صرير الواقعِ، مجموعة قصصية للقاصة دعاء عبدالمؤمن السعيدي؛ صادرة عن مكتبة خالد بن الوليد؛ 2021م، تقع في (100 صفحة) من القطع المتوسط، أغلب قصصها حاصلة على جوائز في مسابقات مختلفة.
تتحدث هذه المجموعة عن قضايا عدة هي: الحبُّ، والحرب، والفقر، والمرض، والبحث عن فرصة عمل، وغلاء المعيشة، وانقطاع المرتبات، ووباء كورونا…إلخ، فهي تغترف من الواقع، وقضاياه المُعاشة، وعند قراءتنا لهذه المجموعة، يتعين علينا الولوج إليها من خلال عتباتها:
أولاً العتبات:
1- لوحة الغلاف:
لوحة الغلاف، عتبة مهمة، ومفتاح من مفاتيح الولوج إليه، وفي هذه المجموعة، سنجد أن لوحة الغلاف التي صممتها (أسرار الجلال، وانتخاب النشمي) قد حوت على منظر واقعي؛ نافذة، وطاولة عليها وردة في قفص زجاجي، هذه الوردة مأخوذة من أسطورة الأميرة والوحش، تحيط بها ألوان رمادية وسوداء متدرجة، وهذه الألوان تعكس الواقع التي تعيشه شخصيات المجموعة القصصية، وقد تطابق الغلاف مع مضمون المجموعة القصصية، حيث وأحداث القصص وقضاياها تتحدث عن الواقع المأساوي لشخصياتها، وما النافذة والوردة في قفصها الزجاجي إلاَّ الأمل الذي تعيشه الشخصيات، وهذه المفارقة في لوحة الغلاف نجدها أيضاً في معظم قصص المجموعة. كما أنَّ لكل نصٍ قصصي لوحة خاصة به، تطابقت مع مضمونه، وكشفت عن محتواه.
2- عنوان المجموعة:
يعتبر العنوان أهم عتبة من عتبات النص الأدبي، ويجب أن يكون له صلة بمحتوى العمل، ونلاحظ أن عنوان المجموعة مركب من شقين، مضاف (صريرُ) ومضاف إليه (الواقع)؛ و(الصرير) مصدر صرَّ يصرُّ، هو صوت احتكاك شيئين؛ مثل: صرير الأسنان؛ أي صوتها حين يحتك بعضها ببعض، وصرير القلم؛ أي صوته عند الكتابة به، واحتكاكه بالورقة، و(الواقع) ما يعيشه الإنسان من أحداث يومية واقعية، لا علاقة لها بالخيال، والعنوان (صريرُ والواقع) يوحي بأصوات حركة الشخصيات في واقعها المعيشي؛ فنحن أمام مجموعة قصصية واقعية، تناقش هموم الشخصيات، وتكشف عن واقعها دون مواربة.
3- الإهداء:
أهدت القاصة دعاء السعيدي عملها الأدبي إلى أمها وأبيها وأخوالها وخالاتها، باعتبارهم الحياة، والحنان، والخير، والسند، وسنلاحظ غياب مكون مهم من مكونات العائلة وهم الإخوة والأخوات، وغياب الإخوة في الإهداء يعززه غياب الأخ في أول نص من نصوص المجموعة، والذي غيبته الحرب في نص ذكرى موؤودة صــ7.
4- رسالة إلى القُراء:
في هذه الرسالة التي سطرتها القاصة في (صــــ5) سنجدها تضعنا أمام تمهيد مهم مفاده: أنَّها سنتكتب وستتناول شخصيات اجتماعية مختلفة، ولن تتحدث عن تجربتها الشخصية في واقع الحياة اليومية، بل ستنقل لنا تجارب وواقع شخصيات اجتماعية أخرى، ولكلِّ شخصية واقعها الرمادي، وأملها التي تعيش به. فالقاصة هي قلم الشخصيات الواردة في هذه المجموعة كون هذه الشخصيات في نظرها (المبتدأ)، ورضى القارئ وحكمه عمَّا ستنقله دعاء السعيدي من تجربة هو (المنتهى)، وكأنَّ القاصة هنا تؤمن بدور (المتلقي) في كونه شريكاً معها في إنتاج النص الأدبي.
ثانياً: المجموعة القصصية:
تتكون هذه المجموعة القصصية من (12 نصاً) قصصياً، منها (6 قصص) جاءت عناوينها من حيث التركيب النحوي مطابقة لتركيب عنوان المجموعة (صرير الواقع)، مكونة من مضاف ومضاف إليه، وهي: ذكرى موؤودة، كبَد الحياة، قطاف المحاولة، ضريح الشوق، نزاع الأنفاس، خطيئة المظلوم. وجاءت (6 قصص) بعناوين متنوعة في التركيب.
وخلال قراءتي في هذه المجموعة، سأحاول أن أتناول جانبين مهمين؛ الجانب الموضوعي، والجانب الأسلوبي، وسأحاول أن أركز في كلى الجانبين على الجزئية الأبرز في هذه المجموعة.
1- الجانب الموضوعي:
تناولت هذه المجموعة القصصية عدد من الموضوعات الواقعية، ونقلتها القاصة بحرفية كبيرة، ويمكن معاينة أبرز الموضوعات الواردة فيها على النحو التالي:
1- الحرب وأثرها.
يعتبر موضوع الحرب بشكل عام، والحرب الدائرة على اليمن منذ 2015م، وما خلفته من آثار سلبية على حياة الفرد والمجتمع، موضوعاً خصباً للأدب، ومؤثراً بارزاً في الكتابة والإنتاج الأدبي، وللأدب كلمته حوله، وفي هذه المجموعة القصصية استطاعت القاصة دعاء السعيدي نقل الواقع الذي يرزح تحته المواطن العربي، واليمني جراء الحرب التي أودت بحياة المدنيين، حيث تقول شخصية القصة مخاطبة أخاها الشهيد، في نص (ذكرى موؤودة)”قد اتضح أنني أكثر نضجاً منك بقولي لك يوماً إنَّ الحرب إذا أينعت نعت” صـ15، وفي حديثها عن عائلتها التي غيبتها الصواريخ تقول: ” لقد اكتشفت أنهم كانوا سيكونون لطفاء لو لم تأكلهم صواريخ الطائرات” صــ11، وفي حديثها عن الحرب بعد مشاهدتها لآثار الدمار تقول: ” لقد علمتُ حينها أنَّ الصواريخ لا زالت جائعة، ولم يكن التهامها لأبي الرؤوف، وأمي الحنون قد أشبعا نهمها” صــ12، وما ترتب على الحرب من انقطاع للمرتبات، وارتفاع للأسعار، تقول الشخصية مخاطبة أخاها الشهيد:” لم يُشبع خوضك للحرب بطون المستلبين كما كنتَ ترجو، ولا يزال الجميع معزولين عن المال بسبب الحرب المزعومة”صـــ10، وفي تصوير وضع المدارس، وتسرب الطلاب منها، تقول الشخصية بعد زيارتها لمدرستها:” ذهبتُ إلى أنقاض ما كانت تسمى مدرسة، نعم لقد التهمت الصواريخ مدرستنا” صــ12، وبالرغم من هذه المأساة، والواقعية السوداوية، إلاَّ أنَّ الأمل يبرق في أعين الشخصيات، ويتجدد في نفوسها، لنجد السرد يحفز الشخصيات على النهوض، ويدعوها للاعتزاز بالذات، حيث تقول في نص (العدوان الأرعن) صــ71:” اذهب كلَّ يوم إلى أنقاض ما تسمى مدرسة، والتحف أنقاضها، لأنَّك على أنقاضها ستحيا…لا تبتئس يا صغيري، لأنّك ستخلد لتكون دليل إدانتهم الأوثق…وامضِ متشدقاً بعروبتك، لأنَّك دليل إدانة العدوان الأرعن” صـــ73، أما فيما يخص تصوير واقع السلطة السياسية وفرضها الجبايات غير القانونية، فقد أخذت القاصة جزئية بارزة، تطال المواطن البسيط فضلاً عن التاجر و الميسور، تقول الشخصية في حوار مع رجل أعطاها ظرفاً فارغاً:”
-لا أريد تبرعاً من أحد.
– هذا ليس لك، بل هو ظرف لجمع التبرعات للفقراء، فضع به بعض المال.
– نحن الفقراء وكلُّ الوطن كذلك” صــ13، أما الموقف من رجال السياسة فقد لخصته الشخصية في حديثها الافتراضي مع أخيها بقولها: ” كان يخالك أنّهم السلام جاهراً، وما علمت أنهم الظلم جائراً…وما علمت أنهم المردة، المتربصين بالصناديد…بالله كيف غرّتك شعاراتهم المترددة كغطيط النائم” صــــ 15. وقد تجاوزت القاصة في نصوصها الهم المحلي (الشعب اليمني والعدوان عليه)، إلى الهم الجمعي (الأمة الإسلامية) لتكون حرب (البوسنة مع صربيا) أنموذجاً لما تحدثه الحرب من دمار على الواقع والنفس، من خلال أحداث القصة (ضمير محبوس) صـــ74 التي وثقت هذه الجزئية من خلال شخصياتها، وأحداثها.
2- الموقف من القرية والمدينة:
ترمز القرية في كثير من الأعمال الأدبية الشعرية والنثرية إلى النقاء والطهر، والانبعاث، فهي رمز الفطرة، والصفاء، على العكس من المدينة التي ترمز للقهر والاستبداد، والانتهازية، وجفاف العاطفة، وانعدام الإنسانية، إلاَّ أن الصورة في المجموعة القصصية (صريرُ الواقع) على العكس من ذلك، فقد تبادلت القرية والمدينة الأدوار، فأصبحت القرية رمز للخوف والموت، وأصبحت المدينة رمز للطمأنينة والحياة، تقول شخصية القصة في نص (ذكرى موؤودة) صــ7 مخاطبة أخاها الشهيد: “وقد أخبرتك مسبقاً بأني أكره القرية، ولا أريد الذهاب إليها، لكنك فضلتها على مدينتنا، وقلت لي وقتها القرية أكثر أماناً، وها قد خانت القرية ثقتك بها” صـــ15، وفي نص (نافذة ولا مفر) صــ25، صنعت القاصة مفارقة مدهشة؛ عندما هربت شخصية القصة البالغ من العمر أربعين عاماً من (المدينة) التي تعج بالسكان وشتى صنوف الأمراض خوف الإصابة بمرض كورونا، إلى (القرية) التي تمتلئ بمعاني الحياة الصحية، البعيدة عن مظاهر المدينة الشائبة، لتجد المرض والموت هناك، حيث تقول الشخصية بعد اكتشافها أنها خالطت شخصية مصابة بالفيروس:” في بادئ الأمر شغلني أمره، وأنا من لا يثير فضولي أحد، ونهاية رأفت لحاله، لأساق بقدمي إلى دركه المشبع بالفيروسات التي طالما فررت منها” صـــ29، وفي نص (ضريحُ الشوق) صـــ41 نجد أن مدينة لندن، رمزاً للمرض والموت والذكريات الحزينة، بالرغم ما تمتاز به على الواقع، حيث يقول شخصية القصة مخاطباً زوجته المتوفاة بالسرطان:” وبعد هذه المدة الجاثمة على سعادتنا أوشكنا على مغادرة لندن مدينة الأسقام والضباب” صــــ43، وفي نص (تغييب فكري) صــ92، تصف الشخصية المدينة فتقول:” لقد كان كلُّ شيء في تلك المدينة ينضح بالوحشة والجهل، صحيح لا زالت المباني شاهقة كما نعرفها لكنها جميعاً قديمة…كان للبؤس في تلك المدينة ألواناً وصوراً إبداعية” صــ94، وعلى هذا النسق تجري نصوص المجموعة، التي تتطرق للحديث عن القرية والمدينة.
كما تطرقت المجموعة القصصية من الجانب الموضوعي، إلى قضايا واقعية أخرى مثل: الحب والوفاء بين الزوجين في قصة (ضريح الشوق) صـــ41، والعنصرية العرقية تجاه السود كما في قصة (إقصاء مع سبق الإصرار) صــ48، ومرض السرطان ودور الطب في قصة (نزاع الأنفاس) صـــ56، والانتقام وأثره في قصة (خطيئة المظلوم) صـــ62، والوعي الاجتماعي في قصة (تغييب فكري) صـــ92والتي تقول عنها القاصة:” أحداث هذه القصة هي كلُّ ما يحتاجه الطغاة والمستعمرين عبر الزمن أن تُشغل الأمة برمق عيشها، فتُصرف عمّا سوى ذلك حتى لا تفكر” صــــ93.
2- الجانب الأسلوبي:
1- اللغة والتراث:
جاءت لغة نصوص هذه المجموعة، بنفس شعري، يغلب عليها صدق العاطفة، والوصف، كما اشتملت على مفردات قاموسية مثل: فراسخ، معمعة، قعقعة، اكفهرَّ، اطراد، اضمحلَّ، يتهارشان، غطيط…إلخ، كما تقاطعت بعض الجمل في نصوص القصص؛ مع النص الديني (القرآن الكريم)، من خلال التناص الذي أوردته القاصة، وهذا يكشف عن مدى تأثير الموروث الثقافي والديني على وعي القاصة، وظهوره في كتاباتها، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المفردات القاموسية المستخدمة في بناء الجملة من جهة، ومن جهة أخرى يمكن ملاحظته في الاستشهاد بالقرآن الكريم، والتناص معه، ففي قصة (ذكرى موؤودة) صـــ7 تقول:
– “لعل معمعة الحرب، وقعقعة السلاح تراك فتهجرني فأستعيض بهجرها مشكاة روحك المغمورة”صــ8، تناص مع قوله تعالى:” اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ” [النور:35].
-” وتكون أخي الذي أشدد به عضدي”صـــ9، تناص مع قوله تعالى:” قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا” [القصص:35].
– ” فكما تعلم بأنَّ المرء لا تكون له الخيرة في مثل هذه الأمور” صــ12، تناص مع قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ” [الأحزاب:36].
-” وأتت الحقيقة لتمحو كلَّ شيء كما تمحو النهار آية الليل” صــ54، تناص مع قوله تعالى:” وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً” [الإسراء:12].
– ” لله درك يا أبي كم عايشت أيامي العجاف، وقربتني منك” صــ23، تناص مع قوله تعالى:” قَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ” [يوسف:43].
-” لكن ما من فائدة فقد أوصل نفسه باتباع هواها للحظة ولات حين ندم” صــ70، تناص مع قوله تعالى:” كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ” [ص:3].
– ” كنت حقاً قد عزمتُ أن أبدأ صفحة جديدة كما يقولون، وأن أطوي ألم كلماتها وتصرفاتها طي السجل” صـــ81، تناص مع قوله تعالى:” يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ” [الأنبياء: 104].
– “وبينما كانت حشود القبور تمور كغثاء السيل في المدينة” صــــ95، تناص مع قوله تعالى:” أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ” [الملك: 16]، وتناص مع الحديث النبوي الشريف الذي بين فيه كثرة المسلمين لكنهم غثاء كغثاء السيل.
-” كدوران المغشي عليه من الموت” صــ95، تناص مع قوله تعالى:” وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ” [محمد:20].
-“سأحل محله، فأنا ربكم الأعلى”صـــ97، تناص مع قوله تعالى:” فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى” [النازعات:24].
– ” اتركوا هذا العجل يخور فهو لا يفقه شيء” صـــ98، تناص مع قوله تعالى:” وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ” [الأعراف:148]
وفي نص (مشاطرة ممتعة) صــ17، ونص (خطيئة المظلوم) صــ70، نجد الاستشهاد بالقرآن الكريم على لسان شخصيات القصتين واضحاً في قولها: “وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ” [الطلاق:3] صــ21-22. وفي نص (نافذة ولا مفر) صـــ25، تستشهد الشخصية بقوله تعالى: ” أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ” [النساء:87]، وفي (نص تغييب فكري) صــــ97، تصرخ الشخصية سوارم بثوران مفاجئ:” فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى” [النازعات:25].
فمن خلال اللغة القاموسية، وتركيب المفردات على مستوى الجملة، بالإضافة إلى الاغتراف من التراث من خلال التناص أو الاستشهاد، ندرك مدى تأثر القاصة بالموروث الثقافي العربي، والتراث الديني الإسلامي، وهذا ما طغى على أسلوبها في كتابة هذه المجموعة.
2- الوصف والحوار.
تعتمد القاصة أسلوب الوصف بلسان شخصيات القصص، بلغة شاعرية، منذ سطورها الأولى في قصة (ذكرى موؤودة صـ8) حيث تقول: ” هيج الوجد خافقي، حتى اضمحل حاضري، وعادت بي الذكرى لأجرجر الحل والترحال بفراسخ قلبي” صـ8، إلى آخر سطر في آخر قصة (تغييب فكري صــ92) حيث تقول:” لقد كان سوارم بمثابة الديك الذي يوقظ القرية للصلاة باكراً” صــ100. كما استطاعت أن تنقل وجهة نظرها في كثير من القضايا التي تناولتها المجموعة من خلال الحوار الدائر بين الشخصيات، واعتمدت على الحوار بصورة أقل من الوصف، كما أن الحوار بين الشخصيات جاء اعتيادياً وبسيطاً، خالياً من التعقيد في اللغة والتركيب، والرؤى.