أشتات

صلاح الدولة من صلاح المجتمع: الوجه الآخر لأزمة اليمن

قبل أيام، وصلني عبر تطبيق المراسلة (واتساب) مقطع قصير ظهرت فيه امرأة يمنية تجلس على طرف أحد الطرقات تحتضن طفلها النائم، وبجانبها ابنتها الصغيرة، تمدّ يدها للمارة طلبًا للرحمة.  لقد كان المشهد مؤلمًا بما يكفي ليثير في النفس غصّة، لكن ما جعلني أتوقف طويلًا هو ما رأيته على باب الدكان الذي جلسن بجانبه؛ وقد كُتب عليه اسم المحل متبوعًا بعبارة لافتة “لأجود أنواع الشمة!”.
توقفت لحظة أراجع نظري غير مصدّق، فالكلمة الأخيرة بدت مشطوبة، وكأن أحدهم حاول إخفاءها، ومع ذلك كانت واضحة بما لا يدع مجالًا للشك. أعدت تشغيل المقطع أكثر من مرة، ثم أرسلته لبعض الأصدقاء أستوثق، فجاءت إجابتهم قاطعة: نعم، الكلمة هي «الشمة».
وعلى الجهة الأخرى من المقطع، ظهر رجالٌ يجلسون فوق سطح محلٍّ آخر، بأيديهم أكياس القات، يمضغونها بارتياحٍ تام في وقت الظهيرة، حين تكون ساعات العمل في ذروتها. وكان المارة يعبرون أمام الأم وأطفالها وكأن المشهد لا يعنيهم، وكأن الفقر بات جزءًا من الحياة اليومية لا يثير دهشةً ولا ألمًا.
لقد كان المقطع حين وصلني مرفقًا بتعليق يبدو مألوفًا: “هنا اليمن، أرض الحضارة والتاريخ، أصل العرب الذين قال عنهم الرسول ﷺ أرق قلوبًا وألين أفئدة، حسبنا الله ونعم الوكيل بمن أوصل البلاد إلى هذا الحال”.
قرأت التعليق أكثر من مرة، ووجدت فيه صدق المشاعر لكنه ظلّ يصف ظاهر المشكلة لا عمقها. نحن نرثي الماضي ونستحضر أمجاد التاريخ وقيم الأجداد، وكأن استدعاء تلك الصور القديمة يكفي لإصلاح واقعنا المتهالك. لقد أصبح هذا التعليق وأشباهه يتكرّر كثيرًا، فكلما انتشر مشهد مؤلم كهذا، انطلقت التعليقات تنهال باللوم على المسؤولين وتندب سوء الأحوال الاقتصادية في بلدنا الحبيب..
نعم، الفساد وسوء الإدارة وتولّي الظلمة والطغاة أمورٌ كان لها الدور الأكبر في خراب الوطن وضعف اقتصاده، بلا شك. ولكن… هل هذا كلُّ شيء؟ أليس للمجتمع نفسه دورٌ فيما وصلنا إليه؟ أين الوجهُ الآخرُ للمأساة؟

الوجه الآخر للمأساة: عندما يغيب دور المجتمع

إن ما يتغافل عنه الكثيرون هو ذلك الجانب المظلم في المشهد: كيف لمجتمع أن ينعم بالرخاء الاقتصادي والتكاتف الاجتماعي ومحالّ بيع الشمة والقات مُشرعة الأبواب في قلب الأسواق؟ وكيف نرجو تنميةً والشباب أنفسهم عاطلون يهرعون إلى أسواق القات والمقايل في أوقات العمل والإنتاج! إن انتشار ثقافة اللهو واللامبالاة بين أفراد المجتمع لا تقل خطرًا عن فساد المسؤولين. وقد قيل: “كما تكونوا يولّى عليكم”، أي أن طبيعة حال المجتمع هي التي تنعكس على من يتولى أمره. فالمجتمع المستسلم للفوضى والرذيلة وانتشار الآفات سيجد غالبًا أن من يحكمه على شاكلته، والعكس صحيح.  لقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى أن انهيار العمران وسقوط الحضارات غالبًا ما يكون بسبب تخلخل الروابط الأخلاقية والاجتماعية من الداخل قبل أي عوامل خارجية؛ فقد اعتبر “الترف والانحلال الخلقي من أعظم مهدّدات الحضارة“. وما أشبه ذلك بواقعنا اليوم؛ إذ نشكو ظلم الحُكّام وغفلتهم، وننسى أن ظلم المجتمع لنفسه وغفلته عن مشكلاته هي أصل الداء.
لقد تنبّه العديد من علماء الاجتماع والمفكّرين إلى هذه الحقيقة. يقول المفكّر ا لجزائري مالك بن نبي – في معرض حديثه عن عوامل نهضة المجتمعات – إن العلاقات الاجتماعية الفاسدة بين الأفراد كفيلة بإفشال أي عمل جماعي أو تنموي، حيث “كل علاقة فاسدة بين الأفراد تولّد فيما بينهم عُقدًا تُحبط أعمالهم الجماعية، إمّا بتصعيبها أو باستحالتها”. فإذاسادت الأنانية وتضخّم الأفراد، يتعطّل التعاون وتفشل جهود البناء. ومن جانب آخر، درس المؤرّخ البريطاني أرنولد توينبي أحوال 23 حضارة بشرية وخرج بنتيجة مذهلة: “الحضارات تموت انتحارًا ولا تُقتل قتلًا بمعنى أنها كثيرًا ما تنهار نتيجة الفساد الداخلي لا تحت ضربات العدو الخارجي. إذ يبدأ انهيار الحضارة حين تفقد روحها الأخلاقية وتتفسّخ بنيتها الاجتماعية، فيظهر ما أسماه “بروليتاريا داخلية” من المظلومين والمنحطّين تقابلها “بروليتاريا خارجية” من الأعداء، وتصبح النخبة مترفة طُفيلية تستغلّ الشعب. وهذا بالضبط ما يحدث عندما يترك المجتمع نفسه فريسةً للفساد والكسل؛ يسقط من الداخل قبل أن يسقطه أي عدوّ. وقد عبّر الشاعر أحمد شوقي عن هذا المعنى ببليغ العبارة قائلًا: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا”. فالأمة مرهونة بأخلاق مجتمعها وقيمه؛ إذا تلاشت تلك القيم، سقطت الأمة ولو امتلكت كل الثروات.

في الفكر السياسي الإسلامي. مدخل تأصيلي ج2 01 صلاح الدولة من صلاح المجتمع: الوجه الآخر لأزمة اليمن

التغيير يبدأ من الذات: منظور إسلامي

ليس غريبًا أن يتفق منظورنا الحضاري الإسلامي مع خلاصات علم الاجتماع في هذا الشأن. حيث يؤكد القرآن الكريم بوضوح هذه السنة الاجتماعية في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾؛ أي إن الله لا يبدّل حال أي قوم من شقاء إلى سعادة أو العكس إلا إذا غيّر المجتمع ما بنفسه أولًا. وفي سنّة النبي ﷺ نجد تحذيرًا من إهمال نعمة الوقت والشباب، إذ قال: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحّة والفراغ» والصحّة والفراغ هما وقود شباب الأمة إن أُحسن استثمارهما، وهما وبالٌ عليها إن أُهدِرا في اللهو والكسل. وقد ضرب لنا النبي ﷺ مثالًا بليغًا حين شبّه المجتمع بركّاب سفينة؛ إن تركوا بعضهم يخرقها في أسفلها دون تدخل، غرقوا جميعًا. وهذا يمثل مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام: أي إصلاح المجتمع من داخله بالتواصي على الخير والتناهي عن الشر. فلا نجاة لمجتمع يتواطأ أفراده على السكوت عن الفساد أو يبرّر كلٌ منهم تقصيره بأن المشكلة في غيره وليست فيه. يقول تعالى: ﴿وَكَذٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعضًا بِما كانوا يَكسِبونَ﴾؛ أي أننا عندما نفرّط ونظلم أنفسنا، قد يُسلَّط علينا من الظالمين من هو على شاكلتنا جزاءً لنا. فإذا أردنا حُكّامًا صالحين وتنميةً حقيقية، فلابد أن نبدأ بأنفسنا إصلاحًا وتغييرًا.
ومن هنا نفهم معنى المقولة المأثورة “كما تكونوا يولّى عليكم”، أي أن صلاح ولاة الأمور مرتبط بصلاح رعيّتهم والعكس بالعكس. وأن الله تعالى يسلّط على الناس مَن يناسب حالهم؛ فإن كانوا صالحين ولّى عليهم صالحًا وإن كانوا فاسدين سلط عليهم من جنس أعمالهم.

الجهل… رحلة في أعماق العقول المغلقة صلاح الدولة من صلاح المجتمع: الوجه الآخر لأزمة اليمن

شباب قارئ وشباب عاطل: بين النهضة والضياع

إذا تفحّصنا تجارب الشعوب والدول الناهضة، سنجد خيطًا مشتركًا يربط بينها: الاستثمار في الإنسان، خاصةً الشباب، وترسيخ قيمة العلم والعمل بدلًا من الانغماس في الملهيات. على سبيل المثال، بعد الحرب العالمية الثانية خرجت اليابان من الهزيمة مدمّرةً اقتصاديًا واجتماعيًا، لكنها راهنت على تعليم شعبها وبناء جيل من العمّال والمهندسين الأكفاء. وبالفعل، خلال عقود قليلة تحولت اليابان من بلد منهار إلى إحدى أقوى الاقتصادات العالمية. وكذلك فعلت كوريا الجنوبية التي أولت التعليم والتدريب أهمية قصوى؛ فارتفع دخل الفرد ومستوى المعيشة بوتيرة مذهلة، وانتقلت من صفوف الدول الفقيرة في منتصف القرن العشرين إلى مصاف الدول الصناعية المتقدمة اليوم. وليس سرًا أن سنغافورة الصغيرة محدودة الموارد ركزت على تنمية رأسمالها البشري وانضباط مجتمعها (حيث تُحظر حتى بعض الملهيات كالعلكة!) لتحقق نهضة تنموية أصبحت مثالًا يحتذى.
هذه ليست مجرد حكايات، وإنما حقائق موثقة. تشير تقارير اليونسكو إلى أن كل دولار واحد يُستثمر في تعليم الشباب وتطوير مهاراتهم يمكن أن يولّد عشرة إلى خمسة عشر دولارًا كعائد اقتصادي. بل وتقدّر تلك التقارير أنه لو امتلك جميع طلاب البلدان الفقيرة مهارات القراءة الأساسية، لأمكن إنقاذ 171 مليون شخص من براثن الفقر. ولنا أن نتخيل الفرق الهائل الذي يصنعه نشر ثقافة القراءة والتعلّم! وفي دراسة دولية حديثة حول معدلات القراءة لدى الأطفال، جاءت سنغافورة وهونغ كونغ في المركزين الأولين عالميًا (وتلتهما دول متقدمة كروسيا وفنلندا وإنجلترا)، وليس من المصادفة أن هذه البلدان نفسها تتصدر مؤشرات التنمية العالمية. فالعلم هو مفتاح التقدم، والمجتمعات التي يحب أبناؤها القراءة والمعرفة تجني ثمار ذلك تطورًا وازدهارًا.
في المقابل، انظر إلى حال البلدان التي يشيع فيها إهمال التعليم واستنزاف طاقات الشباب في اللهو والكسل والملهيات؛ ستجد التخلف والفقر كظلهما. وللأسف، اليمن نموذج صارخ على ذلك في العقود الأخيرة. فعلى سبيل المثال تعاطي القات أصبح آفة مستشرية بين فئات المجتمع إلى حد مخيف، وصار جزءًا من ثقافة الحياة اليومية لكثير من الشباب والكهول سواء بسواء. تُظهر دراسات البنك الدولي أن حوالي 72% من الرجال و33% من النساء في اليمن يمضغون القات بانتظام – وكثيرون يبدأون هذه العادة في سن المراهقة بين 16 و24 عامًا! تخيّل أمةً ثلثا رجالها مدمنون على عادة تستهلك المال والوقت والصحة. وتشير نفس الدراسات إلى أن جلسات القات هذه تلتهم ما يصل إلى ربع ساعات العمل الفعلية في اليوم؛ فثقافة تمضية ساعات العصر في المضغ الجماعي تتعارض تمامًا مع أي رؤية لبناء قوة عمل منتجة. بل إن الوقت المهدر هائل: إذ يقضي 36% من متعاطي القات ما بين 2-4 ساعات يوميًا في المضغ، و35% يمضغون 4-6 ساعات، بينما نحو 22% من المستخدمين يمضغون لأكثر من 6 ساعات يوميًا! هذا رقم صادم يعني أن قرابة ربع المتعاطين يبددون ربع يومهم (أو أكثر) في شيء عديم الجدوى. فإذا كان الشباب، ذخيرة المجتمع التي يفترض أن تُصرف في بناء الوطن، يهدرون أوقاتهم وطاقاتهم بهذا الشكل، فكيف نترقب نهضةً اقتصادية أو تنميةً حقيقية؟
ولا يقتصر ضرر هذه الظواهر على الوقت المهدر فقط، بل يمتد ليضرب أسس التقدم الاجتماعي. فالشاب المعتاد على اللهو أو الإدمان – سواء أكان إدمان القات أو حتى إدمان الأجهزة والإنترنت بلا ضابط – سيصعب عليه الانضباط في العمل، أو تخصيص وقت للقراءة وتطوير مهاراته، أو المشاركة في مبادرات مجتمعية تنهض ببلده. وهكذا تدور حلقة مفرغة: بطالة وفقر تؤديان إلى فراغ قاتل، والفراغ بدوره يدفع إلى مزيد من الإدمان والفساد الأخلاقي، مما يفاقم البطالة والفقر… حتى يكاد يظن المرء أنها دوامة لا مخرج منها. لكنها ليست كذلك حقًا.

تخوم الحقيقة والاشتباك. كيف يخون الدّعاة والمثقّفون والمفكّرون رسالاتهم؟ 01 صلاح الدولة من صلاح المجتمع: الوجه الآخر لأزمة اليمن

غياب القات وحضور الطموح: سر نجاح شباب اليمن في المهجر

تثبت تجارب الكثير من الشباب اليمنيين المهاجرين أن ابتعادهم عن بيئة القات والملهيات الاجتماعية التي تشيع في الداخل اليمني كان عاملًا حاسمًا في تحقيق نجاحهم الأكاديمي والمهني في الخارج. ففي بلدان الاغتراب التي غالبًا ما تحظر تعاطي القات قانونًا، اضطر هؤلاء الشباب إلى التخلي عن هذه العادة المضرة وتبني نمط حياة أكثر انضباطًا، مما ساعد على تحسين إنتاجيتهم وفتح أمامهم فرصًا جديدة للنجاح. وبدلاً من إمضاء ساعات طويلة يوميًا في مجالس القات كما يفعل كثيرون داخل اليمن، وجد الشباب اليمني في المهجر متسعًا من الوقت والطاقة للاستثمار في التحصيل العلمي والعمل المثمر، فحققوا إنجازات ملموسة في دراساتهم ووظائفهم. وقد وصف بعضهم فترة تعاطيهم للقات بأنها لم تكن سوى “أحلام خيالية لا أساس لها من الواقع” تزول بزوال نشوة المخدر المؤقتة، في حين أن تركهم لهذه الآفة والانخراط في حياة جديدة قائمة على العمل والدراسة مكنهم من تحقيق نجاحات حقيقية على أرض الواقع. بهذا يتضح أن إصلاح المجتمع يبدأ بتغيير الفرد لعاداته وسلوكياته؛ فحين يتحرر الإنسان من قيود القات وأمثاله من مسببات الإدمان، يغدو أكثر قدرة على استثمار وقته وجهده في بناء مستقبل أفضل لنفسه ولمجتمعه.

تقدم الخليج وتأخر اليمن الدولة الحديثة والدولة الحداثية ج2 صلاح الدولة من صلاح المجتمع: الوجه الآخر لأزمة اليمن

خاتمة: رسائل أمل ومسؤولية إلى الشباب والمجتمع المدني في اليمن

رغم قتامة المشهد، يبقى الأمل حيًا ما دام فينا عقول تفكر وقلوب تنبض. أيها الشباب اليمني، إن مستقبل اليمن بين أيديكم أنتم. التغيير يبدأ منك – من إصلاحك لعاداتك وتصحيحك لأخطائك، من استغلالك لأوقات فراغك فيما ينفعك وينفع مجتمعك. تذكر أنك بساعة تقضيها في قراءة كتاب، أو تعلم مهارة جديدة، أو بذل جهد في عمل نافع؛ هي ساعة تساهم بها في نهضة بلدك وتغيير واقعه. وكما أن تراكم إهمال الفرد لنفسه يصنع مجتمعًا متخلفًا، فإن تراكم اجتهاد الأفراد ونهضتهم بأنفسهم يصنع مجتمعًا متقدمًا جديرًا بحياة كريمة.
اليمن التي كانت يومًا منارة للحكمة ومهدًا للحضارة تستطيع النهوض من جديد إذا عقد كل فرد العزم على التغيير الإيجابي. اتركوا عنكم الاتكال على أن “المشكلة في الحكومة فقط”، وانبذوا ثقافة “وماذا بيدي أن أفعل؟” – فبيدك الكثير: نظم وقتك، ثقّف نفسك، ابتعد عن المهلكات والملهيات، وكن قدوة صالحة لمن حولك. إن بلدنا بحاجة لكل دقيقة من سواعد شبابه وعقولهم؛ فلا تستهين بأي جهد تبذله أو فكرة تنشرها.ولا يكتمل طريق النهضة بلا حراكٍ مدني واعٍ يُحوّل الرسالة من وعظٍ عابر إلى سلوكٍ يومي منظّم. فعلى الجمعيات الأهلية والمراكز المجتمعية والفرق التطوعية أن تجعل التوعية بأضرار إدمان القات وسائر الملهيات محورًا ثابتًا في برامجها، وذلك عبر لقاءات في الأحياء والمدارس والجامعات، ومواد مرئية مختصرة بلغة الشباب، وبشراكات مع الأطباء والاختصاصيين الشرعيين والاجتماعيين لشرح الأثر الصحي والاقتصادي والأسري، مع ربط الإقلاع بزيادة الدخل وجودة الحياة. ويمكن للشباب قيادة ذلك عمليًا من خلال التالي:

  • تكوين أندية قراءة ومهارات (رقمية – لغوية) وورش قصيرة تؤهل لسوق العمل.
  • بدائل منتظمة لوقت العصر: دوري رياضي محلّي، تحديات جري/دراجات، وفعالية أسبوعية بعنوان «عصرٌ بلا قات» على سبيل المثال.
  • حملات رقمية صغيرة متواصلة: قصص تحوّل، إنفوغرافيك عن كلفة القات على الأسرة، رسائل يومية لاستثمار الوقت.
  • دعم الإقلاع: مجموعات أقران مساندة، استشارات نفسية سريعة بالتعاون مع مختصين، وتعهدات جماعية لمدة 30 يومًا على سبيل المثال.
  • شراكات محلية مع المساجد والمدارس والعيادات والبلديات لتوسيع أثر البرامج وتوفير أماكن آمنة للأنشطة التوعوية.
  • برامج تطوّع موجّه في تعليم الأطفال وخدمة الأسر الأشد احتياجًا؛ فـ«العمل النافع» يزاحم العادات المرهِقة ويمنح الوقت معنى.

بهذه الروح، يصبح كل شاب جزءًا من شبكة توعوية تمتد من البيت إلى الحي فالمدينة، ويغدو الوعي الجمعي قوةً ضاغطة تُغيّر السلوك وتبني العادات النافعة.
وفي الختام، نستحضر قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾. فهذا نداء من السماء لنا بأن مفتاح الفَرَج بأيدينا نحن. فلنغيّر ما بأنفسنا، وسنرى كيف يتغير حال بلدنا بإذن الله تعالى. وليكن شعارنا من اليوم: نحن نصنع قادتنا ومستقبلنا بأفعالنا اليوم. وما أجمل قول الشاعر: «وما نيل المطالب بالتمنّي *ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا» – فلنأخذ بأسباب التقدم بعزم وإصرار، عسى أن نرى يمننا الحبيب كما نحب له أن يكون؛ مزدهرًا، موحَّدًا، يتسع خيره للجميع. والله المستعان وعليه التُّكلان.

المصادر والمراجع:

  1. ابن خلدون، المقدمة – تحذيره من ترف المجتمع وانحلاله كسبب لانهيار الحضارةmuslimheritage.com.
  2. .مالك بن نبي – تحليل فساد العلاقات الاجتماعية وأثرها في فشل نهضة المجتمعاتuniv-setif2.dz.
  3. .Arnold J. Toynbee – مقولة انهيار الحضارات من الداخل (تموت انتحارًا لا قتلاً)transnational.live
  4. أحمد شوقي – ديوان الشوقيات: “إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…”ar.islamway.net
  5. القرآن الكريم – سورة الرعد، آية 11: وجوب تغيير النفس لإصلاح الحالquraanstudynotes.weebly.com
  6. حديث شريف – صححه البخاري: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ”alukah.net
  7. تقرير البنك الدولي حول القات في اليمن – إحصاءات عن انتشار القات وأثره على الإنتاجيةblogs.worldbank.orgblogs.worldbank.org
  8. .تقرير الأمم المتحدة للتنمية (اليونسكو) – مردود الاستثمار في التعليم وأثر محو الأمية على الفقرunesco.org
  9. .المنتدى الاقتصادي العالمي – مؤشرات دولية حول مستويات القراءة والتنميةweforum.org
  10. فتوى إسلام ويب – “كما تكونوا يولى عليكم” ومعناها وأثرهاnaasan.net.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى