إنَّ من أبلغ هدايات الشرع الكريم؛ إنباءَهُ عمَّا يقع في الأزمان المتأخرة. كإنبائه ضعفَ المسلمين وحالهم، وتكالُبَ الأمم عليهم في الحديث الشريف، وإنبائه غُربةَ الإسلام، وغيرهما من الإنباءات. وهذه الإنباءات حالها عجب من العجب؛ فكلُّها قيلتْ في عهدٍ سيطر الإسلام فيه على مِلاك الجزيرة العربية، وأسفر الحالُ عن تعاظُم قوة المسلمين، وقدرتهم على التصدي للإمبراطوريتين العُظميين (الفُرس والرُّوم)، وكلها رغم ذلك -أمام نظر العاميّ- تنبئ عن مستقبل لا يتسم بهذه القوة والنَّفَرَة، بل بالتخاذُل والانهزام؛ إلا أنها -ومع توالي وقوعها- تكمل ذلك البناء الإعجازي للإسلام، الذي من أهم أركانه إخبارُهُ عن المُستقبل؛ وتُعضِّدُ إثبات صحة المُخبِر بها ﷺ.
ومن تلك الإنباءات الكريمة حديثٌ يتعلَّق بالعلم وأهله، يخبرنا عن مستقبل العلم بين المسلمين. يقول نص الحديث: “إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاس، ولَكنْ يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا”. وأرى أنَّ “ماصدقات” هذا الحديث عَسَتْ في الأرض عُسُوًّا شديدًا في العقدَيْنِ الأخيرين، مُتمثلة أشكالًا عدة. منها ذلك التهافُت الضاري على إدراك الألقاب العلمية الزائفة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصةً الألقاب الأكاديمية (الدبلوم، الماجستير، الدكتوراة)، التي صارت هدفًا للجميع، لأسباب كثيرة آخرها العلم. حتى صدق قول الشاعر “القيرواني”:
مِمّا يُنغِّصُني في أَرضِ أَندَلُسٍ
سَماعُ مُعتَصِمٍ فيها وَمُعتَضِدِ
أَسماءُ مَملَكَةٍ في غَيرِ مَوضِعِها
كَالهِرِّ يَحكي انتفاخًا صَولَةَ الأَسَدِ
إلا أنَّ الشاعر أتى في تشبيهه بالهِرّ الذي هو من فصيل الأسد؛ وحالنا الآن لا يقربه إلا من بعيد، فغالب مَن مارسوا هذا المِراس ليسوا من فصيل العلم، لا بنسب ولا مُصاهرة ولا ولاء؛ بل هُم في حُكم الأجنبي الفاحش في بيت قوم مؤمنين.
ومن أجلِّ صور ما يصدق عليه هذا الحديث الشريف، الذي أراه لخَّصَ مُشكلات الدرس الإسلامي الحديث؛ تلك الجُرأة الضارية التي تمتَّعَ بها المتطفِّلون من غير المُتخصصين في الحديث إلى العامة في أمر الإسلام وعلومه.
ظاهرة التطفل على العلم الإسلامي
وهذه الظاهرة -أقصد التطفُّل على العلم الإسلامي- وليدة عهد بعيد، بل تكاد لا تنفكُّ عن مسيرة العلم الإسلامي منذ بدئه. كما لم تنفكَّ محاولات دحضها وردِّها، والحد من آثارها السلبية. ومن آثار تلك الجهود المُباركة في الرد ظهور مُصطلحَيْ: التطفُّل على العلم، وتسوُّر العلم. يقصد بهما قائلهما ذلك الشخص الذي يدرك نُتفًا من هنا وهناك، ثم يدِّعي العلم.
و”يدِّعي العلم” تعبير يشبه تعبير “يدِّعي النبوة”، ويقصدون به أن مُدَّعي العلم لم يكتفِ باعتقاد العلم في نفسه، بل يريد أن يُصدِّر الخطاب العلمي للآخرين بلغة العصر. وتعبير “تسوُّر العلم” يعنون به أن للعلم بابًا معروفًا صعب الولوج، وطريقًا مألوفًا وعر السلوك فيه؛ لكنَّ البعض اختار ألَّا يلج من الباب، واستسهل القفز على الأسوار؛ ظنًّا منه أنه صار من “أهل العلم”. ويوحي تعبيرهم بالازدراء -كما هو واضح-؛ فهو يصوّر المُتسوِّر في صورة اللصّ الذي يقتحم حياض العلم المصونة.
واستمرَّت ظاهرة التطفُّل في العصر الحديث؛ فقد صدرت الكثير من الكُتُب والمقالات، وأقيمت الكثير من المحاضرات والندوات من غير ذوي اختصاص. وكثير من هذه النشاطات كانت ذات أثر ضخم في انفجار الواقع الإسلامي، بما تضيفه من فُهُوم خاطئة، ومُناقشات عبثية، وأفكار مُبتسرة. ولا أقصد بغير المُتخصصين هنا فئة تُهاجم الإسلام، أو تُناوئ الفكر الإسلامي وحسب؛ بل أقصد -في المقام الأول- تلك الفئة التي تُنافح عن الإسلام من غير المتخصصين.
ثم هلَّ علينا “عصر التواصل الاجتماعي”؛ لتتفاقم هذه الظاهرة ألفًا من الأضعاف، وتصير خطرًا حقيقيًّا يهدد العلم الإسلامي. فقد امتلأت الساحة بعشرات الآلاف من المقاطع المصوَّرة والمقالات المبثوثة والمعلومات المُصدَّرة من قِبَل هذه الفئة. تُنشر بحرية تامة، وبلا أدنى رقابة أو مُساءلة!
الجرأة على الفكر الإسلامي خاصةً
وهنا أفرِّع الحديث عن العلم الإسلامي؛ فإنني أقسم غالب الإنتاجات الثقافية الإسلامية إلى قسمين كبيرين: الفقه الإسلامي وما يتعلق به، والفكر الإسلامي وما يتعلق به. هكذا هي قسمتي العامة الابتدائية، التي تحمل شيئًا من التجاوز في النظر المُدقِّق. لكنها قسمة صالحة في تبيين ما نحن عليه.
فقد توزَّعتْ جهود تلك الفئة من غير المتخصصين على هذين القسمين. لكنَّ قسم الفقه الإسلامي، بما له من سمت شعبيّ تداوليّ يجد بعضًا من المقاومة لتلك الجهود، وكثيرًا من الأخذ والرد. وتبقى المشكلة العظمى في قسم الفكر الإسلامي؛ هذا القسم الذي يبقى كاليتيم بين اللِّئام، كلُّ واحد منهم ينهش من حقِّهِ وحيِّزه وحِرزه ما يشاء، دون رادع أو مُعترض. فالفقه يتجاذبه الناس بحُكم التجائهم الضروريِّ إليه في مجريات حياتهم، لكنَّ الفكر -ويا حسرتا عليه- لا نصير له، بين أمة تعمى عن أنها تعيش وفق أُطُره وبين أجوائه وآفاقه.
لقد تكالَبَ على الفكر الإسلامي كلُّ مَن هَبَّ ودَبَّ (أطباء، مهندسون، قُضاة سابقون، متخصصون في الأدوية وعلوم الصيدلة، متخصصون في الأغذية، مُحاسبون،….)، ثم انتقلنا إلى حيِّز آخر -أتاحته وسائل التواصل خاصةً-؛ أقصد حيز “صانعي المحتوى”؛ الذين لا ينضوون تحت فئة من السابقين، ولا من غيرهم، إنهم أناس لا اختصاص لهم بشيء إلا أنها يمتلكون قناة وصول للناس تمكِّنهم من بث أفكارهم بينهم.
ثم أن هؤلاء جميعًا وجدوا فراغًا من أوقاتهم، وفُسحةً من كل عقاب أو ملاحقة، ورغبةً في التفضُّل على أهل الفكر الإسلامي بجزيل عطاياهم بما يوضِّحونه من أفكار لم نكن نعلم عنها شيئًا لولا تفضُّلهم، ومشكلات ما كنا نعرف كيف ندركها لولا تدخلهم، وقضايا عجزنا جميعًا عن تقرير الحق فيها لولا تفهُّمهم؛ فقرروا -مُتفضلين علينا- أن يناقشوا أمور الفكر الإسلامي بعد الغداء كل يوم، امتثالًا لنصيحة الطبيب الذي يبث -بدوره- كل يوم مقطعًا يناقش فيه أحوال الفكر الإسلامي، بعد محاضرتَي الثلاثاء والجمعة في كل أسبوع التي يشرح فيها العقيدة الإسلامية، والفكر الإسلامي الحديث!
· الآثار المُدمرة لهذه المُمارسات
لا أرى سببًا يدفعني إلى رصد آثار تلك الممارسات؛ لكنْ من الواضح أن المجتمع نفسه يرى سببًا يدفع لإيراد تلك الآثار، ففئات منه -بالفعل- تَقبل وتُقبل على هؤلاء وإنتاجهم. فلا بأس من تبيين النتيجة الأشمل لهذه المُمارسات؛ ومنها المُساهمةُ في تنمية حالة الفوضى الفكرية العارمة التي نغرق فيها منذ عقود، وبثُّ الكثير من الأخطاء الفكرية التي تتسم بالاجتزاء والتهور والافتقار لأدنى معايير الصحة، وإذكاءُ الصراعات المذهبية العقدية التي يخوض فيها كثير من هذه الفئة دون أدنى وعي بها، ومناقشةُ الأفكار من هنا وهناك دون وقوف على فهم كُلِّيّ للفكر والتداول الفكري، ودون معرفة حقيقية بتاريخ الأفكار وبنيتها وآثارها، وعدمُ التوفيق في تقدير المشهد الفكري، ولا المذاهب العظمى المسيطرة لأسباب عدة، والرفضُ الباتُّ القاطع غير المُبرر من بعض هذه الفئة للفلسفة ولعلم الكلام، دون أي وعي بحقيقة المواقف، والموقفُ المُقابلُ المُنصاع لأية فلسفة مهما كانت،….
من الممكن أن أحبِّر صفحات تتلو صفحات من الآثار التي خلَّفتها هذه الفئة في البيئة الفكرية العربية. وأنوِّه إلى أنني لا أقصد أنها السبب الرئيس فيما نحن فيه بالقطع، بل أقصد إلى أن هذه الظاهرة من أهم الأسباب لما نحن فيه، خاصةً في العقدين الأخيرين.
ومن الممكن تمثيل الأمر بمثال؛ فكأننا قد سمحنا لأناس كثيرين من تخصصات شتى، يعرفون الفيزياء معرفة الأجنبي الغريب عنها، بإدارة “مَرصَد هابل” الذي يدور حول الأرض، أو ملَّكناهم أمر “وادي السيلكون”، طالبين منهم إنتاجًا حقيقيًّا! .. فهل هذه الصورة تقرِّب بشاعة الأمر؟
ولعلِّي أذكر طُرفة من فيض هؤلاء؛ أنَّ طبيبًا كان يكتب في مجال الفكر الإسلامي باطراد، فسأله كاتب جديد يريد بدء الكتابة في الفكر الإسلامي، عن موضوع سهل للكتابة الابتدائية. فما كان من الطبيب إلا أن قال له: ابدأ بأي شيء سهل ميسور، ابدأ مثلًا بنقد الحضارة الغربية! (ولا تكفي ألف علامة ترقيم لاحتواء المَقول). فسيدنا الطبيب يرى أن مناقشة “الحضارة الغربية” موضوع سهل ميسور للكاتب المبتدئ (طبعًا على اعتبار أنه كاتب ضليع) أن يلج منه باب الكتابة. وما ظنه هذا إلا لأن “الحضارة الغربية” -والمصطلح له أبعاد هائلة- عنده لا تستحق في مناقشتها إلا الذم والشتم، والتعيير والاستعداء، وتلك الآليات الساذجة التي تجدها تملأ آلاف الصفحات في الواقعين الورقي والإلكتروني؛ لذا رآها محض موضوع يلائم من يبدأ الكتابة.
هل يرضى المُجتمع بتبديل الأدوار؟!
والعجيب أنني متى قررتُ مبادلة الأدوار، تتميمًا لما بدأ به صاحبنا؛ فاتشحت ببياض معطف الطبيب، وجلست أشخِّص لأحدهم مرضه، وأرسم لآخر طريقًا للعلاج؛ أو هيَّأتْ لي نفسي يومًا أن أصوغ مخططًا لشركة أو جسر؛ أو طرأ لغيري عارضٌ فركَّبتُ له علاجًا – أقول متى عنَّ لي شيءٌ من ذلك لعُوقبتُ وسُجنت وراء القضبان. فيا لها من مأساة مجتمع! يرى الإضرار بشخصٍ واحدٍ جُرمًا يستحقُّ السجن، ولا يرى في إفساد وتسميم أفكار المجتمع فعلًا يستحق اللوم! وما أصدق “جبران خليل جبران” في قصيدته “المواكب”، حين قال:
فسارقُ الزَّهرِ مَذمومٌ ومُحتَقَرٌ
وسارقُ الحَقلِ يُدعى الباسلُ الخَطِرُ
وقاتلُ الجسمِ مَقتولٌ بفعلتِهِ
وقاتلُ الرُّوحِ لا تدريْ بهِ البَشَرُ
لمحة عن مُؤهِّلات الاشتغال بالفكر الإسلامي
ومتى أردتُ أن أنوِّه بلمحةٍ عن المُؤهِّلات التي يجب على الشخص أن يتسلح بها، ليقرأ ويتداول ويفهم فهمًا صحيحًا الفكر الإسلامي -بأبعاده المُترامية الأطراف-؛ فستقعد هِمَّتي عن التدوين. لأن الفكر الإسلامي والفقه الإسلامي يُمثِّلانِ ما أطلق عليه العلماء المسلمون “علوم الغاية” في أقصى تمثيل لها؛ فكلاهما مهمته النهائية مُوافاة المجتمع الإسلامي -على صعيدي الفرد والجماعة- بخلاصة ما توصل إليه من نتاج عمليات معالجة طويلة بين معطيات الشرع والواقع. وهما مجالان من أصعب ما قد يصبو إليه صابٍّ. ويخطو بالفكر الإسلامي خطواتٍ في الصعوبة -بعد الفقه أقصد- قلة المشتغلين فيه مُقارنةً بالفقه، وطبيعة الموهبة الذهنية التي تؤهل الفرد لهذا المجال.
وباختصار، وفي لمحة؛ أبين بعض أهم المؤهلات، رغم أنها غير منحصرة، وأنني لا أقصد التدوين الكامل لها.
1- منظومة علوم اللغة العربية، خاصةً النحو العربي، وعلوم البلاغة العربية. ومَن لا يفقه في هذه المنظومة فهو كذَّاب أشر، لا تصدق منه كلمة، ولا تسمع له قولًا؛ لأنه باختصار عاجز عن قراءة أي كتاب في المنظومة. وإنْ بدا لك أنه علَّامة فهو جاهل ولا يدرك حماقة جهالته. وهذا أمر محسوم لا تجاوز عنه.
2- ما يستطيع تحمُّله من التفقه في الأدب، والقراءة فيه، وفي دواوينه وشروحه.
3- الإلمام بعلوم القرآن خاصةً، لاتصالها الوثيق -من غير وجه- بالعمل الفكري.
4- الإلمام بعلوم الحديث الشريف.
5- التفقه -قدر الإمكان- في أصول الفقه.
6- الإلمام -قدر الإمكان- بمعطيات الحضارة الإسلامية وأُفُقها العامة في مراحلها المتوالية.
7- الإتقان -قدر الإمكان- للعلوم العقلية. ومنها:
أ- المنطق.
ب- علم المقولات.
ت- آداب البحث والمناظرة.
ث- علم الجدل (الملحق بعلم أصول الفقه).
ج- علم الكلام.
ح- التصوف الإسلامي.
خ- علم الأخلاق.
د-الفلسفة المشَّائيَّة. 8- الإلمام بكل ما يمكنه من الفلسفة العامة.
9- عرفة أشياء كثيرة عن علوم الاجتماع في العصر الحديث.
10- معرفة أشياء كثيرة عن علم النفس في العصر الحديث.
11- الإلمام بالتنظيرات الفلسفية العظمى في الفكر العام والسياسي والأخلاقي، وفلسفة الفن.
12- التعرف -قدر الإمكان- على المذاهب الأدبية الحديثة، والنقد الأدبي؛ لشدة تعلُّقهما بتشكيل المشهد الفكري.
هذه بعض إلماحات عن تأهيلات الخوض في الفكر الإسلامي. وهنا أسأل حضرة المتطفِّل المفكر الذي لا يشق له غبار، هل سمعت -فقط سمعت- عن كل هذه الأسماء من قبل؟ ولن أعدو بسؤالي عن القدرة على قراءة صفحة واحدة في بعض هذه المجالات، وفهمها فهمًا صحيحًا.
أدب أهل العلم الحقيقيين
ويُذكِّرني هذا المشهد العبثي بأساتذة عظماء، وعلماء أجلاء درست بين أيديهم، كانوا علماء بحقٍّ. كنا نسألهم أسئلة عن فروع أخرى، فيكون الأستاذ الجليل مُدرسًّا للنحو -مثلًا-، ويُسأل في التاريخ الإسلامي، أو الفكر الإسلامي، أو الفقه؛ فنجده بكل تواضع يعتذر عن الإجابة، مُوجِّهًا إلى زملاء له متخصصين فيما سأل السائل، يخجل أن يجيب في غير فنِّه المخصوص. وهو يعلم، ونحن نعلم، وزميله الذي أحال إليه يعلم؛ أنه يقدر على الرد. فلم يكن توجيه السائل لغيره عن جهالة، بل عن عمق علم، وعن تمحيض احترام لمقدار العلم، وأمانة تداوله والحديث فيه.
ومتى نظر المرء إلى هذين السلوكين علم الفرق بين العالم المُدرك خطورة ما يقوم عليه، والمُتسوِّر الذي لا يُقدِّر أن ما يقوله قد يهوي به في مُستقر النار. ولا ختام أصدق من حديث رسول الله ﷺ: “إنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ، لا يرى بها بأسًا، يَهوِيْ بها سبعين خريفًا” (يقصد في جهنم). وللحديث بقية بإذن الله.
الله الله رائع جدا