مقابسات

 شهادة الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي حول حقيقة أدعياء الزيدية وعلومهم وممارساتهم الباطلة

أولًا: ضعف علوم الحديث عند أدعياء الزيدية [الصفحات 140-144]

يجدر بنا هنا أن نذكر منهج الزيدية في الجرح والتعديل، والقواعد المتبعة عندهم في قبول الحديث، حتى تعرف عِظم الجُرم الذي أقدم عليه صاحب كتاب: “الزيدية..” في رمي أهل الحديث بالكفر والنفاق:
أولا/ في مقدمة الأزهار، تأليف العلامة أحمد بن يحي بن المرتضى أنّ التقليد في مسائل الفروع لا يجوز إلا لغير المجتهد، بمعنى أن من كان قادراً على الاجتهاد فلا يجوز له التقليد، وهذه منقبة تذكر للمذهب الهادوي، غير أن ما يدعو إلى العجب أن من أخذ بهذه الدعوة إلى الاجتهاد، فخرج من ربقة التقليد ممن تأهل لذلك، نجد بعض معاصريه من الهادوية، (المنسوبين إلى المذهب الزيدي)، ينقمون عليه، ويعادونه ويعتبرونه مخالفا لما عليه أهل البيت بل قد يناله منهم من السباب والشتائم والأذى، ما يحمل بعضهم على العزلة، أو مفارقة الوطن، ومن هؤلاء الذين واجهوا مثل هذا الأذى:
– محمد بن إبراهيم الوزير (ت ٨٤٠هـ).
–  صالح بن مهدي المقبلي (ت ۱۱۰۸ هـ).
–  محمد بن إسماعيل الأمير (ت ۱۱۸۲ هـ).
– محمد بن على الشوكاني (١٢٥٠هـ)، وغيرهم.
فتجد الدعوة إلى الاجتهاد في واد، والواقع العملي في واد آخر، وهذا يذكرني المثل المصري، الذي يقول: “العب ولا تتحرك” وكذا هؤلاء كأنهم يقولون: اجتهد، ولكن لا تخرج عن مذهبنا!
ثانيا/ هناك نصوص لأهل العلم تدل على عدم عناية علماء الزيدية بعلم الجرح والتعديل، وطرق معرفة الصحيح من الضعيف من الأحاديث النبوية، فهذا الإمام محمد ابن إبراهيم الوزير، وهو علم من أعلام أهل البيت يقول في كتابه: “الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم” ما لفظه:
“قال[1] والضابط في ذلك أنّ ما صححه أئمتنا من ذلك فهو صحيح، وما ردوه أو طعنوا في روايته، فهو مردود، مثل خبر الرؤية، عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله وإنما كان ما ردوه أو جرحوا راويه مردوداً ومن جرحوه مجروحا لوجهين:
أحدهما: أن أئمتنا عدول، لصحة اعتقادهم واستقامة أعمالهم، والقطع أنّه إذا جرح الراوي جماعة عدول فإن جرحهم مقبول؛ لأنّ الجارح مقدم على المعدل.
الثاني: أنها إذا تعارضت رواية العدل، الذي ليس على بدعة، ورواية المبتدع قُدمت رواية العدل الذي ليس على بدعة، وهذا مجمع عليه.
أقول [والقائل ابن الوزير]: الجواب على هذه الجملة يظهر بذكر وجوه جُملية، ووجوه تفصيلية، أما الجملية:
فالأول منها: أن نقول: ما مرادك بالأئمة هاهنا هل الجميع أو البعض منهم؟
إن أردت البعض، فقولهم ليس بحجة لا عند الزيدية، ولا عند أهل الحديث، وإنما هم من جملة الثقات، الذين يجوز -عند جميع المسلمين- أن تعارض رواياتهم برواية من هو مثلهم، أو فوقهم في الحفظ والصدق، فإنّ كل ثقة، يجوز وجود من هو مثله، أو فوقه، في باب الرواية، ولم نعلم أحداً من مصنفي الزيدية والمعتزلة، جعل الخلافة، ولا نسب فاطمة رضي الله عنها، من أسباب الترجيح في الرواية، على أنّ في ولد فاطمة رضي الله عنها: الشافعي والحنفي والمالكي، والحنبلي، كما أنّ فيهم الزيدي، والإمامي، وقد بينا من قبل اختصاص أحاديث البخاري ومسلم بوجه من وجوه الترجيح، لا يوجد في غيرهما، وهو تلقي الأمة لأحاديثهما بالقبول، وبيّنّا أن أهل البيت وأئمة الزيدية، من جملة من تلقى أحاديثهما بالقبول.
وإن أردت الكل من الأئمة، فما أردت أيضاً بتخصيصهم بالذكر؟ هل توهمت أنّهم هم جميع أهل البيت حتى ينعقد بإجماعهم إجماع أهل البيت؟ هذا وهمٌ فاحش، فلم يقل أحد أن أهل البيت هم الخلفاء دون غيرهم، على أن القول بأن إجماع أهل البيت حجة مسألة خلاف بين أهل البيت، فإنّ فيهم من لا يقول بذلك: أعني في الزيدية منهم، أما سائر الفرق فظاهر، فهؤلاء المعتزلة أقرب الفرق إلى الزيدية، يخالف أكثرهم في هذه المسألة أقصى ما في الباب أن إجماعهم حجة قاطعة، لكنّا قد بيّنا من قبل أنهم مجمعون على صحة أحاديث كتب السنة التي صححها أئمة الحديث، وبيّنا أنهم يعولون في أحاديث الأحكام عليها، ويفزعون في مهمات حوادث الشريعة إليها، وأن ذلك مستمر شائع ذائع في ديارهم، من غير ظهور نكير، وهذه إحدى طرق الإجماع، أقصى ما في الباب أن تنازع في صحة هذا الإجماع، فلا أقل من ثبوت الخلاف بينهم في صحة كتب الحديث، وهذا القدر: أعنى أن فيهم من يقول بذلك معلوم لا يمكن إنكاره، ومع ذلك بطل عليك إجماعهم، ولم يكن في الاحتجاج ببعضهم اولى من خصمك في الاحتجاج بمن خالف من قلدته، ونازع من تابعته.

