Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
فكر

زيدية الديلم: فكر الإمامة والمسائل ذات الصلة (1)

يهدف هذا البحث إلى استكشاف معالم فكر الشيعية الزيدية في الديلم، والنظر إلى أي مدى تلتقي أو تتفق مع الشيعة الزيدية في اليمن، خلال القرون الأولى. ويقتصر البحث على دراسة مسألة الإمامة وما يتعلق بها من قضايا ذات علاقة بأصول الدين، والصحابة. وفي هذا الجزء من البحث نقدم مدخلا موجزا تاريخيا عن الزيدية في إيران، ثم نتناول التراث الزيدي الإيراني في اليمن.

أولا: مقدمة تاريخية:

تبدأ صلة الشيعة الزيدية بالديلم عام 176 هـ ، وذلك بخروج (يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب)، الذي يعد أول أئمة الزيدية ظهورا في الديلم، ومن قبله كانوا يخرجون إما في المدينة أو الكوفة، حيث يروي أبو طالب أن يحيى طلب موضعا يلتجئ إليه ويقيم فيه دعوته، (فاختار جبل الديلم ـ بعد أن جال في البلدان مستترا، وبلغ بلاد الترك على ما روي ـ فحصل في جنبة ملك الديلم، وقيل له: لم اخترت بلاد الديلم؟ فقال: إن للديلم معنا خَرْجَة فطمعت أن تكون معي) ، ثم بعد حروب مع جيوش الرشيد، وضغط من ملك الديلم، قبل يحيى أمانا من الرشيد، واتجه إلى بغداد، ثم المدينة، وبقي فيها حتى حبسه الرشيد ومات في حبسه.

وفي عام 219 هـ (في خلافة المعتصم) ، ظهر (محمد بن القاسم بن عمر بن على بن الحسين ابن علي بن أبي طالب) بالطالقان من خراسان، يدعو الى الرضا من آل محمد، وقضى على ثورته عبد الله بن طاهر؛ وانتهى الأمر به إلى سجن المعتصم. ثم في عام 250 هـ خرج بالكوفة (يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب)، وتولى القضاء على ثورته محمد بن عبد الله بن طاهر.

والتحول الفعلي في تلك العلاقة، يبدأ في عام 250 هـ [في خلافة المستعين] على يد (الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي)  ، المعروف بالداعي الكبير. وهو الذي أسس إمارة العلويين في طبرستان. ويذكر الطبري في تاريخه سبب ظهور الحسن ، وخلاصة القصة أن أهل طبرستان تبرموا من ظلم محمد بن عبد الله بن طاهر (لا سيما بعد أن أقطعه المستعين قطائع كثيرة مكافأة له لقتله يحيى بن عمر)، فاتفق أهل طبرستان ومعهم الديلم على حرب محمد بن عبد الله بن طاهر، وأرسلوا إلى الحسن بن زيد، وكان مقيما بطبرستان، فبايعوه، وبعد حروب عديدة أصبحت طبرستان والري والديلم وجرجان تحت حكم الحسن بن زيد، وبعد وفاته عام 270 هـ تولى أخوه محمد بن زيد حتى مقتله في 287 هـ. ثم عادت إلى الحكم العباسي الذي منح الإمارة السامانية حكم خراسان.

بعد ذلك يظهر أول أئمة الزيدية في الديلم، وهو الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالناصر، والمعروف بـ: الأطروش، وقد هاجر من الكوفة إلى طبرستان أثناء حكم الحسن بن زيد. وقد أعاد الحكم الشيعي الزيدي إلى طبرستان عام 301 هـ، بعد حروب عديدة، وتوفي في 304 هـ. وقد أدى ظهور الناصر الحسن الأطروش (في زمن إمامة الهادي وابنه في اليمن) إلى إثارة مسألة: صحة ظهور إمامين في وقت واحد، على الخلاف المعروف في الفقه الزيدي. واشتهرت في الزيدية مدرسة فقهية باسم: الناصرية، تقوم على فقه الناصر الأطروش. كما ترك بعض الكتب، وطبع منها: البساط والاحتساب (تناول فيه وظائف المحتسب).

