2 دقائق
الموقف من تعدد الصراعات ذات الأهداف المتداخلة.. ليس موقفاً واحداً كقاعدة ثابتة مطردة.
بل الموقف يحتاج إلى توصيف عام لخارطتها ثم تكييف الأحكام تجاهها..
نحن في اليمن أمام مشاريع (كبرى ووسطى وصغرى) كلها تدفع عجلات الحرب اليمنية.. وهي تتعارض في أهداف، وتتوافق في أهداف أخرى.
فالمشاريع الكبرى ذات الاستراتيجية الإقليمية.. لديها صراع مصالح عظمى حول اليمن. (روسيا أمريكا بريطانيا إيران).
وأما المشاريع الوسطى في المحيط العربي.. فهي تدير الصراع بشكل تراه يمثل خطراً عليها، مثل: (تحالف السعودية، ومشروع إيران المذهبي) وكل مشروع له حباله المشدودة مع مشاريع الدول الكبرى.
وأما المشاريع الصغرى داخل اليمن..مثل: (الحوثية ، والشرعية ، والحراك) وكل مشروع فَرضَ عليه الواقعُ السيء في اليمن الرضوخَ لمقاولات سياسية – ضمن استراتيجيات المشاريع الكبرى ـ.
أمام هذه المشاريع بمستوياتها الثلاث.. يحتاج الإسلاميون أن يفكروا بـ “رؤية متكاملة” من خلال خارطة المشاريع الثلاث المذكورة.
بتحليل موضوعي للقضايا الرئيسة التي تستند للقواعد الكلية في الهوية الإسلامية مع (النظام الدولي). والتي تمثل الموقف “الثابت” ببعده الديني.
لنصل إلى المطلوب: كيف نتعامل معه؟
ثم يأتي الاجتهاد كمرحلة تالية حول المتغيرات في تكييف التعامل مع المشاريع الوسطى كمحيط لليمن، وتُدرس باستقلال (باعتبارها صراع قُوى ووجود)، ولها أهدافها المحدودة. لأنها في الواقع السياسي دون مطالب وآمال الوطن والمواطن اليمني. وإن كانت تعالج شأن دولة مجاورة لدول، وتحمي ما بينها من اتفاقيات وعلاقات تحت مرجعية النظام الدولي.
وتتدخل في الشأن الداخلي بما يدعم جهة الشرعية لاستعادة الدولة. مع ما في التدخل من مخاطر في مستقبل الملف الأمني.
وهذا مطلوب الإجابة المستقلة كيف نتعامل معه؟
وأما المشاريع الصغرى (داخل اليمن) ذات المسارين:
1ـ مسار حرب استعادة الشرعية مع الإنقلاب. ذات البعد الوطني مثلاً. وهو الحس الجمعي المتشكل لدى الرأي العام اليمني.
وهذاالمسار كيف نتعامل معه؟
2ـ مسار صراع الكيانات الحزبية والمناطقية والمذهبية (باعتباره صراع إرادات) ذات الأوراق المختلطة بمصالحها تحت سقف المصلحة الوطنية. وهو القلق الوطني الذي يهدد مستقبل مسار استعادة الدولة وقيام اليمن الاتحادي.
بالذات الظواهر الخطيرة، مثل:
– الاغتيالات المستهدفة للرموز الدعوية.
– التمييز الأمني المشبوه بتهم الإرهاب.
– القابلية الشعبية للتبعية الخارجية.
فكيف نتعامل معه؟
وبعد هذا التصور للخطوط العريضة.. يأتي الإسلاميون ليصبوا جهودهم ودراساتهم في تشكيل رؤية فكرية متطابقة مع الخريطة السابقة، لتضع الموضوع المناسب في المشروع الملائم.. ولا تخلط بين المشاريع حتى لا تخلط في خطابها، وتنقسم على هامشها حتف نفسها بظلفها..
ومن أخطر ما يواجهه الإسلاميون في الخطاب العام، ما يأتي:
1- تطبيع الموقف بطابع (مع من، ضد من). وهي أحكام متداولة بكثرة .. غالباً لا تُعير شيئاً للاهتمام في بناء منطلقات معقولة ومقبولة.
2- سَحْب أحكام المشاريع الكبرى ووضعها في خانة المشاريع الوسطى. وتغليب القياس على مجموعة دلائل دون مراعاة لجوانب الافتراق في مسارات أخرى.
وهذا ما يخلق خطاباً صدامياً مع الأنظمة.
3- تضخم أحكام التقييم الشخصي في دائرة الحركات الإسلامية بلغة الاتهام ، والتخوين ، والتنابز بالتبعية لأي مشروع، وألقاب علماء السلطان، وعلماء الثورات… وغيرها.
وهذا ما صنع فجوات كبيرة أفقدت الشباب الوعي بسلطان القيم العليا، فوقعوا في صراع الشخصنة والأنا والآخر.
4- إهمال خطاب التوافق الوطني للقضية الوطنية ثم القضية العربية .. للانتقال والتدرج إلى التوعية بالخطاب الإسلامي على قاعدة وطنية مستقرة. أو العكس. في عملية انتقال من التصور إلى المبادئ، أو من المبادئ إلى التصور.
حسب تعبير شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشة نظرية المعرفة الفطرية كمبدأ، والمعرفة العقلية كتصور.
وبصيغة أخرى: غياب التنوع بتوجيه التوافق الوطني مع الرأي الوطني، وتوجيه التوافق الإسلامي مع القضية الإسلامية. بدون فصل الوطني عن الاسلامي، ولا تقديس الإسلامي وتدنيس الوطني.
وهو التحدي الخطير الذي يخلق الصراع بين الرموز الإسلامية بتبادل الاتهامات باسم تمييع الإسلام بالمرونة، أو تفخيخه بالحماسة.
وكلا طرفي الخطاب ذميم.