توطئة:
ناقشنا في مقالات سابقة صحة نسبة أصول العقيدة الهادوية/ المعتزلية إلى عقيدة آل البيت والإمام زيد بن علي على وجه الخصوص، وبيان اختلافهما عن بعضهما بعضا في الأصول الرئيسية: التوحيد (الصفات)، والعدل، والوعد والوعيد من خلال الأدلة والنصوص، وشهادات علماء وباحثين ومؤرخين مشهود لهم بالعلم، وخاصة تلك المعتمدة في كتب المذهب الهادوي التي يقرون بصحتها، وفي مقدمتها مسند الإمام زيد بن علي.
ومع ذلك تظل هذه الأصول بحاجة إلى مناقشة موضوعية لأفكارها؛ ومبرر هذه المناقشة من وجهة نظرنا أن الغلاة من فقهاء الهادوية القدامى والمحدثين ومثقفيها يبدون من خلال كتاباتهم أشد تعصبا لمبادئ عقيدتهم الاعتزالية، وأعتى احتقارا لغيرهم ممن يخالفهم فيها، وحريصين على التأكيد أنهم على الحق المبين وغيرهم على الضلالة العمياء: مشبهة مجسمة، جبرية، مروجين للفواحش بقولهم بخروج الموحدين من النار إن شاء الله، لا يؤمنون بالأمر بالمعروف ولا بالنهي عن المنكر، خادمين خاضعين للسلاطين الظلمة على مر الدهور!
وكما سلف فلم يكن الهادوية متفردين في معظم هذه الأصول، ولا مخصوصين بها من رب العالمين ولا رسوله الأمين ولا أهل بيته. وفضلا عن مخالفتها لعقيدة أوائل أئمة أهل البيت، فقد شاركهم في معظمها مذاهب ضالة مضلة في ميزان الهادوية مثل الخوارج والباطنية، بل وسبقهم في بعضها غيرهم كالخوارج في مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانوا أكثر إخلاصا لها منهم!
وإن كنا كالعادة لن نعدم من سيصرخ داعيًا إلى الكف عن مثل هذه القراءات بدعوى ضرورة احترام المذاهب وخصوصيتها، والحرص على وحدة المسلمين؛ إلا أن تجربة السنوات الماضية مع المشار إليهم في الطنطنة الدائمة عن فرضية الوحدة الإسلامية، وأهمية التضامن الإسلامي في مواجهة التحديات الصهيونية والصليبية، واحترام خصوصيات المذاهب، والتسامي عن الخلافات المذهبية.. قد فضحتها أحداث العراق وسوريا واليمن، وعرت حقيقة دعوتهم هذه، وأنها ليست أكثر من وسيلة سياسية يستخدمونها لإخفاء البعد السياسي/ السلطوي في مذهبهم الساعي لاحتكار السلطة في البطنين بوصفه خلافات مذهبية ليس إلا؛ بينما هم يعملون سرا لتمكين أنفسهم وسلالتهم بقوة الحديد والنار، وبالتآمر مع كل من يقبل التآمر معهم، ولو كان من صنف أسوأ من يزيد بن معاوية وفق معاييرهم!
ويندرج ضمن طنطنتهم الماكرة حول الوحدة الإسلامية واحترام خصوصيات المذاهب إلى آخر ألاعيبهم؛ تخدير الآخرين عن حقيقة مواقفهم التكفيرية للمذاهب الأخرى كما وردت في كتبهم المعتبرة المقدسة عندهم (وخاصة كتب المنصور عبدالله بن حمزة)، واهتمامهم بنشر كتب مذهبهم القديمة والحديثة التي تنال من الآخرين وخاصة أهل السنة إلى درجة أن يساوي أحدهم ادعاء الاثني عشرية تحريف القرآن بقول أهل السنة بوجود النسخ في القرآن الكريم؛ رغم أنه أمر حاز إجماع الأمة ومنهم الهادوية إلا ما روي عن أبي مسلم الأصفهاني مع اختلاف في تفسير مقصده من إنكار النسخ.
وكفاتحة للحديث اقرأوا ما يقوله بعض هؤلاء الهادوية المتعصبين: [ والجدير ذكره أن روايات تحريف القرآن قد رواها الإمامية وأهل السنة في كتبهم بينما بقيت كتب الزيدية طاهرة من هذه الشناعات، فقد ألف أحد الإمامية كتابا أسماه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ب الأرباب)، وألف أحد العامة ( يقصد أهل السنة) كتاب الفرقان وحشاه بكثير من الروايات المحرفة ( يقصد أحاديث النسخ) للقرآن)!(1)
وهذه آراء لأبرز فقيهين من فقهاء الهادوية حول مسألة وجود النسخ من عدمه في القرآن الكريم؛ حتى نعلم كيف يؤدي التعصب والفجور في الخصومة إلى مواقف مخجلة:
1/ الإمام عبد الله بن حمزة:
مسألة: الكلام في نسخ الشرائع:
– [ ذهب الكافة من علماء المسلمين إلى جواز نسخ الشرائع، وخالف ذك بعض المتأخرين من أهل الصلاة (ومن الممانعين النسخ غلاة الإمامية والتناسخية)، وهذا القول ظاهر البطلان لشذوذه وسبق الإجماع له، فإن المعلوم عندهم ومنهم أن بعض الشريعة منسوخ ببعض، كنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال البيت الحرام المعظم وما شاكل ذلك. وإنما يقع الخلاف في هذه المسألة بيننا وبين اليهود فإنهم منعوا من ذلك، ثم اختلفوا؛ فمنهم من منع منه عقلا، ومنهم من منع سمعا، وقال: لولا قول موسى عليه السلام إن شريعته لا تنسخ لجوزته.].(2)
– [ عندنا يجوز نسخ التلاوة دون الحكم، والحكم دون التلاوة، ونسخهما معا.](3)
– [ أطبقت الأمة على جواز نسخ الكتاب بالكتاب، وحكي عن أبي مسلم خلاف في ذلك، وقوله شاذ محجوج بالإجماع.(4) – [ وذهب شيوخنا المتكلمون وأكثر أصحاب أبي حنيفة إلى أن ذلك
– أي جواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة- جائز، وهو الذي نصره الشيخ أبو عبد الله، وحكاه عن أبي الحسين وهو الذي نختاره.].(5)
2/ الإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى:
باب الناسخ والمنسوخ:
– [ اعلم أن الإجماع منعقد على جوازه أي على النسخ للإحكام الشرعية بالمعنى الذي ذكرناه وهو رفع الإحكام بعد تبوثها إلا ما روي عن جماعة شذوا أي لا شهرة لهم، ولا أتباع معروفين، وأظن أكثرهم من الرافضة..].(6)
– [ ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب عند جميع العلماء… وهو محجوج بالإجماع… ولا خلاف بين الصحابة والتابعين في أن في القرآن الناسخ والمنسوخ… ويجوز نسخ السنة بالسنة إجماعا. والمتواتر بالمتواتر…. والآحاد بالآحاد.. والآحاد بالمتواتر..].(7)
❃❃❃
ومع إقرارنا بأن دوافع القدرية الأوائل والمعتزلة كانت طيبة في تبنيهم لأصولهم المعروفة في التوحيد (الصفات) والعدل والوعد الوعيد، ورغبتهم في حماية عقائد العامة من المسلمين من مكائد أعداء الإسلام من المشككين في العقيدة الإسلامية، وخصوصا مع ما رأوا – كما قيل- أنه ضعف في مواقف الفقهاء والمحدثين في ردودهم عليها، أو في عدم تصديهم الحازم لرعاع المحدثين الجهلة المروجين للإسرائيليات وفيها الكثير من التشبيه؛ مع إقرارنا بذلك إلا أنه لا يمنع من القول إن أصولهم الخمسة – التي اعتمدتها الهادوية باستثناء مبدأ المنزلة بين المنزلتين التي استبدلتها بالإمامة- ليست بتلك الحجية المتينة ولا العلمية ولا العقلانية التي لا يأتيها الخلل والعوار، فصار حالهم هم وسائر المتكلمين كما قال فيهم العلامة المقبلي:
[ إن المتكلمين خاطروا في النظر في ماهية الصفات في حق الله تعالى ، وتكلفوا ما لا يعنيهم من عدم الاقتصار على المدلول اللغوي العربي الذي يحمل عليه كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم قد اقتحموا أطمّ من ذلك، وسلكوا أصعب المسالك، واقتصروا على إثبات قليل من الصفات كقادر وعالم ونحوهما، ونفوا سائر الصفات وجعلوها مجازات…. وقد اكتفى السلف الصالح بالمدلول اللغوي، وجروا في أسمائه عليه، ولم يخطر لهم ببال استحالته..].(8)
لقد بالغ قدامى ومعاصرون في تعظيم (العقلانية المعتزلية) في أمور غيبية لا تدخل في إطار إمكانيات العقل البشري وحدوده، وظنوا أنها لا ينقضها الزمن وتطور العلوم وأفهام العقول مع أنها اعتمدت على العقل القاصر بذاته المحتاج بالضرورة إلى غيره كالحواس الخمس للحصول على العلم والمعرفة. والغريب أن يكون من ضمن المعجبين بها المهللين لها في عصرنا كثيرون من العلمانيين واللا دينيين الذين يحاولون إلصاق أنفسهم بالمعتزلة بدعوى اتفاقهم معهم على تقديس العقل وتقديمه على النقل أو النصوص المقدسة، متناسين أن المعتزلة كان دورهم الحقيقي هو مقارعة الزنادقة، والملاحدة، والمشككين بالعقيدة الإسلامية من اليهود والنصارى وأهل الملل الخارجة عن الإسلام، ومحاججة كل محاولة من العصاة للتفلت من أحكام الدين! فلم يكن جهدهم الفكري ضدا على الإسلام، أو التهوين من قدره وأمره في حياة المسلمين والفصل بين الدين والحياة كما يدعو إلى ذلك جماعات العلمانيين.
[ من المفارقات أن دعاة سيادة العقل من الهادوية واللا دينيين المعجبين بالمعتزلة العقلانيين هم الذين يخوضون في مسائل غير عملية لا يترتب عليها عمل، وهم أكثر الموالين لتيار الصوفية المخرفة إعجابا بهم وترويجا لهم بأنهم الصورة الصحيحة الراقية للإسلام، فتقاربوا معهم، ومدح وزكى وأثنى كل طرف على الآخر نكاية بالسلفيين والإخوان! متجاهلين أن الصوفية المخرفة يمثلون كل ما عادوا بسببه أهل السنة ظلما وتحريفا لأقوالهم! ولعل مبدأ (العدل) – أي مسؤولية الإنسان على أفعاله بدءا وانتهاء- ومبدأ (الوعد والوعيد) – أي خلود العصاة في النار- هما أوضح مباديء المعتزلة تناقضا مع أفكار اللا دينيين والعلمانيين المعاصرين؛ الذين طالما سمعنا كثيرين منهم يتحججون عن عدم تدينهم وعدم التزامهم بالعبادات، واقترافهم لبعض الكبائر، بأن الله لم يكتب لهم الهداية بعد، وأنهم من أهل الجنة لأن الله غفور رحيم لا يمكن أن يعذبهم مع تفريطهم في العبادات؛ لأن إيمانهم في القلب، أو لأن لهم أعمالا طيبة في خدمة الوطن والمجتمع تغنيهم عن الطاعات الشرعية المفترضة على المسلم!]
وقد يبدو الكلام في تناقض الاعتزال مع العلمية والعقل غريبا في حق مذهب قيل إنه يمثل العقل والعقلانية في التاريخ الإسلامي، ويرفض الخرافات والحشو والنصوص المخالفة للعقل! ونقر هنا أولا أنه ليس فيما سنقوله جديد تقريبا فقد قيل الكثير – منذ عهد التابعين وأئمة المذاهب والمفكرين وأئمة أهل البيت- في نقض أصول الاعتزال ومخالفتها لكلام الله تعالى وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنفق المسلمون بسببهم مئات السنين جدالا عقيما فيما بينهم حول مسائل من الغيب الذي اختص الله تعالى نفسه العلم بها، ودفع المجتمع المسلم أثمانا باهظة من استقراره وقوته ووحدته في جدل عقيم لو أنفق جزء قليل منه في علوم الدنيا النافعة للإنسان وحياته لكانت عادت على المسلمين والإنسانية بخير عميم.
ولعل أبرز ما يؤكد عدم عقلانيتهم أن الخوض في معرفة دقائق صفات الله وأحوالها الذي لا ينبني عليه عمل يتعارض مع دعوى تحكيم العقل الذي يختص بالماديات، ومتناسين أن الله هو الذي نهاهم أن يسألوا عن ماهية الروح لأن علم الإنسان القليل لا يصلح لمعرفة ذلك فكيف بصفات الله تعالى وهي أعظم وأجل: { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الإسراء85
وفي رأيننا أن إصرار أهل الاعتزال إلى عزو مذهبهم للعقل لا يساويه في التمحل إلا إصرار أهل التشيع المتأخرين على نسبة مذاهبهم إلى آل البيت النبوي الكريم؛ مع فارق حسن النية والنأي (غالبا) عن الصراع على السلطة وسفك الدماء لصالح المعتزلة.
مسائل الدين المتصلة بالغيب لا تحتمل إخضاعها لمقاييس العقل البشري المحدود في قدراته، واعتماده على حواس أخرى مثل السمع والبصر محدودة القدرات بدورها للحصول على العلم والمعرفة، وخضوع العقل البشري بذاته لقوانين الأرض التي يعيش فيها الإنسان التي تحدد مجال قدراته، والأكثر أهمية هو عدم وجود تعريف علمي متفق عليه للعقل المثالي أو العقل الأنموذجي الذي يعول عليه الناس في الحكم على شيء ما؛ فهناك اختلافات كبيرة بين العقول من شخص لآخر تتأثر باختلاف التعليم والعقائد والبيئات والقناعات فكيف يمكن القول إن عقل ما هو المعتمد والمعول وليس عقلا آخر؟
والحق الذي نؤمن أنه أقرب للصواب أن مذهب السلف من أهل السنة الذي كان يرفض إخضاع عالم الغيب لقوانين الأرض وأحكام العقل البشري المحدود بما يعرفه الإنسان في حينه، ويرفض الخوض في مسائل الغيب خلافا لمنهج القرآن، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسلف الأمة الصالح.. هذا المنهج كان هو الأسلم امتثالا لتوجيه الله تعالى؛ بل كان هو الأقرب لروح العلم المتواضعة التي تقف عند حدود قدرات الإنسان في زمنه، ويتسق مع روح الإسلام العملية الذي توجه إليه المسلم في تفاعله مع أوامر الدين.
ولو عاش المعتزلة إلى زمن الكشوفات العلمية لعلموا أن العقل الذي جعلوه مقدسا ومقدما وحاكما للنصوص المقدسة، ومعيارا للوصول إلى الحق في مبدأ التوحيد والصفات لا يسعفهم مع تطور علوم الإنسان في إثبات صحة مقولاتهم عن صفات الله تعالى تحديدا، وأن قوانين الأرض وأحوالها – على سبيل المثال- لا تنطبق ليس فقط على عالم الغيب، بل حتى على عالم الشهادة في الكون المادي الذي يحيط بالأرض، فقوانين الطبيعة في جزء ضئيل جدا من الكون مثل مجرتنا التي نعيش فيها تختلف عن مثيلاتها في ملايين المجرات الأخرى! والظواهر الطبيعية في أجرام قريبة من كوكب الأرض مثل كوكب المريخ بل مثل القمر التابع للأرض تختلف عن مثيلاتها في كوكب الأرض بسبب اختلاف قوانين كل محل، وأبسط مثال على ذلك هو وزن جسم الإنسان الذي تتغير أرقامه زيادة أو نقصا بحسب اختلاف جاذبية الجرم الذي يوجد فيه، والتي بدورها تختلف وفق حجم الجرم، وما يزال من أبرز مهام الرحلات الفضائية في عصرنا هو إجراء تجارب علمية على الإنسان والحيوان والنبات والمواد وغيرها في كواكب أخرى في أجواء مختلفة في قوانينها عن قوانين الأرض الطبيعية لمعرفة الفوارق والتأثيرات عما هو معروف في الأرض!
ولذا يمكن القول إن حقائق الحياة التي تتبدى كل حين، والاكتشافات العلمية الحديثة قد أظهرت مزيدا من الأدلة على أن حجج المعتزلة ومن وافقهم في إخضاع تفاصيل عالم الغيب لأحكام العقل البشري المحدود، والمعرفة البشرية القاصرة يومها، لم تكن تصلح للتعاطي مع الغيبيات من مسائل العقيدة وصفات الخالق العظيم التي ثار الجدل حولها، ولا تصمد كذلك مع بعض الحقائق العلمية المكتشفة حديثا بواسطة العقل ذاته الذي لم يعد يقينا أنه هو ذات العقل في زمن المعتزلة في حدود قدراته وآفاق معرفته!
وقد كان يكفي المعتزلة وسلفهم من القدرية والجهمية وقتها أن يعتمدوا على حجج القرآن في بيان العقيدة الإسلامية، وتطوير أساليبهم في إطار مناهج القرآن في محاججة المشككين إن وجدوا حاجة لذلك، وتجاوزا لمآخذهم على أسلوب المحدثين والفقهاء (رغم دورهم العظيم في تنقية السنة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وابتكار أعظم منهج في فحص الحديث وتمييز الغث من السمين) دون الشطط في القول الذي وصل بهم إلى متاهات خطيرة، وفتن عميقة ما تزال بعض نتائجها قائمة حتى الآن بعد زوالهم!
[ وفقا للدكتور علي سامي النشار فإن هادوية اليمن في أصول الدين (عدا الإمامة) هم (أقل) فرق الشيعة نسبيا تلوثا بالأساطير، والخرافات، والأكاذيب، وخاصة إن برئوا من أفكار الجارودية والشذوذ الفكري لدى بعض المنتسبين إليهم. ويفسر د. النشار تميز الهادوية عن سائر الشيعة هذا بسبب علاقتهم بالمعتزلة واتباعهم لهم في الأصول؛ فالمعتزلة – عند النشار- كانوا فرقة إسلامية أصيلة لم تتأثر بالمذاهب الفلسفية الوافدة الباطلة، وكان دافعهم للذود عن العقيدة الإسلامية أصيلا وحاجة من حاجات المجتمع الإسلامي آنذاك.. ورغم هذا القول إلا أن الهادوية في مسألة الإمامة كما هو ثابت في مؤلفاتهم قد3 تورطوا في خرافات وأساطير كثيرة يندى لها الجبين!].
وفي الحلقات القادمة سوف نقدم قراءة خاصة في أصول الدين عند المعتزلة ومن تابعهم أو قلدهم من الفرق الشيعية، عدا أصلي الإمامة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين سبق تناولهما في مقالات أخرى. وهي قراءة خاصة واجتهاد شخصي فإن وفقت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
الهوامش:
- مروج هذه التهمة ضد أهل السنة هو محمد إبراهيم المرتضى في كتابه (الزيدية والإمامية: وجها لوجه)، ص165. والغريب أنه يسند كلامه عن السنة إلى صحيحي البخاري ومسلم بالإحالة إلى كتاب (مع الصادقين) للإمامي الإثني عشري التيجاني السماوي وليس مباشرة منهما، ويتجاهل أقوال فقهاء مذهبه الزيدي الهادوي المقرين بوجود النسخ، وكان يمكنه لو تخلص من العصبية المقيتة الرجوع إلى الصحيحين وهي بين يديه بالتأكيد بدلا من الاعتماد على مثل المهووس التيجاني الذي سبق للمرتضى نفسه أن استنكر في ص10 من كتابه ما جاء في كتاب التيجاني ( الشيعة هم أهل السنة) عن موقفه من انتماء الزيدية إلى الشيعة الذي يقول فيه: [ ولا يتعلق بحثنا بالفرق الأخرى كالإسماعيلية والزيدية، ولا يهمنا أمر هؤلاء ما دمنا نعتقد بأنهم كسائر الفرق الأخرى التي لم تتمسك بحديث الثقلين(!) ولا ينفع اعتقادهم بإمامة علي بعد الرسول مباشرة!].. فهل مثل هذا يصح الاستشهاد بكلامه وأحكامه وإحالاته؟
- صفوة الاختيار في أصول الفقه، عبد الله بن حمزة بن سليمان، ص145، تحقيق إبراهيم يحيى الحمزي وهادي حسن الحمزي، منشورات مركز اهل البيت للدراسات الإسلامية، اليمن صعدة، ط1، 2002.
- المصدر السابق، ص150.
- المصدر السابق، ص155.
- المصدر السابق، ص156.
- منهاج الوصول إلى معيار العقول في علم الأصول، أحمد يحيى المرتضى، ص429، تحقيق د. أحمد علي المأخذي، دار الحكمة اليمانية.
- المصدر السابق، ص 452.
- العلم الشامخ، محمد صالح المقبلي، ص222و223.