أشتات

الحرب السلالية في اليمن: الاعتبار ومواجهة الآثار الفكرية

معالم خارطة فكرية

مدخل..

يرزح الشعب اليمني تحت حرب سلالية عنصرية جراء انقلاب إرهابي مليشاوي حوثي؛ لإحلال الطائفة محل الامة- انقلاب إرهابي ضد النِّظام الجمهوري، وضد الإجماع الشعبي المتمثل في مخرجات الحوار الوطني!!

لقد فتحت السلالية الكهنوتية حربًا طائفية قذرة طيلة ثمان سنين.. ولا زالت مستمرة يعلم الله متى نهايتها…! وها هو الشعب اليمني يكتوي تحت طاحونة الحرب المفسدة.. المهلكة للحرث والنَّسل- دمرت مقدرات أمة ووطن ولا زالت السُّلالية الكهنوتية تائهة في غطرستها الفجة؛ مخلفة عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمخفيين قسرًا.. ومئات الآلاف من النازحين؛ ناهيك عن الآثار الفكرية والثقافية والاجتماعية الخ. والتي ستظهر في قادم الأيام!

السؤال المحوري هو:

– لمَاذا.. وكيف عاد الكهنوت السلالي العنصري بعد50 عامًا من قيام النظام الجمهوري؟

السؤال الثاني.. ما العمل؟

لا ادّعي أنني سأقدم إجابة شاملة على السؤال الآنف.. لكنني سأقدم إجابة حول:

-أبرز الأسباب والعوامل كوجهة نظر.

-كما سأقدم إجابة حول السؤال.. ما العمل؟

ستكون الإجابة- إن جاز التعبير هي بمثابة خارطة تتضمن معالم ومفاهيم لمواجهة الآثار الفكرية والثقافية.

– تناولت أبرز أسباب عودة الكهنوت.. وكذا معالم الخارطة، تحت المحاور التالية:

المحور الأول:

الاعتبار- المفهوم والمكونات:

المحور الثاني:

تجليات ثقافة العَرَض الأدنى:

المحور الثالث:

نحو الموت السريري:

المحور الرابع:

ثقافة العرَضِ الأدنى

الأسباب والمظاهر:

المحور الخامس

ما العمل؟

خارطة المواجهة- مبادئ.. معالم:

تنويه

لا شك أنَّ الموضوع يحتاج إلى بسط واسع؛ حتى يتمكن القارئ من الإحاطة بالفكرة…! غير أنه من الصعوبة التوسع في هذا الحيّز..

لكن ما يشفع لي أنَّ القراء الأعزاء هم صفوة؛ الأمر الذي شجعني على لملمة أطراف الموضوع متوخيًّا الإيجاز قدر المستطاع؛ علمًا بأنَّ الموضوع أخذ الكثير من الوقت قياسًا بكتاباتي؛ فإلى المحاور..

2 الحرب السلالية في اليمن: الاعتبار ومواجهة الآثار الفكرية

المحور الأول:

الاعتبار.. المفهوم والمكونات:

أولًا:

الاعتبار مصطلح قرآني تكرر ذكره في القرآن العظيم حرفيًّا، قال تعالى:

– ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب..) {يوسف}.

– (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى) {النازعات}

-( فاعتبروا يا أولي الابصار)، أي: العقول..

– الاعتبار مقصد قرآني استهدف بناء الشخصية السويّة لدى المسلم !!

مكوِّنات الاعتبار:

– مكوِّنات الاعتبار: هي قصص القرآن والتي أخذت حيزًا بين نصوص القرآن قاربت ثلث القرآن!

– لا شكَّ أنَّ للقصص القرآني مقاصد أخرى أبرزها تثبيت الفؤاد.. وتثبيت الفؤاد، يعني امتزاج العبرة العقلية بالوجدان؛ فنحن أمام سنن كونية جاءت بها نصوص هادية – منهج معرفي سنني مرتبط بركن الإيمان بالله واليوم الآخر…!!

قال تعالى: (وكلًّا نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين)

تلى على الفور قوله سبحانه:

(وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون)هود…!!

الجدير ذكره.. أنَّ النصين في سورة هود.. اكتنزت فيهما دلالات كثيفة تقرر الصلة المتينة بين الاعتبار وركني الايمان بالله واليوم الاخر!