الوجه الثاني: أن قولك بالرجوع في الحديث، وتصحيحه وتضعيفه، وردّه وتعليله إلى أئمة الزيدية، يحتاج إلى تمهيد قاعدة وهي: أن يكون أئمة الزيدية قد صنّفوا في معرفة صحيح الحديث ومعلوله ومردوده ومقبوله، ما يكفي أهل الاجتهاد من أهل الإسلام والمعلوم خلاف ذلك، فإنّ من أهل الاجتهاد من لا يقبل المرسل ومنهم من لا يقبل من وقفه الأكثرون ورفعه بعض الثقات أو وصله وقطعوه، أو أسنده وأرسلوه، ومعرفة هذا يحتاج إلى تأليف في العلل، والذي صنف كتب العلل هم علماء الحديث كالدار قطني وغيره، وليس لأئمة الزيدية في ذلك تصنيف البتة، ومن لم يفرد للعلل تأليفاً من المحدثين ذكرها في تأليفه في الحديث، كما يصنع أبو داود والنسائي وغيرهما، بخلاف من جمع الحديث من الزيدية، فإنه لا يتعرض لذلك. وكذلك المجتهد يحتاج عند تعارض الأحاديث إلى معرفة الراجح بكثرة الرواية، أو زيادة معدليهم أو كون بعضهم مجمعاً عليه وبعضهم مختلفاً فيه، وهذا يحتاج إلى معرفة فنّين عظيمين:
أحدهما: معرفة طرق الحديث، وهو فن واسع لا يعرف للزيدية فيه تأليف، وقد تعرض لذلك جماعة من أهل المسانيد والصحاح والسنن من المحدثين، وجمع الحافظ الماسرجي[2] في ذلك “المسند الكبير” الذي فرغ في قدر ثلاثمائة مجلد كبار، واختصر الحفاظ منهم أحاديث الأحكام، وجردوها من هذه المؤلفات الواسعة، وذكروا ما تجب معرفته من وجوه الترجيح على أخصر ما يمكن تسهيلاً على الأمة، وتمهيدا لقواعد الملة.
الفن الثاني: علم الجرح والتعديل، وما فيه من تعريف مراتب الثقات والضعفاء، الذين لا يتم ترجيح حديث بعضهم على بعض، إلّا بعد معرفته، وهو علم واسع، صنف الحفاظ فيه الكتب الواسعة الحافلة، حتى جمع الفلكي[3] فيه كتابا فُرّغ في ألف جزء، ثم لم يزل الحفاظ يهذبون ويختصرون ما لا بد من معرفته، حتى انضبط ذلك -بعد الانتشار الكثير- في مقدار الخمسة مجلدات أو ما يقاربها، وليس للزيدية في هذا الفن تأليف البتة، وهذه علوم جليلة لا بد من معرفتها عند من يعتقد وجوب معرفتها، من أهل الاجتهاد، فقول المعترض: إنّ الواجب هو الرجوع إلى أئمة الزيدية في علم الحديث، قول مغفل، لا يعرف أن ذلك مستحيل في حق أكثر أهل العلم الذين يشترطون في علوم الاجتهاد ما لم تقم به الزيدية، وإنّما هذا مثل من يقول: إنه يجب الرجوع في علم الطب إلى الآثار النبوية، والآثار الصحابية، ولا يجوز تعديها إلى غيرها، ومثل من يقول : إنّه يجب الرجوع في علم الأدب إلى أئمة الزهاد، وأقطاب أهل الرياضة… إلى أن قال:
فكذلك أئمة الزيدية ليس لهم من التأليف في علم الحديث ما يكفي المجتهدين، فما للمعترض، والتعرض لانتقاص المحدثين، الذين قاموا بما قعد عنه غيرهم من علوم الدين، وهذا أمر يعرفه من له أدنى تمييز، وإنما أُتِيَ المعترض -في انتقاص المحدثين- من قلة الإنصاف ومحبة الاعتساف، والله درّ القائل: أقِلُّو عليهم -لا أبا لأبيكم- من اللوم أو سُدّوا المكان الذي سَدُّوا.
الوجه الثالث: أنّا لو رجعنا إلى تصانيف الزيدية في الحديث لكنا قد رجعنا إلى أضعف مما استضعفت، وأنكر مما استنكرت، وذلك لأن المصنفين من الزيدية في الحديث، ليس إلا: القاضي زيد والإمام أحمد بن سليمان، والأمير الحسين، والإمام يحي بن حمزة، هؤلاء الذين توجد تصانيفهم في أيدي الزيدية في نجد اليمن”. ثم قال: أما القاضي زيد فقد ادّعى في شرحه الذي يروي فيه الحديث إجماع الأئمة قبول خبر أهل الأهواء؛ وأما الإمام أحمد بن سليمان، فقد صرّح في خطبة كتابه بالنقل من كتب المحدثين، بل ذكر أنّه جمع كتابه من كتب مسموعة، وكتب غير مسموعة، ولم يميز ما رواه من الكتب المسموعة، مع أنّ كتابه عمدة عند علماء الزيدية، معتمد عند المجتهدين منهم؛ وأما الأمير الحسين، فينقل من كتب المحدثين وهما معاً ينقلان من كتاب القاضي زيد، وكل كتبهم خالية من الإسناد، وبيان من خرَّج الحديث من الأئمة، وأما الإمام يحيى بن حمزة، فينقل عنهم الجميع، وعن جميع أهل التأويل، ويصرح بذلك، وأما من لم يصنف في الحديث، من أئمة الزيدية، ولكن توجد الأحاديث في كتبهم، ففيهم من يصرح بقبول أهل الأهواء وفسّاقهم وكفارهم، كالمؤيد بالله، مع إجماع الزيدية على قبول ما أرسله بل قال المؤيد: إنّ الظاهر من قول أصحابنا: قبول شهادة كفار التأويل بلفظ أصحابنا، وهذا يقتضي روايته لذلك عن جميع علماء الزيدية، وهو مجمع على ثقته عند الزيدية، فوجب قبول روايته، وهي تقتضي أنّ الرجوع إلى حديث الزيدية مشكل على من لا يقبل حديث كفار التأويل، وكذلك المنصور بالله فإنه قال في المهذب ما لفظه: “وقد ذكر أهل التحصيل من العلماء جواز قبول أخبار المخالفين في الاعتقادات، وروى عنهم المحققون بغير مناكرة” هذا لفظه، وهو رواية عن أهل التحصيل، وقد ادعى الإجماع على قبول على قبول فساق التأويل في كتاب الصفوة.

DALL·E 2024 03 12 21.49.58 An artistic representation encapsulating the essence of an article discussing Zayd ibn Alis perspectives and contributions to the Zaydi sect focusin e1710269517989  شهادة الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي حول حقيقة أدعياء الزيدية وعلومهم وممارساتهم الباطلة

ثانيا/ استغراب: من أقصى الزيدية وأبعدهم؟ ص[222-226]

وتحت عنوان: “همسة في أُذُن الزيدي” وجّه صاحب الكتاب نصيحة إلى الزيدية داعياً لهم إلى الاستمرار بالتمسك بمذهبهم، غير أنه عَرَّج -كعادته- على أهل السنة، واتهمهم بأنّهم أقصوا الزيدية عن: المنابر، والمعابر، والمدارس، والمساجد، والمزاحمة في الكتاب والمحراب…”، وهذه الشكوى المتكررة تدعو إلى الاستغراب، من جهتين:
الأولى: كيف يتنكّر الزيدي لمذهبه فيصير من أهل السنة، مع اعتقاده الجازم بأنّه على الحق، وإذا صحّت الدعوى: بأنّ الإغراءات الماديّة التي يملكها أهل السنة -حسب زعم صاحب الكتاب- هي التي تحمل الزيدي على التحول عن مذهبه، فالأمر أنكى وأشد، فهل معنى ذلك أنّ الزيدي أصبح المال عنده أغلى من التمسك بالحق؟ وهل وصل الحال به إلى المتاجرة بالدين؟ إنّ هذا كله لا يشرّف الزيدي، ولا الزيدية، ولا يدل على تمكن الحق ووضوحه من نفس صاحبه، إلا أن يكون قد رأى الحق في غيرها ففارقها.
الثانية: ألم تكن المنابر وغيرها مما ذكره صاحب كتاب “الزيدية…” في أيديهم لقرون طويلة، وماذا صنعوا فيها، أليس من أصولهم: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” كما هو معروف من أصول المعتزلة؟
وهل كانت الفترات التي حكم فيها آل حميد الدين خالية من المظالم؟
ولماذا كنا نشاهد المساجد مَوَاتاً من أمر بمعروف أو نهي عن منكر؟
أليسوا يضربون المثل دائماً بالإمام زيد رحمه الله تعالى في خروجه على الظلمة؟ ولماذا نكصوا على أعقابهم، هل آثروا الدّعة والراحة والسلامة على قول الحق والصدع به التزاماً بما يعتقدون أنّه أصل من أصولهم؟ يا للعجب!
لقد كانت خطبة الجمعة في فترة حكم الأئمة لليمن هي الخطبة الوحيدة التي الناس فيها الموعظة، ولكنها كانت في الغالب لا تعالج أي مشكلة ولا تتطرق المعضلات النازلة بالناس، ولا تنكر على ظلم في الغالب بل كان كثير الخطباء ما يزالون يخطبون من كتاب “ابن نباته” وأمثاله وقد يكرر الخطيب خطباً نمطيّة لا تأتي بجديد، سوى أنّها تجلب النوم لكثير من الحاضرين، وكان أهم ركن في الخطبة البدعة المستحدثة: الدعاء للأئمة، ولو أنّ أيّ خطيب أهمل ذلك -عمداً أو نسياناً- لتعرّض لعقوبة صارمة، وقد سبق ما ذكره الشوكاني ما حصل لابن الأمير حين نسي ذلك في إحدى الجُمع، وتعرّض للمؤامرة بقتله، ثم حُبس، وعُزل عن المنبر، وأذكر أن القاضي محمد بن علي الأكوع رحمه الله الذي كان مؤذن الجامع الكبير بصنعاء، كان يخطب في الجامع الكبير بصنعاء قبل الثورة، ونسي في جمعة من الجُمع الدعاء للأئمة، وحاول أن يعتذر، ولكنه لقي تعنيفاً شديداً، خاصّة من السيد يحيى محمد عباس المتوكل، الذي كان يشغل في ذلك الوقت رئيس المحكمة العليا، وقد شاهدت حينها هذا الموقف، ثم أقصي الأكوع عن الخطابة.
ورحم الله والدي، لقد كان أحياناً إذا شرع الخطيب في الدعاء للأئمة، يكلم من بجواره، ويقول: هذا لا يدخل في الخطبة التي يحرم الكلام أثناءها.
وأخبرني القاضي الأكوع نفسه ذات يوم أنه خرج من منزله يوماً دون أن يحمل على كتفه “اللِحْفَة”[4]، التي تعوّد كثير من أهل صنعاء، وغيرهم حملها، فلقيه نائب الإمام بصنعاء، فأنكر عليه وقال له: “أين اللحفة؟” فألف رسالة بعنوان: “أين اللحفة؟” أودعها كثيراً من المظالم والمفاسد التي كانت شائعة في ذلك الوقت، وقال ما معناه: لقد نسي نائب الإمام، كل هذه المفاسد والمظالم، ولم يسؤه إلا أني لم أكن قد حملت “اللحفة” على كتفي وكأن أعظم منكر رآه: هو ترك حمل “اللحفة” على الكتف، وكان يتمنى طبع ونشر الرسالة المذكورة، غير أنّه لم يجد مَن يساعده على ذلك.
وإذا عجز علماء الزيدية عن نشر المذهب الزيدي في ديارهم، وتمكينه من نفوس الأتباع -إلا القليل- فهم أشد عجزاً عن نشره خارج حدود ديارهم، وكيف يريدون من الناس جميعاً أن يدينوا بمذهبهم على اعتبار أنّه المذهب الحق، الذي لا طريق إلى الجنة إلا عن طريقه، وهم لم يحركوا ساكناً على مدى قرون، قبل ظهور ما يسمونه بــ “الوهابية والريال والدولار”؛ وهذا كله يجُرُّ إلى اتهام الله سبحانه بالظلم، إذ كيف يفرض الله تعالى على عباده في أقطار الأرض كلها مذهباً معيناً، ثم لا يقيّض له من يحمله إلى الناس كافّة، وأنّ الحق الذي بعث الله تعالى به محمداً لم يبلغ سوى فئة محددة في جُزء من اليمن، بل لقد شاهدنا في بلدتنا “مدينة ذمار” وهي المعروفة بـ “كرسي الزيدية” طوال حياتنا فيها أموراً غريبةً، فما رأينا مِن العامة الذين يدينون بالمذهب الزيدي شيئاً يمثل حقيقة المذهب الزيدي، سوى أننا إذا دخلنا الأسواق سمعنا أصوات من يروّج لبضاعته بقوله: “يا عليّاه، يا أبا الحسنين لعن الله باغض علي” وأمثال هذه العبارات، وكنّا نأتي أحياناً إلى المسجد المجاور لمنزلنا والمعروف بــ “مسجد المدرسة الشمسية” وقد كَتب بعض الأطفال على جدار صحن المسجد عبارة: “لعن الله أبا بكر وعمر وعثمان” مع أن هؤلاء الأطفال ما يزالون على براءتهم ولم يتلقوا العلم في حوزات “قم” ولم ينتموا إلى الرافضة، غير أنّها إملاءات الآباء الذين يزعمون أنهم زيدية وإذا كان هذا شأن “كرسي الزيدية” فكيف بنعالها؟ وتراهم يسخرون من الأسماء المباركة أسماء أهل البيت: محمد، وعلي، والحسن، والحسين، والهادي وجعفر.
فأمّا اسم “محمد” فإنّه إذا ألّح شخص على آخر في أمرٍ ما، يقول له صاحبه: “اكرُضُه يا محمد” مع تحريف الاسم “بضم الحاء”.
 ∙ وأمّا اسم “علي” فإنّ المرأة إذا سمّت ولدها بــ “علي” تقول لها النساء: “سَـمِّي علي واصبري” إشارة إلى أن مَن يُسمّى هذا الاسم يكون كثير الأذى لذلك يتشاءَمْنَ منه.
∙ وأمّا اسم “الحسن” فإنّ المرء إذا أراد أن يعبّر عن سوء حاله وبؤسه من شدة الفقر، فإنّه يقول لك -عند سؤاله عن حاله-: “سِيْدِي حسن” كناية عن الفقر، وقد يُثني يده اليمنى إلى أعلى ليؤكد على بؤس حاله.
∙ وأمّا اسم “الحسين” فإنّهم إذا أرادوا أن يسخروا من شخصٍ، يقولون له: “حسين لك يا حسين يا نادِش القعشتين”.
∙ وأمّا اسم “الهادي” فقد شاع عند الناس، إطلاق كلمة “حق ابن هادي” على الرشوة.
∙ وأمّا اسم “جعفر” فإنهم يطلقونه سُخرية واستهزاءً على “دبُر الآدمي”.
 هذه صورة من صور تعظيمهم وحبّهم لأهل البيت، وتطبيقهم للزيدية في عقر دارها.
وكان هذا كله شائعاً، دون أن نسمع من أحدٍ نكيراً، في الوقت الذي لم يكن هناك “سلفيون” يمكن اتهامهم بأنهم مصدر ذلك!!
أمّا مظالم القضاة والحكام في الفترة التي عشناها، فحدِّث ولا حرج، فقد كان أَكْيَس القضاة أكثرهم كَسْبَاً من مجالس القضاء، كما كان يفعل صاحب كتاب: “الزيدية..” حين كان ينوب أباه عند غيابه في “دَمْت” عندما كان قاضياً فيها قبل الثورة بل سمعنا أنَّه بلغ الحال ببعضهم، أنَّه إذا جلس في مجلس القضاء وضع بين يديه “كوفية”: “قلنسوة” فلا يقوم من مجلسه حتى يملأها من المتقاضين بين يديه.
واشتهر عن الحسن بن يحي حميد الدين الذي كان يُعرف بالرجل الزاهد، أنه كان يجبي الزكاة عن طريق ما أطلق عليه “الصُبْرة” في لواء “إب” الذي تولى إِمرته، فقد كان أولاً لا يعتمد في أخذ زكاة الحبوب النصاب الشرعي، بل كان يأخذها في الكثير والقليل، وأما “الصبرة” فهي أنّ الخارص المبعوث من قبل الحسن إذا خرص الزرع بقدر معلوم، فإنَّ الحسن في العام القادم يكتفي بالخرص في العام الماضي، وكان يُنزل العقوبات الصارمة على من لم ينفّذ رغبته، وكان الناس يجدون منه عنتاً ومشقة، وظلماً لا يُطاق تَحَمُّله، مع أنه كان يُطلق عليه الرجل “الزاهد” وكان مشهوراً بـشدة البخل، وكل هذا باسم المذهب، وأهل البيت، والإمامة… إلخ مع وجود العلماء الذين ما عرفنا أحداً منهم أنكر على شيء من هذه المظالم، ولم يظهر أثر لمبدأ الخروج على الظالم في هذه الأجواء المليئة بالظلم.
ومن حقِّنا أن نتساءل: هل هذا هو المذهب الحق؟ وهل هذه هي زيدية الإمام زيد بن علي رضي الله عنه، وهل يريد دعاة الزيدية اليوم أن يحملوا الناس على الخضوع للزيدية بهذه الصور القاتمة، وهل الزيدية التي يدافعون عنها هي هذه التي ما رأينا غيرها في بلدنا؟
ومعنى ذلك أيضاً أن القرآن الذي بين أيدي الناس، والسنّة المطهرة، والسيرة النبوية، لا تكفيهم، ولا تغني عنهم حتى يعرفوا مذهب الاعتزال ويدينوا به؛ وكيف يكون مصير الصحابة والتابعين، الذين وافتهم المنية قبل أن يعرفوا مذهب الاعتزال، ولم يعتنقوه؟
إنها كارثة على الإسلام وأهله، ولقد كان من الواجب على كل معتزلي -منذ ظهر المذهب الاعتزالي- أن يكون هادوياً؛ لأنّ الحق مركب من الاعتزال، والمذهب الهادوي، ومن لزم أحدهما دون الآخر، فقد جزّأ الحق والحق لا يتجزّأ، وقد كان على المسلمين منذ ظهور الإسلام أن لا يفارقوا الحياة؛ حتى يظهر مذهب الاعتزال، ودعوة الإمام الهادي حتى يدركوا الحق كاملاً، وإلا فكيف يكون حالهم لو قيل لهم: كيف تفارقون الحياة قبل معرفة الحق ولزومه؟!
وهذا من تكليف الناس بما لا يُطَاق؛ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

الهوية وصورة الآخر عند الإمام الهادي 1  شهادة الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي حول حقيقة أدعياء الزيدية وعلومهم وممارساتهم الباطلة

ثالثا/ المذهب… والواقع ص[417-420]

هل مذهب أهل البيت المتمثل في المذهب الهادوي، والذي يدَّعي أصحابه أنه الحق لا سواه، هل المراد بهذا المذهب الممارسة في الواقع، بحيث يتمثل في أَتْباعِهِ سلوكُ أهل البيت، من العلم، والورع، والجهاد، والدعوة، والتواضع، والحرص التام على سلامة التطبيق في التعامل مع العبادات، والمعاملات، ومع القريب والبعيد، والصديق والعدو… إلخ؟
أم أن المراد مجرد الانتساب إلى المذهب، ودعوى حبِّ أهل البيت، مع وجود ما يناقض هذه الدعوى؟
– فإذا كان الغرض من المذهب هو الجانب الأول: وهو أن يبرز الإسلام في سلوك الفرد، والأسرة، والمجتمع، وفي العالِم والجاهل، فما بالنا نرى السواد الأعظم من أتباع المذهب الزيدي (الهادوي) لا يعرفون في حياتهم سوى الاحتكام إلى الأعراف، وامتهان المرأة، وحرمانها من الميراث، والتحكم في حياتها واختيار الزوج لها دون رضاها، والثارات القبلية وعدم الحرص على اتقان العبادات، وشيوع الجهل لأبسط الأمور؟ إلى غير ذلك.
– وإذا كان علماء مذهب أهل البيت في اليمن، قد عجزوا عن تعميق الفهم الصحيح للمذهب في نفوس أتباعهم، فكيف يريدون من العالَم خارج اليمن أن يتّبعوا مذهبهم، الذي يعتقدون أنّ الحق منحصر فيه، وأنه لا نجاة لمن لم يتبعه؟
وإذا كان الغرض هو الجانب الآخر: أعني مجرد الانتساب إلى المذهب ودعوى حب أهل البيت، وعدم الحرص على تطبيق الإسلام في الواقع، والتغاضي عن كل المخالفات في سلوك الأفراد والجماعات، مهما كثرت المخالفات، وانتشر الفساد، وأنّ هذا الانتماء وحده كافٍ في إدخال الفرد الجنة، فهل هذا هو الإسلام؟
وهل بعث الله عزّ زجل محمداً ﷺ بالرسالة الخاتمة إلى العالمين من أجل هذه القشور والدعاوى الفارغة عن الحق؟ والتي تعين على الإيغال في الفساد والإفساد، وهل يشرّف رسول الله ﷺ أن تأتي أمّتُه وهي خير أمّة أُخرجت للناس، يوم القيامة، وقد خلت صحائفها من الأعمال الصالحة سوى دعوى حبّ أهل البيت؟
وأيُّ حبٍّ هذا الذي لا يرافقه التطبيق للإسلام، ولماذا تتورَّم الأنوف عندما يجدون غيرهم ينجح في الدعوة إلى نشر السنة، وهم قد عجزوا عن القيام بواجبهم نحو مذهبهم، ونحو تعميق مفاهيم الإسلام الصحيحة في نفوس الناس، فلا هم الذين شَرُفُوا بحمل هذا الواجب ولا هم الذين يريدون لغيرهم أن يقوم به.
– إنَّ من المفارقات العجيبة، أن يدعي أهل المذهب، أن صاحب الكبيرة إذا مات ولم يتب منها مُخَلَدٌ في النار، وهي مسألة “المنزلة بين المتزلتين” المعروفة عند المعتزلة، غير أنهم يقولون لمن يسمونهم بشيعتهم: إنَّ من أحبَّ أهل البيت نَجَا يوم القيامة مهما كانت ذنوبه، وكأنَّ أحكام الوعيد إنّما تنطبق على من ليس من شيعتهم، كما أنّ الشفاعة التي ينكرونها يوم القيامة، لا يعممون الحكم فيها على أشياعهم، بل يقولون لهم سيشفع لكم رسول الله إلى غير ذلك من الأباطيل، والتناقض والأهواء والتلاعب بأحكام الشرع!!!

رابعا/ من هو صاحب الحق في المذهب؟

1- عند المقارنة بين آراء الإمام زيد، والإمام الهادي، نجد اختلافاً في عدد من المسائل، كما أوضحت ذلك في صــ (٣٧٥ – ٣٨٧) مع أنَّ الكل من أهل البيت، وفي هذه الحال: هل يتعدد مراد الله تعالى، أم أنّ الحق مع واحد؟
فإن كان مراد الله تعالى متعدداً، فإنا نحكم في هذه الحال بصحة آراء الطرفين، بل ويتعدى ذلك الحكم إلى آراء غيرهما ممن يخالفهما سواء أكان من أهل البيت أم من غيرهم، -وإن كان هذا المسلك قد يؤدي في بعض المسائل إلى الجمع بين النقيضين في المسائل التي فيها الجواز وعدم الجواز- وفي هذه الحال لم يبقَ لهم الحق في الاعتراض على أحد ممَّن يخالفهم.. وإذا ادّعى كل من الطرفين أنه أخذ ذلك عن جده فمن يُصَدّق في هذه الحال؟ وإذا صدقنا الجميع، فسيلزم من ذلك أن جدهم كان يقول بالشيء ونقيضه، وهذا مستحيل!!
وإن كان الحق مع واحد فسيلزم من هذا: الحكم بالضلال على أحد الطرفين، بل لا بدَّ في هذه الحال من معرفة من هو الطرف الذي على الحق دون غيره سواء من أهل البيت أم من غيرهم؟ والحكم على أحدهما بدون دليل تحكّم.
وهذا سيدخل الناس في التضليل والتفسيق الذي يحرمه الإسلام، مع ما قد عُلم من أنَّ مَن اجتهد فأصاب فله أجرانِ، ومَن اجتهد فأخطأ فله أجر كما هو معلوم من النص النبوي على صاحبه الصلاة والسلام.
2- عند اختلاف أئمة أهل البيت في مسائل أصولية أو فروعية، وفيها من التباين، بحيث إذا تم الأخذ ببعضها استحال الأخذ بالآخر، فمن هو الذي يُطلق على رأيه في هذه الحال أنّه رأي أهل البيت، وبأي الرأيين يأخذ العامي المقلّد، وهل إذا أَخذ بأحدهما وأعرض عن الآخر يسمّى مقلداً لأهل البيت كلهم متبعاً لهم، أو مخالفاً، أم نصفه متابع، والنصف الآخر مخالف؟ ومن الذي ينطبق عليه من المختلفين من أهل البيت أنَّه من قرناء الكتاب؟
وعند تباين الآراء، أيّ الرأيين ينسب إلى مذهب أهل البيت، وما هو المعيار المنضبط لنسبة أحدهما ورفض الآخر، وإذا نُسب بعضها دون بعض، فماذا يُقال عن الرأي الآخر الذي لم يُنسب إلى المذهب، وهل القواعد التي بني عليها المذهب، قواعد أجمع عليها أهل البيت، منذ عليّ بن أبي طالب أم فرض على كل منتسب إلى المذهب أن يأخذ بها سدَّاً لباب الخلاف، ثم ما هو مستند واضع هذه القواعد، وإذا كان مستندها الأدلة، فهل هذه الأدلة قطعية الدلالة، أم ظنية : قابلة للأخذ والردّ، وإذا كان مستندها دلالات ظنية، فهل يجوز الخروج عليها أم لا ، ثم هل هي فوق النصوص بحيث تصبح النصوص محكومة بها، فتكون في هذه الحال أعلى مرتبة من الأدلة الشرعية؟ أم هي محكومة بالنصوص، وهل يأثم المخالف لها من أئمة أهل البيت إذا أدّاه اجتهاده إلى مخالفتها؟ أم أنها مجرد تخريجات على ما فهمه المخرجون للمذهب قد يخطئون فيها وقد يصيبون، وعلى هذا فهي قائمة على مجرد الظنّ الذي لا يستند إلى دليل، وكيف يُقام مذهب على تخرُّصات وظنون؟

بن علي و الزيدية e1708871442299  شهادة الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي حول حقيقة أدعياء الزيدية وعلومهم وممارساتهم الباطلة

خامسا/ التنكر للزيدية؛ والتوجه نحو حوزات “قم” ص[425-427]

لم يكتف زيدية اليمن أنَّهم حصروا أنفسهم من بعد الإمام الهادي يحي بن الحسين في أن صاروا “جارودية” بل دفع كثيراً منهم عوامل كثيرة إلى أن أخذوا يتوجهون نحو الرفض، الذي يعرفون موقف الإمام زيد والإمام الهادي وغيرهما من أئمة أهل البيت منه ومن هذه العوامل التي دفعتهم إلى ذلك الآتي:
1. النكاية بالثورة التي قلصت نفوذ مذهبهم، حتى كسرت حاجز التهيُّب من التحرر من أغلال المذهب المفروض على الناس باسم الإسلام وهو مذهب أهل البيت -حسب زعمهم-، وانحصار الحق فيما هم عليه كما يدعون.
 2. انتشار السنة النبوية بعد الثورة، وانحسار المذهب، وبداية عهد جديد يخرج الناس من التَّحَيُّز لمذهب معين، ويَُحطِّم أغلال التعصب المذهبي، والصراع والجفوة بين أبناء البلد الواحد.
3. كونهم لم يجدوا من يسندهم على حماية المذهب، فلا دولة لهم بعد قيام الثورة، ولا حُسن تنظيم يجمع شتاتهم، ولا ولاء صادق عند عامتهم -لما يغلب على السواد الأعظم من الجهل بالمذهب الزيدي سوى القشور-، ولا إمكانات مادية.
حتى إذا ما ظهرت دولة الرافضة، وجدوا في ولاتها بغيتهم، ورأوا أنهم أقرب الناس عقائدياً إليهم بجامع مطلق التشيع، وإن كانوا في أصول مذاهبهم يكفر بعضهم بعضاً، لأن الغرض لم يعد حماية المذهب، وإنّما الغرض الانتقام من الخصم، ولَوْ بعدوّ..
4. ما حدث بعد الثورة من التشويه بتاريخ أئمتهم الذين حكموا اليمن من قِبَل أجهزة إعلام الثورة وغيرها، وإظهار مساوئهم التي أنهت حكمهم.
5. شدَّة حرصهم على أن لا يخرج الحكم من أيديهم، لاعتقادهم أنَّهم وحدهم أصحاب الحق، كما يسمونه بـــ “الحكم الإلهي” وأنّ الولاية منحصرة في البطنين، وأنَّ حكام الثورة اليمنية مغتصبون ظلمة يجب الخروج عليهم ولو بطرق غير مشروعة.
6. سقوط القداسة التي كانوا يفرضونها لأنفسهم على غيرهم من أبناء قحطان، حيث فرضوا على كل مَن لم يكن هاشمياً أن ينادي الهاشمي بوصف: “يا سيدي” حتى لو كان غير الهاشمي من أتقى الناس وأعلمهم، والهاشمي من أفسق الناس، -الأمر الذي لم يُعهد في تاريخ أئمة أهل البيت رضي الله عنهم من أصحاب العلم والورع والتقوى في العصور المفضلة، والذين كانوا أحقّاء بهذا اللقب- حتى يوجدوا لأنفسهم سمة يتميزون بها عن سائر المسلمين، وهذه من المحدثات، كما أنَّ فيها مخالفةً لما يجب أن يكون عليه أهل البيت من التواضع، وحسن الخُلُق، وعدم الترفع على الآخرين.
7. عجزهم عن تطبيق مذهبهم في الخروج على الحاكم، خاصة بعد مساندة الثورة من قِبَل كثير من الهاشميين الذين سئموا الظلم إبان الحكم الإمامي باسم الإسلام.
ليس الغرض اليوم من الاتجاه إلى الرافضة حماية المذهب، إذ لم تعد المقاصد دينية، وإنما الغرض الانتقام من الخصم، فهو إذاً غرض سياسي بحت، ولو أدّى إلى ضياع المذهب، بدليل أنّ الرافضة يستحيل عليهم مساندة الزيدية من أجل الحفاظ على مذهبٍ يرونه خصماً تاريخياً لهم، ولذلك تجد الممارسات على أرض الواقع بعيدة كل البعد عن أصل المذهب الزيدي أو الهادوي، وخير شاهد على ذلك ما يقوم به أدعياء الزيدية اليوم من إقامة بدعة “عيد غدير خم”، وإحياء بدعة “ذكرى عاشوراء” في مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه، ويختلط الرجال بالنساء، وهذا ما حصل في صنعاء، في قاعة العبير، في شارع القيادة، وذلك يوم الأربعاء العاشر من محرم/1433هـ، الموافق: 7/12/2011م، عند إحياء أدعياء الزيدية لبدعة “عاشوراء” حيث لبس الجميع السواد، وكان ثمَّ ضرب الصدور والصياح والنياح على الحسين، وهذا ليس من مذهب الزيدية كما هو معلوم، بل هو من بدع الاثنى عشرية الوافدة من “إيران”؛ لأنّ تشريع رسول الله ﷺ، ثبتَ بصيامِ يوم العاشِر من المحرّم ومات رسول الله ﷺ على هذا التشريع، فلا طريق إلى نسخ هذا التشريع بأي حادث يكون بعدَه، سواء كان مفرحاً أم محزناً، موتاً أم حياةً.
– ولا ننكر أنه ما يزال في الزيدية بقية من عقلائهم وعلمائهم الحريصين على صيانة المذهب الزيدي من التصدع والانهيار، والدفاع عنه، وعدم الانزلاق إلى ما يصادمه المذهب الرافضي، واعتبارهم الخروج عنه خروجاً عن الحق الذي يعتقدونه، وتنكراً لأهل البيت، ولمذهبهم الذي عاش عليه الهادوية رَدحاً من الزمن في جزء من اليمن.
– غير أنّ هؤلاء -للأسف الشديد- صار صوتهم خافتاً، وجهدهم ضعيفاً، وأصبحوا يعيشون على هامش الحياة، ولم يعُد لهم قدرة على مقاومة التوجه العام عند كثير من الشباب الذين تمكنت من نفوسهم قناعات خاصة، ولم يعد هناك من يسندهم أو يسمع لكلامهم ونصائحهم، مع أنّ الذين تنكروا للمذهب الزيدي، ما يزالون يستغلونه عند العامة، ويوهمونهم أن التوجه الجديد لم يخرج عن إطار المذهب الزيدي، حتى لا يجدوا نفوراً من العامة، وإعراضاً عن حقيقة ما هم عليه، والله المستعان.
– ومن المعلوم أنّ الإنسان إذا اعتقد صحة شيء، ورسخ في قلبه ذلك الاعتقاد –حتى لو كان باطلاً- فإنه يثبت عليه، ولا يتزحزح عنه، فكثيراً ما ترى أهل الباطل يدافعون عن باطلهم، ويموتون في سبيل حمايته، والثبات عليه، فإذا رأيت الشخص ينكص على عقبيه -غير مكرَه- ويتنكر لمبدئه ومعتقده دلّك ذلك أنَّ معتقده كان قائماً على شفا جُرُف هارٍ.

* مقابس من كتاب جناية أدعياء الزيدية على الزيدية الذي فند فيه أباطيل وتخرصات شقيقه المتعصب أحمد الديلمي وكشف جهالاته في كتيبه/ الزيدية بين محب غال ومبغض غال

الهوامش:

  1.  يقصد بالقائل صاحب الرسالة التي كانت باعثة لابن الوزير على تأليف هذا الكتاب، والتي أشار إليها في مقدمة كتابه هذا ص ۸ – ۹. 
  2.  الصواب: الماسر جسي: وهو الحسين بن محمد بن أحمد أبو على ث ٣٦٥ هـ انظر الأعلام (۲۷۷/۲). 
  3.  هو: علي بن الحسين بن أحمد الفلكي الهمداني ت ٤٢٧ هـ. الأعلام: (5 / 89). 
  4.  هي عبارة عن قطعة من الصوف، أو القماش الأبيض توضع على الكتف الأيسر، وهي من تمام الزينة المعتادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى