في العصر الحديث ظهرت عدة إيديولوجيات شرقية وغربية قومية أو دينية ارتبط الدَّم والقتل بها ارتباطًا وثيقًا حتى غدا واحدًا من مميزاتها، وإن إحدى أبرز الإيديولوجيات المعاصرة التي ارتبط منهجها بالدم والعنف والإرهاب هي الإيديولوجيا الشيعية الحديثة التي أسَّسَ لها آية الله الخميني في إيران عام 1978l، فيما سُمي بالثورة الإسلامية.
الدموية والعنف والإرهاب الذي اتسمت به الدَّعوة الشيعية الإيرانية ظهرت جلية في تعامل النظام الإيراني الحاكم مع السُّنة المتواجدين في دولة إيران بحرمانهم من أبسطِ حقوقهم المعيشية والدينية عبر التضييق على المساجد وإغلاقها، واغتيال أئمة أهل السنة فيها، ثم ظهر بوحشية بالغة أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق عبر الميليشيات الشيعية التي قامت بإبادات جماعية في مدن مختلفة، وتفننت في ذبح البشر والتمثيل بجثثهم وحرق البساتين وتفجير المساجد وتهجير الشعب العراقي غير الشيعي، عدا عن دورها المركزي في عملية احتلال العراق وأفغانستان. ثم انتقلت هذه الدموية إلى سوريا واليمن ونتج عنها مجازر وجرائم حرب تشيب لها الولدان.
وهنا سؤال يطرح نفسه؛ هل هذه الدموية التي اتسمت بها العقلية العسكرية الإيرانية المعاصرة، هي دموية حادثة؟ أو هي امتداد طبيعي لموروث شيعي عميق؟
إنَّ المفتش في التراث الديني والتاريخي الشيعي يجد أنَّ العنف والدموية والاستخدام السيئ للسلطة كان يمثل جزءًا أساسيًا من أدبيات معظم الفرق الشيعية ودولها، وتم تطبيقه بحرفيّتِه في مراحل تاريخية عدة، على يد البويهيين والفاطميين والقرامطة ثم برز بأبشع صوره في العهد الصفوي، بين (1501م و 1736م)، وفترة الدولة الإيرانية الخمينية، (1978م – 0000).
الأساس العقائدي للدموية الشيعية
إنَّ العنف الشيعي يرتكز إلى فكرة المظلومية المستمرة التي تمنح المظلوم – أو مدعي المظلومية الموروثة – الحق في قتل الآخر بكل أجياله الماضية والحاضرة وحتى القادمة، وهي مظلومية ذات ثلاث شعب عند الشيعة الفرس، دينية وقومية وتاريخية، وذات شعبتين عند الشيعة غير الفرس، هما الدينية والتاريخية.
إنَّ التأسيس للعنف في العقليةِ الشيعية يرتبط بالدرجة الأولى بشخصية المهدي عليه السلام – في التصور الشيعي – لما يوصف به من دموية وقدرة على القتل والانتقام من كل من خالفه لدرجة عدم قبول التوبة ومؤاخذة الناس ببواطنهم، خاصة إذا كانوا عربًا أو قرشيين. وذلك ضمن فكرة البناء على المظلومية الدينية لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من قبل أهل السُّنة كما يدعي الشيعة.
روى النعماني عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ((لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه، مما يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف، ولا يعطيها إلا السيف، حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد، ولو كان من آل محمد لرحم)). وعند النعماني أيضا عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ((يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد، ليس شأنه إلا السيف، ولا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم))[1].
وروى النعماني عن الحسن بن هارون قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالسا، فسأله المعلى بن خنيس: (أيسير القائم إذا قام بخلاف سيرة عليّ عليه السلام؟) فقال: ((نعم، وذاك أن عليا سار بالمن والكف، لأنه علم أن شيعته سيُظهر عليهم من بعده، وأن القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي، وذلك أنه يعلم أن شيعته لم يُظهر عليهم من بعده أبدا))[2]. وفي رواية الصفار: أنه يأتيهم ((بالذبح))[3]. وفي البحار: ((وله أن يقتل المولي ويجهز على الجريح))[4].
وعن بشر بن غالب الأسدي، قال: (قال لي الحسين بن علي عليه السلام: ((يا بشر، ما بقاء قريش، إذا قدَّمَ القائمُ المهديُّ منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبْرًا، ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا؟)) وعن أبي عبد الله أنه قال: ((ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح، وأومأ بيده إلى حلقه))[5].
إن تخصيص العرب بالقتل وقريش بالذات يوضح الأساس العقدي والتاريخي الذي يقوم عليه التطرف الشيعي، فالمهدي عربي ولكنه سيكون وبالًا على العرب بالذات كما يتصور الشيعة الفرس، ولعلنا نفهم ذلك بوضوح أكثر حينما نقرأ ما جاء عند العلامة المجلسي في بحار الأنوار، إذ روى أنه حينما (خرج يزدجرد هاربًا في أهل بيته، وقف بباب الإيوان، وقال: ((السلام عليك أيها الإيوان! ها أنا ذا منصرف عنك وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه)). قال سليمان الديلمي: (فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن ذلك، وقلت له: ما قوله: ((أو رجل من ولدي))، فقال: ((ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده))[6].
فالمهدي عائد ليأخذ حق جده “يزدجرد” ذاك الجد المتنور الذي أُطلع على الغيب وآمن بالمهدي قبل وجوده، وحتى قبل أن يكون ثمة أي زواج بين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبين العجم.
وقد أضاف الشيعة إلى مظلومية الحرب بين الفرس والعرب، مظلومية الأملاك التاريخية، حيث توهم الإيديولوجيا الشيعية المعاصرة أتباعها أن معظم بلدان أهل السنة هي حق خالص لهم، اغتصبها أهل السنة منهم، كون الشيعة قد حكموا في الشام والعراق واليمن ومصر وغيرها زمنا ما في العصور القديمة. ويتجاهلون أنها فتح صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسكنها أولادهم من أهل السنة منذ أربعة عشر قرنا، وتخلل حكم الشيعة فيها عشرات السنين لا يعني أنها تحولت إلى حق خالص لهم، في قراءة مقلوبة للتاريخ والواقع ومفهوم الحق.
تاريخ من الدماء:
معظم طوائف الشيعة ودولهم التي نشأت في التاريخ القديم والحديث اتصفت بالظلم والدموية والاستخدام المتطرف للسلطة، ولم تستثنَ من ذلك إلا دول قليلة أو حقب زمنية محصورة غلب عليها غالبا العنصر الشيعي العربي الذي لم تستهوِه قصص الدم فتمتع بنوع من الاعتدال في تشيعه مقارنة بالتشيع العجمي الذي خلط بين أحقاد الرفض والشُّعوبية. ومن الدول الشيعية العربية التي اتسمت عموما بالتسامح والعدالة الدولة الحمدانية في بلاد الشام.
كان الحمدانيون يميلون إلى التشيع ويحتضنون في دولتهم كل أصناف الشيعة وغير الشيعة لما اشتهر عنهم من تسامح، وقد تأثر الناس بحكمهم فتشيع كثيرون في بلاد الشام تلك الفترة، ويشهد التاريخ أن تشيعهم كان تشيعًا عربيًّا خالصًا لا تداخله الشعوبية وما تنطوي عليه من حقد على العرب واستحلالٍ لدمائهم تحت تأويلات دينية متطرفة، كما هو شأنُ التشيع الفارسي، يقول ابن كثير يصف سيف الدولة الحمداني: (أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الشُّجْعَانِ وَالْمُلُوكِ الْكَثِيرِي الْإِحْسَانِ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَشَيُّعٍ، وَقَدْ ملك دمشق في بعض السنين، واتفق له أشياء غَرِيبَةٌ، مِنْهَا أَنَّ خَطِيبَهُ كَانَ مُصَنِّفَ الْخُطَبِ النباتية أحد الفصحاء البلغاء، ومنها أن شاعره كان المتنبي، ومنها أن مطربَه كان أبا نصر الفارابيِّ، وكان سيف الدولة كَرِيمًا جَوَادًا مُعْطِيًا لِلْجَزِيلِ)[7]. ويمكن للفكر الشيعي الحمداني أن يؤسس لمنهج شيعي مسالم، يسهم في إحلال سلام بين السنة والشيعة، إن تمكن عقلاء الشيعة يوما من مواجهة الإيديولوجيا الإيرانية المتطرفة التي اجتاحت المجتمعات الشيعية وأحرقت العالم الإسلامي منذ ثورة الخميني.
العمق التاريخي لإيديولوجيا الذبح عند الشيعة:
إن كتب التاريخ والعقيدة والمرويات عند الشيعة تزخر بقصص الدم والانتقام، التي يرى فيها الفكر الشيعي المتطرف مثالا يحتذى في التعامل مع المسلمين غير الشيعة، فمما جاء عن الحقبة العباسية، ما ذكره محسن المعلم في كتابه الشهير “النصب والنواصب”، حيث قال: في الرواية أن علي بن يقطين وهو وزير هارون الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدموا سقف المحبس على المحبوسين، فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبا، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى مولانا الكاظم فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه: ((بأنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إلي، فكفر عن كل رجل قتلته منهم بتيس، والتيس خير منه)) فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر، وهو كلب الصيد، فإن ديته خمس وعشرون درهما، ولا دية أخيهم الأكبر، وهو اليهودي أو المجوسي، فإنها ثمانمائة درهم، وحالهم في الدنيا أخس وأبخس[8].
وفي هذه الرواية ما يكفي لرؤية مستنقع الكراهية الذي تخوض فيه الذهنية الشيعية المعاصرة كما كثير من سابقاتها. وإذا كان العمل السابق صادرا عمن في يده السلطة فثمة أعمال كانت تصدر عمن لا يملك السلطة، تعتبر أعمالا بطولية في الرؤية الشيعية وما تزال تطبق في شتى البلدان العربية، من هذه البطولات التي وقعت في زمن العباسيين حسب الرواية الشيعية، ما جاء من أن أبا بحير عبد الله بن النجاشي سأل الإمام جعفر عن قتله ثلاثة عشر رجلا من مخالفيهم في القول بولاية عليّ، فأجابه الإمام جعفر: ((وكيف قتلتهم يا أبا بحير؟)) فقال: (منهم من كنت أصعد سطحه بسلم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج عليّ قتلته، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلالي قتله، وقد استتر ذلك كله علي). فقال أبو عبد الله عليه السلام: ((يا أبا بحير لو كنت قتلتهم بأمر الإمام لم يكن عليك في قتلهم شيء، ولكنك سبقت الإمام، فعليك ثلاث عشرة شاة تذبحها بمنًى والتصدق بلحمها لسبقك الإمام، وليس عليك غير ذلك)). فالكفارة لسبق الإمام وليس لحرمة دم المسلم المختلف معهم[9].
وإذا ما بقينا في العصر العباسي ووقفنا بالتحديد على سنة 317 من الهجرة، فإننا سنجد الدموية الشيعية قد وصلت إلى أوجها، على يد القرامطة الإسماعيلية، فقد كانوا يستحلون دماء جميع المسلمين ممن ليس على دينهم أو لم يبايعهم، وقد قاموا بمجزرة لم يشهد لها تاريخ الإسلام في موسم الحج في مكة، يروي الإمام الذهبي في أحداث سنة 317 هـ فيقول: (وفيها سيَّر المقتدر الرَّكبَ مَعَ منصور الدَّيْلَمّي، فوصلوا إلى مكّة سالمين، فوافاهم يوم التروية عدو الله أبو طاهر القرمطي، فقتل الحجيج في المسجد الحرام قتلاً ذريعاً وفي فجاج مكة وفي داخل البيت، وقتل ابنَ محارب أميرَ مكة، وعرى البيت، وقلع بابه، واقتلع الحجر الأسود فأخذه. وطرح القتلى في بئر زمزم ورجع إلى بلاد هجر ومعه الحجر الأسود. وامتلأت فجاج مكة بالقَتْلى… وصعد عَلَى باب الكعبة، واستقبل النّاس وهو يَقُولُ: (أَنَا بالله وباللَّه أَنَا … يخلق الخلق وأفنيهم أَنَا).
وقتل في سكك مكّة وشعابها زهاء ثلاثين ألفًا، وسبى من النّساء والصّبيان مثل ذَلِكَ. وقَالَ محمود الإصبهانيّ: دخل رجلٌ من القرامطة وهو سكران فَصَفَر لفرسه، فبال عند البيت وقتل جماعة. ثمّ ضرب الحجر الأسود بدبّوس فكسره ثمّ قلعه. وأقام القَرْمَطيّ بمكّة أحد عشر يومًا، ثمّ رحلوا وبقي الحجر الأسود عندهم نحو عشرين سنة)[10].
إن ما قام به القرامطة في مكة لا يختلف كثيرا عن بعض ما قام به البويهيون والفاطميون – على اعتدال فيهم في بعض الحقب – أو ما فعله الصفيون بأهل السنة في إيران، أو فعلوه في بغداد في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، حينما دخلوها مرات عدة وذبحوا أهلها في الشوارع وهدموا المساجد واعتدوا على الحرمات، وكان من أشهرها ما عرف في التاريخ باسم “مذبحة بغداد” عام 829هـ/ 1624م، (روى المؤرخ مرتضى نظمي زاده نقلاً عن والده الذي عاصر هذه الأحداث، أن القوات الإيرانية فتكت بالكثير من السكان وأن من سلم من القتل لم يسلم من التعذيب، وأن العديد منهم أرغموا على ترك بيوتهم ومغادرتها، وأن الأمان الذي نودي به كان أماناً خادعاً، إذ تلا ذلك اضطهاد منظم. وشن الشاه عباس الصفوي حملة واسعة لإرغام أهل بغداد على التشيع ولإذلال العشائر السنية، فقتل الآلاف ممن رفضوا تغيير عقيدتهم، ولو في الظاهر، وأخذ أطفالهم ونساءهم فباعهم كعبيد وإماء في أسواق النخاسة في إيران، وحوَّل المدارس الدينية إلى إسطبلات، وهدم مرقد الإمام أبي حنيفة، ومشهد عبد القادر الجيلاني، وكان ينوي تطهير السنة نهائياً من بغداد، ولكن الله لطف بعباده، وكانت محنة للمسلمين ما بعدها محنة)[11].
إن قراءة هذا التاريخ الدموي يفسر لنا عمليات الذبح والقتل التي قامت بها الميليشيات الشيعية في كل من العراق وسوريا واليمن في العقد الماضي، أو قام به النصيرية في سوريا في القرن العشرين، وما زالوا يقومون به في سجونهم، وفي المدن التي ترفض حكمهم الجائر.
ولنأخذ لمحة عن حياة الناس في ظل السلطة الشيعية في بغداد مثلا بعد الاحتلال الأمريكي والإيراني لبلاد الرافدين، جاء في تصريح لهيئة علماء المسلمين في العراق بتاريخ (10/7/2014م) في ضمن مسلسل الجرائم الوحشية والإبادة الجماعية التي تقوم بها الأجهزة الحكومية وقوات المالكي، فقد تمّ العثور على جثث (51) شابًا، قضوا غدرا رميًا بالرصاص جنوب مدينة (الحلة) مركز محافظة بابل. وتبين أن المغدورين الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والأربعين عامًا كانوا قد اختطفوا في ضمن حملة لقوات المالكي في: (جرف الصخر والإسكندرية واللطيفية) شمال مدينة (الحلة)، وهي مناطق تقطنها غالبية (سنية).
وإيغالا في الإجرام فقد كانت آثار التعذيب واضحة على جثث المغدورين فضلًا عن إطلاقات نارية في الرأس والصدر، وقد ألقيت الجثث في مبزل جنوب مدينة الحلة.
وفي تصريح آخر: (اغتصبت ميليشيات ما يعرف بـ (الحشد الشعبي) الأحد (22/2/2015) جامع (الرحمن) في حي (17 تموز – الربيعي) بمركز قضاء (المحمودية) جنوب بغداد، وعلقت عليه الرايات الطائفية وأعلنت عائديته إليها.
وكانت الميليشيات الطائفية قد اختطفت مؤذن جامع (الرحمن) وخادمه وهما: (أب وابنه) منذ سنة تقريبًا، وتم رمي جثة الابن مقتولًا في إحدى مناطق القضاء، فيما لم يتم التعرف على مصير والده حتى الآن.
علمًا أن جميع جوامع مركز قضاء (المحمودية) ممنوعة من رفع الأذان وإقامة صلوات الجمعة والجماعات منذ عشرة أشهر، والمنع جاء بعد قتل واعتقال واختطاف أغلب أئمة وخطباء ومؤذني وموظفي ومصلي جوامع مركز القضاء البالغة (12) جامعًا.
وفي جريمة سابقة تعود إلى عام (2007) جاء في تصريح للهيئة: (وهؤلاء الشهداء المغدورون كانوا قد اعتقلوا يوم الخميس (15/3) مع نحو (40) شخصًا على أيدي قوات مشتركة من الاحتلال الأمريكي والحكومة، التي مارست عليهم تعذيبًا بشعًا بالخنق وتهشيم الرؤوس أدى إلى وفاتهم، ولم يتم التعرف على بعضهم إلا بصعوبة).
إن الجرائم التي شهدتها أرض العراق على مدار عقدين شهدت مثلها أرض الشام على مدى عقد من الزمان، فذبح الأبرياء واعتدي على الأعراض وقتل الأطفال في مدن سورية عدة على يد الميليشيات الطائفية في مدينة حمص في منطقة الحولة تحديدا، وفي دير بعلبة، وفي حلب في قرى المالكية وتل شغيب والعدنانية وأم عامود، وفي ريف دمشق مناطق النبك والذيابية، وكلها مذابح موثقة من جهات دولية عدة. وذلك تنفيذ لعقدة المظلومية ومرويات التراث الشيعي، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ((أهل الشام شر، أم الروم؟ فقال: ((إن الروم كفروا ولم يعادونا وإن أهل الشام كفروا وعادونا))[12].
إن كل ما سبق لا يمكن أن يعزى إلى إشكاليات سياسية بحتة، فلولا الأساس الدموي في العقيدة الشيعية لما تمكن النظام الإيراني من صناعة هذه الوحوش البشرية التي تستمتع بحق المدن بنسائها وأطفالها وتستلذ بتعذيب البشر وسحلهم في الشوارع.
فإن ما تقوم به ميليشيات إيران في بلدان إسلامية عدة من إجرام وسرقة وإرهاب لا يخرج عما جاء في علل الشرائع عند الشيخ الصدوق عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (ما تقول في قتل الناصب)، قال: ((حلال الدم. لكني أَتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل))، قلت: (فما ترى في ماله؟) قال: ((توه ما قدرت عليه)).[13] أو ما جاء في تهذيب الشرائع عند الطوسي: عن أبي بكر عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): خذ مال الناصب حيث ما وجدت وادفع إلينا خمسه))[14].
الخاتمة:
إن الدموية جزء من العقيدة الشيعية وتبنى على مرويات تراثية خطيرة تمتلئ بها كتب التراث الشيعي، وفي ظل عدم وجود مراجعات نقد حقيقي من قبل عقلاء الشيعة لموروثهم الدموي فإن مسلسل القتل سيستمر، ولن تجد بلداننا العربية والمسلمة السلام الذي تنشده.
هوامش:
- كتاب الغيبة – محمد بن إبراهيم النعماني – ج ١ – الصفحة (٢٣٦).
- كتاب الغيبة – محمد بن إبراهيم النعماني – ج ١ – الصفحة ٢٣٥
- بصائر الدرجات – محمد بن الحسن الصفار – الصفحة ١٧٥
- بحار الأنوار للمجلسي 52/313
- كتاب الغيبة – محمد بن إبراهيم النعماني – ج ١ – الصفحة ٢٣٥
- بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥١ – الصفحة ١٦٤
- البداية والنهاية لابن كثير، طبعة دار الفكر (11/263)، وانظر مجلة مقاربات العدد 7 ص (68) بحث بعنوان: (كيف يحتل الإيرانيون مدينة حلب؟) محمد علي النجار.
- النصب والنواصب، 622، محسن المعلم – دار الهادي – بيروت 1997م.
- اختيار معرفة الرجال – الشيخ الطوسي – ج ٢ – الصفحة ٦٣٣
- تاريخ الإسلام للذهبي (7/217).
- مجلة البيان العدد 330، أحمد الظرافي بعنوان (ملحمة تحرير بغداد من الصفويين)
- الكافي – الشيخ الكليني – ج ٢ – الصفحة ٤١٠
- علل الشرائع – الشيخ الصدوق – ج ٢ – الصفحة ٦٠١
- تهذيب الأحكام – الشيخ الطوسي – ج ٦ – الصفحة ٣٨٧