صدر حديثًا (يونيو/ 1446هـ / 2025م) عن “حكمة يمانية” كتاب “المجددون في اليمن.. مجتهدون في المذهب أم متحولون عنه؟” للبروفيسور أحمد محمد الدغشي، وقد وضع المؤلف يده على جرحٍ طال تجاهله في بنية المذاهب الإسلامية، وتحديدًا في السياق الزيدي الهادوي اليمني: هل أولئك الذين حملوا لواء التجديد في الفكر الزيدي كانوا مجتهدين في إطاره أم متحولين عنه في الجوهر؟
يحفر الكتاب في الطبقات المعرفية والجدلية التي أحاطت بأعلام التجديد في اليمن – الوزير، الجلال، المقبلي، الأمير، الشوكاني – ليعيد قراءة مواقفهم من داخل النصوص، ومن خلال منظور “فقه الانتماء والانفصال”. وهو لا يكتفي بالاستعراض التاريخي، وإنما يستبطن “المعركة المعرفية” التي خاضها هؤلاء، بين الوفاء للمذهب وتطلّب الإصلاح، بين التجديد ضمن الإطار والانعتاق منه نحو “الشرع العام”.
ويكتسب هذا الكتاب أهميته من أمرين اثنين:
أولًا: أنه يعيد الاعتبار للقراءة الهادئة والعادلة لرموز جرى تشويه مواقفهم من قبل المتعصبين أو تمييعها من قبل المتأثرين بهم.
وثانيًا: أنه يقدم نموذجًا منهجيًا في دراسة تحولات الفكر الإسلامي من الداخل، دون استنساخ جاهز للتصنيفات التقليدية.
نحن في “حكمة يمانية” نعتزُّ بهذا الإصدار الذي يُعنى بتحليل العمق النظري والوظيفي لظاهرة التحول من داخل المذهب الزيدي إلى فضاء أوسع يتداخل فيه التأصيل بالنقد، والاجتهاد بالمراجعة، ويضع مواقفهم في ميزان دقيق يختبر مفهوم “البقاء على المذهب” ومتى يصبح “التحوّل” نتيجةً حتميةً لاجتهاد صادق.