بعد وفاة الأطروش بدأ الخلاف يدب في الإمارة العلوية، حتى قُضي عليها في 316 هـ. ثم ظهر بعد ذلك عام 353 هـ ثاني أئمة الزيدية بالديلم (محمد بن الحسن بن القاسم) وتلقب بالمهدي، أثناء حكم معز الدولة البويهي، وظل في حروب حتى وفاته في 360 هـ .

يظهر بعد ذلك ثالث أئمة الزيدية في الديلم، وهو المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (٣٣٣ – ٤١١ هـ)، بويع له عام 380 هـ ثم بويع بعده أخوه أبو طالب يحيى بن الحسين الهاروني، الإمام الرابع من أئمة الزيدية في الديلم. وقيل أنه دعا لنفسه بالديلم بعد وفاة أخيه، وكان ذلك عام 421هـ، وتوفي عام 424 هـ . وهما أشهر أئمة الزيدية بالديلم، وتركا كثيرا من المؤلفات، وأثرا تأثيرا علميا كبيرا في من بعدهم من الزيدية.

ومن أئمة الزيدية في الديلم : الحسين الهوسمي (من ذرية الناصر الحسن الأطروش)، دعا إلى نفسه 432 هـ، والهادي الحقيني علي بن جعفر (ت 490هـ)، وبعده الرضى الكيسُمي الحسيني.

وآخر أئمة الزيدية في الديلم هو أبو طالب الأخير يحيى بن أحمد بن الحسين من ذرية المؤيد الهاروني ، دعا إلى نفسه 502 هـ، وتوفي عام 520 هـ. وقد أرسل مبعوثا إلى صعدة يدعو إلى إمامته، ويقال إن الإمام الزيدي في اليمن المحسن بن الحسن قبل دعوته، فلما قتل هو وولده، أرسل أبو طالب الحسينَ بن عبد الله من الديلم إلى اليمن للأخذ بثأره.

(تتجلى السمة المهمّة لمرحلة إمامة أبي طالب في الوحدة السياسيّة بين زيديّي اليمن وزيديّي إيران، وقد استمرّ هذا الاتحاد في المرحلة التالية، لكن عدم وجود رجل من السادات الزيديّة الإيرانيّة ممن يمتلك مقوّمات الإمامة أدّى إلى اتّباعِ زيدية إيران الأئمة الزيديّة في اليمن. والحق أنّه بعد تشكيل الدولة الزيديّة الثانية في اليمن على يد المتوكّل على الله أحمد بن سليمان، والذي قام عام 532 هـ وادّعى الإمامة، فإنّ زيديّة إيران قبلوا إمامته؛ الأمر الذي استمرّ في مرحلة إمامة الإمام التالي للمتوكّل على الله، أي عبد الله بن حمزة الذي بويع في عام 594 هـ)، (وكانت الخطب تلقى باسمه في الديلم) .

انتقل كثير من التراث الزيدي في إيران إلى اليمن خلال القرن الخامس الهجري فما بعده. أما عن المجتمع الزيدي في إيران فقد بدأ بالتلاشي تدريجيا في القرون التالية مع انتشار مذهب الشيعة الإمامية، حتى انتهت تماما في العصر الصفوي عندما أصبحت الإمامية هي المذهب الرسمي للبلاد .

old books زيدية الديلم: فكر الإمامة والمسائل ذات الصلة (1)

ثانياً: التراث الزيدي الإيراني في اليمن:

يعد القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام (ت: 573هـ) هو الذي جلب تراث الزيدية الذي في العراق وإيران إلى اليمن، وكان القاضي معتنقا مذهب المطرفية، ثم تركه وأصبح أشد الناس مواجهة لهم. وقد رحل إلى العراق وطبرستان، وأخذ إجازات من علماء الزيدية هنالك، وعاد بكتبهم المتداولة إلى اليمن، كما أحضر معه أيضا كتب المعتزلة، وكانت رحلته بمباركة الإمام الزيدي المتوكل .

وقد ظهر تأثير ذلك مبكراً، حيث نجد ذلك لدى المتوكل أحمد بن سليمان (500 – 566 هـ) في كتابه “حقائق المعرفة في علم الكلام”. ففي مواضع عديدة ينقل عن الهارونيين، دون الإشارة إلى ذلك، كما تقسيمه للحديث واستدلاله على قبول خبر الآحاد في الفروع . كما أن المتوكل قام باختصار “شرح التجريد في فقه الزيدية”، لمؤلفه: “المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني” (ت 411 هـ)، في كتابه “أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام”. وكذلك نجد تأثير “الدعامة في الإمامة” لأبي طالب الهاروني عند المنصور عبد الله بن حمزة في العقد الثمين، ومختلف كتبه.

