حدَّثني ذُو اليَدَيْنِ المُهاجر، وقد زاغتْ منهُ النَّواظِر، ورَمَتْ عينُهُ بالشَّرائر، قال: صَدَّعَنِي وَلدي الصَّغيرُ بكلمةِ التِّرنْد، حتَّى أوْرَى منِّي الزَّند، فأزمَعْتُ أنْ أصْرِفَه عن حبائِلِها، وأنْ أقترحَ عليه جُملةً من بدائِلها، لكنَّه لِشِقْوَتِهِ غارقٌ في مُستنقعِ الفتنةِ بأخبارِ المَشاهير، مُولعٌ بترديدِ أرقامٍ أعدُّها من الأساطير، وقد زعمَ أنَّ “جوجل” المُتوحِّشَ أفرد لها تبويبًا، وأنَّ له مِنْ أرباحِ ذلك البابِ نصيبًا، وما فتئ لِسانُهُ يُردِّدُ أنَّ حادثةَ كذا قد صارتْ ترندًا تابَعَه الملايين، وأنَّ مقولةَ فُلانٍ جعلتْهُ مِنَ المُثْرِين، بل باتَ يَصوغُ جملًا استعاريَّةً فيها هذه الكلمةُ المُستنكَرَة، كقولِه: إنَّ فلانًا قدْ رَكِبَ التِّرند، فَمَا أشهرَه! وقد طالَ بيننا الجدال، ولجَّ الصبيُّ يعْمَهُ في ذلكَ الضَّلال، وجعل يَهْذِي قائلًا: يا أبي، إنَّكَ دَقَّةٌ قديمة، وإنَّ لُغَتَك عَقيمة، وما مَثَلُكَ في الأنام، إلَّا كَمَثلِ المَيِّتِ الذي نَشَرَهُ المُويْلحيُّ في حديثِ عيسى بنِ هشام، أو كَمَثلِ مَنْ يستعملُ غريبَ أبي علقمةَ في مُخاطبةِ العوامّ، وإنَّ اللُّغةَ ليستْ حكرًا على الكَهَنَةِ المُشابهينَ لِغُرابِ البَيْنِ، وإنَّما هي مِلكٌ لنا كما قال العميدُ طه حُسَيْن! وقد خشيتُ أنْ يتطوَّر الجدالُ إلى مُخاصَمة، أو أنْ يَتحوَّلَ البيتُ إلى حَلْبةِ للمُلاكمة، فاصطحبْتُه إلى مَجْمعِ الخالدين، واتَّفقنا على أن نكونَ لِقرارِه مُنْصَاعِين، فركبنا الحافلةَ من مَسْكَنِنا في ألماظة، ونزلْنا قُبالةَ شارعِ الشاعرِ عزيز أباظة، وقد بهرتِ الغلامَ شوارعُ الزَّمالك، وجعلَ يُحمْلِقُ في وجوهِ حَسْناواتِ الفِرنْجةِ هُنالك، فرأيتُ البِشْرَ باديًا على مُحيَّاه، وكأنَّه يقولُ: هُنا سَيَفُوقُ الولدُ أَباه، فقلْتُ في نفسي: إنَّ أمَلِي في هذه القلعةِ العريقةِ لنْ يَخِيب، وإنَّ غدًا لناظرِه قَريب.
فلمَّا دلفْنا من البابِ شَمَمْنَا عَبَقَ الأصالة، ورأينا سِيماءَ الجَلالة، لكنَّنا رأينا شيوخًا كأنَّ بَعضَهم قد خرجَ من القبرِ بِكفالَة، فرأيْتُ بصرَ الغلامِ شاخِصًا، ثمَّ ارتدَّ على عقبَيْه ناكصًا، واعترتْهُ نوبةٌ من الغضبِ والهياج، وجعل يُردِّدُ بيتًا سمعَهُ منِّي لرؤبةَ أو لأبيه العجَّاج:
رَأَيْنَ قَحْمًا، شَابَ، وَاقْلَحَمَّا
طَالَ عَلَيْهِ الدَّهْرُ، فَاسْلَهَمَّا
وقال: إنِّي بدايةً بريءٌ مِنْ حُكْمِ أولئكَ الكُهَّان، الذي أكلَ وشربَ عليهمُ الزَّمان!
وقد كان من عجائبِ الأقدارِ، أن يتزامنَ وصولُنا مع بدايةِ المناقشةِ حول ذلك اللَّفظِ المُستعار، فدخلنا قاعةً أثار جِدالُ القوم بها نقعًا، وكادَ بعضُهم يُوسِعُ بعضًا رَكْلًا وصَفعًا، وكدْتُ أتبينُ من اللَّغطِ مقالةَ شيخٍ وقور، يُذكِّرُ برسالةِ المجمعِ جميعَ الحُضُور، ويحثُّهم على الحفاظِ على اللُّغةِ العربيَّةِ من الضَّياعِ والعَبَث، ويَدْعُوهم إلى تنقِيَتِها من الفسادِ والخَبَث، وجعلَ يُحذِّرهم من التَّساهلِ والتفريط، ويُنذِرُهم غوائلَ الإسفافِ والتَّخليط، وطفقَ يبكِي وهو ينشدُ بنبرةٍ شَجيَّة، أبياتَ حافظ إبراهيم على لسانِ العربيَّة:
وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
فَكَيْفَ أَضِيقُ اليَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُختَرَعَاتِ؟
أَنا البَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
فبكى نفرٌ من الحضورِ بالدُّموعِ السِّجام، لأبياتٍ مرَّ على إنشائها أكثرُ من مئةِ عام، وكأنَّها لِصِدْقِها لا تخلَقُ على كثرةِ الرَّدِّ، ولا تبلى وإنْ طالَ العَهْد.
وقد أعلنَ سعادةُ المُدير، أنَّ الجلسةَ مُخصَّصةٌ لِمُناقشةِ أمرٍ خَطير، ألا وهو الحُكْمُ على كلمةِ التِّرنْدِ، التي سلَّ عليها بعضُ الأعضاءِ السَّيْفَ منَ الغِمْدِ!
وقبلَ أنْ يبدأ النِّقاشُ قامَ شخصٌ كأنَّما جاءَ من أقصى المدينةِ يَسْعى، وقال: جَدْعًا لكم وتَعْسًا، إنَّ لِلكلمةِ عندي تخريجًا، وأرجو ألَّا تَعُدُّوهُ تَهْريجًا، لأنَّ لها عُروةً وُثْقَى بِالرَّنْد، وهو عُودٌ يُتبَخَّرُ به يُجْلَبُ من الهِند، فإنَّ التِّرندَ خبرٌ سريعُ الانتشارِ، كانتشارِ رائحةِ البَخُورِ في الدِّيارِ، وإنَّ نفوسَ الشَّبابِ بالتِّرندِ مُتعلِّقة، كما أنَّ نفوسَ الشيوخِ إلى البَخُورِ مُتشوِّقة، وزيادةُ تلك التاءِ مُغتَفَرٌ في تعريبِ الكلماتِ الأجنبيَّة، وإنْ خالفَ بالإجماعِ الأوزانَ الصرفيَّة، ولا ريبَ أنَّ التماسَ ذلك الوجهِ الجميل، خيرٌ من إنكارِها وعَدِّها من الدَّخيل. ثمَّ قامَ صديقٌ حضرَ معه للمؤازَرَة، وقال: أَرى بينَ التِّرنْدِ والفِرندِ علاقةً ظاهرة، فبينهما جِناسٌ ناقِص، والقياسُ في تلك الحالةِ ليسَ من النَّقائص، والفِرِنْد تعني السيفَ أو بالأحرى لَمَعَانَه، وتُوحِي بما يظهرُ على صَفْحَتِهِ من خُطوطٍ مُزدَانَة، وقد استعملَ الشُّعراءَ لفظَ الفِرِنْدِ كثيرًا، وأشْبَعُوهُ تلوينًا وتصويرًا، وما أظنُّ أحدًا في هذا الجمعِ الطيِّب، لا يحفظُ مطلعَ قصيدةِ أبي الطَّيِّب:
كَفِرَنْدِي فِرَنْدُ سَيْفي الجُرَازِ
لَذَّةُ العينِ، عُدَّةٌ للبِرازِ
فنظرَ القومُ إليهما شَزْرًا، وعدُّوا كلامَهُما هَذْرًا، ثمَّ التفتَ إليهما أحدُ الشُّيوخِ وقالَ بأدب: إِنَّ وزن (تِفِعْل) ليسَ من أوزانِ العربِ، وفِرِنْدُ السَّيفِ فارسيٌّ مُعرَّب بالإجماعِ، والرَّبطُ بينهما ليسَ بِمُسْتَطاع، ثمَّ أشارَ إليهما مُديرُ الجلسةِ بالانصراف، فليسَ في هذا المجمعِ مَجالٌ للإسفافِ، وأخيرًا شيَّعَهُما مُوظَّفٌ صَغير، وهو يُنْشِدُ قولَ جَرير:
وابنُ اللَّبُونِ إذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ
لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيسِ
ثمَّ قامَ شيخٌ يُسمَّى فَوَّاز، كأنَّهُ من أهلِ الحِجاز، فقالَ: ما بالُ المُجِيزينَ يَسْتَسْهلونَ هذا الطَّريقَ الوَعْر، ويقترفونَ هذا الأمرَ النُّكْر؟ وما لكم تُحاوِلُون إجازةَ ذلك اللَّفظِ المُحتَقَر، كأنَّ لُغَتَنا عَقِمَتْ عن إيجادِ البَديلِ المُعْتَبر؟ وإنَّه وربِّ الكعبةِ ليسَ بديلًا بل بدائلَ وافرة، وقد ألَّفْتُ فيها رسالةً أعدُّها تُحفةً نادرة، وجعلتُ عنوانَها: (قَدْح الزَّنْد في بدائل التِّرند)، فخذوها عنّي مُرتَّبةً على حُروفِ المُعْجَم: (اتجاه، تَيّار، ثرثرة، جدل، حَدَث، حديث الساعة، حديث الناس، ذائع، ذِروة، رائج، شائع، شاغل، شهير، صدارة، صيحة، لَغَط، مُتداول، مُتصدِّر، مَكْلَمَة، منتشِر، ميل، نزعة، مَوْجة، نميمة، هَبّة، وَسْم)، وإنِّي لَمُعْتَزِمٌ أنْ أجْعَلَها سبعين، وأن أنظِمَها في أرجوزةٍ على نحو ما نظمَ السُّيوطِيُّ جلالُ الدين، عندما جمع سبعينَ لفظًا للكلبِ؛ وسماها (التبرِّي من مَعَرَّة المَعرِّي)، وأنا سأُسَمِّي مَنْظُومتي: (صوارمُ الهِنْدِ في نُحورِ مَنْ أجازوا التِّرند)، وبينما القومُ يفغرونَ الأفواه، ويقولُ بعضُهم: صَدَقَ “فوَّازٌ” واللهِ، إذ شقَّ صَمْتَهم شاعرٌ مُزْجَى البِضَاعَة، وجعلَ يَصرُخُ على بابِ القاعَة:
إِلَى اللهِ أشْكُو فَاقَتِي وَحَوَائِجِي
وَخِذْلَانَ أَوْلَادِي، وَرَطْنَةَ خَارِجِي
حَوَيْتُ كِتَابَ اللهِ، ثُمَّ عَجَزْتُ عَنْ
صِيَاغَةِ لَفْظٍ عَنْ (تِرِنْدٍ)، كَـ(رائِجِ)!
ثمَّ قامَ أحدُ أعضاءِ المجمعِ الأعلام، وقال: أيُّها الحُضورُ الكِرام، لقد كانتِ العربيَّةُ ولا تزالُ تستعيرُ من غيرِها بعض المفردات، كما أعارتْ سلفًا كثيرًا من اللُّغات، وما أشبهَ اللُّغةَ ببني الإنسانِ، يصيبُها ما يُصيبُهم من عزٍّ أو هَوان، وقد دَخَلتْها زمنَ العباسيِّين جُملةٌ من الألفاظِ الفارسيَّة، كما حلَّتْ بها زمنَ العثمانيِّين مُفرداتٌ تُركيَّة، وإنَّ هذه الألفاظَ وإنْ كَثُرتْ فلنْ تهدِمَ هذا البناءَ المَتين، ولنْ تثُلَّ هذا العرشَ المكين، وقد أجزتُمْ من قبلَ ألفاظًا من غيرِ العربيَّةِ مأخوذة، وفصَّحْتُمْ بعضَ العامِّيَّاتِ التي كانتْ مَنبوذَة، ألم تُجِيزُوا منذ أيامٍ الفِعْلَيْنِ: استَعْبَطَ وفَسْبَكَ ومشتقَّاتِهما؟ ألَمْ تُوافِقوا على: تَرويقة، وتَرْوسية وأخواتِهما؟ فما بالُكم ترتدُّونَ على أعقابِكم خاسِرين، وتتوقَّفون أمامَ كلمةٍ شاعتْ على ألسنةِ الأوَّلينَ والآخرين؟ وأنا على يقينٍ أنَّكم تُردِّدونَها في الخَلوة، فلم تَخْشَوْنَ من المُجاهرةِ بها في الجَلْوَة؟ ومن مقامي هذا أدعوكُم إلى إعطائِها صكَّ القَبول، وأنا أقترحُ هذا التَّعريفَ المَعقول: “الترندُ: موضوعٌ ساخنٌ جديدٌ، يُثارُ على مِنصَّاتِ التَّواصُلِ الاجتماعيِّ، فينتشرُ بسرعةٍ في فترةٍ زمنيَّةٍ قصيرةٍ، ويهْتَمُّ به الجُمْهورُ، ويَتَداولُونَه بالحديثِ فيه، والتَّعليق عليه، ويتبادلونَ الأخبارَ عنه بكثرةٍ”.
ولا شكَّ أنَّه يُمكنُنا أنْ نقترحَ لها بدائلَ كثيرة، فَلُغَتُنا -بحمدِ اللهِ- ذاتُ ثروةٍ وَفيرة، ولكنْ مَنْ يَستعْمِلُها في الواقع، ومَنْ يُردِّدها على المَسامِع؟ وإنَّ مَحاضرَ جلساتِنا لَتَمْتَلِئ بكلماتٍ كأنَّها الزَّهْر، منها على سبيلِ المِثالِ لا الحَصْر: المرناة للتليفزيون، والمسرة للتليفون، واللاقط للميكروفون، والناسوخ للفاكس، والقابس للفيشة، واللَّدائن للبلاستيك، والمرئيَّة للفيديو، والمِعراض للبُروجكتور، والمِشْباك للإنترنت، ولكنِّي أستَحْلِفُكُم بربِّ المغاربِ والمَشَارق: مَنْ يَستخدمُ اليومَ هذا الكلماتِ بينَ الخلائِق؟ ولَعَمْرِي إنَّ الاستعمالَ لَهُوَ بَيْتُ القَصيد، وقِلادَةُ الجِيد، أليسَ من العَبَثِ أنْ نُضَيِّعَ جُهُودَنا هَدَرًا، وأنْ نُرْهِقَ أنفُسَنا من أمرِها عُسْرًا؟
فانتفضَ أحدُ صُقورِ المَجْمع، وقامَ فَخَطَبَ فأسْمَع: صَمْتًا أيُّها المَارِقُ الدَّخيل، ولا تُسْمِعْنا هذا القَولَ الوَبيل، وإنَّنا سنُصَوِّتُ على تجميدِ عُضْوِيَّتك، بل على تَغْييرِ بِطاقةِ هُوِيَّتِك، فقد فُهْتَ فُجورًا، وقُلْتَ مُنْكرًا من القولِ وزُورًا، وما أراكَ إلَّا طليعةَ غزوٍ لُغويٍّ مُبير، وعينًا لِعَدُوٍّ مُغِير، فاستمعْ أيُّها العضوُ المَفْضوح، قبل أن تُوصَمَ بِوَسْمِ المَشْلُوح، ألمْ تعلمْ أنَّ الناسَ كانوا يَستخدمُونَ كلمةَ (أوتومبيل) الفرنسيَّة، واليوم أزاحَتْها كلمةُ (سيَّارةِ) العَربيَّة؟ وكانوا يستعملونَ لفظةَ (الكمبيوتر) بلا مُنازع، واليومَ تُزاحِمْها كلمةُ (الحاسوبِ) في كلِّ المَجامِع؟ وكانَ لِسانُهم لكلمةِ (التليفون) آلفًا، واليومَ يَقولُ أكثرُنا: اشتريْتُ هاتفًا؟ والأمرُ يحتاجُ إلى سُرعةٍ في المُبادَرَة، وجهادٍ مَصحوبٍ بالتفانِي والمثابرة، وليس أدلَّ على ذلك أنَّك لا تكادُ تسمعُ أحدًا في سائرِ الأقطار، يستخدمُ كلمةَ (ترين) بدلًا من القطار، ولا ترى جنديًّا يستعملُ لفظًا أجنبيًّا للمدافعِ والدَّبابات، أو مُرادفًا دخيلًا للصَّواريخِ والغوَّاصَات، وما كانَ ذلكَ إلَّا بجهودِ أسلافِنا الصَّادقِين، وإنَّا على دربِهم لَمِنَ السَّائرين، وإنَّه لأجدى أنْ نُعْلِنَ خبرَ وفاتِنا بدلًا من قبولِ هذه الكلمةِ الحَقيرة، أو أن نغلقَ مَجْمَعَنا قبل ارتكابِ تلك الجَريرة.
وبعدَ بضعِ ساعاتٍ من الجَدَلِ المَقيتِ، اتَّفقَ القومُ على اللُّجوءِ إلى التَّصويت، ويبدو أنَّ الأمرَ فيه شيءٌ منَ التَّربيط، وأنَّ ثمَّةَ حِيَلًا لا يغفلُ عنها إلَّا ساذجٌ عَبيط، فقد رأيتُ بعضَهم يستعملُ خائنةَ الأعينِ بحرصٍ شَديدٍ، ويتواصلُ بالإشاراتِ المُوحيةِ من بعيد. وبعدَ التَّصويتِ تمَّتِ الموافقةِ على الكلمةِ بالأغلبيَّة، وحَجَزَتْ لها مَقعدًا في معاجمِ العَربيَّة، فجعلَ الصَّبيُّ يُدَبْدِبُ في الأرضِ، ويَقْفِزُ بِالطُّولِ والعَرْضِ، ويَصيحُ كأنَّ فريقَهُ انتصرَ في مُباراةٍ نِهائيَّة، ثمَّ أنشدَ هذه الأبياتَ العَرْجَمِيَّة:
دَعِ الأَعْمَالَ طُرًّا، يَا فِرِنْدُ
لِتَرْكَبَ مَوْجَةً تُدْعَى: تِرِنْدُ
وَتُصْبِحَ رَائِجًا، وَتَكُونَ صَدْرًا
وَتَفْتَحَ نَحْوَكَ العَلْيَاءُ وِنْدُو
وَشَارِكْ فِي تَرِنْدِ اليَوْمِ دَوْمًا
فَسَاعَاتُ الرَّوَاجِ لَهُنَّ وِنْدُ
وَلَا تَسْمَعْ لِسَفْسَطَةٍ المُمَارِي
فَلَيْسَ لِضَجَّةِ الغَوْغَاءِ إِنْدُ