ثانيًا:

غياب الاعتبار-لماذا…؟ وكيف…؟

سأستعير بتصرف من شعر البردوني رحمه الله، ما يلي:

من أين ابتدئ الحكاية؟

كيف الوصول إلى النهاية؟

وأبي يعلمنا الضلال

ويسأل الله الهداية !!

وإذن.. لماذا غاب عن ثقافة اليمنيين- قانون الاعتبار إزاء تاريخ السلالية العنصرية؛ علمًا بأنه قانون رباني سنني قرآني معرفي منهجي عقلي ايماني؟ نعم.. لماذا.. وكيف غاب…؟

الجواب:

– غياب قانون الاعتبار سبقه غياب قانون قرآني اخر هو غياب (الوعي) قال تعالى: (لنجعلها لكم تذكرة وتعِيَها أذنٌ واعية).

– غياب قانوني الوعي والاعتبار كانا مقدمة أولى نتج عنها مقدمة ثانية تمثلت في:

(حضور قانون الفراغ) فراغ فكري.. ثقافي.. قاتل!!

عودة الكهنوت وليد مقدمات:

– عودة الكهنوت السلالي العنصري.. الانقلابي هو وليد طبيعي للمقدمات الآنفة-

غياب وعي الذَّات الثقافية والسِّياسية؛ ذلك أن جيل ما بعد ثورتي26 سبتمبر1962م و14 أكتوبر1963م. غاب عنه تاريخ طغيان وحقد الكهنوت السلالي الإرهابي؛ فأنّى للجيل أن يعي ذاته وهو ذاوٍ في أودية (قانون الفراغ الثقافي)؟

قانون الفراغ بين جيلين:

– جيل آباء التأسيس امتلك الوعي والاعتبار!

في مؤتمر الحوار الذي أقيم في حرض1965م. بدعوة من الزعيم ناصر والملك فيصل رحمهما الله.. انتفشت نفسية ممثلي الملكية لكنها اصطدمت بقانوني الوعي والاعتبار الحاضرين كالجبال الشمّاء ثبوتًا في ذهنية وفد الجمهورية؛ فقد طالبت فلول الملكية بإلغاء النظام الجمهوري! ولكن هيهات؛ فقد لاقت ردًّا عاصفًا ممتلئًا بالشموخ والعزة من رئيس وفد الجمهورية -الأب الروحي للثورة.. القاضي عبد الرحمن الأرياني والمقرر العملاق الأستاذ النعمان رحمهما الله؛ حيث رفعا تقريرهما إلى فيصل وناصر خلاصته:

إن ثورة 26 سبتمبر جاءتنا بتوأمين هما: النظام الجمهوري وإنهاء سلالة بيت حميد الدين!!

وعليه، فلا حوار حول هذين المبدأين مهما كانت التكاليف!

إذن.. كان قانون الوعي وقانون الاعتبار حاضرين بقوة فانعكسا إيجابيًا على جبهات الدفاع عن الجمهورية- حصار السبعين نموذجًا – انتصارًا بأيد يمنية!!

سبب آخر:

غياب برنامج ثقافي رسمي!!

لم تتمكن حكومات الجمهورية الأولى من تقديم برنامج ثقافي جراء الحرب طيلة 8 سنوات..!!

فماذا عن الحكومات المتعاقبة بعد التسوية السياسية؟

لم يسعفنا التاريخ أن الحكومات المتعاقبة منذ عام1970م.

وحتى عام2014م. قامت بوضع برنامج ثقافي يوضح للجيل حقائق التاريخ السلالي الكهنوتي الطاغي المظلم ناهيك عن القول انها قدمت ثقافة بناء مجتمع أفضل!

فهل من عذر؟

لقد اكتفت الحكومات بترديد كلمات مستهلكة في الإعلام أيام المناسبات الوطنية!

WhatsApp Image 2021 10 06 at 10.28.38 AM الحرب السلالية في اليمن: الاعتبار ومواجهة الآثار الفكرية

المحور الثاني:

ثقافة العَرَضِ الأدنى!

– العرَضُ الأدنى مصطلح قرآني يحمل مفاهيم وابعاد كثيفة الدلالات. قال تعالى:

(فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون). {الأعراف ،169}.

أبرز معالم ثقافة العرض الأدنى:

1- مخرجات التعليم العام نموذجًا!

سأكتفي هنا بخلاصة استبيان علمي نال به الباحث درجة الدكتوراه.. هذا الاستبيان يعكس ثقافة الوعي والاعتبار لدى شريحتي الأميين الصغار والأميين الكبار!!

– صاحب الاستبيان .د. الباحث سمير العبدلي قسم علم اجتماع بجامعة صنعا تم تنفيذه عام 2009م. وتحدد ميدان الاستبيان في محافظتي عمران وحضرموت.. عينة الاستبيان بلغت1000 استمارة لكل محافظة500 استمارة موزعة على شريحتي اعمارهما بين 60- الى65 عامًا.. والجيل الجامعي من الجنسين فئة عمرية30- 35 عامًا.

– كان السؤال المحوري، هو:

ما مدى استفادة القبيلة من الثقافة الديمقراطية؟

2- كشف الاستبيان أن ثقافة الديوان- المقيل متقدمة بصورة مذهلة قياسًا بشريحة الجامعيين؛ ذلك أن الشريحة العمرية 60 عامًا في محافظة عمران بلغت نسبة إجاباتها 64% تضمنت وعيًا بثقافة مزايا وإيجابيات النظام الجمهوري والديمقراطية ومتعلقاتها- المجتمع المدني والحكم المحلي. الخ!!

3- شريحة خريجي الجامعة من الجنسين!

بلغت نسبة الإجابة بين30- 34% !!

– عكست الإجابات هشاشة ثقافية مقرفة جمعت بين الضبابية وهشاشة الوعي بمزايا النظام الجمهوري الديمقراطي ومتعالقاته، الخ!!

4- محافظة حضرموت:

– بلغت الإجابة- فئة عمر ال60 عامًا نسبة 34% فقط.. لكن الإجابات جمعت بين الهشاشة و اللا مبالاة والغموض!!

– فئة الجامعيين بلغت نسبة إجاباتها 28-30%، لكن الإجابات عكست فقرًا ثقافيًا مدقعًا تجاه النظام الجمهوري والديمقراطية ومتعلقاته!!

5- تعليل الإجابات لدى الباحث:

يعلل الباحث ارتفاع نسبة محافظة عمران بين جيل الأميين.. أنَّ السبب هو مجالس القات الممتلئة بالحديث حول النظام الجمهوري، ووالخ.!

– يعلل ضعف النسبة وهشاشة الإجابة بين جامعيي محافظة عمران أنهم لا يحضرون مجالس القات.. إمّا لانشغالهم بحثًا عن الوظيفة أو تغطية أساسيات العيش!

– يعلل الباحث ضعف إجابات أعمار60عامًا في حضرموت أنهم منشغلون بالتجارة في حين لم يقدم سببًا واضحًا حول شريحة الجامعيين!!

6- قانون الفراغ والبديل الكهنوتي!!

لا شك أنَّ القارئ قد أدرك أن عودة الكهنوت لها أسباب منطقية، هي:

– غياب قانون الوعي!

– غياب قانون الاعتبار!

– نتج عنهما حضور قانون الفراغ المتمثل في غياب برنامج ثقافي خلال 5 عقود!!

– فشل التعليم العام؛ فقد صنع أسوأ أنواع الأمية!!

ورحم الله البردوني، إذ قال:

فلم يمضِ شيء يسمى غريب

ولم يأت شيء يسمى عجب!!

فقام الدخان مقام الضياء

له ألف رأس والفا ذنب !!

وقال رحمه الله:

فقام الدخان مقام الضياء

له ألف رأس والفا ذنب !!

3 01 الحرب السلالية في اليمن: الاعتبار ومواجهة الآثار الفكرية

المحور الثالث:

نحو الموت السريري:

1- التحلل الديكتاتوري يتحول منحة من الحاكم:

معلوم أنَّ الشعب اليمني بشطريه كان محورًا للاستقطاب الدولي خلال 28 عامًا حتى عودة الوحدة اليمنية عام1990م.

كان حكام اليمن قبل الوحدة يعانون محنة حقيقية إنها محنة الديكتاتورية- تضخم الذَّات الحاكمة!!

لقد مثَّل ذلك التضخم مصدر رعب للحكام؛ خشية انفجار الذات؛ الأمر الذي سيطيح بالجميع بلا استثناء!!

هرعت الديكتاتورية إلى إعلان التوجه نحو التعددية السياسية كشرط أساسي لعودة الوحدة؛ علمًا بأنَّ حقيقة التعددية لم تتجاوز مفهوم التحلل الديكتاتوري الهادف إلى التخفيف من ذلك التضخم الطاغي المسموم تخفيفا مرحليًا ثم انعطافة سريعة لإعادة بناء الذات…!!

المصيبة الثقافية هي أن تحلل الورم الديكتاتوري انطلت على الثقافة فتحول الى منحة ديمقراطية عظيمة من الحاكم قدمها للشعب!! ولأنّ العبرة بالنتائج والمآلات؛ فقد فوجئ المراقبون بانكشاف حقيقة الديمقراطية أنها (حَملٌ كاذب)!!

بدليل عودة الديكتاتورية، ولكن باسم الشعب الذي صودرت حريته وزُوّرت إرادته.. لكن الشعب ساكن!!

لأنّ الديمقراطية ومتعلقاتها لم تكن صادرة عن خيار وقناعة ثقافية وإرادة شعبية غير مكترث بما حصل.. وأن صودرت حريته وزوّرت إرادته الخ!!

وكم كان البردوني رحمه الله دقيقًا في ترجمة الموقف الشعبي عندما عادت السلطة للعسكر عام1974م؛ علما بأن الدلالة ملازمة بقوة لحالة التعددية بعد الوحدة.. وإليك أبيات البردوني بتصرف:

أقدامه دبابة واقفة

 أهدابه دبابة زاحفة 

انقلاب في صنعاء !!

 جدتي عارفه!!

…..شطر البيت الشاهد:

صنعاءُ لا فرحى ولا آسفة!!

البردوني رحمه الله قدَّمَ ترجمة عميقة لحقيقة ثقافتنا.. ولسان الحال أيها المفكرون..

(أصلحوا الثقافة)!!

2- بروز الأنا الفردية:

تضخمت الأنا الفردية بصورة أسوأ – بدءًا من حيازة الأغلبية المريحة!!

3- تعديلات دستورية عام2001م. حيث تم الشرعنة للأنا الفردية باعتماد دستوري لـ 32 صلاحية ناهيك عن الصلاحيات الفوضوية في القانون!!

4- الشعب ضحية خيانة المثقف: لقد ظل موقف لاهجًا بالتسبيح بلسان الحال والمقال لمانح الديمقراطية!!

5- الدليل هو أنَّ الشعب هرع بقوة إلى منح الفردية الأغلبية الكاسحة، هنا كُسحت الثقافة فانتفخت الفردية واستطالت قائلة إنها الوطن.. إنها الدستور.. إنها القانون؛ كيف لا تقول ذلك والمادة الدستورية قد نصت حرفيًا أنَّ الزعيم يجسد الدستور بذاته وليس يسهر على تجسيد الدستور والقانون تطبيقًا في اقع الوطن وحياة المواطن؟!

6- تلاشت المبادئ الدستورية وتهاوت القيم الوطنية واتجه الدوران حول الأشخاص بلهاث منحط؛ للحصول عن العَرَضِ الأدنى- سيارة.. حفنة دولارات.. منصب، صاحَبَ ذلكم اللهاث فتاوى تكرس(وِرْثة الكتاب) في  تجسيد ديني يلغي كليات القرآن ويبدلها بأقوال موروثة فتضخمت الأنا الفردية؛ كونه مانح الديمقراطية!!

7- تنبأ البردوني المبصر الوحيد مبكرًا في قصيدته توابيت الهزيع الثالث نقتطف منها:

– رأى الثورات غلطة كل شعب

فنصّب كلّ قتّالٍ يصحح !!

8- غياب المبادئ فتح الباب واسعًا للدوران حول الأشخاص!

وحسب فلاسفة الاجتماع أن الدوران حول الأشخاص على حساب المبادئ يكون المجتمع قد دخل في حالة موت سريري!!

أمّا إذا ظهرت حالة اللهاث وراء الأشياء؛ فكبّر على الأمّة أربعًا!

9- غياب العقيدة الوطنية لدى مؤسستي الجيش والأمن:

من المعلوم أنَّ عقيدة الجيش- الله.. الدفاع عن الوطن…!!

أمّا عقيدة الأمن هي.. الله..

حماية المواطن…!

غياب عقيدة مؤسستي الجيش والأمن برهان قاطع على غياب المبادئ.. وحضور الدوران حول الاشخاص !!

10- حضور لعنة التوريث: حضرت لعنة التوريث بكل وقاحة واصطبحت معها قيم العائلة والعشيرة بكل صفاقة ناظرة أن النظام الجمهوري والديمقراطي والتعدية لا تساوي ذبابة في ظل انتفاخ الأنا الفردية !!

11- ظهور قرون الكهنوتية السلالية العنصرية الحاقد ة!!

تجنبًا للتفاصيل.. نوجز القول على النَّحو التالي:

– غياب الوعي بتاريخ السلالية

قاد الثقافة إلى منزلق أخطر هو غياب المبدأ القرآني (الاعتبار) !!

– غياب الاعتبار فتح المجال لحضور قانون الفراغ!!

– التعليم العام لم يصنع ثقافة!

– الخطاب الديني ارتكس في ثقافة (العرض الأدنى)؛ ذلك أنَّ الرهان الأكبر يعوّل على ثقافة المجتمع.. لكن المجتمع المسلم يلوك حصوات- ثقافة العرض الادنى- وإذن.. فاقد الشيء لا يعطيه؛ فأنى للعقلية الوعظية الذاوية في أعماق وهاد التاريخ ان تعرف المنهج المعرفي المقاصدي؟ أنّى لهما الوعي بتاري دخ التشريع.. أو منهج التلازم فكل تلك العلوم المنهجية هي خرافة.. وتلك طبيعة التقليد القائم على أحادية المعرفة السطحية والهشة القادمة من الطفرة النفطية!!

– حضور التوريث الجمهوري، وغياب عقيدة الجيش والأمن، وبروز العائلية والعشيرة تسبب في ردة فعل الكهنوت السلالي متحدثًا بلسان الحال والمقال بأنَّ الدين والسُّنة والمذهب يقول:

بما أنَّ النِّظام الجمهوري أصبح إرثًا؛ فنحن نمتلك مخزونًا دينيًّا في بطون كتب السُّنة ينص أننا أصحاب الحق الأبدي السَّماوي الخالد…!!

– لقد اتكأت الكهنوتية السلالية العنصرية إلى غياب الثقافة الدستورية طيلة50 عامًا وغياب الثقافة الإسلامية الصحيحة في المؤسسات الرسمية…!!

حضور ثقافة العرض الأدنى في الخطاب الديني السني بعقلية وعظية جامدة لا تمتلك أبجديات المنهج المقاصدي!! خطاب وعظي هش لم يشم رائحة المنهج المعرفي، بل ولا القواعد الأصولية!

النتيجة الأولى:

– تحصين الطغيان الجمهوري والسلالي الكهنوتي على السواء – تحصينًا دينيًّا بامتياز!

النتيجة الثانية:

– إهدار كرامة الأمة وتدميرها عمليًّا بدعم الجيش والأمن اللذين يعبدان الإله الصغير في الأرض!!

– الانقلاب السلالي الكهنوتي على الإجماع الشعبي المتمثل في مخرجات الحوار الوطني وليد طبيعي لكل ما سبق!!

– تفجير حرب أهلية أفسد الحرث وأهلكت النسل ودمرت مقدرات أمة ناهيك عما ستتمخض عنه الأيام!!

المحور الرابع:

ثقافة العَرَض الأدنى

الأسباب.. المظاهر:

لكي نقترب من تقديم معالجات للواقع الثقافي:

فالشرط العلمي والواجب الديني والضرورة الشرعية يتطلب منا ما يلي:

1- التحليل العميق للأسباب الجوهرية.. والعوامل المؤثرة التي حاصرت العقل الفقهي في زاوية ثقافة العرض الأدنى!

مظاهر ثقافة العرض الأدنى التي دحرجت التفكير الفقهي الى بؤرة العجز المكتسب – فشل الثقافة الإسلامية في مواجهة مستجدات العصر!!

2- تحرير وبلورة مظاهر ونتائج

ثقافة العرض الأدنى.

وقد اجتهد كاتب هذه السطور في تحرير أهم الأسباب والمظاهر والنتائج على النَّحو التالي:

ثقافة العرض الأدنى

تمهيد:

سنقدم بعض نصوص القرآن ذات الدلالات المقاصدية الهادية إلى ا لعلاقات بين السُّنن انطلاقًا من أعظم وظيفة للنبي صلى الله عليه وسلم.( ويعلمهم الكتاب والحكمة)!!

الجدير ذكره أنَّ البيان القرآني قدَّمَ نصوصًا واضحة تضمنت دلالات ذات صلة بالجانب الثقافي.. سنشير إلى بعضها.. وقد رأينا أن نبدأ بنص هو في غاية الوضوح حول نوع خطير من أنواع التوبة متصل بالسنن الحاكمة للاجتماع.. نص اكتنزت فيه دلالات تراكمية.. كثيفة تجلت فيها إرادة الله.. وقضاؤه.. وهدايته.. ورحمته.. وتخفيفه..

وأمره.. وفوق ذلك ارتباط القيم والسُّنن الكونية والاجتماعية بركني الإيمان بالله واليوم الآخر!! فإلى النصوص.

النَّص الأول:

قال تعالى:

(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سُنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم، والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين اتبعوا الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا).

(يريد الله أن يخفِّفَ عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا) {النساء:26-28}.

أهم دلالات النص:

1- إرادة الله الرحيم العليم بمصالحنا.. وبضعفنا؛ فبين لنا قضايا مهمة؛ كي لا نتيه ونتخبط ونضيّع الأعمار في صحاري فلسفات العلوم الإنسانية والتجارب الفاشلة!

بل إنَّ ربنا الكريم الرحيم قدَّمَ لنا بذور العلوم الإنسانية داعيًا العقل إلى البحث وفق تلك المعايير المنهجية المقاصدية المكتنزة في معارف الوحي؛ فيهتدي بها العقل ويهدي وينقُد ويحتكم إليها…!!

الحقيقة أننا أمام أعظم تخفيف لا يدركه إلا من وقفَ على تخبط النظريات الاجتماعية الغربية!!

2- دلالة (التوبة) هذه الدلالة هي الأهم في سياق حديثنا- دلالة لافتة للنظر.. بأهمية وضرورة التعاطي مع هذ التوبة السننية.. وأن توبتنا هي وجوب الالتزام- اعتقادًا وشرعًا بالسنن الحاكمة للاجتماع، ومالم نأخذ بالسنن فلسنا تائبين، بل سنكون أدوات بيد الذين يتبعون الشهوات الذين يريدون أن نميل ميلًا عظيمًا!!

– تكرر لفظ التوبة-حرفيا مرتين!

والله يريد أن يتوب عليكم…!!

– في حدود علمي ما وجدت فقيهًا أو مفكرًا وقف عند هذا النوع الخطير من أنواع التوبة؛ ذلك أنَّ اهمال هذا النوع من التوبة عقوبته سريعة وكارثية على الجميع بخلاف الذنوب الشخصية!!

النَّص الثاني:

تضمن تكييف واقعنا الثقافي:

قال تعالى:

1- (فخلف من بعدهم خلف ورِثوا الكتاب يأخذون عرَض هذا الادنى ويقولون سيُغفرُ لنا وإن يأتهم عرَضٌ مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألّا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدّارُ الآخرةِ خير للذين يتقون أفلا تعقلون) {الاعراف،169}.

2- الدلالة المحورية للنص هي:

– الوِرْثة الآبائية- تديّن متوارث ليس له صلة بالفهم المنهجي العلمي!! وهذا يضعنا مباشرة أمام خطورة التدين المتوارث- الوِرْثة الآبائية والتي كانت أبرز الانزلاق نحو التخلف، بل كارثة دمرت الانسان والاجتماع- الحرب السلالية نموذجًا!!

الغريب أن عقلية التقليد تمتلك التبريرات، بل المغالطات مثل قولهم:

– لسنا أفضل من آبائنا!

– مخالفتنا للآباء تسفيه لعقولهم! – البركة في الاتباع.. ولو تقليدًا بلا دليل!!

3- مثال تقريبي للفكرة!

هذا(س) من الناس بنى دارًا أنيقة.. قدم فيها جهدًا بدنيًا وماليًا ونفسيًا.. سهر الليالي.. تحمل أنواعًا من المشاق المختلفة.. ديون .ووالخ…!!

سكن في تلك الدار.. وكلما وجد خدشا في بقعة ما.. أو.. أو.. يبادر لإصلاحه؛ كيف لا.. وهو الذي تجرع الغصص في سبيل بناء الدار التي طالما تخيلها شاخصة في مخيلته؛ فمن المستحيل يتهاون في إصلاح أي خدش فضلًا عن أي خلل كبير!

4- توفي- س- وورثه أبناؤه فسكنوا في الدار.. فيا ترى هل سيبلغ حفاظهم على الدار نسبة تقارب نصف.. أو ربع.. بل سدس درجة أبيهم؟

واقعنا زاخر بالأمثلة!

– إذا أسقطنا المثال السَّابق على جانب التدين والوعي الثقافي لدى الأبناء.. لاشك أنَّ الأمر سينحرف بطريقة أو بأخرى- سلبًا وإيجابًا!!

– ماذا لو اسقطنا المثال على إرث التدين؟؟

من هنا نعرف دلالات رحمة الله بالخلق في تتابع الرسالات السماوية!

مآلات إرث الكتاب=

ثقافة العَرَض الأدنى:

إرث.. لافهم لا علم.. لا منهج…!

الحقيقة أننا أمام منظومة عنقودية متداخلة المسارات حد التعقيد.. حضرت فيها أفكار تاريخية مرهَقَة.. مرهِقَة.. معيقة لأي تطلعات إنسانيًّا وحضاريًّا…!!

2 1 الحرب السلالية في اليمن: الاعتبار ومواجهة الآثار الفكرية

أبرز المآلات:

1- التقليد والجمود العقلي في أخطر ميادين الشرع-تقليد مذهبي في أصول الفقه !!

ويشهد الله أن شيخين لهما شأن.. نطقا بلسان واحد وبعبارة واحدة في موقف واحد: إنَّ المنهج المقاصدي جزئية من جزئيات أصول الفقه!!

2- التدين الشَّكلي!

هذا هو الغالب في التدين الموروث- فقدان روح التدين والسبب الجهل بحكمة الشرع ومقاصده!!

3- إرث الكتاب يعني تعطيل أعظم نعم الله في التكريم الرباني للإنسان التي ميزه بها  عن سائر المخلوقات.. إنها نعمة العقل التي هي أعظم هبة ربانية.. لكي تفهم العقول هدايات النصوص – مقاصد القرآن ومقاصد تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم. أما المآل الفاجع حقًا.. إن الجمود الفقهي وصل إلى حد القول بأن النصوص مظلة أفهام!! والحل هو التقليد وكفى!!

4- الحيل على الشريعة:

التقليد الفقهي حاصر العقلية المقلدة فحضر إبليس ليخترع الحيل الفقيه على الشرع وما أكثر الحيل التي استباحت الحرام- بيوع الربا.. زواج التحليل.. زواج المتعة.. حرمان النساء من الإرث.. والأمثلة كثيرة!!

5- حضور الآبائية العمياء:

(بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ولوكا آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون)!!

6- معاداة العقل المنهجي المقاصدي!

كل من يحاول التفكير المنهجي تتناوله الألسن وتقذفه في مهاوي التفسيق والضلال والبدع والزيغ.. والعمالة…!! الأمر الذي جعل أحد المفكرين يسخر مخاطبًا المفكرين بما معناه:

ليكن الحيوان قدوتك في عدم إعمال العقل وهنا سترتاح من نقمة المجتمع، أما إنك تريد أن تكون إنسانًا تفكر فودع راحتك، بل حياتك!!

الأقسى والأنكى أن الحرب الحمقى ضد المنهجي المقاصدي يُضفى عليها قدسية الدين؛ دفاعًا عن الله والرسول والسَّلف الخ!

7- التوحّل في بؤرة لعرَضِ الادنى:

– مفهوم القبول بالعَرَض الأدنى يحمل دلالات وأبعاد خطيرة..

نفسيًا.. وإنسانيًا.. وقيميًا الخ.

– فالقبول بالأدنى -الدون سواء التدين الشكلي، أو الأشياء الدنيوية كتقديس الأشخاص أو السلالة أو المذهب أي.أو.إلخ؛ لهو دليل انحطاط النفس، وسقوط عزة النفس التي حررها التوحيد تحريرًا كاملًا-روحًا وجسدًا!

8- البعد الإنساني:

أحد المآلات هو تدمير أو تلاشي قدسية كرامة الإنسان الذي فضله الخالق على كثير من مخلوقاته !!

9- البعد القيمي:

حضور ثقافة القطيع وهنا تسقط هيبة وقدسية كرامة الانسان وحريته وكل حقوقه على مستوى الفرد والمجموع، وهذا يقود الى مآل كارثي أخطر كما في البند التالي:

10- هشاشة وتلاشي شخصية الأمة؛ حيث أصبحت الأمة لا وزن لها في عين خصومها.. وهذا هو عين الانهيار الحضاري- وجود الأمة كعدمها!!

11- حصار بين سلفيتين:

أ /سلفية التقليد الفقهي للموروث التطبيقي واهمال المنهج!

تقليد.. لا يستطيع التفريق بين ما هو واجب ملزم لنا أن نأخذه به فهمًا وتطبيقًا في واقع متغيرات حياتنا.

وما هو غير ملزم لنا المتمثل في التطبيقات الفقهية عبر القرون؛ كونها إجابات للأسئلة سياق مختلف عن سياقنا تمامًا..!!

واجترارها إلى واقعنا المختلف يكون مربكًا للفكر وإعاقة الواقع- السلالية الكهنوتية والسلفية السنية الحرفية نموذجان صارخان!!

ب / سلفية أدعياء الحداثة الذين يمموا وجوههم غربًا فهم يجترّون تفاهات ثقافية من واقع مختلف على اعتبار أنها قيم كونية!!

ج / ردة الفعل

ثقافة رجُل القش:

رجُلِ القش.. أسلوب يلجأ إليه الفلاحون؛ حيث ينصبون وسط الحقول أعوادًا مع شيء من القشِّ وقِطَعٍ من القماش إيهامًا للقردة وبعض الطيور التي تأكل المحاصيل الزراعية.. بأن هنالك شخص!!

ووجه الدلالة هنا أنَّ ثقافتنا خاضت سجالات عدمية عقيمة مع حملة الفكر الوافد.. ووقفت عند  معركة سجالية؛ فلم تصنع قيما تأسيسية تتجسد فيها القواسم المشتركة الحاضنة لكرامة الامة وآليات تحمي الحقوق السياسية للفرد والامة الخ.!  نعم.. ظل الصراع قرابة8عقود ولا زال حول الغزو الفكري- فزاعة ثقافة (رجل القش) !!

لسنا هنا ننكر وجود الغزو الفكري، وإنما اعتراضات على العلاج الثقافي المغشوش!

لقد حاصرت فزاعة رجل القش خطابنا الديني في زاوية التشبث بالموروث الفكري حد الانغلاق والجمود والدوران في إطار المذهب ونسيان مطلق للمنهج المقاصدي!!

12- حضور أحادية مصدر المعرفة!

لأسباب اقتصادية انحصرت مصادر الخطاب الديني في مصدر واحد وساعد على ذلك رياح دولية ؛ فاصبح خطابنا الديني الثقافي صدأ.. بل اسفنجة تمتص تلك الحكاوي التي قد تكون مناسبة هناك وليس في واقعنا.. والغريب جدا أن عقلية الخطاب الديني كانت

تقف على ماقرره فقهاء الأصول أن المقلد (لاعقل له)!

وأن المقلد لا عبرة بمخالفته!! بخلاف صاحب المنهج المقاصدي فإن خلافه معتبر!!

هكذا قرر فقهاء الاصول ؛ ذلك أن المقلد كلما واجهته قضية ذهب يستفتي تطبيقات موتى القرون، وكذلك المقلد للوافد…!

باختصار.. عقلية النخبة تتوحل في حمأة التقليد وإن اختلفت العبارات فقد تشابهت قلوبهم!!

وصدق الله (..تشابهت قلوبهم قد بيّنّا الآيات لقوم يوقنون)!! {البقرة:118}.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى