Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
آثار

القبيلة اليمنية في عهد الدولة القاسمية

القبيلة عامل بناء

تقلَّدَ المؤيَّد بن محمَّد القاسمي الثورة ضد العثمانيين بعد وفاة أبيه القاسم واستطاع عام 1635م من طردِ العثمانيين وتسلُّمِ مقاليد الحكم في اليمن، واستمرت الدولة القاسمية قرنيْن تحكمُ اليمن (1597 – 1849)، ومع أنَّ العصر الحديث كان العصر الذهبي للأئمة الزيديين، في اليمن، فقد تمكنوا في غياب الدول السُّنية من مدِّ نفوذهم إلى مناطق لم يبلغوها من قبل، غير أنَّ ذلك الأمر لم يمضِ دون عقبات وصعوبات، نتجَ عنها عدم استمرار تلك السَّيطرة، إلا في عهدِ أوائل أئمة الأسرة القاسميَّة.

كانت القبيلة اليمنية حاضرة منذ نشأت الدولة القاسمية، وقد ذكر الجرموزي (1077هـ – 1644م) أنَّ المؤيد تولى الإمامة بإجماع علماء الزيدية وشيوخ قبائل اليمن وجميع أفراد أسرته وعلى رأسهم اخوته(1). كما أنَّ القبيلة شاركت في نشأة الدولة وكانت حاضرة في ترتيبِ أمورِ الدولة، فيذكر الباحث عبد الحميد النود: بأنَّ المؤيد رتَّبَ أمور دولته بالاستعانة بإخوانه وأبناء إخوانه وكبار القادة والشخصيات الاجتماعية من العلماء ومشايخ القبائل(2).

أمَّا المؤرخ الجرموزي فيؤكد ذلك بقوله: “كما اتخذ الإمام المؤيد أيضًا عددًا من الإجراءات الإدارية لتنظيم شؤون الدولة بعد خروج العثمانيين من اليمن؛ فقام بتعيين العديد من العلماء والفقهاء والشخصيات السياسية والاجتماعية – الذين ساندوا دعوة والده الإمام القاسم وثورته على الأتراك العثمانيين، ثمَّ أجمعوا على اختياره إمامًا بعد وفاة والده – في مناصب القضاء والإفتاء والتدريس في الأقاليم والمدن والهجر العلمية إلى جانب إخوته الذين تولوا إدارة تلك المناطق(3).

فيدل هذا على أنَّ للقبيلة نصيب من الترتيبات الإدارية في دولة المؤيد.

القبيلة عامل هدم

لقد فقد الأئمة الزيديون من آلِ القاسم قوتهم بسبب صراعهم الداخلي على منصب الإمامة. ولو ألقينا نظرة عابرة على أئمة هذه الفترة، وعددهم تسعة، أولهم المنصور الحسين بن المتوكل، فإنَّ معظم أولئك الأئمة قد عارضهم آخرون من داخل الأسرة القاسمية ومن خارجها، مدعين حقهم في الإمامة(4).

المؤرخ المعروف بأبي طالب (1170هـ – 1757م) يتحدث عن القبيلة في دور البناء الدولة وفي دور السقوط، بقوله: “حيث إنَّ الأمل الذي يراود كل من ظنَّ في نفسه الأهلية، باكتمال شروط الإمامة فيه، كان الدافع إلى إعلان دعوته، عقب وثوقه من تأييد قبيلة ما أو مجموعة من القبائل له. ومن جانبها فقد لبت القبائل كل من ناداها، رافدة دعوة من أراد نصرتها، لأنها كانت تجني الكثير من الفوائد جراء ذلك، فتحصل على ما تريد بطرقها، التي كانت غالبًا ما تضعف من شأن الداعي، ومن ثمَّ انتهاء أمله في استجابة الناس له”(5).

ثمَّ هنالك قبائل حاشد وبكيل التي كانت تشكل دولة داخل الدولة. فقد ذكر “نيبور” أثناء زيارته لليمن بأنَّ مناطقها من المناطق التي لا تدخل ضمن سلطة الأئمة، مع أنه زار اليمن في عهد المهدي عباس الذي يعد من أقوى أئمة الدولة القاسمية، ومع ذلك الاستقلال، فقد كانت مادة الجيوش لتثبيت سلطة الأئمة على المناطق الأخرى(6).

وفي جملةٍ أوردها الجرافي ( 1387هـ – 1967م) في مقتطفه، قال: “إن قبيلة همدان بن زيد من حاشد وبكيل، أنصار البيت الهاشمي المجيد(7) ، يختصر لنا تلك الحقيقة، فجميع الأئمة الذين حكموا اليمن كانت قبائل حاشد وبكيل القائمة على نصرتهم فلا تقام للإمام دعوة إلا بنصرة إحدى تلك القبائل أو كلها مجتمعة. إلا أنَّ تلك القبائل كانت – أيضًا – معول هدم في كيان دولة الأئمة، فما أن تصبح الدولة قوية، وتحاول فرض سيطرتها عليها، حتى تقلب الأمور رأسًا على عقب وتبدأ بحرب الأئمة لتأكيد استقلالها وعدم خضوعها، وكانت ردة فعل الأئمة تتمثل في موقفين: إمَّا مهادنة تلك القبائل وعدم التَّعرض لها، لحاجتهم الماسة إليها فهي مادة الجيش التي يتم بها تثبيت سيطرتهم على المناطق الأخرى، وإما حربها فيؤدي ذلك إلى أن تزداد أحوال الدولة سوءًا، وتنتهي تلك الحروب في الغالبِ بنهايات سيئة بالنِّسبة للأئمة.

وقد عبَّر صاحب (البراهين المضيئة)  الحسن بن علي الروسي (توفي بعد 1161هـ_ 1784م)، عن مدى وجل الأئمة من تلك القبائل، بقوله: “وهاتان القبيلتان إذا اجتمعا واتحدت كلمتهم لا يكافئهم أحد، إلا أنَّ الأئمة دعوا عليهم ألا يجمع الله لهم رأيًا ولا كلمة، فاستجيب دعاؤهم. لا يؤخذون بالقوة إلا بالسياسة والتدبير والإحسان”(8). وفي هذه الفترة عانت دولة الأئمة الزيديين من قبائل حاشد وبكيل كثيرًا فقد أشاعت الاضطراب في طول البلاد وعرضها، وحاصرت صنعاء مرارًا عديدة، رغم محاولات الأئمة الجادة للحد من أعمالها.

أيضا يذكر الجرموزي أنها بسبب صراعها مع الأئمة فقد تجرأت العديد من القبائل في (آنس) وعتمة والحدا ووصاب وريمة وكسمة وجبل الشرق على خلعها لطاعة الدولة القاسمية وتنصيبها للشيخ علي بن ناصر راجح الأنسي سلطانًا عليها، وكان الأخير قد أعلن تمرده على الإمام المؤيد لسببين: الأول: هو المعاملة السيئة من قبل عامل ضوران لأهالي أنس واستيلائه على حقوق النَّاس، أمَّا الثاني فهو: تكليف الإمام المؤيد ليحيى البرطي بتحصيل الواجبات من أنس إلى بيت المال، وكان الشيخ علي ابن ناصر الأنسي يظن أنه سيقوم بذلك، وخاصة أن والده كان يقوم بها قبل وفاته، إلا أن َّالإمام لم يكلفه بذلك، فأغضبه وأعلن تمرده على الدولة القاسمية، لكن الإمام المؤيد أرسل حملات تأديب له أنهت هذا التمرد والاضطراب(9).

يتبين لنا مما سبق: أنَّ القبيلة رافقت الدولة القاسمية لتظهر كإحدى الدول الفاعلة في تاريخ اليمن الحديث، وفي الوقت نفسه كانت أحد عوامل الهدم التي أسقطتها، ومما يجدر الحديث عنه أنَّ القبيلة من أولوياتها البحث عن مصالحها ومصالح مشايخها والمصلحة ضالتهم المنشودة، فأينما وجدوها تبعوها.

الهوامش:

  1. المطهر بن محمد الجرموزي (ت 1077هـ/1666م) بناء الدولة القاسمية في اليمن في عهد المؤيد محمد بن القاسم (990-1054هـ /1582-1644م) مع تحقيق مخطوطة (الجوهرة المنيرة في جمل من عيون السيرة).دراسة وتحيق: أمة الملك إسماعيل قاسم الثورة مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 2008م، ج1،ص 212. 
  2. عبد الحميد النود، الدولة القاسمية في اليمن جذورها وأسس قيامها، رسالة ماجستير جامعة صنعاء، 2000م، ص 301 .
  3.  الجرموزي مصدر سابق، ج1، ص 123. 
  4. ينظر كتاب حسين بن عبد الله العمري،  مئة من تاريخ اليمن الحديث، دار الفكر دمشق، 1984م. 
  5. أبو طالب حسام الدین محسن بن الحسن بن القاسم: تاريخ اليمن عصر الاستقلال عن الحكم العلماني الأول، ت( 1170هـ – 1757م) ، تحقيق: عبد الله محمد الجبلي مطابع المفضل للأوفست ، صنعاء، ۱۹۹۰م، ص 313. 
  6. أحمد قايد الصايدي، المادة التاريخية في كتابات نايبور عن اليمن، دار الفكر المعاصر بيروت، ص112. 
  7. عبد الله عبدالكريم الجرفي، ت( ١٣٨٧ه_١٩٦٧م)   المقتطف في تاريخ اليمن، مؤسسة دار الكتاب الحديث ،ص114. 
  8. الحسن بن علي الروسي،  البراهين المضيئة في السيرة المنصورية، مكتبة الإمام زيد صنعاء مخطوط . 
  9. الجرموزي، الجوهرة المنيرة، ج3، ص ص1160- 1196.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سيطرة الائمة والسلاطين في اليمن كانت على بعض المدن الرئيسية فقط ، ودائماً تكون مناطق القبائل مستقلة ، والجرموزي جارودي رافضي يطبل لأئمته الهادوية بالكذب والبهتان فلا يصح اعتماده مرجعاً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى