فكر

مسوِّغات العلمانية بين الحقيقة والوهم (ج8)

النموذج اللبناني... حجة للعلمانية أم عليها؟

النموذج اللبناني... حجة للعلمانية أم عليها؟

رغم كل ذلك فإنني أود الإشارة العجلى  في هذا السياق إلى أن مقولة أن المجتمعات التعددية والاثنية ليس لها من حلّ سوى العلمانية، التي لا تنحاز  لطرف على حساب آخر،  وتتعامل مع الجميع من مسافة واحدة، مقولة ساذجة، ويردها حتى  واقع المجتمعات الغربية ذاتها، فالعلمانية هناك، لم تحل دون وقوع الصراعات الكونية بين الغربيين أنفسهم، رغم كونهم جميعاً مسيحيين، وأوربيين،  وما الحربان العالميتان وتداعياتهما؛ إلا شاهد واحد كبير على ذلك،  وهاك – مثلاً- المجتمع الهندي، الذي يتجاوز المجتمع اللبناني في تعدديته  آلاف الأضعاف، ومع ذلك لم تتمكن  العلمانية من حلّ مشكلاته، ولم تحل دون إذكاء الصراع الاجتماعي والسياسي والإثني باسم العلمانية ذاتها أحياناً، كما  رأينا في الآونة الأخيرة بالذات،  بعد أن تولى  ناريندرا مودي زعامة حزب بهاراتيا جاناتا،  ومن هنا فالإصرار على أن العلمانية حل مثالي حتمي  لمجتمع متعدّد؛ عملية  أثبتت  إخفاقها  في عدد من المجتمعات التعددية والإثنية، والمجتمع اللبناني واحد منها.

إنّ  هذا الهاجس الذي تسلّط على أفئدة جمهرة العلمانيين العرب – بالخصوص- وتفكيرهم، بحتمية العلمانية، واتهام الأديان – والإسلام على وجه التحديد- بأنه سبب الصراعات في ما بين مكوّناته؛  كان أولى  باتهام العلمانية – في حقيقة الأمر-،  حيث إخفاقاته كثيرة متكرّرة، في أكثر من مجتمع،  مع ما يصاحب ذلك من  الاحتقان والتعصّب  المقيت المستمر .   والنموذج اللبناني المعاصر لا يخرج عن هذه الحقيقة كذلك،  إذ  العلمانية – وليس الدِّين أو الشريعة-  هي ما تحكم لبنان، على مدى العقود  الماضية، أي منذ إقرار النظام السياسي للمحاصصة الطائفية  عند استقلال لبنان سنة 1943م، بل لا يوجد نص من الأساس في دستور لبنان  الصادر سنة 1926م وتعديلاته التالية،  يشير إلى  حاكمية الشريعة الإسلامية أو غيرها من الشرائع السماوية، مصدراً بأي مرتبة أو مستوى، رغم وجود أطراف دينية (إسلامية ومسيحية) كبيرة تحت مظلتها. وواقع الحال يكشف  – على مدى العقود المنصرّمة وحتى اليوم-  عن استمرار الإخفاق على مختلف الأصعدة،  ولاسيما السياسية منها بالخصوص، واستفحال التعصب الديني  والعلماني معاً، على نحو أكثر  تخلّفاً، دون أن نرى (فانتازيا) الحلّ  العلماني تجسيداً عملياً،  وهو  الأمل الذي لطالما عزف عليه دعاة الحل  العلماني، حتى في المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى،  إذا ما نحيّت الشريعة بعيداً. ومع إدراكنا أن قوّة سياسية وعسكرية (طائفية) كبيرة مثل حزب الله هنالك، تمثّل دولة داخل الدولة، إلى درجة أن تعيق إجراء انتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة، الشهور بل السنين، ما دام ذلك ليس وفق مقاييس الحزب التفصيلية؛ إلا أن ذلك ليس مسوّغاً   للاستمرار في الإخفاق، فالمفترض أن تتمكن الآلية العلمانية من تطويع كل القوى اللبنانية للدستور والقوانين النافذة، والاحتكام الصريح إليها،  أيّاً كانت المعوّقات، بما فيها معوّق القوى الدينية، إذ هي السبب الأساس لاستدعاء الحلّ العلماني، مالم فإنه لا جديد  في الأمر، إذ إن ما كانت الشكوى منه بالأمس من كون الطوائف والجماعات والأحزاب (الدينية)  التي تدّعي تمثيل لبنان لاتزال مهدّداً حقيقياً  – بل أكبر من ذي قبل- لأمنها واستقرارها وسلامها الاجتماعي، ولا حلّ لذلك  سوى بانصياعها جميعاً للحل العلماني، لكنه  أثبت هو الآخر إخفاقه الكبير، وتأكّد أن الانقسام والتشظي والصراع لايزال مستمرّاً، بل هو في أوج عنفوانه،  خاصة بعد أن تمكّن حزب الله -مثلاً- أن يتغوّل في كل مفاصل الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، وأن يختطف الدولة، ويصبح مهدّداً حقيقياً لوحدة اللبنانيين ، وتحقيق الاستقرار والسلام الاجتماعي.، ولكن لنتأمّل مليّاً – مرة أخرى- ذلك لا يحدث باسم الدّين أو المذهب،  بل باسم المحاصصة، وامتلك الثلث المعطّل مع حلفائه، وهم فرقاء متشاكسون.  فهل لاتزال تحمل تبعة ذلك الشريعة والدّين هنا،  رغم كل ذلك الإبعاد للدّين،   على مدى تلك العقود؟  أم أنها  الفرصة  السانحة اليوم  لمراجعة المسار ( العلماني) في لبنان خاصة، وفي حتى في المجتمعات المتعدّدة ، بصورة عامة،  كون  التعصّب  الديني في جوهره ظاهرة علمانية!

إن كون التعصّب الديني في جوهره ظاهرة علمانية – لا دينية-  ليس رأي-كاتب هذه السطور فحسب- بل هو رأي آخرين لعلّ أبرزهم الدكتور عبد الوهاب المسيري، ذلك الذي أضحى تكأة دعاة أغلب العلمانيين في منطقتنا، كون المسيري مصنفاً فيلسوفاً إسلامياً، على حين كان دعا إلى ما يصفه بـ(العلمانية الجزئية)، مع أنه قصد أمراً فنياً إجرائياً تخصصياً فحسب، بحيث لا يختلف في مؤدّاه عن جعل الدّين حاكماً لسلوكنا، ومرجعية للدولة والدنيا، (ً هنالك نقاش  مستقل لذلك مع المسيري في  آخر  هذا الكتاب).

يقول المسيري فيما نحن بصدده حالياً:

“… فأنا أرى أن التعصب الديني هو في جوهره ظاهرة علمانية، فالمسلم الذي يتعصب ضد المسيحيين لا يلتزم بتعاليم دينه، كما أنه يرى أنه باعتباره مسلماً فمهمته ليس إقامة العدل في الأرض، وإنما التمتع بامتيازات خاصة، وهو في نهاية الأمر يصبح مرجعية ذاته .والتعريف العلماني للآخر يتم من خلال صفات مادية وبيولوجية كامنة فيه (انتماؤه الطبقي- لون جلدته، حجم جمجمته…إلخ)، أما التعريف الدِّيني فهو مختلف تمام الاختلاف.

والمتعصبون عادة ما يعرفون الآخر حسب صفات كامنة فيه، ورثها عن أبيه وأجداده وبني جلدته.. هذا التفسير العرقي تفسير مادي، لا علاقة له بأي دين….”(1).

وفي المشكلة اللبنانية أحسب انه بعد تجريب الخيار العلماني وإثبات  إخفاقه الذريع هناك؛ ينبغي التفكير في الخيار الديموقراطي، القائم على أغلبية عدد السكان. وبحسب إحصائية وكالة المخابرات المركزية  (اللبنانية) لعام  2020م؛  فإن  المسلمين  يشكّلون غالبية الموطنين حيث بلغت نسبتهم 69.3%، في مقابل 30.7%  للمسيحيين(2).

والواقع أن من اللافت أن يتنبه إلى سماحة الشريعة  وإمكان أن تحكم – بدلاً من قوانين الغزاة المستعمرين- البلدان ذات التعددية والإثنيات أعلام مسيحيون  كبار،  وقادة وسياسيون  بارزون،  في بعض هذه  البلدان،  مع الفارق بينها جميعاً ولبنان. ومن هؤلاء  – على سبيل المثال- في سوريا:  السياسي  الكبير فارس الخوري(1877-1962م)، الذي  تسلّم رئاسة الحكومة مرتين في سوريا، وصار رئيساً للبرلمان كذلك، وكان ذا خلفية واسعة بالفقه الإسلامي، ومما نقل عنه قوله:” أنا مسيحي ولكنني أجاهر بصراحة أن عندنا النظام إسلامي، وبما أن الدول  العربية المتحدة بأكثريتها مسلمة؛ ليس هناك مايمنعها من تطبيق المبادئ الإسلامية، في السياسة والحكم والاجتماع”. ذكر ذلك  الأستاذ محمد الفرحاني في كتابه ( فارس الخوري وأيام لا تنسى)، الصادر في بيروت سنة 1965م ، حيث  لازم الخوري في أيامه الأخيرة ، وعرف عنه بعض خصوصياته، بحسب عديدين منهم الشيخ علي الطنطاوي- على سبيل المثال-  الذي كان  تتلمذ على يدي الخوري، وكانت تربطه به صداقة خاصة، ووصف الخوري بأنه” أحد عباقرة العرب في هذا العصر، علماً وفكراً وبياناً…وكنت أعجب  منه كيف يكون له هذا الاطّلاع على الإسلام، وهذا العقل، ولا يهديه عقله إلى اتباع  دين الحق، الذي لا حقّ في الأديان غيره””(3).

أو “مَـكْـرَم عبيد باشا”   في مصر الذي كان قائداً من قادة  ثورة  1919م ،  وكان يردّد: “أنا مسيحي ديناً ومسلم وطنًا”.  ويعلّق على هذه المقولة الدكتور محمد عمارة قائلاً:” لأن الحضارة هي إطار جامع، ولذلك فالحضارة العربية والحضارة الإسلامية هي جامعة لكل الديانات، رغم أن طابعها الحضاري هو طابع إسلامي، وحتى عندما نتحدّث عن المسيحيين في مصر وفي البلاد العربية، نقول لهم: الشريعة الإسلامية هي قانونكم، والمسيح قال لكم: دعوا ما لقيصر لقيصر، فعندما يكون القيصر مسلماً تكون الشريعة مسلمة، وكلمة “شريعة” لم ترد في الإنجيل ولا مرة واحدة، ووردت في العهد القديم (69) مرة؛ فأنتم شريعتكم هي الشريعة الإسلامية، والبديل للشريعة الإسلامية هو قانون “بونابرت” وهو قانون “نابليون” الذي جاء يقهرنا جميعاً، وليست هناك شريعة مسيحية هي البديل للشريعة الإسلامية “(4).

وائل حلاق محاولة لفهم سوء الفهم مسوِّغات العلمانية بين الحقيقة والوهم (ج8)

إن عدداً غير قليل من  أبناء الديانة المسيحية بمستوياتهم المختلفة يدركون أن الشريعة الإسلامية أرحم بهم من القوانين الغربية القادمة مع الاستعمار الغربي لأكثر بلداننا. ولعل من أبرز هؤلاء في الآونة المتأخرة على المستوى الأكاديمي والعلمي – بوجه خاص-  شخصية البروفيسور  الكندي، ذي الأصل الفلسطيني وائل حلّاق ، الأستاذ بجامعة كولومبيا ، بالولايات المتحدة الأمريكية،  والمتخصص في القانون وتاريخ الفكر الإسلامي، وقد حصل مؤخراً في 22/4/2024م على جائزة الملك فيصل  في مجال النظم الإسلامية، وهو من أكثر النماذج  الأكاديمية غير المسلمة  التي تشكل دراساتها للإسلام وقوانينه ونظمه  دعوة ملحّة إلى إحلال النظم الإسلامية  بما فيها قوانين الشريعة الإسلامية بديلاً  عن النموذج الحداثي الغربي، مؤكداً أن الإسلام بأخلاقه السامية، لا يلتقي مع ذلك النموذج مطلقاً، لكن ليس معنى ذلك استحالة قيام نموذج إسلامي مستقل عنه، كما يوحي به ظاهر عنوان كتابه ( الدولة  المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي)، فهو  يؤكد ببعض نصوص الكتاب، مايفيد بعدم حتمية ذلك المقصد، كما  يعدّ  حالياً لطبعة جديدة  من  الكتاب،  أضاف إليه  عشرات الصفحات، بهدف إزالة ذلك الالتباس خاصة.

أما الوحدة التي يطالب بها المصلحون التجديديون المعاصرون  لكل أطياف مجتمعاتهم فهي الوحدة القائمة على  التنوّع، الذي أرساه النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – في دستور دولة المدينة، بين كل سكانها: مسلمين وغير مسلمين،  وبحسب تعبير الدكتور محمد عمارة  ” فنحن عندنا أن الإسلام قد جعل الإنسان -مطلق الإنسان- لكن هذا الإنسان المطلق له انتماءات دينية وعقدية وحضارية وثقافية إلى آخره ـ لذلك أنا أنظر لهذه الوحدة أنها مبنية على التنوع، على الاختلاف، على التعدّد وليس على الاختلاف والتناقضات التي ترفض الآخر، وتُقصي الآخر، ليس صدفة ولا غريباً أنه في إطار هذه الوحدة الإسلامية جمعت الديانات المختلفة؛ وجمعت الفلسفات المختلفة، وجمعت المذهبيات المختلفة، لأن المسيحي في بلادنا هو مسيحي ديناً ولكنه “مسلم حضارة””(5).

وأياً  وجد  في التاريخ الإسلامي  من خطأ أو حتى خطايا، إزاء التعامل مع غير المسلم، في بعض الحقب، ولدى بعض الحكام،  مما لا يمكن تبريرها بحال؛ لكن التشديد قمن كذلك بأن للفكر الإسلامي  سياقه الآخر الخاص، إذ لم يشهد نمطاً يشبه نمط  الصدام الذي وقع في الغرب بين الكنيسة من طرف وبين السياسة والعلم من الطرف الآخر، ولذلك فلن نستطيع – في تصوّري- أن نعالج مشكلة الانقسام عندنا إلا بأن نعزلها عن الصراع والانقسام  الذي ساد في الغرب  أولاً، فأنتج العلمانية، لا أن نظل مجترّين لمشكلات  الغرب وصراعاته ، كما لو كان هو النموذج القياسي الكلي Paradigm)) الحاكم للتاريخ والحاضر والمستقبل في كل المجتمعات !

نعم  نؤكد المرة بعد الأخرى، أنه حدث في تاريخنا  – ولايزال- يقع  حتى اليوم من الخروج عن صحيح الدّين ما يتسبب في إيغار الصدور وتغذية  الشحناء بين المسلمين أنفسهم؛  وما يجرّ  المجتمع إلى انقسامات  لا يمكن التهوين من خطورتها،– ولا نسوّغ لذلك  أبداً-   لكن  ذلك مما يتنافى قطعياً مع هدف الدّين ورسالته لأصلية السامية، حيث الهدف تحقيق الوئام والتآخي والائتلاف بين أبنائه، رغم الخلاف الطبيعي السنني .  وفي هذا يقول الإمام المحقق المقاصدي الشهير أبو إسحاق الشاطبي(ت:790هـ) :

“وكل مسألة حدثت في الإسلام فاختلف الناس فيها، ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة علمنا أنها من مسائل الإسلام، وكل مسألة طرأت فأوجبت العداوة والتنافر والتنابز والقطيعة ، علمنا أنها ليست من الدين في شيء، وأنها التي عنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتفسير  قوله تعالى: “الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا” – وقد تقدمت – فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها ، ودليل ذلك قوله تعالى “واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمة إخوانا” فإذا اختلفوا أو تقاطعوا كان ذلك لحدث أحدثوه من اتباع الهوى، هذا ما قالوه وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين”(6).

الهوامش:

  1. عبد الوهاب المسيري (حوار أجراه في القاهرة: حسام تمام)، التدّين والتفسير العلماني، موقع إسلام ـأون لاين،
    http//www.islamonline.net/servlet/satellite?c=ArticlA_C&pagename=Zone-Arabic-Sharih/SRALayout&cid=1173694777085
    (شوهد في 10/8/2010م). 
  2. ويكيبيديا الموسوعة الحرّة  https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86_%D9%81%D9%8A_%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
    الدين في لبنان (شوهد في 8/7/2024م). 
  3. علي الطنطاوي، ذكريات علي الطنطاوي، 1421ه،2001م، ط الثالثة، جدّة: دار المنارة للنشر والتوزيع، ج2، ص 186-.187
  4.   محمد عمارة،  حوار  مع  مركز الأمة  للدراسات والتطوير ، 26/7/2021م (شوهد في 8/7/2024م .https://alummacenter.com/?p=2178 
  5. محمد عمارة، حوار مع مركز الأمة، المرجع السابق. 
  6. أ بو إسحاق الشاطبي،  الموافقات في أصول الشريعة، ج4 ، ص106(تعليق: محمد حسنين مخلوف)، د.ت ، د.ط ، بيروت :دار الفكر.

أ.د أحمد الدغشي

أ.د أحمد محمد الدغشي أستاذ الفكر التربوي الإسلامي بجامعتي صنعاء - اليمن وإغدر (الحكومية) التركية لديه 28 كتابًا منشورًا، وكتب أخرى تنتظر النشر. -حاصل على جائزة رئيس الجمهورية التشجيعية للبحث العلمي في 2009م. -شارك في عدة فعاليات وأنشطة فكرية وتربوية في العالم العربي وفي أوروبا وأمريكا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى