النقص الذاتي في القدرات والمؤهلات والمكانة والمكان؛ غالبًا ما يتحول لنار محرقة تميت كل جميل!
عشت فترة زمنية وهذه الفكرة تشغل حيزًا من تفكيري، الفكرة اجتماعية بالدرجة الأولى، لأنها تتعلق بكل أفراد المجتمع، وتمس الكثير بضرر فادح قاتل!
كنت أتساءل ما سر العنفوانية التي قد تظهر علينا في حين وتختفي في حين آخر، تظهر في عمل وتختفي في غيره، تبرز في مكان، ولا أرى لها أثرًا في مكانٍ آخر!
فمثلًا؛
المتعطش للجاه والسلطة؛ حين يصل لذلك يصبح بطاشًا، وتصبح وجاهته جحيمًا على الناس، ويصبح منصبه سوطًا موجعًا يدمر حياتهم.
الفقير من أسرة ذات صدى؛ ترى في عينيه الحاجة لذلك الصدى؛ ولن يستطيع التخلص منه إلا بإيمان وثيق، وحين تراه يبحث عن زوجة؛ فإنه لن يبحث إلا عن زوجة ذات نسب رفيع، رجاءَ غناءَ فقر جاهه، لكنه إن لم يستطع دفع ذلك؛ تجده يجهد لإنزال زوجته من مكانتها؛ عبر العدوان في حقها، والتقليل من قدرها وقدر أهلها؛ (عقدة النقص تجعل المرء مضطربًا لا يعرف حياةً مستقرة)!
المعدم من المؤهلات العلمية والخبرات العملية؛ تجده كذلك، همه الأوحد هو أن يحوزها؛ ولو عبر التزوير، والغش، والخداع، ينسى في سبيل ذلك كل قوانين التقوى، وموازين الأخلاق، ومسلمات الفطرة؛ فإذا حاز شيئًا من ذلك؛ يخيفك ببجاحته وتصدره المشاهد كبطل لا شريك له، ويزداد لديك منسوب الخوف حين ترى منه خطابات التحقير والتسفيه للآخرين، (عقدة النقص لا تتركه؛ حتى وإن أشبعها من جهة، فإنها تفقره من جهة أخرى)!
النماذج كثيرة؛ غير أن المخيف أن [النقص الحقيقي في جوهر النفس، وهو ما يجعل المرء من مجرد شخص منقوص الحاجة يحتاج لإكمال؛ إلى شخص ممتلئ بالعدوانية على الآخرين، يسيء الظن بهم، ويرى أن لا شيء يملأ نقصه إلا بإحداث نقص مماثل عندهم، لا بكسب شيء زائد عندهم ناقص عنده]!
نحن بحاجة ماسة لمراقبة عقدة النقص في ذواتنا، من كل الزوايا والاتجاهات؛ كي لا نفجع بأنفسنا يومًا؛ ونرى أننا أصبحنا فئة معادية للآخرين ونجاحاتهم، أو فئة تسعى لسلب ما أكرمهم الله به من حيث لا نشعر!
وبحاجة – أيضًا – لمراقبة من حولنا أصدقاء/ وأبناء/ وجميع من نحتك بهم/ كي نتلاقى الآثار في بداية نشوئها، ونضع مراهم الشفاء قبل بدو الآثار بالفعل، وذلك من خلال رفع منسوب الثقة عند الناس من حولنا، والتعامل بلا مسافات طبقية، وتعزيز الجوانب الخلُقية لا الخلَقية، وهكذا!
حبلنا موصول . .
كلام في الصميم
جميل جداً جداً