Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقابسات

اليمن .. ألف عام في الظلام (ج3)

الأئمة .. تاريخ أسود وحقد عنصري ضد أبناء الشعب

لابد أن أعترف للقارئ الكريم بأنني وأثناء مطالعتي وبحثي في العديد من المراجع والكتب التي تتحدث عن تاريخ الأئمة في اليمن أصبت بالفاجعة وأخذتني حالة من الذهول، فزادت رغبتي أكثر في البحث وقراءة كل ما يقع تحت يدي من الكتب والمراجع التي تتحدث عن فواحش ومذابح تلك الفترة والذي هو بحد ذاته- بالنسبة لي -نوع من المغامرة قد يشيب لهولها شعر رأسي الأسود.

مالم يفعله الأيوبيون

ونحن بصدد الحديث الذي كنا قد بدأناه في حلقتين سابقتين لابد أن نعرج على ذكر ما قام به الإمام عبدالله بن حمزة إزاء الأخرين من غير المطرفية وخاصة العلماء والمجتهدين منهم. ومما لابد من الإشارة إليه أيضاً أن الوجود الأيوبي رغم اختلافه مع المحتمين به من المطرفية وغيرهم في آنس ووقش وعنس وسلع وريمة لم يقدم على إبادتهم وسبي نسائهم وأطفالهم كما هو حال عبد الله بن حمزة الذي أتيحت له فرصة إبادتهم سنة ٦١١ هـ عند اضطراب حال الأيوبيين في اليمن باختلافهم فيما بينهم وتناحرهم على السلطة. فأثناء مواصلته لممارساته الوحشية ومطاردة المطرفية والتنكيل بكل من يخالفه ويشك في ولائه وإبادته فكراً وجسدا مما حدا بالعلامة على بن مسعود السباعي ان يترك بلاده ويرحل إلى تهامة ومعه ستين طالباً من طلابه خوفاً من بطش ابن حمزة بكل المخالفين له في الرأي، وبعد وفاة ابن حمزة عاد العلامة السباعي إلى بلاده ولكنه رحل ثانية الى تهامة وتوفي فيها عندما دعا أحمد بن الحسين صاحب ذيبين لنفسه بالإمامة.

وهم الفضل

لم يسلم العلامة والمؤرخ نشوان الحميري من بطش وجبروت عبد الله بن حمزة الذي طاله (فكريا ) ولم يطله (جسديا) فرغم أن دعوة نشوان لنفسه بالإمامة كانت قبل ظهور ابن حمزة على مسرح الحياة بسنوات عديدة فإن حقده عليه دفعه ليحكم بقطع لسانه ويتم بنيه؛ ونظم عبد الله بن حمزة قصيدة شعرية عرفت بقصيدة (التفضيل) ردا على نشوان نقتطف منها بعض الأبيات:

ما قولكم في مؤمن قوام

 موحد مجتهد صوام 

حبر بكل غامض علام 

وذكره قد شاع في الأنام

 لم يبق فن من فنون العلم

 إلا وقد أضحى له ذا فهم 

وهو إلى الدين الحنيف ينتمي 

محكم الرأي صحيح الجسم 

وماله أصل إلى ال الحسن 

ولا إلى آل الحسين المؤتمن

ويواصل وصف نشوان وعلمه وصفاته وبعده عن النسب الذي ينتمي إليه عبد الله بن حمزة ثم يتساءل:

ما حكمه عند ثقاة الفضل

 لما تناءى أصله من أصلي 

ولم يكن من معشري وأهلي 

( أهل الكسا) موضع علم الرسل ؟

ثم يحكم عليه بعنصرية بغيضة:

أما الذي عند جدودي فيه

فينزعون لسنه من فيه

ويؤتمون جهزة بنيه

إذ صار حق الغير يدعيه

صرنا بحكم الواحد المنان

نملك اعناق ذوي الإيمان

ومن عصانا كان في النيران

بين يدي فرعون أو هامان

تخريب حتى العظم

لم يكتف الإمام عبد الله بن حمزة بما يمارسه من إبادة فكرية وجسدية وتخريب وتدمير لكل ما يتعلق ويتصل بالمطرفية فذهب في حقده وغيه إلى حد تخريب معالم طريق اليمن التي كانت تؤدي إلى البصرة والتي كانت بدايتها منذ عهد الحميريين وكانت تسمى (طريق الرمل) والتي كان فيها آبار وعمارات في آخر كل مرحلة ليسكنها المسافرون فأبى إلا أن يخربها ويهدم ويكبس آبارها بعد غزوات دامت اعواماً ليمحو بذلك حسنات الأولين.

وفي مدينة صنعاء دفعه حقده إلى العبث وتخريب بساتين السلطان وبصنعاء التي كانت تحتوي على حدائق جلبت اشجارها من دمشق ومصر اثناء حكم الأيوبيين فخربها عبد الله بن حمزة كما خرب في بيحان وقطع اشجارها ونخيلها ولم يتوقف حقده إلا بعد أن تعهد أهل بيحان باداء الزكاة له وللائمة من بعده وأن يكون الأذان في مساجدهم بحي على خير العمل.

انكفاء على الباطل

واذا انتقلنا إلى مراحل لاحقة فإننا نقف على مضايقة وإيذاء وتجييش لأحقاد العامة من الدهماء او الخاصة في الحملات والغارات أو ما كان يلحق بعلمائنا الأعلام الذين وصلوا بعلمهم إلى أعلى المراتب كما هو حال الأئمة المجتهدين امثال الشوكاني وابن الوزير والصنعاني والمقبلي وغيرهم، وليكن حديثنا عن أحد أولئك الاعلام وهو الإمام المجتهد والعلامة محمد بن علي الشوكاني الذي وصلت شهرته وعلمه واجتهاداته إلى كل أقطار العالم الإسلامي وتدرس كتبه اليوم في العديد من الجامعات الإسلامية، فقد واجه ومعه كبار علماء عصره سوداوية النزعة العصبية المقيتة في السلالة او المذهب فرفضها مؤكداً أنها ليست دينية بل دنيوية وإنما تلبس قناعاً دينياً من حيث أن هناك رأياً عاماً مصطنعا منافقاً ينتشر بين الناس بان الدفاع والتعصب لآل البيت يفيد صاحبه في الغالب لاسيما إذا تطاول المتعصب وسب صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وهدد العلماء الأحرار الذين تسول لهم أنفسهم بان يجتهدوا في أمر يخالف آل البيت، كما قال الشوكاني.

DALL·E 2024 10 01 19.56.20 An illustration of an elderly Yemeni scholar sitting and writing in a traditional 18th century setting. The scholar has a long beard and is wearing a اليمن .. ألف عام في الظلام (ج3)

الشوكاني والمافيا الإمامية

لقد أقحم المتعصبون جهلاء الناس وعامتهم وجيشوا الدهماء منهم للرد على العلامة الشوكاني. يذكر الإمام الشوكاني انه على إثر كتابته لرسالة (إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي) وبعد انتشارها تعصب المتعصبون وتحزبوا وأجابوا عليه بأجوبة ليس فيها إلا محض السباب والشتائم وكتبوا أبحاثاً من كتب الإمام  والجارودية والتي كثرت فجاوزت العشرين بحثا ورسالة لا يعرف أصحاب أكثرها وقد تدخل بعض المسؤولين آنذاك كونهم ذوي هوى وتعصب وأعانوا وشجعوا على استغلال جهل العامة لتتعاظم الفتنة أكثر.

وقد عبر الإمام الشوكاني عن كيفية فهم معاصريه الأدعياء للتشيع لآل بيت رسول الله ﷺ في البيتين الآتيين

تشيع الأقوام في عصرنا منحصر في أربع من بدع

عداوة السنة والثلب للأسلاف والجمع وترك الجٌمع

الإمامة تحتضن الروافض

وتتوالى أخبار فحش القول عند بعضهم والذين كانوا يجدون الحضن الدافئ لدى الأئمة وهم يظهرون السب والشتم لصحابة رسول الله ﷺ وخاصة خلفاءه الراشدين، وسنتعرض هنا لاثنين منهم على سبيل المثال.

فنجد أحد متعصبيهم رافضي العقيدة (محمد علي الحيداني) الذي أعلن نفسه إماماً عام ١٠٦١ هـ معارضاً بذلك الإمام المتوكل فتنقل إلى برط وخولان وقيفة ورداع. وقال: أنا إمام وإسماعيل إمام، وادعى أنه المهدي المنتظر لينشء بعد ذلك عقيدته الرافضية والتي من جملتها تكفير المسلمين والصحابة الكرام ومن ناصر النبي (صلى الله عليه وسلم) واخذ يكفر كل من يخالفه إضافة إلى الخلفاء الراشدين الثلاثة (ابوبكر الصديق وعمر ابن الخطاب وعثمان ابن عفان) رضي الله عنهم اجمعين ومن قال بقولهم وتابعهم واعتقد إمامهم وغيرها من الفواحش التي يقشعر لها الجلد وضلال وغلو يدل على ما كان يسيطر عليهم من تعصب اعمى، ولم يسكت أهل قيفة عن الرافضي الحيداني فقاتلوه حتى خرج منها يرافقه القليل من انصاره راجلاً. والرافضي الآخر هو الشاعر الحسن بن علي الهبل الذي غالى في تشيعه واعتنق عقيدة الروافض فكان سباباً لصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خاصة الخلفاء الراشدين الثلاثة فارتفعت درجته ومقامه عند الإمام المهدي احمد بن الحسن فكان كالوزير عنده كونه أول من جاهر بقصيدته الرافضية وله ديوان شعر يتضمن شتم الصحابة وبقية المسلمين ومن شعره الفاحش الفاجر البذيء نقتطف هذه الأربعة الأبيات كمثال (ونستغفر الله مما قاله ذلك الفاجر):

العن أبا بكر وثانيه

 والثالث الرجس عثمان بن عفان

ا ثلاثة لهم في النار منزلة 

من تحت منزلة فرعون هامانا 

يارب فالعنهم والعن محبهم

 ولا تقم لهم في الخير ميزانا

بحثاً عن التمييز والألقاب

تكاثر الروافض والمتطاولون على صحابة رسول الله وعلى أئمة المسلمين فقد الف الرافضي أحمد سعد الدين المسوري رسالة عنوانها (الرسالة المنقذة من الغواية في طرق أصل الرواية والتي ظهر فيها جهالة مؤلفها والذي طعن بسنة النبي ﷺ ورد على ما جاء منها على السنة الرواة والمحدثين وما أتوا به من سيد المرسلين وقال فيها :”كل ما في الأمهات الست لا يحتج به وهو كذب “!

وكان أول من حذف من خطبة الجمعة الثانية أسماء الصحابة رضي الله عنهم حينما خطب في جامع صنعاء ( ١٠٧٠هـ) وكان أول من أدخل في تلك الخطبة أسماء أئمة اليمن ابتداء من عند الإمام الهادي واطلق لقب (سيف الإسلام على أولاد الأئمة وأبدل لقب(سيدي) للعلويين عما كان يقال لهم (السيد) و(الشريف) وحرض على منع زواج الفاطمية من غير الفاطمي، وهو ما كان قد حرمه ايضا عبد الله بن حمزة حينما أفتى بتحريم زواج الشريفة نسباً ممن ليس له مثل هذا النسب.

الطريق إلى الزيف والتجريح

ولم يتورع الرافضي يحيى بن الحسين المؤيد عن سب صحابة رسول الله لاسيما خلفاءه الراشدين – رضي الله عنهم – ويعتبر أنه أول من جاهر بالرفض وسب الصحابة في اليمن، وقد مشى على طريقته تلامذته الحسن بن علي الهبل واحمد بن محمد الأنسي واحمد بن ناصر المخلافي، وقد ذكر الإمام الشوكاني في كتابه البدر الطالع أن يحيى بن المؤيد هو من تواطا وتلامذته على حذف أبواب (مجموع زيد بن علي) وما فيه من ذكر للرفع والضم في الصلاة والتامين ونحو ذلك ثم جعلوا نسخا وبثوها بين الناس، وكذلك الرافضي محمد بن عبد الله بن عامر الذي كان يتحامل على صحابة المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ويأكل لحومهم بالأهواء، وهناك قصة ذكرها أحد المؤرخين تقول أن محمد بن عامر استعار كتاب (الاستيعاب للحافظ ابن عبد البر من صاحبه يحيى بن الحسين وعندما رده إليه  اكتشف يحيى بن الحسين أنه قد وضع في بعض هوامش الكتاب الشتم والسب للصحابة والخلفاء الراشدين.

الحساب على الضمائر

ولم يتوقف الأمر عند ذلك فكثر مجتهدو الأئمة الذين يجذرون باجتهاداتهم المتعصبة والمنحرفة لايديولوجية الحقد والتكفير والإنكار والإلغاء والإبادة، فالإمام المتوكل إسماعيل حقق في فقه الهادوية ومال في الأصول إلى التكفير بالإلزام، وترتب على ذلك أحكام جائرة سمي بموجبها بعض مناطق اليمن ( أراض خراجية) وجوز للإمام أن يفعل فيها ما يشاء كون أهلها كانوا في ظل حكم الأتراك، وكان المتوكل يقول:” أخشى الله أن يسألني عما أبقيت في أيديهم” فكانت مقالته الباطلة هذه أساساً للظلم والقمع والتنكيل الذي طال أناساً كثيرين لا ذنب لهم، ونفذ المتوكل على تلك المناطق الكثير من الغزوات بهدف نهب القرى والمدن وتجميع الأموال تحت شعار التأديب الديني وملأ المتوكل بيتا من الذهب والفضة من جميع الملبوسات والأحجار النفيسة من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت وكل ما طالوه من ملبوسات وآلة السلاح أو الطيب نهباً، ولحقه الناصر أبو الفتح الديلمي الذي قتل الكثير من أهل صعدة بعد استتباب الأمر فيها له بحجة أنهم يبغضون أنصاره في قلوبهم فمن يبغض الإمام وأنصاره بقلبه مخطئ وبلسانه فاسق وبيده ورجله محارب، فكان أول من يحاسب الناس على ضمائرهم وحارب بعض خولان وقتل منهم الكثير قتلة شنيعة شبيهة بمجازر عبد الله بن حمزة في بني مطر وعمران.

استبداد بلون الدم

وعندما كان عهد الإمام المهدي محمد بن احمد (صاحب المواهب ) الذي سفك الدماء بمجرد الظنون والشكوك وقتل اناسا كثيرين وشاع عنه أنه كان يأتيه في الليل من يخاطبه بان يقتل فلاناً وينهب مال فلان ويمنع فلانا، فإذا جاء النهار عمل كل ذلك، وقد دس السم للحسين بن علي القاسم (١١٢٤هـ) عندما ادعى الإمامة في صعدة مما أدى إلى سقوط أسنانه مرة واحدة وفاض دمه وفارق الحياة وامتدت يد المهدي لجمع المال من حله وغير حله، وتسابق سيفه إلى رقاب الناس في طيش أعمى وفتحت السجون أبوابها للأحرار من ابناء اليمن وعندما عاد من تعز وقبل أن يصل ذمار ضرب اعناق جماعة غير قليلة في (المحرس) مدعياً أنهم لصوص ليضرب في ذمار عنق الفقيه زيد بن علي الجملولي متهماً إياه بانه من دس السم  للمؤيد وغير ذلك من التهم وبعدها ضرب عنق ابن خليل أحد رؤساء القبائل وجماعة كثيرة من اتباعه، ولم يسلم أقاربه من بطشه وجوره وجبروته فعمه الحسين بن الحسن القاسم عندما أحس الخطر من ناحيته تربص به واستدرجه حتى تمكن منه وغدر به وقبض عليه وعذبه أشد العذاب؛ ونكل به وارسله يرسف في الأغلال إلى سجن كوكبان.

وصورة أخرى من صور بطش الإمام المهدي محمد بن أحمد عندما تغلب على يوسف بن إسماعيل وانصاره وقبض عليهم ساقهم في القيود الثقال مشياً على الأقدام من قرب صنعاء إلى (ملاح) مع العذاب الشديد والإهانة المزرية.

وهناك كان قد أعد لهم حكماً بأنهم بغاة سعوا في الأرض فساداً ولذلك يصدق عليهم حكم القرآن في الحرابة ولم يستطع تنفيذ الحكم في الثائرين بسبب وقوف أحد العلماء في وجهه ؛ منادياً ببطلان هذا الحكم، فالقى بهم في منزل خال من كل شيء بلا طعام ولا شراب ولا ماء ثم أمر ففرقهم على السجون وجند على القبائل التي ناصرت منافسه يوسف بن إسماعيل كثيراً من القبائل لتعمل فيها نهباً وسلبا وتقتيلاً وتشريداً ثم أمر بديار أهل الحيمة وخولان فخربت و قطعت أعنابها وأشجارها.

المراجع :

  1.  تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري د / علي محمد زيد
  2. – هجر العلم ومعاقله في اليمن القاضي / إسماعيل الأكوع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى