لَيْلٌ على ثغرِ السَّناْ قدْ عَسعسا
وكَسا الحياةَ مِن الدياجيْ ما كَسا!
واغتالَ أنوارَ الصباحِ فلمْ يجدْ
أُفُقًا يَحِنُّ عليه كيْ يَتنفسا
أرسى قواعدَهُ الدُّجى فيْ روضةٍ
قد كانَ حاضرُها الشذا والسُّندُسا
فيْ دولةِ السودانِ مدَّ ظلامَهُ
وطغى برهبةِ ليلِهِ وتَغطرسا
وأدَ الحياةَ ببغيهِ مُتفنِّنًا
في نشرِ ألوانِ المصائبِ والأَسى
كمْ أنفُسٍ هلكتْ بسطوةِ بطشهِ
ومضى يُلاحِقُ في الجوانبِ أنفُسا
لمْ يسلمِ الشيخُ الكبيرُ وعجزُهُ
كلّا ولا ضعْفُ الذراريْ والنِّساْ
نهبتْ أياديهِ الخؤونةُ جهرةً
مالَ العبادِ قليلَهُ والأَنفَسا
وتُدنَّسُ الأعراضُ كمْ منْ حُرّةٍ
تبكيْ على العِرضِ الذيْ قدْ دُنِّسا
لو كانْ في عصرِ الأماجدِ دمعُها
لأجابَها جيشٌ يؤدِّبُ مَن أساْ
جاءوا كأمثالِ التتارِ وعَكَّروا
صفوَ الحياةِ ونجَّسوا ما قُدِّسا
عوْنٌ على هُلْكِ البلادِ ونَجدةٌ
نحوَ الدمارِ لِكلِّ خيرٍ أُسِّسا
جُلِبوا مِن الآفاقِ في أضغانِهمْ
شرٌّ ليبسطَ في البلادِ الحِنْدِسَا
يا إخوةَ السودانِ إنّ جراحَكمْ
تُدميْ القلوبَ وتَستهلُّ الأنفُسا
قدْ غيّبَ الإعلامُ صورةَ جُرحِكمْ
وغدا عن الأحداثِ أعمى أَخرسا!
لكنّ حسبَكُمُ الإلهُ فإنّهُ
عدْلٌ سيُهلِكُ مَن بغى وتغطرسا
لا تحسبُنَّ اللهَ يغفلُ ساعةً
عمّنْ أذاقَ عبادَه مُرَّ الأسى
يُمليْ له حتى يُدمدِمَهُ ولا
يحميْ الورى ذاك الظلومَ الأَتعسا
هو رحمةٌ هذا البلاءُ بمؤمنٍ
يعفو بهِ المولى جرائرَ ما أساْ
فتعلَّقُوا باللهِ جلّ جلالُهُ
يكفيكمُ تحتْ الدياجي مؤنِسا
وسيبزغُ الفجرُ الجميلُ بنصرِهِ
في أرضكمْ مِن غيرِ علَّ أو عسى
وسيرحلُ الليلُ البهيمُ ورعبُهُ
مهما تطاولَ فيْ النواحيْ أو قساْ