وسنعتمد في بحثنا هذا على المدونة التالية:

– الناصر الحسن بن علي الأطروش (٢٣۰ – ٣۰٤ هـ)، وهو أول الأئمة الزيدية في الديلم:

o  الاحتساب، تحقيق: عبد الكريم جدبان، صعدة: مكتبة التراث الإسلامي، 2002م.

o  البساط، تحقيق: عبد الكريم جدبان، صعدة: مكتبة التراث الإسلامي، 1997م.

– أبو الحسن علي بن مهدي الطبري (280 – 360 هـ):

o نزهة الأبصار ومحاسن الآثار، تحقيق: محمد المحمودي، طهران: نشر المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ط1، 1430 هـ.

– أحمد بن الحسين الهاروني (٣٣٣ – ٤١١ هـ)، [دعا لنفسه عام 380 هـ، وذلك أثناء سيطرة البويهيين على الخلافة، وجرت له حروب عديدة]:

o  إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، تحقيق: عبد الكريم جدبان، صعدة: مكتبة التراث الإسلامي، 2003م.

o  التبصرة في التوحيد والعدل، تحقيق: عبد الكريم جدبان، صعدة: مكتبة التراث الإسلامي، 2002م.

o  شرح التجريد في فقه الزيدية، تحقيق: محمد عزان وحميد عبيد، صنعاء: مركز التراث والبحوث اليمني، ط1، 2006م.

– يحيى بن الحسين الهاروني (أبو طالب) (٣٤۰ – ٤٢٤ هـ)، [ودعا لنفسه بالديلم بعد وفاة أخيه، وكان ذلك عام 421هـ]:

o  الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، صعدة: مكتبة أهل البيت، ط4، 2014م.

o تيسير المطالب في أمالي أبي طالب، تحقيق: عبد الله العزي، صنعاء: مكتبة الإمام زيد بن علي، ط1، 2002.

o الدعامة في الإمامة، تحقيق: إبراهيم يحيى الدرسي، مركز الإمام المنصور بالله، ط1، 2018م.

o مسألة في أن إجماع أهل البيت حجة، نشر في مجلة الدراسات الشيعية (ص ص 253-273)، 2019م.

o المجزي في أصول الفقه، تحقيق: عبد الكريم جدبان، ط1، 2013م.

– أبو القاسم إسماعيل بن أحمد البستي (ت 420 هـ):

o المراتب في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، تحقيق: محمد رضا الأنصاري القمي، إيران: الدليل، ط1، 1421 هـ.

o البحث عن أدلة التكفير والتفسيق، تحقيق: مادلونك، وأشميتكه، طهران: مركز نشر دانشكاهي، 1382 هـ.

– محمد بن علي أبو عبد الله العلوي الكوفي (٣٧٧ – ٤٤٥ هـ)، وهو من زيدية العراق:

o الجامع الكافي في فقه الزيدية، تحقيق: عبد الله بن حمود العزي، صنعاء: مؤسسة المصطفى الثقافية، ط1، 2014م. جمع فيه فقه أربعة من متقدمي الزيدية، وهم: القاسم الرسي ابن إبراهيم (ت 246هـ)، وأحمد بن عيسى بن زيد بن علي (ت: 247هـ)، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (ت: بعد 260هـ)، ومحمد بن منصور المرادي (ت: 290 هـ).

– يحيى بن الحسين الشجري (٤١٢ – ٤٧٩ هـ):

o الأمالي الإثنينية، تحقيق: عبد الله العزي، صنعاء: مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، ط1، 2008م.

o الأمالي الخميسية، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 2001م.

– الحاكم الحسكاني: الحافظ عبيد الله بن عبد الله ( – 481هـ):

o شواهد التنزيل لقواعد التفضيل (في الآيات النازلة في أهل البيت)، تحقيق: محمد باقر المحمودي، طهران: وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، ط1، 1990م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى