ما العيد؟
لو سُئلت: ما العيد؟
فقل: ليس العيدُ زينةَ الأسواق، ولا صخبَ المجالس، ولا ثوبًا جديدًا نرتديه، ولا ولائمَ تُبسط على موائدنا فحسب.
العيدُ فكرةٌ نقية، ومعنى رفيع.
هو أن تبتسم الأرواح قبل الشفاه،
وأن ينطق القلب بالحمد قبل اللسان،
وأن يبادر الإنسان بالسلام قبل أن يُسلِّم.
العيد:
ثغرٌ باسم، ولسانٌ يلهج بالحمد والشكر، وتكبيرٌ يعانق السماء، وذكرٌ يعطّر الأجواء، وبشاشةُ وجهٍ تُضيء لمن حوله، ورقّةُ قلبٍ نقيّ، لا يحمل حقدًا، ولا يُكنّ ضغينة، ولا يعرف طريقًا إلى الأذى أو النكران.
هو غُسلٌ للقلوب من غفلة الأيام، وتطهيرٌ للنفس من شوائب العام، وفسحةٌ لنتنفس من ضيق الدنيا، ونطلّ من نافذة العفو والصفح والصفاء.
العيد قبلةٌ حانيةٌ تُطبع على جبين والديك، ومعلّميك، ومن لهم في القلب أثر.
هو يدٌ دافئة تمسح دمعة يتيم، وتُطبطب على كتف حزين، وتحمل مع الفرح مسؤولية الحب، ومهمة الإصلاح.
العيد:
حضنٌ دافئ يغمر به الأب أبناءه، وحديثٌ عطوف بين الإخوة، وضمّةُ شوقٍ بين الأصدقاء، ونظرةُ رضا من الجار إلى جاره، وسلامٌ صادق من قلبٍ مُحبّ لا ينتظر مقابلاً.
ليس العيد حكرًا على الأهل، وإنما يمتدّ ليفيض على المحتاج، والمهموم، والمنسيّ في زحمة الأيام.
هو أن تسأل عن فقير، وتزور مريضًا، وتكفكف دمع أرملة، وتقول للمكسور: “لستَ وحدك”.
العيد:
صلةُ رحم، وزيارةُ أحباب، ودعوةُ خيرٍ في جوف الدعاء لمن غاب.
هو أن تغفر بصدق، وأن تُصلح ما كُسر، وأن تمنح دون أن تُسأل.
هو أن تفتح أبواب قلبك قبل أبواب دارك، وأن تضع المحبة على المائدة، قبل الطعام.
العيد:
أيامٌ قليلة، لكنّ أثرها يجب أن يبقى طويلًا.
يذكّرنا أن الخير موجود، وأن الصفاء ممكن، وأن الجمال لا يرحل ما دامت فينا روحٌ تحب، وقلبٌ يشكر، ويدٌ تعطي.