Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أشتات

فساء صباح المنذَرين

لا أدري كيفَ طلعتِ الشَّمْسُ صبيحةَ السَّبتِ الماضي السَّابعِ من أكتوبرَ المَنْصُور، المُطالَبِ صُهْيُونيًّا بِمَحْوِهِ من قائمةِ الشُّهور؟ أتُراها طلعتِ استثنائيًّا من المغربِ مُؤْذِنةً بغروبِ شمسِ الكيانِ الغاصب، مُرَتِّلَةً: دُحُورًا ‌وَلَهُمْ عَذابٌ واصِب؟ أمْ تُراها طلعتِ اعتياديًّا من المشرقِ مُزدانةً بِعُقُودِ الجُمانِ، كأنَّها حُوريَّةٌ من حُورِ الجِنانِ؟ أم تُراها انبثقتْ من باطنِ أرضٍ ظنُّوها بُورًا بعدما أَوْسَعُوها تدميرًا، كما تنبثِقُ عينٌ يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ ‌يُفَجِّرُونَها تَفْجِيرًا، أم تُراها هبطتْ عَموديًّا من السَّماءِ كأنَّها ظُلَّةٌ، فأضاءتِ الطَّريقَ أمامَ كلِّ بطلٍ مِغْوار، وشوَّشَتْ على جميعِ أجهزةِ الاستشعار؟ فكلُّها -لَعَمْرِي- احتمالاتٌ تَشُلُّ العقلَ الرَّاجحَ عن التفكير، وتَعقِدُ اللِّسانَ الذَّرِبَ عن التعبير، وتفوقُ بكلِّ أبعادِها حُدودَ الوصفِ والتَّصوير! فإنَّ من المواقفِ والأحداثِ ما يجعلُ الفُصَحاءَ الأبْيِناءَ خُرسًا حَصِرِين، وبِكاءً مُفْحَمِين؛ ابتهاجًا بِها، أو حُزنًا عليْها، أو غَضَبًا لأجلِها، أو ترقُّبًا لِتَبِعَاتِها، وَيْكأنَّ هذه المتناقضاتِ الأربعةَ قد اجتمعتْ في ذلك اليومِ المَيْمون، وما تلاهُ!

ومَهْما يكنْ من أمرِ هذهِ المُتناقضاتِ، فالذي لا أرتابُ فيها أنَّ تلك العمليَّةَ المباركةَ برًّا وبحرًا وجوًّا، كانتِ -بفضل اللهِ، ثمَّ بتخطيطِ قيادَتِها، وجسارَةِ أبطالِها، وعبقريَّةِ تفاصِيلِها- الفاضِحةَ المُثيرةَ المُنكِّلةَ المُقشقِشَةَ المُبَعْثِرَةَ المُدَمْدِمةَ… إلى غيرِها من أسماءِ سورةِ التَّوبةِ، التي لا تبتَعِدُ تفاصيلُ أحداثِها، وكثيرٌ من إسقاطاتِ آياتِها، عنْ واقعِنا المُزَّمِّلِ بالعُسْرةِ، المُدَّثِّر بالضَّرَّاءِ!

نعم، لقد كانتْ فاضحةً لأُسطورةِ العدوِّ الذي طالما زَعَمَ، وزُعِمَ له، أنَّه لا يُقْهَرُ، وروَّجتْ لهذهِ الأسطورةِ وسائلُ الإعلامِ؛ سذاجةً وغفلةً، أو خيانةً وعمالةً، غاضَّةً طرفَها عن أثرِ ذلك التَّضْخيمِ المبالَغِ فيه في تثبيطِ المُؤمنينِ، وتوهِينِ عزائِمِهم، كما قالَ اللهُ تعالى في يومِ الفُرقانِ: (إِذْ ‌يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)، ولو أنْصَفوا -وما هُم بِمُنْصِفين- لقالوا: إنَّه لا يُقْهَرُ أمامَ الجيوشِ النِّظاميَّةِ، التي ما وُجِدَ أكثرُها إلَّا لِخدمةِ أنظمةٍ تُجاهِرُ بمعاداةِ إسرائيلَ في جَلْوَتِها، وتنامُ في أحضانِها في خَلْوَتِها، والتي لا يختلفُ أكثرُ أفرادِها عن مُرْتَزِقةِ (فاجنر) وأخواتِها. وفي ذلك اليومِ الأغرِّ أسقطتْ مُقاومةٌ وطنيَّةٌ باسلةٌ هذه الأسطورةَ من حالقٍ، وألحقتْ بعدوِّ الله وعدوِّها أكبرَ خسارةٍ منذُ حرب العاشر من رمضانِ، ومرَّغتْ أنفَه في التُّرابِ، وفضحتْ أمامَ القاصي والداني هشاشَتَهُ ورُعونَتَه، وصوَّرَتِ الجنودَ المُستأسِدينَ وهمْ يَفرُّونَ كالفئرانِ المذعورةِ، ووسمتْهم على الخُرطومِ بميسمِ العارِ الذي سيظلُّ يُلاحقهم ما بقي إنسيٌّ، فاليهوديُّ جبانٌ دائمًا لِحرصِهِ على الحياةِ، ولا يَستأسِدُ إلَّا وهو فِي ‌قُرىً ‌مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ، ولكنْ شاء الله أنْ تُجْتَاحَ تلك الجُدُرُ الحِسِّيَّةُ والإلكترونيَّةُ اجتياحَ السِّكينِ قالبًا من الزُّبدِ، وأنْ تُسَطِّرَ المُقاوَمَةُ فصلًا وضَّاءً في لحظاتٍ تاريخيَّةٍ حاسمةٍ، تُثبِّتُ أفئدةَ المؤمنينَ، وتقرُّ أعيُنَهم بتحقيقِ قولِ ربِّ العالَمِينَ: (مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ ‌مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)، وتَضرِبُ الذِّلَّةَ والصَّغارَ على البُغاةِ الأنجاس، بعدما استمسكَ أهلُ الحقِّ بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناسِ.

وكانتْ فاضحةً للأنظمةِ العربيَّةِ المَيِّتةِ إكلينيكيًّا، فَلا حراكَ بها، ولا نَخوةَ عندَها، وفاضحةً لجامعةِ الدُّولِ العبريَّةِ، العربيَّةِ سابقًا، والتي يتقاضَى أمينُها العامُّ أكثرَ من خمسينَ ألف دولارٍ شهريًّا لِيُعْرِبَ عن قلقِه، والتي يتَّسِعُ مَوقِفها لمئاتِ السَّيَّاراتِ والتَّشريفاتِ ذهابًا وإيابًا، أمَّا الموقِفُ الفعَّالُ فهو مُنتَظَرٌ إذا ما القَارِظُ العَنَزِيُّ آبا! وفي الوقت نفسِه يرى الأكْمَهُ تكالُبَ الأُمَمِ على مُسانَدَةِ الكِيانِ الصُّهيونيِّ بكلِّ سبيلٍ، فقد جاءتْ أمريكا بِخَيْلِها ورَجِلِها، وقدَّمتْ الدَّعمَ غير المحدودِ للصَّهايِنةِ جهارًا نهارًا، وثمَّةَ دُولٌ منعتْ أيَّ فعالياتٍ مُناصرةٍ للقضيَّةِ الفلسطينيَّةِ، ناهيكَ عن حظرِ وسائل التَّواصلِ الاجتماعيِّ أيَّ حسابٍ تُشَمُّ فيه رائحةُ التَّضامُنِ مع غزَّة؛ ممَّا يؤكِّدُ أنَّ الكُفْرَ كُلَّهُ ملَّةٌ واحدةٌ، وللأسفِ، فإنَّ أهلَ القبلةِ الواحدةِ لا تجمَعُهُم رؤيةٌ ولا رِسالةٌ ولا موقفٌ!

