عرفنا خلال الحلقات السابقة أن القول إن عقيدة الإمام زيد وأوائل آل البيت النبوي هي مباديء الاعتزال ذاتها.. هذا القول هو مجرد قول لا يثبت للنقد ولا للنصوص الثابتة عند علماء آل البيت أنفسهم وفي مقدمتهم الإمام زيد نفسه. ومن هنا فإن أوان الحديث قد حان عن العلاقة بين العقيدتين الهادوية والمعتزلة وبيان الصلة بينهما، ومن تأثر بالآخر، ومن في مقام الأستاذ والشيخ ومصدر العطاء ومن كان في مقام التلميذ والمتأثر والأخذ!
وطالما أن الهادوية يصرون على صحة نسبة مباديء أصول الدين في مذهبهم إلى الهادي يحيى بن الحسين مؤسس المذهب، وأنها هي هي.. وطالما أن عدم موافقة عقيدة زيد بن علي وأئمة آل البيت الأوائل لعقيدة المعتزلة قد صارت أقرب إلى الصواب.. فلم يعد هناك مجال إلا القول إن عقيدة الهادوية هي نفس عقيدة المعتزلة، وأن أفكار العقيدة الهادوية هي نفس عقيدة الاعتزال (عدا الإمامة كما هو معروف).. وكما هو ثابت تاريخيا فإن الاعتزال والمعتزلة قد سبقوا بعشرات السنين ظهور المذهب الهادوي والهادوية وبالتالي فتحديد هوية الشيخ وصاحب التأثير والمتبوع صار سهلا بل بدهيا، وأسهل منه وأكثر بداهة تحديد هوية التلميذ والمتأثر والتابع!
وكل ما سبق يؤكد أهمية تحديد المصطلحات وتحديد المقصود بها عند الحديث عن المذهب الهادوي في العقيدة والفروع، والهادوية و.. فهناك التباسات غير هينة تنشأ من اجترار تقريرات السابقين دون احتراز ودون نقد، ومما يجعل الأمر ضررويا دينيا ووطنيا أن المذهب الهادوي المعروف في جزء من اليمن هو مذهب: دولة وسلطة أساسا وليس مذهب علم.. مذهب هدفه الأول الأساسي والأكثر أهمية وأولوية هو الدولة والسلطة أو الإمامة، وكل باطن المذهب وظاهره يدور حول هذا الهدف، وبدونه لا يصير للمذهب وجود ولا قيمة.. ومن ثم فهو ليس مجرد اجتهاد فقهي وفتوى في الطهارة والصلاة والصيام يمكن الأخذ بها أو تركها.. وللمجتهد أجر إن أخطأ أو أجران إن أصاب (والله يحب المحسنين).. فقد أثبتت الأحداث في اليمن منذ 2004 أن أمر المذهب الهادوي أوسع من مجرد حلقة علم وأخطر حتى من مجرد رؤية سياسية؛ لأن أساسيات المذهب أحكام دينية صارمة لا تقبل شريكا ولا مخالفا ولا متحفظا في مسألة الحكم والسلطة والثروة إلا وفق مقررات العقيدة الهادوية!
والسؤال الآن: ما حقيقة العلاقة بين الهادوية وبين المعتزلة؟ وهل العلاقة علاقة تفاعل وأخذ وعطاء نديّ أم هي علاقة تلمذة وتأثر من قبل الهادوية بحكم تأخر ظهورها؟ ولماذا كان اعتماد هادوية على مؤلفات المعتزلة اعتمادا تاما كما يبدو واضحا في كتبهم؟
نظن أن قراءة متأملة في مصادر العقيدة الهادوية – مثلا في كتاب شرح الثلاثين مسألة للقاضي أحمد يحيى الصعدي- تكشف مدى اعتماد هادوية على كتب المعتزلة والاستناد إلى مقولات كبار مفكريهم، وفي المقابل لا يكاد يوجد أي استشهاد من أقوال أوائل أئمة أهل البيت من لدن علي حتى زيد بن علي؛ بما يؤكد أن جوهر العلاقة بين المعتزلة والهادوية ليس ندية بل تلمذة هادوية واتباع للمعتزلة!
ومن الثابت في تاريخ الهادوية في اليمن أن الهادوية لجأوا لجلب مؤلفات المعتزلة من العراق وغيرها ليواجهوا بها تهديدات (فتنة) المطرفية الهادوية والشيعة الباطنية.
والملفت للنظر في تاريخ الحرب بين الإمام المنصور وفرقة المطرفية وأتباع كل طرف؛ أن الطرفين اعتمدا في مواجهة بعضهم على فكر وتراث مدرسيتين معتزليتين.. فالمطرفية ينسبون إلى مدرسة بغداد وشيخها أبي القاسم البلخي الذي هو شيخ الهادي يحيى بن الحسين.. والإمام عبدالله بن حمزة ومن شايعه كانوا أتباع للمدرسة المعتزلية في البصرة وشيخها أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم!
والشاهد هنا أو السؤال المهم الذي يطرح نفسه بقوة: إذا كانت مباديء العدل والتوحيد معروفة عند آل البيت وأئمة الزيدية والهادوية استقوها منهم منذ البداية؛ فلماذا اضطر هادوية اليمن للذهاب إلى العراق لاستنساخ كتب المعتزلة؟ وأين هي مؤلفات أئمة أهل البيت أو علومهم وتراثهم منذ زيد بن علي – والذين معه ومن سبقه ومن جاء بعده من الأئمة- ليستمدوا منها فكر الاعتزال ليواجهوا به الخطر المحدق بهم في اليمن؟ وإن كانوا عجزوا عن مواجهة الباطنية والمطرفية إلا بالاستعانة بكتب المعتزلة فأليس هذا قرينة على أن فكر هادوية اليمن كان قاصرا عن تمثل مباديء العدل والتوحيد! أو أنه أصلا لم يكن متمثلا لها وأن تراث قدماء آل البيت خال منها؟ بل يمكن القول إن حتى تراث الرسي ويحيى بن الحسين والذين جاءوا بعدهما لم يكن نافعا ولا كافيا في هذه الحالة لأنهم كانوا متبعين (ولا نقول مقلدين!) لفكر المعتزلة الأصل والفصل كما يقال.
ومن نافلة القول إن رموز هادوية اليمن كانوا تلاميذ لكبار رجال المعتزلة وعالة عليهم؛ بدءا من يحيى بن الحسين الذي تتلمذ على يد المعتزلي/ أبي علي البلخي، وأحمد المرتضى (منظر الزيدية والمؤسس الثاني للمذهب) الذي تتلمذ على كتب المعتزلي/ أبي الحسين البصري صاحب كتاب المعتمد في أصول الفقه، وله تأثير كبير جدا فيه وعلاقته به علاقة تأثر واحتذاء ومتابعة.
السطور التالية تحاول أن تجمع أبرز ما قاله علماء وباحثون محققون إجابة عن الأسئلة السابقة:
أ/ العلامة صالح بن مهدي المقبلي:(1)
كما قرر المقبلي في كتابه الشهير (العلم الشامخ) أن الهادوية فقهيا يوافقون – وهو تعبير ذكي يعني أنهم متبعون أو متأثرون- هذا المذهب أو ذاك من مذاهب أهل السنة، والجزء الثالث مجتهدون؛ فهو يقرر كذلك أن عقيدة الهادوية إجمالا هي عقيدة المعتزلة، وأن الهادوية متبعون لهم وتلاميذ مفتونون بهم، وفي هذا الشأن ينقل صاحب العلم الشامخ بما لفظه رأي العلامة الهادي بن إبراهيم الوزير (شقيق ابن الوزير صاحب العواصم والقواصم وإيثار الحق على الخلق) عن سبب تقديمه علماء المعتزلة على علماء الزيدية من منظومته (رياض الاستبصار)، مع أنه يصفه بأنه من أشد الناس شكيمة في نصرة مذهب الزيدية، والتعصب لهم، والرد على مخالفيهم:
[ وأما المعتزلة فقد ذكرت بعض أكابرهم وكراسي منابرهم مع إجمال وإهمال إذ هم الأعداد الكثيرة، والطبقات الشهيرة، ورأيت تقديمهم على الزيدية لأنهم سادتها (!!) وعلماؤهما (!!) فألحقت سمطهم بسمط الأئمة وذلك لتقدمهم في الرتبات، ولأنهم مشايخ سادتنا وعلمائنا القادات..].
ويعلق المقبلي على الكلام السابق مؤكدا له:
[ وهذا الذي قال هو حقيقة الأمر في اتحاد هاتين الفرقتين، كما لا يخفى على من صح أن يعد من أهل الشأن.. هذه كتبهم شاهدة بذلك، وإن بعضهم يوافق هذا وبعضهم يوافق ذاك.. فانظر كلام الإمام المنصور بالله في كتبه كلها، وكلام الإمام المهدي في كتبه، وكلام أبي طالب في كتبه كشرح البالغ المدرك، والسيد مانكديم، والمؤيد بالله تجدها أكاليم الجبائية بأعيانها مع تصريحهم بقولهم: المختار كلام شيخنا أبي علي أو أبي هاشم أو أبي رشيد أو غير ذلك، وكذلك كلام الهادي غالبه كلام أبي قاسم الكعبي (البلخي)، وكذلك الإمام يحيى بن حمزة موافق في غالب أمره لأبي الحسين البصري سائر سيرته..].
وختم كلامه: [ وعلى الجملة فهذا أمر أوضح من أن يشرح..].
ب/ المؤرخ العلامة يحيى بن الحسين:
وعن متابعة الهادي يحيى بن الحسين في الأصول لشيخه المعتزلي أبي القاسم البلخي يقول المؤرخ العلامة/ يحيى بن الحسين:[2]
[ لم يبق لمذهب زيد بن علي الأول في الأصول والفروع منهم (أي الهادوية) متابع أصلا…. وكان شيخ الهادي في الأصول الشيخ أبو القاسم البلخي المعتزلي فعليه أخذ الأصول وعلم الكلام فلذلك يرى أقواله في الأصول متابعة لأبي القاسم في الغالب وأما الفروع فاستقل فيها باجتهاده فخالف زيدا في مذهبه ولم يتقيد لأقواله التي يضمها مجموع الفقه الكبير!].
ج/ د. علي زيد محمد:
في كتابيه المهمين: (معتزلة اليمن: دولة الهادي وفكره) و(تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري) لا يتردد د. علي زيد في أن يدرس فكر هادوية اليمن ورجالاته على أنه من مظاهر تجليات فكر الاعتزال واتباعه والالتزام به وبأفكار رموزه والتتلمذ على أفكاره والافتتان بها.. فالمسألة عنده لاتحتاج إلى لجلجة فكرية وبحث عن معاذرير وأوهام عن استقلالية الهادوية عن المعتزلة أو الندية في مواجهتهم (عدا ما هو خاص بالإمامة). وفي هذا السياق يورد د. محمد علي زيد الأحكام التالية التي تؤكد تابعية هادوية اليمن لفكر المعتزلة:
– [ تعد مؤلفات الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم ومؤلفات جده القاسم بن إبراهيم الرسي من أقدم ما لدينا من مصادر عن علم الكلام المعتزلي.. وإذا كانت مؤلفات القاسم المتوفرة قليلة، وتأخذ من المعتزلة بحذر شديد دون أن تعد نفسها معتزلية، وتمزج بين فكر المعتزلة العقلاني بثقافة المدينة المتأثرة بمدرسة الحديث، وتستخدم أسلوبا وعظيا بسيطا (ويشك في نسبة بعضها إلى القاسم نفسه).. فإن الهادي قد خطا خطوة جدية في الاقتراب من فكر المعتزلة وتبين (هكذا وردت في كتاب د. علي زيد وربما يقصد: تبني) أصولهم واستخدام معالجتهم وأسلوبهم في الحجاج..].[3]
– [ يأخذ الهادي عن المعتزلة إيمانهم بالعقل الإنساني وقدرته على معرفة الحقيقة].[4]
– [ هناك مرحلتان تحددان موقف الهادي من الأصول الخمسة؛ في إحداهما يثبت هذه الأصول كما وردت في الفكر المعتزلي، ويؤيدها بحجج قرآنية تظهرها استنتاجا طبيعيا من القرآنن ويرتبها وفق الترتيب المعتزلي كما يلي: 1- التوحيد 2- العدل- 3- الوعد والوعيد 4- المنزلة بين المنزلتين 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر… وبهذا تصبح الأصول الخمسة كما قررها المعتزلة أصولا للزيدية…… وفي هذه المرحلة يبدو الهادي متكلما معتزليا رغم عدم اعترافه الصريح بأنه قد أصبح معتزليا..].[5]
– [ أما فيما يتعلق بصفات الذات فإنه (أي الهادي) يذهب مذهب أبي العلاف (135-235ه) وأمثاله من المعتزلة..].[6]
– [ يذهب الهادي إلى أن القرآن مخلوق كما ذهب إلى ذلك المعتزلة والخوارج..].[7]
– [ أخذ نشوان (الحميري) الاعتزال من الزيدية بعد أن أصبح علم الكلام المعتزلي جزءا من عقائدها، فهو مثل المطرفية يأخذ بآراء مدرسة بغداد ورئيسها أبو القاسم البلخي، ووجد ضالته العقلانية في آراء النظام والجاحظ مستقلا نسبيا في مسائل التقليد والإمامة..].[8]
– وفي إشارة للكتب التي كونت وعي أحد كبار الأئمة الهادوية وهو عبد الله بن حمزة يحددها د. محمد علي زيد بالآتي: [ كتب علم الكلام المعتزلي لمدرسة البصرة الجبائية (نسبة إلى أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم) بعد أن اندمجت بالزيدية.].[9]
د/ د. أحمد محمود صبحي:
د. أحمد محمود صبحي يشير في كتابه (الزيدية) إلى أن بعض من جمع بين التشيع والاعتزال زعموا أنهم لم يجدوا للأئمة في أصول الدين وأصول الفقه من العلم الذي وجدوه لدى المعتزلة في الدقة والكثرة والبيان![10]
ه/ أ. زيد علي الوزير:
الأستاذ/ زيد علي الوزير يؤكد في كتاب/ حوار عن المطرفية صفة الهادي يحيى بن الحسين وعلاقته بالمعتزلة أنها علاقة تلمذة وتأثر.. بقوله الواضح:
[ كان الهادي بلخيا وكان المطرفية تبعا له بلخيين، والمطرفية كما حققه الباحثون هم أتباع الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام الملتزمون بمذهبه/ والمتشبتون به إلى درجة لم يصل إليها أحد من مدارس هادوية اليمن وغيرها!].[11]
فما معنى وصف الهادي بأنه كان بلخيا وليس وصفه بأنه كان زيديا أو حسينيا أو حسنيا إلا أنه استقى أفكار عقيدته من المعتزلة رأسا وأصلا؟ فهل يمكن أن يقال مثلا إن ابن تيمية أشعري أو ماتريدي مع كون الفرقتين مندرجتين ضمن أهل السنة؟ أو أن يقال إن واصل بن عطاء اثني عشري؟ وتنسحب الملاحظة أيضا على وصف المطرفية أتباع الهادي بأنهم بلخيون فلماذا لم يوصفوا بأنهم هادويون؟
و/ د. أحمد علي المأخذي:
د. أحمد علي المأخذي يكتب عن الهادوية/ الزيدية من منطلق المؤمن بها المنتمي إليها، المعجب بها، ولذا فرأيه مهم جدا فلا يمكن اتهامه بالتحيز أو التأثر بمدرسة مضادة، وفي تحقيقه لكتاب (منهاج الوصول إلى معيار العقول في علم الأصول) لأحمد بن يحيى المرتضى؛ نجد الآراء التالية حول علاقة الزيدية بالمعتزلة:[12]
– يقرر د. المأخذي توافق أصول الزيدية مع أصول المعتزلة (باستثناء أصل المنزلة بين المنزلتين، وشيء قليل في الإمامة)، ويتحدث عن إسهام الزيدية بالأبحاث والدراسات لدعم هذه الأصول؛ لكنه لا يجد ما يبدأ به في هذا التقرير إلا الإمام القاسم الرسي ثم جهود حفيده الهادي يحيى بن الحسين الذي تتلمذ(!) بدوره على يد المعتزلي البغدادي الشهير/ أبي القاسم البلخي.. أما ما قبلهما فلا يوجد عالم زيدي أو من آل البيت – بمن فيهم زيد بن علي- يصلح للإشارة إلى دوره الفكري والتنظيري في مباديء العدل والتوحيد، ومن ثم الاقتباس منهم أو الاستشهاد بهم ولو بعبارات قليلة.. أو كما قال:
– [ حدثت التقاءات واسعة بين أئمة الاعتزال الأحناف بأئمة الفكر الزيدي المعتزلي ابتداء بالقاسم بن إبراهيم(ت246) صاحب المؤلفات الكلامية المشهورة..].
– [ الهادي تلقى دروسا على يد أبي قاسم البلخي].
– [ جعفر بن أحمد بن عبد السلام كان مطرفيا.. ثم رحل إلى العراق مع الفقيه زيد بن الحسن البيهقي.. وفيها تلقى تعليمه على العلامة أحمد الكني ثم رجع إلى اليمن وهو معتزلي كامل الاعتزال ومعه عديد الكتب التي تخص الفكر الاعتزالي فكان مدرسا حيث قرأ عليه الإمام عبدالله بن حمزة والشيخ الحسن بن محمد الرصاص].
– [ الإمام أحمد بن سليمان استقبل كتب المعتزلة وأرسل من يتعلمها خارج اليمن ويستنسخها..].
– [ القاضي عبد الله العنسي عاد من الديلم بكتب المعتزلة].
– [ الإمام عبدالله بن حمزة سار في دعم الحركة الاعتزالية بكل نشاط… وعمل كثيرا من أجل استنساخ كتب الزيدية المعتزلية..].
وقد خصص المأخذي فصلا خاصا للحديث عن اعتزالية ابن المرتضى سماه: (ابن المرتضى المعتزلي)، وفي هذا الفصل أورد ما يؤكد اعتزاليته وتحته جاءت العناوين على النحو التالي:[13]
– ابن المرتضى وتاثره بالمد الاعتزالي.
– ابن المرتضى وآراؤه الاعتزالية.
وتحدث المؤلف في هذا الفصل عن حركة الاعتزال في اليمن، وعن تأثر ابن المرتضى بها، وعن آرائه الاعتزالية، وأن معظم آرائه الاعتقادية متفقة مع المعتزلة.. هكذا كانت الصيغة التي تكلم بها عن عقيدة المرتضى وليس: آرائه الهادوية أو أن ينسبها لعلي أو الحسنين أو زيد! وفي هذا الفصل وما سبقه استخدم المأخذي العبارات التالية مما يؤكد أن الهادوية كانت في مقام التابع للفكر المعتزلي بحكم السبق الزمني لظهور أفكار فرقة المعتزلة:
– [ التراث الزيدي المعتزلي]
– [ كان المذهب الزيدي الهادوي المعتزلي..].
– [ استمر المد الزيدي المعتزلي..]
– [ المباديء العدلية هي مباديء المعتزلة الزيدية].
– [ الحركة الزيدية المعتزلية نشطت وأبدع مفكروها الكثير من الإضافات].. يلاحظ هنا أن كلمة (الإضافات) توحي بحقيقة الإسهام الهادوي وأنه إضافات وليس تأسيسا.
– [ مباديء الزيدية في أصول الاعتقاد هي نفسها مباديء المعتزلة أو الأصول الخمسة عدا شيء قليل مختلف فيه بين المذهبين..].
– [ ابن المرتضى ( المؤسس الثاني للمذهب الهادوي) أعجب بأبي الحسين البصري صاحب كتاب المعتمد.. فقد أعجب به أيما إعجاب.. فقد أكثر من الإشارة والاستشهاد بكبار شيوخ المعتزلة، وكان يخاطبهم إما (بأصحابنا) أو بكلمة قال أصحابنا من المعتزلة أو قال جمهور المعتزلة، ولا يخلو مؤلف من مؤلفاته الكلامية من ذكر حسن لقاضي القضاة، ولأبي علي، أو لأبي هاشم، أو لأبي قاسم البلخي، أو لأبي الحسين، وأبي عبد الله البصري، أو الحاكم الجشمي، وغيرهم، ولقد وجد ابن المرتضى في الجدل المعتزلي ما يرضي غروره (!!) ويشبع جوعه المعرفي…].
– [ ابن المرتضى استمد ثقافته المعتزلية من محيطه الزيدي المعتزلي].
– [ علاقة ابن المرتضى بالمعتزلي الكبير أبي الحسين البصري صاحب كتاب المعتمد في أصول الفقه كانت علاقة تأثر واحتذاء ومتابعة].
الهوامش:
العلم الشامخ، ص51، مصدر سابق.
- نقلا عن: حوار حول المطرفية، ص38، مصدر سابق.
- دولة الهادي وفكره، ص145، مصدر سابق.
- المصدر السابق، ص146.
- المصدر السابق، ص157+158.
- المصدر السابق، ص166.
- المصدر السابق، ص 170.
- تيارات معتزلة اليمن في الفرن السادس الهجري، د. علي محمد زيد، ص 121، ط1، 1997، المركز الفرنسي للدراسات اليمنية.
- المصدر السابق، ص 159.
- الزيدية، د. أحمد محمود صبحي مصدر سابق، ص340.
- حوار حول المطرفية، ص17، مصدر سابق.
- كتاب (منهاج الوصول إلى معيار العقول في علم الأصول) لأحمد بن يحيى المرتضى، دراسة وتحقيق د. أحمد علي المأخذي، ص 32 وما بعدها، ط1، 1992، دار الحكة اليمانية.
- المصدر السابق، ص 45.
“بدءا من يحيى بن الحسين الذي تتلمذ على يد المعتزلي/ أبي علي البلخي، وأحمد المرتضى (منظر الزيدية والمؤسس الثاني للمذهب) الذي تتلمذ على كتب المعتزلي/ أبي الحسين البصري صاحب كتاب المعتمد في أصول الفقه، وله تأثير كبير جدا فيه وعلاقته به علاقة تأثر واحتذاء ومتابعة”.
كذا قال عبد الكريم العمراني في مقاله الرابع عن علاقة المذهب الهادوي بالمعتزلة..
أقول:
أولا: لا تصح تلمذة الهادي لأبي القاسم البلخي -لا أبي علي- لأن البلخي ولد سنة ٢٤٥هـ وللهادي ٢٨ عاما.. ولا زال التقليد في ترديد هذا القول ديدن كثير من الباحثين.
وثانيا: آراء المهدي أحمد بن يحيى المرتضى في الأصول العقدية غير معتمدة عند جمهور الزيدية، لكنهم يعتمدون أقواله في الفروع.