
استدراك
تناولت في الحلقة الأولى من سلسلة مقالاتي هذه حول مصادر تاريخ اليمن بين الوفرة والضَّياع، قراءة في مصادر قُرَّاء اليمن، وكان مما نبهني عليه القراء الكرام تفويت الكلام على مصدر مهم من مصادر تاريخ قراء اليمن، الا وهو:
– القُرَّاء والقراءات في اليمن من القرن الخامس الهجري حتى القرن الرابع عشر الهجري، وهي رسالة دكتوراه للباحث علي بن محمد بن محمد العقيري[1]، تقدَّم بها في سنة 2011م إلى جامعة الأزهر الشَّريف بالجمهوريَّة المصريَّة[2]، لكنِّي لم أتمكن من الاطلاع عليها، وقد أشار إليها الدُّكتور محمد بن سعيد بكران الحضرمي، فقال: “وجدتها أقرب ما تكون رسالة في تراجم القُرَّاء، مع اشتمالها على تعريف يسير بمؤلَّفات القراءات في كل قرن، وجوانب أخرى”[3].
– ورسالة أخرى للباحث نبيل بن أحمد بن أحمد طرمم، تقدَّم بها لنيل درجة الماجستير في جامعة الأزهر الشَّريف بالجمهوريَّة المصريَّة سنة 2010م، بعنوان القُرَّاء والقراءات في القرن الثَّاني الهجري[4]، لم أتمكن من الاطلاع عليها.
– ورسالة ثالثة للباحث حسن بن محمد الفقيه، تقدَّم بها لنيل درجة الماجستير في جامعة الأزهر الشَّريف بالجمهوريَّة المصريَّة سنة 2010م، بعنوان القُرَّاء والقراءات في القرن الرَّابع الهجري[5]، لم أتمكن من الاطلاع عليها.
– وبحثًا مُحكَّمًا للباحث محمد بن أحمد بن محمد بن طاهر كديش، بعنوان الجهود التَّأليفيَّة لعلماء اليمن في علم القراءات وآثارها، وقد نشره في مجلَّة ابن خلدون للدِّراسات والأبحاث، المجلَّد الخامس، العدد التَّاسع، بتاريخ 1/9/2025م، من الصَّفحة 36، إلى الصَّفحة 71، وهو مفيد في بابه.
– وبحثًا محكَّمًا آخر للدُكتور زيد بن أحمد بن سعيد بن زيد، بعنوان أشهر علماء القراءات والإقراء في اليمن في القرنين الرَّابع عشر والخامس عشر الهجريين وجهودهم في إرفاد المدرسة القرآنيَّة، وقد نُشر في مجلَّة الجامعة الوطنيَّة، العدد الثَّالث، بتاريخ أغسطس 2017م، من الصَّفحة 147، إلى الصَّفحة 168، ولم يأت فيه بجديد يذكر.
مدخل:
وأما بخصوص موضوع مقالتنا هذه حول مصادر تاريخ اليمن بين الوفرة والضَّياع، قراءة في مصادر أعلام وصاب، فأقول:
وصاب حصن اليمن الشَّاهق الذي يشكَّل جزءًا من سلسلة الجبال الغربية المطلَّة على سهل تهامة، المعروفة بــسلسلة جبال السّراة، إلى الجهة الغربية من مدينة ذمار، وتبعد عنها بمسافة تترواح بين 80/90 كم تقريبا، بينما تقع في الزاوية الجنوبية الغربية بالنسبة للعاصمة اليمنيَّة صنعاء وتبعد عنها نحو 182 كم[6].
تستمد الجهات الوصابيَّة أهميتها العلميَّة والتاريخيَّة من دورها الحافل بالحراك السياسي منذ فجر الإسلام؛ حيث انفردت بحكَّامها الشّراحيين الذين ينتسبون إلى ذي رُعين-أبرز أقيال حمير الذين حكموا مخلاف وصاب مع جزء من المناطق التهاميَّة حتى سواحل البحر الأحمر-في ظلال دولة عرفت في صفحات التاريخ بدولة الشريحيين منذ القرن التَّاسع الميلادي[7].
لم تكن الجهات الوصابيَّة بمنأ عن الحراك العلمي والثَّقافي في الدِّيار اليمنيَّة، بل وحتَّى الصِّراعات السِّياسيَّة في مختلف الحضارات، والدُّول، والدُّويلات المتعاقبة، وقد سجَّلت لنا أقلام المؤرخين عبر التَّاريخ نبذًا يسيرة من تلك الأخبار والأحداث والمعارك العلميَّة والسِّياسيَّة.
كانت الجهات الوصابيَّة الحصن الخلفي الشَّامخ للدِّيار التِّهاميَّة، والبلاد اليمانيَّة، وفي المقابل كانت البلاد التِّهاميَّة، لاسيما زبيد، وما جاورها المهاجَر الأول لأبناء وصاب في طلب العلم، والتَّعلُّم، والتَّفنُّن في مختلف المجالات الشَّرعيَّة، والآليَّة، فما أن يبلغ الطِّفل عندهم حتَّى يذهب به والده، وولي أمره إلى أقرب رباط، أو مدرسة، أو مسجد، أو هجرة من هجر العلم التِّهاميَّة؛ وهنالك يأخذ ما قدَّر الله له من العلوم، والفنون، ثم يعود وقد ملأ جعبته خيرًا وفيرًا، وعلومًا جمَّة.
إنَّ العلاقة العلميَّة بين الجهات الوصابيَّة، وسائر الجهات اليمنيَّة، لا سيما الجهات التِّهاميَّة علاقة وطيدة موثَّقة بأحرف من نور، سطَّرها أعلام أفذاذ في مختلف العصور، والدُّهور، وقد برزت منهم أسماء عديدة لامعة كانت وما زالت مفخرة من مفاخر الجهات الوصابيَّة، بل والدِّيار اليمنيَّة عمومًا، ومن أبرز أولئك النَّفر في القرن الثَّاني عشر العلَّامة المفتي المتفنِّن أحمد بن عبدالله السَّانة السِّلْمي الوصابي (ت: 1122هـ)، وتلميذه القاضي العلَّامة المجتهد محمد بن أحمد بن علي الأشعري الجهمي المصباحي (ت: بعد 1184هـ)، والعلامة الفقيه علي بن عبد الرَّحمن بن أبي بكر الأشعري (كان حيَّا سنة 1114هـ)، وفي القرن الخامس عشر برز اسم مفتي وصاب العلَّامة الفقيه المصلح القاضي محمد بن إسماعيل بن أحمد بن مقول بن أحمد الأشعري الجهمي المصباحي (ت: 1417هـ)[8].
مُنيت الجهات الوصابيَّة-كغيرها من البلاد اليمنيَّة-بالإهمال والضَّياع، وذهبت الكثير من أخبارها، وتراجم سير أعلامها أدراج الرِّياح؛ على الرَّغم أنَّه لا يخلو عصر من العصور، ولا حقبة من التَّاريخ لا توجد في هذه الجهات أعلامًا لامعة، ومفاخر علوم نادرة كان نصيبها المقسوم الضَّياع، والاندراس، خلا بعض الجهود والكتابات التَّاريخيَّة التي حفظت لنا جزءًا يسيرًا من تاريخ أولئك الأعلام-كما سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى-.
وكالعادة يبقى السؤال واردًا في أذهان الكثير من الباحثين في التَّاريخ اليمني عمومًا وتاريخ الجهات الوصابيَّة على وجه الخصوص، ألا وهو أين نجد تراجم أعلام وأعيان ووجهاء وصاب؟ وما هي المصادر العلميَّة التي حفظت لنا جزءا من التاريخ الوصابي؟
وجوابًا على ذلك أقول:
إنَّ الباحث المُطَّلع على تواريخ أعلام اليمن يجد ثغرة كبيرة في تراجم، وسير أولئك الأعلام في مختلف الأقطار، وما ظهرت ووجِدت من المصادر والمؤلفات لا تفي بالمقام، ولا تسد الفجوة الكبيرة في ذلك، لكَّن-كما يقال-: ما لا يُدرك كُلُّه لا يترك جُلُّه؛ وعليه فمصادر تاريخ أعلام الجهات الوصابيَّة نستطيع تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: المصادر العامَّة، وهي كتب التَّواريخ العامَّة التي تناولت حقبة معيَّنة من تاريخ اليمن، أو دولة من دولها، أو حوت سيرة من سير أئمتها، وملوكها، وحُكَّامها، لاسيما تلك المؤلفات والكتب التي حوت تاريخ، وأعلام الدِّيار التِّهاميَّة؛ كون الجهات الوصابيَّة على علاقات علميَّة وتاريخيَّة وطيدة بتلك الدِّيار، وحوت في طيَّات مؤلفات أعلامها الكثير من الأخبار، والأعلام، ككتاب السُّلوك في طبقات العلماء والملوك للمؤرخ النَّسَّابة محمد بن يوسف بن يعقوب الجندي (ت: بعد 730هـ)، وكتاب العقد الفاخر الحسن في طبقات أكابر أهل اليمن، وهو المعروف بطراز أعلام الزمن في طبقات أعيان اليمن للمؤرخ النسَّابة علي بن الحسن الخزرجي الزبيدي (ت:812هـ)، وكتابه الآخر العقود اللؤلوية في تاريخ الدولة الرسوليَّة، والعسجد المسبوك الزبرجد المحكوك في تاريخ دولة الإسلام وطبفات الملوك، ومن بعده كتاب تحفة الزَّمن في تاريخ سادات اليمن للمؤرخ النَّسَّابة الحسين بن عبدالرَّحمن الأهدل (ت: 855هـ)، ومؤلفات الحافظ النسَّابة عبدالرَّحمن بن علي بن محمد الدَّيبع الزَّبيدي (ت: 944هـ)، ككتاب بغية المستفيد في أخبار زبيد، وملحقه المسمَّى الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد، وقُرَّة العيون في أخبار اليمن الميمون، وغيرها، وكذلك مؤلفات المحدِّث المسند عبدالرَّحمن بن سليمان الأهدل (ت: 1250هـ)، ككتاب النَّفس اليماني والرَّوح الرَّوحاني في إجازة القضاة بني الشَّوكاني، وأصله المسمَّى بركة الدُّنيا والأخرى في الإجازة الكُبرى، وغيرها، وكذلك في القرن الرَّابع عشر عطيَّة الله المجيد وحثوة المزيد من تراجم رجال أعيان القرن الرَّابع عشر من علماء اليمن وزبيد للمؤرخ النَّسَّابة محمد بن عبدالجليل الغُزِّي الزَّبيدي (ت: 1401هـ)، وغيرها من المصادر التِّهاميَّة التي سيأتي بيانها تفصيلًا في المقالة القادمة-إن شاء الله-حول مصادر تاريخ اليمن بين الوفرة والضَّياع قراءة في مصادر تاريخ أعلام تهامة.
القسم الثَّاني: الكتب المخصَّصة في تاريخ الجهات الوصابيَّة.
أولًا: تاريخ وصاب المسمَّى الأعتبار في التواريخ والآثار، للمؤرخ عبدالرَّحمن بن محمد بن عبد الرَحمن الحبيشي (ت: 782هـ)، طُبع بتحقيق المؤرخ عبد الله بن محمد الحبشي في مكتبة الإرشاد بصنعاء، الطَّبعة الثَّانية سنة 1427هـ، الموافق 2006م، في 418 صفحة، وهو كتاب عمدة في بابه لا يستغني عنه كاتب أو باحث في التاريخ الوصابي، وقد وصفه محقِّقه بقوله: نوع فريد من كتب البلدان حيث لا يؤرخ فيه لمدينة معينة وإنما يؤرخ لناحية كبيرة من بلاد اليمن الكبير وهي ناحية وصاب الواسعة بمدنها، وقُراها، وحصونها ومخاليفها[9].
ثانيًا: ملحق تاريخ وصاب للحبيشي، وهي زيادات محلقه بالكتاب السابق، يقول المؤرخ المحقق عبد الله بن محمد الحبشي: والذي يظهر لي أن المؤرخ عبد الرحمن بن محمد الحبيشي (ت: 782هـ)، توفي شابا وترك كتابه الاعتبار في التواريخ والآثار مسوَّدة، فأخذه أحد بني عمَّه فأعمل فيه بالزيادة والتهذيب[10]، وللأمانة العلميَّة فإن كتاب تاريخ وصاب وملحقاته بحاجة ماسَّه إلى إعادة طبعه وتحقيقه من قِبل مؤرخ ومحقق متمكن ومتخصص في التاريخ الوصابي يقوم فيه بجمع جميع النسخ الخطيَّة المتوفرة لهذا الكتاب القيَّم ويقارن بينها ويضيط نصها كما يليق به كمصدر فريد من مصادر تاريخ الجهات الوصابية.
ثالثا: المقصورة الوصابيَّة في الانتصار لقحطان وذكر مفاخر أهل اليمن من حمير وكهلان، المسمَّاة بالخُمُرطاشيَّة، تأليف المؤرخ النَّسَّابة أحمد بن خُمُرطاش بن أبي بكر بن محمد بن نعمان الحميري الشُّراحي الوصابي (ت: 544هـ)، طبعت بتحقيق الباحث دفاع بن محسن بن علي الغُدرة، وإشراف المؤرخ البحاثة قحطان بن علي بن حسن شهاب الوصابي، ونُشرت ضمن منشورات موسوعة وصاب التاريخية في 427 صفحة، وهي وإن كانت ضمن سلسلة المعارك الجاهليَّة بين القحطانيَّة والعدنانيَّة، إلَّا أنَّها حوت معلومات نفيسة من تاريخ وأنساب وصاب.
رابعًا: نشر المحاسن اليمانيَّة في خصائص ونسب القحطانيَّة، تأليف المؤرخ النَّسابة أحمد بن أبي بكر الزُميلي الوصابي (ت: بعد 825هـ)، وهو المطبوع والمنسوب خطأ للمؤرخ الحافظ عبد الرَّحمن بن علي الديبع (ت: 944هـ)، وحشَّى عليه مُحقِّقه الباحث أحمد راتب حمّوش تعليقًا أسماه نثر اللَّآلئ السَّنيَّة، ونشره في طبعته الأولى سنة 1413هـ، الموافق سنة 1992م عن دار الفكر المعاصر ببيروت، ودار الفكر بدمشق في 312 صفحة، وقد حقَّق الدُّكتور علي بن عبد الله بن صالح بن عبدالله الظَّهرة، والمؤرخ المحقِّق قحطان بن علي بن حسن شهاب الوصابي الحميري نسبة هذا الكتاب للعلَّامة الزُّميلي، وأبانوا خطأ نسبته للحافظ الدَّيبع من وجوه عدَّة[11]، وهو مصدر مهم جدا لتحقيق أنساب الكثير من الاسر الوصابيَّة والاعلام الوافدين إلى مخلاف وصاب.
خامسًا: الصَّواب من أخبار وصاب تاريخ الجهات الوصابيَّة وأعلامها بعد منتصف القرن التاسع الهجري الجزء الأول (850-1289هـ)، تأليف للأستاذ المؤرخ عبدالله بن عبده بن عبد اللَّه الوردي الحبيشي (1400هـ-معاصر)[12]، وقد طبعة طبعة خاصَّة في 449 صفحة، وهذا الكتاب-وإن كان في مجمله مفيد، إلا أنَّه خال من التَّحقيق، وكثير السَّهو والخطأ، سواء في معلوماته التَّاريخيَّة، أو طريقة كتابته وصياغته؛ ولو تأنَّى في طباعته ونشره، وعرضه على المختَّصين من أهل اللُّغة، والتَّاريخ لكان تحفة نادرة في بابه، ولعل ذلك يتيسَّر له في الطَّبعات القادمة-إن شاء الله تعالى-.
سادسًا: مخلاف وصاب من منتصف القرن السَّادس حتَّى منتصف القرن التَّاسع الهجريين دراسة تاريخيَّة وحضاريَّة، رسالة دكتوراه للباحث علي بن عبدالله بن صالح بن عبدالله الظَّهرة الوصابي، في كُلِّيَّة الآدب والدِّراسات الإنسانيَّة، قسم التَّاريخ، بجامعة صنعاء، إشراف الدُّكتور محمد بن عبده السُّروري، سنة 1431هـ، الموافق سنة 2010م، في 325 صفحة، وهي رسالة علميَّة قيِّمة صادرة من باحث وصابي متخصِّص محقِّق، حوت الكثير من الفوائد، والنَّوادر العلميَّة، والتَّاريخيَّة، وتعد مرجعًا أصيلًا لا يستغنى عنه في تاريخ وصاب.
سابعًا: تراجم علماء وأعلام آل المفتي الحبيشي، تأليف المؤرخ الباحث أحمد بن محمد بن يحيى بن محمد بن علي المفتي الحبيشي(1378هـ-معاصر)[13]، وتقديم الشَّيخ محمد شيبة قاسم الأهدل، والدُّكتور سفيان المقرمي، والدُّكتور معاذ بن أحمد بن مسعد الحبيشي، والدُّكتور فيصل بن راجح بن عبدالسَّلام راجح، في 310 صفحة، وهو كتاب جامع لجملة واسعة من أعلام أسرة آل الحبيشي في وصاب، وغيرها، وفيه الكثير من التَّحقيقات العلميَّة، والفوائد النَّادرة، وقد رجع فيه مؤلِّفه إلى الكثير من المصادر والوثائق الخطِّيَّة العتيقة.
ثامنًا: تراجم وأسانيد أعلام آل السَّادة، تأليف المؤرخ الدُّكتور المحامي عبدالوهَّاب بن محمد بن عبدالوهَّاب السَّادة(معاصر)[14]، طبع الطَّبعة الثَّانية ضمن منشورات دار وادي عبقر للطِّباعة والنَّشر والتَّوزيع سنة 2021م، في 195 صفحة، وهو كتاب جامع حوى تراجم الكثير من أعلام أسرة آل السَّادة في وصاب، وغيرها، وقد رجع فيه مؤلفه إلى الكثير من المصادر، والموارد الخطِّيَّة، والنَّادرة، وأفاد في تراجمه القديمة، والحديثة إفادات جمَّة.
تاسعًا: ضياء الإصباح في ترجمة قاضي المصباح النَّائب الكفؤ عبدالعزيز بن محمد بن إسماعيل الجهمي المصباحي، تأليف المؤرخ النَّسَّابة محمد بن نايف بن علي بن يحيى الكَريمي (1410هـ- معاصر)، وهو في ألف صفحة حوى ترجمة موسَّعة لعلَم كبير من أعلام وصاب في العصر الحديث، وخصَّ الفصل الأول من هذا الكتاب لتراجم أعلام آل الجهمي الوصابيين المتَّصلة عمود أنسابهم بالصَّحابي الجليل أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-؛ وفقًا لما تمليه مُشجَّرات أنسابهم، ووثائق، ومنسوخات، وأشعار أعلامهم ممَّا تواتر واستفاض عنهم، واشتهر بين أعلامهم؛ وقد رجع الشَّيخ محمد بن نايف الكريمي في تراجمه هذه لعشرات الوثائق والمحرَّرات الخطِّيَّة النَّادرة التي أظهرت التَّاريخ العريق المتجذِّر لهذه الأسرة العلميَّة العتيقة في وصاب، وقبل انتقالها من تهامة في القرن التَّاسع الهجري، والذي لم يخلُ عصر من عصور التَّاريخ إلَّا ووجد من أعلامهم، وأساطين علمائهم، وفقهائهم، وقضاتهم، ومشايخهم من هو واجهة علميَّة كبيرة، ومرجعيَّة وثيقة لأبناء الجهات الوصابيَّة، وما جاورها من الجهات التِّهاميَّة، والتي لازالت حافلة بهؤلاء العلماء الأعيان إلى يومنا هذا، والذي يعد من أبرزهم في عصرنا الحاضر البروفيسور العلَّامة أحمد بن محمد بن إسماعيل الجهمي المصباحي، وإخوانه العلماء، وابن عمِّه العلَّامة الكبير عبدالرَّحمن بن حامد الجهمي المصباحي، والعلَّامة الفقيه المعمَّر مصلح بن إسماعيل بن فارع الضَّارَّة الجهمي، وابنه الدُّكتور عبدالحق بن مصلح المصباحي، وغيرهم[15].
عاشرًا: اللُّباب في أنساب وأخبار المخلاف الغربي من وصاب، تأليف المؤرخ الباحث سالم بن محمد بن عبدالوهَّاب الحطَّامي الوصابي(1398هـ- معاصر)[16]، ولازال الكتاب قيد البحث، والتَّأليف، ولعله إن صدر يكون مرجعًا ثريًّا من مراجع التَّاريخ الوصابي؛ لكونه صادر من باحث متخصِّص، وقد تيسر لي الاطلاع على جزء منه فوجدته غاية في الإبداع.
حادي عشر: معجم وصاب الأرض والإنسان، تأليف مجموعة من الباحثين، والمؤرخين، والمختصِّين في التَّاريخ، والأنساب، والجغرافيا، وغيرها، وهو يُشبه في طريقته الموسوعة اليمنيَّة للعفيف، ويشرف عليه مجموعة من أكابر العلماء، والمؤرخين المختصِّين، ولعله يرى النُّور قريبًا-إن شاء الله-.
ثاني عشر: موسوعة وصاب التَّاريخيَّة، من أهم المشاريع العلميَّة الوطنيَّة المعاصرة، قام عليها مجموعة من الباحثين، كان أبرزهم رئيس الباحثين المؤرخ البحَّاثَّة قحطان بن علي بن حسن شهاب الوصابي(1403هـ- معاصر)[17]، الذي أسهم من خلال أبحاثه الكثيرة في الموسوعة، وغيرها بالتَّعريف بالتَّاريخ الوصابي، وتراجم الكثير من أعلامه المغمورين، فأبان عن قدرة عالية في البحث، والتَّحقيق، ومكنة منقطعة النَّظير في الجمع والتَّدوين، وصدرت الكثير من الإصدارات عن هذه الموسوعة، منها:الجزء الأول من فهرس المخطوطات الوصابيَّة، إعداد الباحث عادل بن محمد بن عبده بن غانم الحميري، والمؤرخ قحطان بن علي بن حسن شهاب الوصابي، في 488 صفحة، ولعل الجزء الثَّاني من هذا الفهرس في طريقة للنَّشر، ويعد المؤرخ قحطان شهاب أبرز المراجع العلميَّة التَّاريخيَّة المعاصرة للتَّاريخ الوصابي، ومؤلفاته، وأبحاثه فيه العمدة، والمنتهى في التَّحقيق، والإفادة لا يستغني عنها باحث، وللأسف الشديد أن هذا المشروع الحضاري والتاريخي القيَّم تعثَّر في الفترة الأخيرة واضطر القائمون عليه لإيقاف أنشطته ولو استمر وأنجزت جميع أجزائه على الوجه الائق لكان مفخرة يمانيَّة وصابيَّة عظيمة فنسأل الله للقائمين على المشروع التوفيق والسداد وإصلاح ذات البين.
ثالث عشر: كتابات المؤرخ البحَّاثة قحطان بن علي بن حسن شهاب الوصابي، وهي كتابات عديدة، وتحقيقات نادرة يقوم بنشرها على صفحاته المختلفة في مواقع التَّواصل الاجتماعي، ويرجع إليها الباحثون في جميع التَّخصُّصات، ويقوم بإصدار بعضها في مؤلفات متنوِّعة، منها كتابه المسمَّى صاحب الإعلان مفتي اليمن العلَّامة أحمد بن عبدالله بن علي بن أحمد الحربي السِّلمْي الوصابي الشَّهير بالسَّانة جمع وتحقيق، ووصيَّة مفتي اليمن العلَّأمة أحمد بن عبدالله السَّانة دراسة وتحقيق، والنَّسب العالي على التَّحقيق لبني المعلِّمي إلى أبي بكر الصِّديق للعلَّأمة أحمد بن حسن الموقري دراسة وتحقيق، وغيرها من الأبحاث، والدِّراسات، والتَّحقيقات التي نشرها في طبعات خاصَّة بعد تعثُّر مشروع موسوعة وصاب التَّاريخيَّة التي كان أبرز أعمدة أنشطتها العلميَّة والبحثيَّة.
رابع عشر: لهجة وصاب دراسة لغويَّة دلاليَّة، رسالة دكتوراه للباحث يحيى بن إبراهيم بن قاسم بن ناصر الفقية الوصابي (ت: 1446هـ)[18]، في كُلِّيَّة الآداب والدِّراسات الإنسانيَّة، قسم اللُّغة، جامعة صنعاء، إشراف الدُكتور علي بن محمد بن غالب المخلافي، سنة 1428هـ، الموافق سنة 2007م، في 352 صفحة، وهذا البحث، وإن لم يكن في تاريخ أعلام وصاب، إلَّا أنه مصدر وثيق في تاريخ اللَّهجة الوصابيَّة الفريدة.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّم.
الهوامش:
- [1] ويقال: العفيري.
- [2] ببليوغرافيَّة الرَّسائل والأطروحات الجامعيَّة المودعة لدى المركز الوطني للمعلومات (ص: 199).
- [3] جهود علماء اليمن في خدمة علم القراءات لبكران (ص: 6).
- [4] ببليوغرافيَّة الرَّسائل والأطروحات الجامعيَّة المودعة لدى المركز الوطني للمعلومات (ص: 119).
- [5] ببليوغرافيَّة الرَّسائل والأطروحات الجامعيَّة المودعة لدى المركز الوطني للمعلومات (ص: 119).
- [6] الموسوعة اليمنية للعفيف (4/3159).
- [7] الموسوعة اليمنية للعفيف (4/3161).
- [8] هجر العلم ومعاقله في اليمن للأكوع (4/2056).
- [9] تاريخ وصاب للحبيشي مقدمة التحقيق (ص: 6).
- [10] تاريخ وصاب للحبيشي مقدمة التحقيق (ص: 8).
- [11] مخلاف وصاب من منتصف القرن السَّادس للظَّهرة (ص: 241)، وتحقيق نسبة كتاب نشر المحاسن اليمانيَّة لقحطان شهاب (ص: 1-16).
- [12] انظر ترجمته في ضياء الإصباح في سيرة قاضي المصباح للكريمي (ص:90، 91).
- [13] انظر ترجمته في كتابه علماء وأعلام آل المفتي الحبيشي (ص: 257، 258).
- [14] انظر ترجمته من كتابه تراجم وأسانيد آل السَّادة (ص:169- 181).
- [15] انظر تراجم جملة واسعة من أعلام هذه الأسرة العلمميَّة العريقة في الجزء الأول من كتاب ضياء الإصباح في سيرة قاضي المصباح للكريمي (ص: 5-255).
- [16] انظر ترجمته في فهرس المخطوطات الوصابيَّة (1/433)، وضياء الإصباح في سيرة قاضي المصباح للكريمي (ص: 68).
- [17] انظر ترجمته في الفخر المعتلي في سيرة العلامة الفقية محمد بن أحمد الجهمي حفيد سيدنا أبي موسى الأشعري للكريمي (ص: 19، 20).
- [18] انظر ترجمته في معجم وصاب الأرض والإنسان (2/305).