وكانتْ فاضِحةً لِمَا يُسمَّى بالسُّلطةِ الفلسطينيَّةِ الورقيَّةِ التي ما بَرِحَ بِرْمِيلُها العِلْجُ المُسمَّى عبَّاس يقومُ بالتنسيقِ الأمنيِّ مع الصَّهاينةِ الذين نصَّبُوهُ، وألقَوْهُ على كُرْسِيِّه جَسْدًا مَا أفاقَ ولا أنابَ، ورتَّبوا بديلًا له أضْرَطَ من أخيهِ بِلا ارْتياب. ولَسْتُ أتردَّدُ في أنَّ مُهمَّةَ هذه السُّلطةِ المزعومَةِ هي القيامُ بدورِ الشُّرطيِّ القَذِرِ نيابةً عن المحتلِّ، وجرائِمُها في هذا المقامِ أكثرُ من أنْ تُحْصَرَ، وأخشى ما أخشاه أن يكونَ دورُها المستقبليُّ العملَ على استئناسِ المُقاوَمَةِ، تمهيدًا للقضاءِ عليها، بِاستدراجِ قادَتها نحو مُستنقعِ المَناصِبِ والمُتَعِ الدُّنيويَّةِ، من بابِ قولِ عُثْمَانَ بن عَفَّان، رضي الله عنه: “‌وَدَّتِ ‌الزَّانِيَةُ لَوْ أنَّ النِّسَاءَ كُلَّهُنَّ زَنَيْنَ”، وتلك وربِّي قاصِمَةُ الظَّهرِ، وما أظنُّ قائدًا صادقًا تنطَلِي عليه هذه الخدعةُ الصَّلعاء، والمؤامرةُ البَلْجَاء!

وكانتْ فاضِحةً لِدُعاةِ السَّلامِ، أو الاستسلامِ، والذين ما فَتِئوا يَدورونَ في حلقةٍ مُفرَغَةٍ من المُفاوضاتِ العبثيَّةِ، التي لمْ ولنْ تُثْمِرَ شيئًا ذا بالٍ، فلا حقَّ راجعٌ دونَ قوَّةٍ تَحْميه، وكلُّ تفاوُضٍ دونَ سيفٍ رادعٍ ما هو إلَّا ضربٌ من التسوُّلِ الرَّخيصِ، وإراقةٌ لماءِ الوجهِ على موائدِ اللِّئامِ، وهل في الأرضِ ألْأَمُ من بني صُهيون؟! وصدق الشَّاعرُ السُّوريُّ عمر أبو ريشة (ت1990م) حيثُ قال عن ذلك السَّلامِ المَزعومِ، الذي تُغتَصَبُ تحتَ عَباءَتِه حقوقُ الضُّعفاءِ:

أَرَى الدُّوَلَ الكُبْرَى لَهَا الغُنْمُ وَحْدَهَا

وَقَدْ عَادَتِ الصُّغْرَى عَلَى رَأْسِهَا الغُرْمُ 

مَتَى عَفَتِ الذُّؤْبَانُ عَنْ لَحْمِ صَيْدِهَا 

وَقَدْ أَمْكَنَتْهَا مِنْ مَقَاتِلِهَا البَهْمُ 

أَلَا كُلُّ أُمَّةٍ ضَائِعٌ حَقُّهَا سُدًى

إِذَا لَمْ يُؤَيِّدْ حَقَّهَا المَدْفَعُ الضَّخْمُ

وكانتْ فاضِحةً لِجَحافلِ المُدوِّنينَ، الذينَ يكتبونَ عن كلِّ شيءٍ تافهٍ يمرُّ بهم، فمنهم مَنْ يشكو احمرارًا في عينيْهِ، أو يُصوِّرَ سقوط كأسِ القهوةِ من بينِ يديْهِ، أو يُهنِّئ بختانِ ابن جَارَتِهِ، أو يُعَزِّي في وفاةِ ابن خالَةِ زوجتهِ، أو يبتهجُ بانتصارِ فريقٍ كرويّ، أو يأسَى لغيابِ مُطْرِبٍ عن حفلٍ غنائيٍّ، أو يسجِّلُ حُضورَهُ مُناقشةَ كتابٍ أو دِيوانٍ أو قِصَّةٍ لا يَقرأها سوى كُتَّابِها، فإذا ما حانَ أوانُ نُصرةِ الحقِّ ولو بالكلمةِ، وذلك أضعف الإيمان، وحَيْعَلَ المُنادِي: (هَذَا ‌أوانُ ‌الشَّدِّ فاشتدِّي، زِيَمْ)، لَـفَّهُمْ صمتُ القُبورِ في اللَّيلِ البَهيم، واعتراهُمْ وُجُومُ الأخرسِ البَكيم.

صباح المنذَرين4 فساء صباح المنذَرين

وكانتْ فاضِحةً لِلأُلَى ما فتئوا يُشكِّكونَ في قُدراتِ المُقاومةِ، واصِفينَ صَواريخَها بأنَّها عبثيَّةٌ، واليومَ يروْنَها تتطوَّرُ تَطَوُّرًا مذهلًا، رغمَ الحِصارِ الخانقِ، فقد أذهلتِ العالمَ كلَّهُ بأولئكِ المِظلِّيينَ الذينَ ينقضُّونَ على العَدُوِّ بِطائراتٍ شِراعيَّةٍ بِدائيَّةٍ، وأولئكِ الغوَّاصِينَ الذينَ يتسلَّلونَ من البحرِ في عمليَّاتٍ استشهاديَّةٍ، ناهيك عن الذين يُسدِّدونَ الرَّميَ نحو الطَّائراتِ والدبَّاباتِ، والذي يجعلونَ العُدوَّ يحسبُ ألفَ حسابٍ وحسابٍ لأيِّ اجتياحٍ بَرِّيٍّ، وفي هذا دَرْسانِ: أولُّهما: أنَّنا لَسْنا مُطالَبِينَ بالتفوُّقِ المُطْلَقِ على عدوِّنا، وإنَّما مُطالَبُونَ باستفراغِ الوُسْعِ في إعدادِ العُدَّةِ فحسب، مِصْداقًا لقوله تعالى: (‌وَأَعِدُّوا ‌لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)، وثانيهما: أنَّ الإرادةَ الصَّادِقَةَ تصنعُ المُستحيلَ، وأنَّ العنصرَ البَشريّ بعقيدَتِه الرَّاسِخَةِ، وحرصِهِ على الشَّهادةِ أمضَى من كلِّ سِلاحٍ، وقد رُوِيَ أنَّ عُمَرَ بن الخطَّابِ، رضي الله عنه، بعثَ إلى عمرو بن معد يكرب، يطلبُ منه أنْ يبعثَ إليه بسيفِه المعروفِ بالصَّمْصَامَةِ، فبعثَ به إليه، فلمَّا ضربَ به وجدَهُ دونَ ما كانَ يَبْلُغُهُ عنه، فكتب إليه في ذلك، فردَّ عليه قائلًا: إنَّما بعثْتُ إلى أميرِ المؤمنينَ بالسَّيفِ، ولمْ أبعثْ بالسَّاعِدِ الذي يَضْرِبُ به، وصدقَ أبو الطَّيِّبِ (ت354هـ) إذ يقول:

وَمَا ‌تَنْفَعُ ‌الخَيْلُ الكِرَامُ، وَلَا القَنَا

إِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَ الكِرَامِ كِرَامُ

وكانتْ فاضِحةً لأولئك السُّفهاءِ الشَّامِتينَ، الذينَ يُخْرِجُ اللهُ في كلِّ يومٍ أضغانَهم، فهم لا يَتورَّعُونَ عن التَّخْذيلِ والتَّثْبيطِ، فتراهمْ يشمتونَ سَفَهًا في ضَحايا الجرائمِ التي يرتكبُها العدوُّ في حقِّ المَدنيِّينَ العُزْلِ، ويرجفونَ في وسائلِ الإعلامِ بأنَّ المُقاومةَ هي السَّببُ، وينسَوْنَ أنَّ العدوَّ قد ارتكبَ مثلَها عشراتِ المرَّاتِ دونَ ثمنٍ فادحٍ، واليومَ يدفعُ ثمنًا لم يدفَعْهُ منذُ خمسينَ عامًا، مع الفارقِ الهائلِ بين قتيلٍ ذاهبٍ إلى الجحيمِ، وشهيدٍ يستبشِرُ بنعمةٍ من الله وفضلٍ عظيمٍ، وصدقَ ربُّنا إذ يقولُ: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا ‌تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما ‌تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، وعندما قال أبو سفيانَ بعد غزوة أُحُدٍ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، أَلَا إنَّ الأيَّامَ دُوَلٌ، وَإِنَّ الحَرْبَ سِجَالٌ. فأجابَهُ عُمَرُ بن الخطَّابِ، رضي الله عنه: لَا سَوَاءَ، ‌قَتْلَانَا ‌فِي ‌الجَنّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ.

وكانتْ فاضِحةً لِفلاسفةِ بيزنطةَ من فُقهاءِ الحيضِ والنِّفاسِ، وخُبراءِ أو خَوابيرِ السِّياسَةِ، والذينَ يتنقَّلونَ بين الفضائحيَّاتِ للحُصولِ على الأنفالِ دونَ التَّوبةِ، فترى الواحدَ منهم يتمطَّى وهو ينتقدُ أمورًا في ميدانٍ، مَعرِفَتُه بهِ كَمعرفتِهِ باللُّغةِ السَّنسكريتيَّةِ الهنديَّةِ القديمةِ، وأمْثَلُ ما نَكْسَعُ به هؤلاء المهرطقينَ قولُ الحُطَيئةِ (ت45هـ):

أَقِلُّوا عَلَيْهِمْ، لَا أَبَا لِأَبيكُمُ

مِنَ اللَّوْمِ، أَوْ سُدُّوا المَكَانَ الَّذي سَدُّوا

وختامًا، فإنَّ نُصرةَ الحقِّ فرضٌ على كلِّ مسلمٍ في حدودِ استطاعَتِه، ولنْ يعدِمَ الصَّادِقُ إلى نُصرةِ أهلِ الحقِّ نفقًا في الأرضِ أو سُلَّمًا في السَّماءِ، سواءً بالنفسِ لِمَنْ يستطيعُ إليهم سبيلًا، أو المالِ لِمَنْ يجدُ إلى إيصالِهِ طريقًا موثوقًا، أو الكلمةِ الصادقةِ المُثبِّتةِ، ولو بالنشرِ على مواقع التواصُلِ الاجتماعيِّ، التي هي منابرُ ذلك العصرِ، ناهيكَ عن الدُّعاءِ لهم سرًّا وعلانيةً، والتَّعاطُفِ القلبيِّ معهم، وذلكَ أضعفُ الإيمانِ. وأمَّا أنتمْ يا أهلَ غزَّة، يا أرضَ العزَّة، فأنتم نوَّابُ هذهِ الأمَّةِ في معركةِ العزَّة والكرامةِ، وقد ربحَ والله بيعُكم الذي بايعتُمْ به، فاستبشروا بنصرٍ مؤزَّرٍ يراه الصَّهاينةُ وحلفاؤُهم بعيدًا، ونراه قريبًا، واللهَ نسألُ أن يكتبَ لنا معكمْ صلاةً في المسجدِ الأقصى مُحرَّرًا، وأن ينصرَ الأمَّةَ على أعدائِها نصرًا عزيزًا مُؤزَّرًا.

د. مصطفى السواحلي

د. مصطفى السواحلي أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة السلطان الشريف علي الإسلامية، سلطنة بروناي دار السلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى