حيِّزٍ واضح من المكان، تعني الثبات والجمود وصعوبة الزحزحة والتغيير والانتقال. أما السيولة فتوحي بالميوعة والانسياح، بفقدان الكتلة وسهولة التنقل في المكان والانسراب في الثقوب الضيقة. على مستوى اللغة؛ تعني الصلابةُ الثباتَ على المبادئ البلاغية القديمة مع رفضٍ عنيدٍ للتجديد، وأقصى الصلابةِ لغةُ العرب القديمة التي لم تعد مفهومة اليوم. وأما السيولة فتعني التساهل مع التراكيب المخلخلة والألفاظ المخترعة إضافة إلى الاستخفاف بالقواعد اللغوية وأساليب البلاغة، وأقصى السيولةِ اللغةُ العاميةُ في أكثر أشكالها انحطاطاً.

تتميَّز رواية “الخبز الحافي” بقدر كبير من السيولة اللغوية والأدبية، تلك السيولة التي توافق الأهواء الحداثية الغربية، وهذا ما يفسِّر احتفاءهم بها ومثلُهم أذيالُهم من العرب. هي رواية سائلة من الناحية الأخلاقية، إذ تصادم مصادمةً فجةً ما تواضع عليه المجتمع المغربي المسلم، وتقذف في وجهه بأكثر ما يُستحى منه من الألفاظ والأوصاف والتصوير الفاحش لواقع العوالم السفلية، كما أنها سائلة من الناحية اللغوية، إذ تتعامل مع العربية باستخفاف شديد، غير عابئة بالقواعد اللغوية، غير مترددة في الإلقاء بالألفاظ والتراكيب كيفما اتفق، ليس من باب الجهل باللغة أو الاعتراف الخجول بالضعف فيها، لكن من باب السخرية بها والحطِّ من قدرها والانتصار للركاكة والتفاهة.

رواية: الخبز الحافي

* الأسلوب الأدبي في رواية "الخبز الحافي":

عُرض قبل سنوات برنامج هزلي عنوانه “الخواسر”، على وزن “الكواسر” و”البواسل”، وقد اشتهر البرنامج بلغة الحوار الدامجة بين العامية والفصحى على نحو يسخر من الفصحى، حتى صار أصحاب الأساليب الركيكة يوصفون بأنهم يكتبون بـ “لغة الخواسر”. لقد خطرت “لغة الخواسر” ببالي أكثر من مرة أثناء قراءتي لـ “الخبز الحافي”، لأنها شبيهة بها إلى حد ما وإن لم تكن تصل إلى مستواها.

لم تكن اللغة -على ما أظن- هاجساً لشكري أثناء كتابته، وقد امتدح بعض النقاد ما سمَّوه بـ “عدم التحذلق اللغوي” (يقصدون بعدم التحذلق الألفاظ النابية طبعاً). وسواء أكان شكري يصدر إبان كتابته لـ “الخبز الحافي” عن عفوية في السرد أم عن نية مبيَّتة، فإن سيولته اللغوية نُسبت فوراً إلى الحداثة، واعتُبرت فيها قيمة مضافة ثمينة.

تميَّز أسلوب شكري في روايته بالمضارعة للأحداث، وقد نجح في إشعار القارئ بأن ما يقرؤه يحدث الآن وليس في الماضي، كما أن ثمة جانباً طفولياً ما في أسلوبه يناسب مرحلته العمرية التي يروي عنها رغم أنه كتب عن تلك الذكريات في وقت لاحق، وهذه من أبرز نقاط القوة في الرواية برأيي. لكن ذلك الجانب الطفولي اختفى تماماً أو كاد في عمليه اللاحقين “زمن الأخطاء” و”وجوه”، وهما عملان تميزا بقدر هائل من ذلك “التحذلق اللغوي” الذي امتُدح بالبراءة منه في عمله الأول. وطبعاً لا حاجة لأن نذكر بأن النقاد سيظلُّون على موقفهم الإيجابي من أعمال الرجل رغم هذا التناقض الكبير؛ فسواء أكان متحذلقاً لغوياً أم لا، فإن التحذلق اللغوي نفسه مفهوم سائل يمكن تشكيله حسب الحاجة؛ حين يكتب الكاتب بفجاجة وإباحية وبذاءة نثمِّن عدم تحذلقه اللغوي والتصاقَه الصريح بالواقع، وحين يتحذلق لغوياً نثمِّن شاعريته وعمقه وابتعاده عن السطحية.

عاش محمد شكري حياة منحلَّة بدأت من طفولته واستمرَّت حتى وفاته، لذلك فانحلاله العام سينعكس ولا بد على أسلوبه اللغوي. إذا كان الكاتب لم يلتزم في حياته بأية قواعد أخلاقية أو أحكام دينية فهل ننتظر منه أن يلتزم بالقواعد اللغوية؟ لذلك نجد أن شكري تعامل مع اللغة بحرية تامة بل واستسهال مفرط، يخترع الألفاظ من عنده، وينقل من العامية إلى الفصحى، ويستحدث اشتقاقاته اللغوية الخاصة، وهذا إن كان مما يروق الحداثيين (أصحاب النيات السيئة) فإن ثمة مسألة مهمة تنبغي الإشارة لها؛ وهي أن تطوير اللغة أمر واجب وليس مرفوضاً، كما أن استعمال فصيح العامية حاجة ملحة، وأيضاً فالاجتهاد الاشتقاقي مطلوب بقوة، غير أن هذا الحقل الحرج ليس كلأ مباحاً للجميع، بل يجب أن يقيَّض له أهلُ الثقة من المعظِّمين للغة العربية، والذين يسعون عبر هذه الجهود إلى خدمتها وتطويرها، لا أن يوكَل إلى الحداثيين الغربيين والمستشرقين وأذنابهم، أو إلى الجهلة من العرب والضعاف في اللغة، ومن يحملون في أعماقهم حقداً دفيناً على المقدَّرات الثقافية للأمة.

حين نتأمل بعض ما اشتقَّه شكري في روايته من الأفعال والأسماء والجموع، نجد أن بعضها صحيح لغوياً وإن كان غريباً في السمع أو يبدو عامياً (غالباً بالصدفة، أو رمية من غير رام)، كما أن كل الألفاظ النابية التي استخدمها هي ألفاظ فصيحة تماماً، موجودة في القواميس العربية، ونجدها جميعاً بلا استثناء في عدد من كتب التراث القديمة. فهل تبرِّر الأصول الفصيحة للألفاظ النابية ووجودها في كتب التراث استخدامَها في الأدب المعاصر؟ وهل يُسمح لأيٍّ كان بالعبث باللغة كيفما شاء بحجة تطويرها؟

مربط الفرس هنا هو النية ولا شيء غيرها، والعملُ مهما كان فرعٌ عن النية، ونحن إذ نلمس جانباً طفولياً داعياً إلى التعاطف في “الخبز الحافي”، فإن قراءتنا لما جاء بعدها، وخاصة لـ “غواية الشحرور الأبيض”، تكشف لنا أن شكري كان، أو صار، واعياً بالأهداف الحداثية التخريبية لأدبه، وأنه -بأسلوبه المتحذلق المتكبِّر إلى درجة وحشية في النقد- يستحق لقباً آخر غير “صعلوك الأدب العربي” هو “بلطجيُّ الأدب العربي”، كما يصير واضحاً أيضاً أنه يسير جنباً إلى جنب مع الآراء المعادية للمحافَظة الأخلاقية والبلاغة العربية، والداعية إلى القطيعة مع أدب التراث الغربي نفسه بله العربي، ولهذا لوازم لا تخفى على أي عاقل يتمتع بشيء ولو قليل من الانتماء لدينه وأمته ولغته.

خاتمة:

لا أنكر أن محمد شكري ظاهرة إنسانية ذات أهمية خاصة، لكن تلك الأهمية في رأيي تتعلق بدراسات الدماغ البشري أكثر منها بالدراسات الأدبية؛ ذلك أن من المثير للاهتمام حقاً، من وجهة نظر علمية وطبية، أن يصل إنسان لم يتعلم القراءة إلا في العشرين من عمره (إن صحَّ هذا الزعم) إلى مستوى مكَّنه من تسويد مئات الصفحات القصصية بل والنقدية، والدالة على اطلاع واسع وتغلغُل في أعماق العوالم الأدبية. نعم تطرح هذه الحقائق أسئلة كثيرة حول قابلية الدماغ البشري للتعلم والإبداع، وهل بالإمكان أن نستخرج من أي إنسان كان، حتى المشرَّدين والأميِّين ممن تقدمت بهم الأعمار، طاقاتٍ إبداعيةً كامنة.

ربما يجب أن نبتعد ما أمككنا عن مغالطة استدرار العطف، وأن نضع محمد شكري في سياقه الصحيح من حيث الدراسات الدماغية، أما من الناحية الأدبية البحتة فلا معنى لإعطاء “الخبز الحافي” أكبر من حجمها، خاصة في ظل التطور الكبير الحاصل في الميدان التقني الذي أتاح لنا الاطلاع على روائع أدبية حقيقية، عربية وغربية وقديمة وحديثة. لقد ناصر شكري فكرة هدم الأصنام الأدبية القديمة، لذلك أعتقد أن من العدل والصواب أن يُتعامَل معه بمثل ما تعامل به مع غيره: منطق هدم الأصنام…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى