أشتات

مع الأستاذ الإمام المفسِّر محمَّد الطَّاهر بن عاشور (2-2)

في مقال سابق, كنَّا قد فرغنا من مناقشةِ تفسير العلامة ابن عاشور لآياتِ سورة القمر، فلنناقش الآيات الأخرى التي فسَّرها في سورةِ سبأ، وهي بمعنى الأولى، وهي قوله تعالى:

(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم، وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى، وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين (43) وما آتيناهم من كتب يدرسونها، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)، وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم، فكذبوا رسلي فكيف كان نكير (45)) [سبأ:43- 45].

قال ابن عاشور في تفسير الآية (45) منها:

1- “هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهديد للذين كذبوه، فموقع التسلية منه قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، وموقع التهديد بقية الآية، فالتسلية في أن له أسوة بالرسل السابقين، والتهديد بتذكيرهم بالأمم السالفة التي كذبت رسلها، وكيف عاقبهم الله على ذلك، وكانوا أشد قوة من قريش، وأعظم سطوة منهم، وهذا كقوله تعالى: (فأهلكنا أشد منهم بطشًا). [الزخرف: 8].

2- ومفعول: (كذَّب) محذوف دل عليه ما بعده؛ أي كذبوا بالرسل، دل عليه قوله: (فكذبوا رسلي).

3- وضمير: (بلغوا) عائد إلى: (الذين من قبلهم)، والضمير المنصوب في: (آتيناهم) عائد إلى: (الذين كفروا) في قوله: (وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين). [سبأ: 43]. والمقام يرد على كل ضمير إلى معاده، كما تقدم قريبًا عند قوله تعالى: (أكثرهم بهم مؤمنون). [سبأ: [41].

[…]، وذُكِرَ احتمالان آخران في معاد الضميرين من قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) لا يستقيم معهما سياق الآية [1].

4- وجملة: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) معترضة، والاعتراض بها تمهيد للتهديد، وتقريب له بأن عقاب هؤلاء أيسر من عقاب الذين من قبلهم في متعارف الناس، مثل قوله تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه). [الروم: 27].

5- والفاء في قوله: (فكذبوا رسلي) للتفريع على قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، باعتبار أن المفرع عطف عليه (فكيف كان نكير)، وبذلك كانت جملة: (فكذبوا رسلي) تأكيدًا لجملة: (وكذب الذين من قبلهم)، ونظيره قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا)، في سورة القمر [9]،

6- ولكون الفاء الثانية في قوله: (فكيف كان نكير) تأكيدًا لفظيًا للفاء في قوله: (فكذبوا رسلي).

7- وقوله: (فكيف كان نكير) مفرع على قوله: (وكذب الذين من قبلهم)”.

8- و(كيف) استفهام عن الحالة، وهو مستعمل في التقرير والتفريع[2]، كقول الحجاج للعُدَيل ابن الفرخ: “فكيفَ رأيتَ الله أمْكَنَ منك”؛ أي أمكنني منك، في قصة هروبه.

9- فجملتا (فكذبوا رسلي فكيف كان نكير) في قوة جملة واحدة مفرعة على جملة (وكذب الذين من قبلهم). والتقدير: وكذب الذين من قبلهم، فكيف كان نكيري على تكذيبهم الرسل،

10- ولكن لما كانت جملة (وكذب الذين من قبلهم) مقصودًا منها تسلية الرسول ابتداءً جُعلت مقصورة على ذلك اهتمامًا بذلك الغرض، وانتصارًا من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، ثم خُصّت عِبرة تسبب التكذيب في العقاب بجملة تخصها تهويلاً للتكذيب، وهو من مقامات الإِطناب، فصادف أن كان مضمون الجملتين متحدًا اتحاد السبب لمسببين، أو العلةِ لمعلولين كعلة السرقة للقطع والغرم، وبني النظم على هذا الأسلوب الشيق؛ تجنبًا لثقل إعادة الجملة إعادةً ساجذة[3]؛ ففرعت الثانية على الأولى، وأظهر فيها مفعول (كذب)، وبني عليه الاستفهام التقريري التفظيعي،

11- أو فرع التكذيب الخاص على التكذيب الذي هو سجيتهم العامة[4] على الوجه الثاني في معنى: (وكذَّب الذين من قبلهم) كما تقدم، ونظيره قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر). [5].

وهنا نبدأ بمناقشة الأفكار الرئيسية التي وردت في كلامه..

يقول ابن عاشور في الفقرة (1):

“هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهديد للذين كذبوه، فموقع التسلية منه قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، وموقع التهديد بقية الآية، فالتسلية في أن له أسوة بالرسل السابقين، والتهديد بتذكيرهم بالأمم السالفة التي كذبت رسلها، وكيف عاقبهم الله على ذلك، وكانوا أشد قوة من قريش، وأعظم سطوة منهم، وهذا كقوله تعالى: (فأهلكنا أشد منهم بطشًا). [الزخرف: 8].

قد سبق الكلام بأن قوله: (وكذب الذين من قبلهم) هو موضع التهديد لكفار قريش، وليس التسلية[6]؛ إذ التقدير: وكذب الذين من قبلهم فأهلكناهم، فطوى ذكر الكلمة الدالة على الإهلاك، واكتفى بالتفريع عليها في ذيل الآية بقوله: (فكيف كان نكير)؛ أي فكيف كان عذابي وإهلاكي لهم. وهذا الذي أضمر في هذا الموضع ظهر في سورة الرعد: (ولقد استهزئ برسل من قبلك، فأمليت للذين كفروا، ثم أخذتهم، فكيف كان عقاب). [الرعد: 32.].  وفي سورة الحج: (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير). [42- 44]. وفي سورة فاطر: (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير). [25-26].

ففي الآية تهديد لمشركي مكة بقرب حلول النقمة بهم كما حل بالأقوام الذين كذبوا رسلهم وعاندوهم.

بلغوا معشار ما آتيناهم مع الأستاذ الإمام المفسِّر محمَّد الطَّاهر بن عاشور (2-2)

ثم إن قوله: “والتهديد بتذكيرهم بالأمم السالفة التي كذبت رسلها، وكيف عاقبهم الله على ذلك، وكانوا أشد قوة من قريش، وأعظم سطوة منهم…” إلخ كلامه= يتناقض مع ما سيقرره في الفقرة (3) بأن ضمير الجمع في (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، يعود إلى مكذبي الأمم السابقة الذين لم يبلغوا ما بلغه الذين كفروا بحسب ما يذهب إليه.

ويقول ابن عاشور في الفقرة (2):

“إن مفعول: (كذَّب) محذوف دل عليه ما بعده؛ أي كذبوا بالرسل، دل عليه قوله: (فكذبوا رسلي).

نعم هذا الكلام صحيح إذا ما جعلنا متعلقي الفعلين: (كذب)، و(فكذبوا) مختلفًا، وإلا وقعنا في التكرار الذي يجل ويتنزه عن مثله أسلوب القرآن الحكيم.

والسؤال هنا: لماذا حذف في هذه الآية، وفي نظيرتها في سورة القمر: (كذبت قبلهم قوم نوح) = معمول الفعل (كذب)، وهو المفعول به، واكتفى بظهوره في الجملة المعطوفة عليها؟

يمكننا أن نفترض أن سبب حذف المفعول به في الآيتين، وظهورها في الجملة المفرعة لاعتبارين اثنين:

الأول: الغرض من الإتيان بفعل التكذيب خاليًا من مفعوله هو إظهار الاهتمام بالفعل نفسه لا مفعوله؛ ليبني عليه أن تكذيب المتأخرين ليس إلا بسبب منه، وأنه نتيجة له، فقد كان جل هم المتأخرين أن يقتفوا خطا من سبقهم دون تدبر واعتبار، وفحص واختبار صدق الرسل المبعوثين.

وهل أنا إلا من غزيةُ إن غوت       غويت…

وبهذا الأسلوب والنظم يظهر النعي على المتأخرين مجرد التقليد لمن سبقهم بتهافتهم على التكذيب دون النظر إلى صدق الرسل ونزاهتهم من الكذب؛ فطوى ذكر المفعول به، وهو (نوح) في سورة القمر، و(رسلهم) في سورة سبأ؛ لأن هؤلاء الرسل غير منظور إليهم، ولا ملتفت لهم أصلاً من قبل الأقوام المكذبة لهم.

الثاني: أما ذكر مفعول التكذيب في الجملة المفرعة؛ فلأجل التنديد بالمتأخرين بأن من تم تكذيبهم هم خاصة عباده ورسله.

إذن يمكن لنا أن ندعي أن إسقاط المفعول في الجملة الأولى، وإثباته في الثانية؛ لاختلاف الاعتبارين؛ فالأول بسبب من الأقوام المكذبة الذين لم يحتفلوا برسلهم، ولم يصغوا إلى ما دعوهم إليه من التوحيد وأمور البعث والجزاء والحساب، وتجاهلوهم وكأنهم غير موجودين أصلاً، أما إثبات المفعول في الجملة الثانية، فبإثبات الله لهم ووصفه لهم بأنهم خاصة عباده ورسله.

وفي الفقرة (3):

يجعل ضمير الجماعة في (ما بلغوا) من قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، عائد إلى (الذين) من قوله: (كذب الذين من قبلهم)، والضمير المنصوب في (آتيناهم) من قوله: (معشار ما آتيناهم) عائد إلى: (الذين كفروا)، وذلك في قوله: (وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين).

ويشير إلى ذكر احتمالين آخرين في معاد الضميرين من قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، ويقول: إنه لا يستقيم معهما سياق الآية[7].

وقبل أن نبدي رأينا، نذكر الوجوه الثلاثة في معاد الضميرين من قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، والتي ذكرها ابن عطية في تفسيره.

قال ابن عطية: ” قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) يحتمل ثلاثةَ معانٍ:

أحدها: أن يعود الضمير في (بلغوا) على قريش، وفي (آتيناهم) على الأمم (الذين من قبلهم)، والمعنى من قوة والنعم والظهور في الدنيا، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد[8].

والثاني: أن يعود الضمير في (بلغوا) على الأمم المتقدمة، وفي (آتيناهم) على قريش؛ والمعنى من الآيات والبينات والنور الذي جئتهم به.

والثالث: أن يعود الضميران على الأمم المتقدمة، والمعنى من شكر النعمة وجزاء المنة”[9].

أقول: الوجه الثاني رجحه الفخر الرازي في تفسيره، فقال: “وعندي [أنه] يحتمل ذلك وجهًا آخر، وهو أن يقال المراد: (وكذب الذين من قبلهم)؛ أي الذين من قبلهم ما بلغوا معشار ما آتينا قوم محمد من البيان والبرهان؛ وذلك لأن كتاب محمد عليه السلام أكمل من سائر الكتب وأوضح، ومحمد عليه السلام أفضل من جميع الرسل وأفصح، وبرهانه أوفى، وبيانه أشفى، ثم إن المتقدمين لما كذبوا بما جاءهم من الكتب، وبمن أتاهم من الرسل، أنكر عليهم، وكيف لا ينكر عليهم[10]، وقد كذبوا بأفصح الرسل، وأوضح السبل؟!”[11].

أما الوجه الثالث، فقد مال إليه أبو حيان، فقال: إن: “الضميرين في: بلغوا، وفي: ما آتياهم، عائدان على الذين من قبلهم، ليتناسقا مع قوله تعالى: فكذبوا، أي ما بلغوا في شكر النعمة وجزاء المنة معشار ما آتيناهم من النعم والإحسان إليهم”[12].

والآن لنذكر الملاحظتين الاثنتين على كلام ابن عاشور:

1- إن وقوع (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) بعد (وكذب الذين من قبلهم) جعل ابن عاشور ربما يهم إلى أن متعلقهما وفاعلَهما واحد، وأن ضمير الجمع الواقع في الفعل (وما بلغوا) يعود إلى الضمير الموصول الواقع في جملة (وكذب الذين من قبلهم).  وجعل ابن عاشور مرجع ضمير الغائب المنصوب في (آتيناهم) من قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) الواقع في الآية (45)= إلى (الذين كفروا) من قوله: (وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين) الواقع في الآية (43)، والمقصود بهم قريش بحسب ما يفهم من سياق الآية، وما ذهب إليه مفسرون كثيرون كالبغوي والزمخشري والقرطبي وغيرهم؛ رغم الفصل بين هاتين الجملتين بجملتين هما قوام الآية (44)، وهما: (وما آتيناهم من كتب يدرسونها)، (وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير)؛ وهي كلها تتحدث عن قريش، بالإضافة إلى الجملة التي جيء بها على وجه الاستطراد لإفادة تهديد كفارهم، وهي: (وكذب الذين من قبلهم…)، وهي الآية (45).

ثم قال: “وجملة (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) معترضة، والاعتراض بها تمهيد للتهديد، وتقريب له بأن عقاب هؤلاء أيسر من عقاب الذين من قبلهم في متعارف الناس، مثل: قوله: تعالى: (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه). [الروم: 27]”.

أقول: إنما يستقيم هذا الكلام- أي قوله: عقاب هؤلاء (كفار قريش) أيسر من عقاب الذين من قبلهم- فيما لو جعل ضمير الجمع في قوله (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، يعود إلى كفار قريش الذين لم يبلغوا ما بلغته الأمم من قبلهم من القوة والمنعة والبسطة في الأموال والأولاد، لكنه يذهب إلى أن ضمير الجماعة في (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) يعود إلى الأمم المكذبة قبل قريش التي لم تبلغ ولم تُؤتَ – في رأيه- ما أوتيه الذين كفروا، وهم مشركو قريش.

ثم إن للجملة المعترضة صورًا ذكرها النحاة، واستقصاها ابن هشام في مغني اللبيب، وليس فيها مثال ما ذكره الأستاذ ابن عاشور[13].

لقد تعسف ابن عاشور كل هذا؛ ليجعل جملة (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)، جملة غير أجنبية عما قبلها وما بعدها؛ حتى يستقيم له التفريع الذي توهمه؛ وحتى لا يلزمه الفصل بين الجملتين: المفرعة، والمفرع عليها بجملة أجنبية.

والذي يميل إليه الباحث في أحد الوجوه التي يراها أن ضمير واو الجماعة في قوله: (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) يعود إلى مشركي مكة الذين لم يبلغوا ما بلغته الأمم من قبلهم من القوة والعزة والتمكين، وهو ما ذهب إليه ابن عباس وقتادة وابن زيد، وحسبك بابن عباس حجة فيما ذهب إليه[14].

قال تعالى: (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم، وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم). [الأنعام: 6]. وقال: (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه). [الأحقاف: 26]. وقوله: (أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين). [الدخان: 37]. وقوله: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثًا ورئيا). [مريم: 74]. وقوله: (فقد كذبوا بالحق لما جاءهم؛ فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون، ألم يروا كما أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض مالم نمكن لكم، وأرسلنا السماء عليهم مدرارا، وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم، فأهلكناهم بذنوبهم، وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين). [الأنعام: 6]. وقال: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة، وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها، وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون). [الروم: 9].

فتركيب الجملة في نظر الباحث كالآتي: كذب الذين من قبلهم – مِنْ قبل قريش- رسلهم؛ فكذبت قريش رسولها، وما بلغ كفار قريش عُشْر ما آتينا الأمم السابقة التي أهلكناها بتكذيبها لأنبيائها.

وظهر لي وجه آخر، إذ لنا أن نجعل جملة (وما بلغوا معشار…) إلخ حالاً متقدمة على عاملها وصاحبها ضمير الجمع في (فكذبوا رسلي)[15]، على نية التأخير، والمعنى أن قريش كذبت رسولها محمدًا[16]، وما بلغت عُشر ما أوتيه من النبوة والمعارف اللدنية والكمالات الإنسانية. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في (الزبدة على البردة) على قول البوصيري:

مع الأستاذ الإمام المفسِّر محمَّد الطَّاهر بن عاشور (2-2)

فإن من جودك الدنيا وضرتها

ومن علومك علم اللوح والقلم

“فإن من جودك الذي جاد الله تعالى عليك الدنيا، وضرتها؛ وهي الآخرة؛ أي خيريهما، ومن خير الدنيا هدايته للناس، ومن خير الآخرة شفاعته فيهم.

ومن علومك التي علمها الله لك علم اللوح والقلم. يقال: إن الله أطلعه على ما كتب القلم في اللوح المحفوظ، ومن علوم الأولين والآخرين، وهذا من جاهه عند الله تعالى”[17].

وقال البرعي- رحمه الله – في مدحه صلى الله عليه وسلم:

وكم لأشرفِ خلق الله من شرفٍ

لم تبلغ الخلقُ منه عشرَ معشارِ

وسبب تقديم الحال على صاحبها في الآية – بحسب ما يراه الباحث- أنها لو تلت عاملها وصاحبها على الأصل؛ للزم اعتراضها بين قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، والجملة الثانية المفرعة عنها، وهي (فكيف كان نكير)، وحال دون تفريعها عليها، وهي جملة أجنبية عنها؛ لذا رأينا الحال المتعلق بالجملة الثانية متقدمًا على صاحبها؛ ليخلص للفعل (كذب الذين من قبلهم) هذا التفريع.

ويجوز أيضًا أن يكون الضميران في (ما بلغوا)، و(ما آتيناهم)، لكفار قريش، والمعنى أنهم كذبوا ولم يبلغوا شكر عشر ما آتاهم الله من النعم العظيمة والمنن الجسيمة.

لقد رمى النظم القرآني – فيما يظهر للباحث- من خلال جملة (كذب الذين من قبلهم) إلى غايتين اثنتين:

الأولى: أن يقول إن تكذيب الأخرين كان متسببًا عن تكذيب الأولين، وهو ما عبر عنه بجملة (فكذبوا رسلي)، وهو يفيد النعي على الآخرين محض تقليدهم لمن سبقهم في تكذيب أنبيائهم دون نظر وتفكر.

والثاني: أن يذكر أن تكذيب الأولين كان سببًا في هلاكهم، وفي هذا تحذير للمتأخرين بأن العذاب مصيبهم كما أصاب من قبلهم، وهو ما عبر عنه بالجملة المفرعة (فكيف كان نكير).

ولو تتبعنا مسار الآيات السابقة لوجدنا أنها تتحدث عن مشركي مكة، فلنمض معها آية آية:

– وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم،

– وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى،

– وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين (43)،

– وما آتيناهم من كتب يدرسونها، وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)،

ثم إن النظم استطرد بعد ذلك في الآية (45) إلى الحديث عن تكذيب الأمم السابقة لأنبيائهم؛ وهي قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، وفرع على هذه الجملة جملتين تسبق الأولى منهما جملة حالية:

فالأولى جملة (فكذبوا رسلي)، والثانية (فكيف كان نكير).

أما الأولى، فصدّرها بالفاء المفيدة للترتيب مع السببية؛ ليشير إلى أن تكذيب الأولين كان سببًا وداعيًا للآخرين في أن يحذوا حذوهم، ويسيروا سيرتهم في التكذيب، وفيها نعي- كما سبق أن ذكرنا- على كفار قريش أنهم كفروا بتكذيبهم لنبيهم تقليدًا لمن سبقهم لا بإعمال عقل، ولا اتباع برهان.

وأما الجملة الثانية، فمفرعة أيضًا عن جملة (وكذب الذين من قبلهم) التي طوى فيها ذكر إهلاكه لهم، وفرع عليه أو عليها قوله: (فكيف كان نكير)؛ ليظهر عظم ما حل بهم من العقوبة الإلهية، ويمهد بهذه الجملة التهديد لمشركي مكة بقرب حلول النقمة بهم إن هم استمروا في تكذيب نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، واتبعوا آثار من سبقهم من أهل الكفر والعناد والطغيان.

وقد تكرر في غير آية من القرآن الكريم ترتب العقاب والإهلاك على التكذيب بالرسل، فقال سبحانه عن قوم هود: (فكذبوه؛ فأهلكناهم)، وقال عن قوم فرعون: (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم؛ فأهلكناهم)، (ولكن كذبوا فأخذناهم).

ومعنى الآية كذبت الأمم التي قبل قريش رسلها؛ فاستنت بسنتها قريش، واتبعت آثارها؛ فكذبت رسلي- والمقصود برسلي هنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي بيانه قريبًا، في حين أنها لم تبلغ عُشر ما أتينا الأمم السابقة المكذبة من القوة والتمكين والزيادة في الأموال والأولاد، فإهلاكنا لقريش أسهل علينا من إهلاك من أهلكنا ممن كانوا أشد قوة وأعظم سلطانًا، والوجهين الآخرين سبق بيانهما.

وبهذه الجملة يتضح استواء الفريقين: السابق، واللاحق في تكذيب أنبيائهم، وأن مصير الآخرين لن يختلف عن مصير متقدميهم.

ألا إنما الأيام أبناء واحدٍ 

 وهذي الليالي كُلُها أخواتُ

وقد سبق القول بأن قوله: (كذب الذين من قبلهم) يشي بإضمار إهلاكهم، وتقدير الكلام: كذب الذين من قبلهم فأهلكناهم؛ بدلالة تفريع قوله: (فكيف كان نكير) عليه؛ أي فكيف كان نكالي وعقابي لهم.

فهناك حذف وإيجاز أبانت عنه الجملة التي تفيد التوقيف على فظاعة وهول ما نزل بالأمم المكذبة، وهو ما عبر عنه بقوله: (فكيف كان نكير).

قال الماوردي – رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: “(فكذبوا رسلي فكيف كان نكير)؛ أي عقابي، وفي الكلام إضمار محذوف، وتقديره: فأهلكناهم فكيف كان نكير”[18].

والذي يذهب إليه الباحث أن المحذوف هو متعلق بالآية (وكذب الذين من قبلهم)؛ وتقدير الكلام: وكذب الذين من قبلهم؛ فأهلكناهم؛ فكيف كان نكير؛ فجملة (فكيف كان نكير) مفرعة على فعل (وكذب الذين من قبلهم)، أو فعل الإهلاك المضمر بعد هذه الجملة.

وفي هذا إيذان بقرب هلاك كفار قريش بأن يحل بهم مثل ماحل بأشياعهم ونظرائهم من الأمم المكذبة؛ وهذا ما تم عليهم يوم بدر؛ إذ حصد رؤساؤهم وطغاتهم فيه، لأن سورتي سبأ والقمر من السور المكية.

والدليل على خلاف ما ذكره الإمام الماوردي، هو قوله تعالى في سورة الحج: (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير). [42- 44]. وفي سورة فاطر: (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير). [25-26]. فإن فعل الأخذ، وهو الإهلاك، واقع كما هو ظاهر في سياق جملة (كذبت قبلهم قوم نوح وعاد) كما في سورة الحج، وفي سياق جملة (فقد كذب الذين من قبلهم) كما في سورة فاطر.

وكذلك الحال في قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، وقوله: (فكذبوا رسلي، فكيف كان نكير)، فجملة (فكيف كان نكير)، مفرعة أيضًا على جملة (وكذب الذين من قبلهم)، أو فعل الإهلاك المضمر كنظيراتها السابقات، وليس على جملة (فكذبوا رسلي) الخاصة بكفار قريش المكذبين لرسولهم محمد صلى الله عليه وسلم.

وهنا سؤال: كيف يكون (فكذبوا رسلي) مقصودًا به محمد صلى الله عليه وسلم وحده، ومحمد مفرد ورسلي جمع؟!

والجواب: يجوز في العربية الإخبار عن الواحد بلفظ الجمع، كقوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس). [البقرة: 199]؛ والمراد بالناس هنا إبراهيم عليه السلام، وكقوله: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) [النساء: 54]؛ والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم[19]، وكقوله: (ولكن الله يسلط رسله…)؛ [الحشر:6]، والمراد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم[20]. وكقوله: (إذ تستغيثون ربكم) [الأنفال:9]، والمستغيث هو النبي صلى الله عليه وسلم.

قال البغوي في تفسير قوله تعالى: (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب).” أراد بالملائكة هنا جبريل وحده، كقوله تعالى في سورة النحل: (ينزل الملائكة)؛ يعني جبريل، (بالروح)؛ بالوحي.

ويجوز في العربية أن يخبر عن الواحد بلفظ الجمع كقولهم: سمعت هذا الخبر من الناس، وإنما سمع من واحد، نظيره قوله تعالى: (الذين قال لهم الناس). [173: آل عمران]؛ يعني نعيم بن مسعود، (إن الناس)؛ يعني أبا سفيان بن حرب.

وقال المفضل بن سلمة: إذا كان القائل رئيسًا يجوز الإخبار عنه بالجمع؛ لاجتماع أصحابه معه، وكان جبريل عليه السلام رئيس الملائكة، وقلَّ ما يبعث إلا ومعه جمع، فجرى على ذلك”[21].

وقال الرازي: “إيقاع اسم الجمع على الواحد جائز إذا كان رئيسًا يُقتدي به، وهو كقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس). [آل عمران: 173]؛ يعني نعيم بن مسعود. (إن الناس قد جمعوا لكم). [آل عمران: 173]؛ يعني أبا سفيان، وإيقاع اسم الجمع على الواحد المعظم مجاز مشهور، ومنه قوله: (إنا أنزلناه في ليلة القدر). [القدر:1]”[22]. اهـ.

وأقول: وهو أيضًا كقوله تعالى: (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين). [الحجر:80].

قال البغوي- رحمه الله-: “قوله تعالى: (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين)، وهي مدينة ثمود قوم صالح وهي بين المدينة والشام، و(المرسلين)؛ أراد صالحًا وحده”[23].

وذكر البغوي على قوله تعالى: (كذبت قوم نوح المرسلين):” قيل للحسن البصري: أرأيت قوله: (كذبت قوم نوح المرسلين)، و(كذبت عاد المرسلين)، و(كذبت ثمود المرسلين)، وإنما أرسل إليهم رسول واحد؟

قال: إن الآخر جاء بما جاء الأول، فإذا كذبوا واحدًا؛ فقد كذبوا الرسل أجمعين”[24].

فتكذيب قريش لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم تكذيب لجميع الرسل من لدن نوح عليه السلام وهلم جرًا.

ذكر الزمخشري في تفسيره، أنه لما طلعت قريش في معركة بدر، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسلك، اللهم إنى أسألك ما وعدتني”[25].

مع الأستاذ الإمام المفسِّر محمَّد الطَّاهر بن عاشور (2-2)

ومحل الشاهد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “يكذبون رسلك”، وهم ما كذبوا إلا محمدًا صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن تكذيب النبي محمد صلى الله عليه وسلم تكذيب لجميع الرسل.

ويشبه هذا قول المتنبي في مدح ابن العميد:

ورأيت كل الفاضلين كأنما 

 رد الإله نفوسهم والأعصرا

وقوله:

ورثوا الفضائل كلها وورثتهم   

فالصيد- كل الصيد- في جوف الفرا

وقد وقفت بعد الوشك من إتمام هذا البحث على كلام للألوسي في تفسيره (روح المعاني)، ما يؤيد ما ذهبت إليه بأن المقصود بقوله تعالى: (فكذبوا رسلي)، هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

قال رحمه الله: “وجُوِّز أن يكون (كذبوا رسلي) منعطفاً على (ما بلغوا) من تتمة الاعتراض، والضمير لأهل مكة؛ يعني هؤلاء لم يبلغوا معشار ما آتينا أولئك المكذبين الأولين، وفضلوهم في التكذيب؛ لأن تكذيبهم لخاتم الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام تكذيب لجميع الرسل عليهم السلام من وجهين؛ وعليه لا يتوهم تكرار كما لا يخفى”[26].

كما وقفت أيضًا على كلام لابن عاشور في هذا المعنى، إذ قال في تفسير قوله تعالى: (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا، فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم). [إبراهيم 13-14].

:”الظاهر عندي أن المراد بـ (الذين كفروا) هنا كفار قريش على طريقة التوجيه، وأن المراد بـ (رسلهم) الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم، أجريت على وصفه صيغة الجمع على طريق قوله: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون)، في سورة غافر (70). فإن المراد المشركون من أهل مكة، كما هو مقتضى قوله: (فسوف يعلمون)، وقوله: (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات)، إلى قوله: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب). [سورة الحديد: 25]؛ فإن المراد بالرسل في الموضعين الأخيرين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأنه الرسول الذي أنزل معه الحديد؛ أي القتال بالسيف لأهل الدعوة المكذبين، وقوله:(فكذبوا رسلي)، في سورة سبأ (45) على أحد تفسيرين في المراد بهم وهو أظهرهما”[27].

وقال ابن عاشور في الفقرة رقم (5):

“والفاء في قوله: (فكذبوا رسلي) للتفريع على قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، باعتبار أن المفرع عطف عليه (فكيف كان نكير)، وبذلك كانت جملة: (فكذبوا رسلي) تأكيدًا لجملة: (وكذب الذين من قبلهم)، ونظيره قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا)، في سورة القمر [9]، ولكون الفاء الثانية في قوله: (فكيف كان نكير) تأكيدًا لفظيًا للفاء في قوله: (فكذبوا رسلي).

أقول: أما قوله: باعتبار أن المفرع- ويقصد جملة (فكذبوا رسلي)، عُطف عليه (فكيف كان نكير)، فغير صحيح، والذي يراه الباحث أن جملة (فكيف كان نكير)، إما أن تكون مفرعة من جملة (وكذب الذين من قبلهم)، أو مفرعة عن فعل الإهلاك المفهوم من قوله في أول الجملة: (وكذب الذين من قبلهم)؛ فأهلكناهم، فكيف كان نكير.

قال تعالى في سورة الملك: (ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير). [الملك:18]. فأنت ترى التشابه بين هذه الآية، وآية سورة سبأ وغيرها من الآيات التي تم ذكرها سابقًا في الحج وفاطر، مع سورة تبارك.

وكما كانت جملة (فكيف كان نكير) مفرعة عن قوله: (ولقد كذب الذين من قبلهم)، فكذلك الأمر في سورة سبأ (وكذب الذين من قبلهم- وما بلغوا معشار ما آتيناهم- فكذبوا رسلي، فكيف كان نكير)، فجملة (فكيف كان نكير) متفرعة عن قوله: (وكذب الذين من قبلهم)، مع الجملة السابقة لها (فكذبوا رسلي).

ويبدو لي أن في قوله تعالى: (وكذب الذين من قبلهم) إشارةً إلى قوم سبأ؛ لأنها واقعة في سورة سبأ، وفيها كان ذكرهم، وما أنعم الله عليهم من النعم العظيمة، ثم ما كان من إعراضهم، وإرسال سيل العرم عليهم، فأغرقهم ودمر قراهم؛ فتبدلت نعمتهم، وهلكت ضروعهم، وجفت أراضيهم، بعد أن كانت جنات ذات زروع وثمار، ثم إن سبأ أيضًا قريبة زمانًا ومكانًا من قريش ومكة؛ فكان الخطاب حقيقًا بأن ينطبق عليه المثل السائر: إياك أعني واسمعي ياجارة!

ولذلك أتى عقبها بالفاء المفيدة للترتيب كما هي مفيدة للسببية أيضًا على جهة المجاز، وانفردت هذه الآية بالجملة الحالية (وما بلغوا معشار ما آتيناهم)؛ أي أن كفار قريش كفروا وكذبوا نبيهم كما كذب قوم سبأ أنبياءهم، وما بلغوا عشر ما آتاه الله قوم سبأ من القوة والنعم والرقي والعمران؛ فإن حضارة سبأ كانت حضارة كبيرة ممتدة ذات نفوذ وهيبة وسلطان وعظمة.

وقد تكون هذه الآية هي ثاني آية تقارن بين كفار قريش وقوم سبأ، والأخرى هي قوله تعالى: (أهم خير أم قوم تبع).

ثم أليس من عجيب الاتفاق أنها أيضًا تشبه آية سورة القمر (كذبت قبلهم قوم نوح)، وفيها الإخبار عن هلاكهم بالطوفان، كما أهلك الله قوم سبأ بفيضان الماء الذي اجتاح قراهم وأتى عليها؟!

أما قوله: إن جملة (فكذبوا رسلي) تأكيد لجملة (وكذب الذين من قبلهم)، فغلط منشؤه الذهاب إلى أن متعلق الفعلين واحد، والصواب- بحسب رؤية الباحث- اختلاف متعلقي الفعلين كما بيناه.

فجملة (فكذبوا رسلي) مؤسسة لمعنى جديد، وليست مؤكدة، ومن المعلوم أن التأسيس مقدم على التأكيد، كما أن من المعلوم أن العطف يقتضي التغاير بين معنى الجملتين، وهو الأولى بالأخذ به؛ فالمقصود بقوله: (فكذبوا رسلي) كفار قريش الذين كذبوا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم.

وقوله في الفقرة (6): بأن الفاء الثانية في (فكيف كان نكير) تأكيد لفظي للفاء في قوله: (فكذبوا رسلي) = ليس بمحقق- بحسب ما يرى الباحث-، وإنما هي متفرعة ورابطة لجملة (كذب الذين من قبلهم)، أو متفرعة عن فعل الإهلاك المضمر بعد قوله: (وكذب الذين من قبلهم) كما بين سابقًا.

أما جملة (فكذبوا رسلي)، فمعطوفة ومفرعة عن جملة (وكذب الذين من قبلهم)، فمعنى الآية أن الذين خلوا كذبوا أنبياءهم، فجاء على أثرهم قريش، ووطؤوا على عقبهم؛ فكذبوا نبيهم محمدًا صلى الله عليه وسلم، وفي إهلاكنا لمن قبلهم ممن بذّهم من أهل القوة والبأس والسلطان عظةٌ وعبرةٌ لهم لو كانوا يعقلون.

كم وعظ الواعظون منا 

وقام في الأرض أنبياءُ

فانصرفوا والبلاء باقٍ

ولم يزل داؤنا العياءُ

حكم جرى للمليك فينا

ونحن في الأصل أغبياءُ

وقوله في الفقرة (9): فجملتا (فكذبوا رسلي فكيف كان نكير) في قوة جملة واحدة مفرعة على جملة (وكذب الذين من قبلهم). والتقدير: وكذب الذين من قبلهم، فكيف كان نكيري على تكذيبهم الرسل.

أقول: هما جملتان منفصلتان لا صلة لأحدهما بالأخرى إلا وقوعهما عقب بعض، وهما متفرعتان عن جملة واحدة، وهي (وكذب الذين من قبلهم).

ثم أين ذهبت جملة (فكذبوا رسلي)، وغابت من التقدير؟ وكيف يكون الشيء مفرعًا عن نفسه، وكيف تكون جملة (فكذبوا رسلي) مفرعة عن جملة (وكذب الذين من قبلهم) إن كان مضمونهما واحدًا؟

وهل يستقيم قوله: كذب الذين من قبلهم رسلي فكذبوا رسلي، إن كان معنى الجملتين واحدًا، هذا ما لا يليق بالنظم الحكيم.

Quran مع الأستاذ الإمام المفسِّر محمَّد الطَّاهر بن عاشور (2-2)

وقال في الفقرة (10): لكن لما كانت جملة (وكذب الذين من قبلهم) مقصودًا منها تسلية الرسول ابتداءً جُعلت مقصورة على ذلك اهتمامًا بذلك الغرض، وانتصارًا من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.

أقول: لا يظهر للباحث من قوله: (وكذب الذين من قبلهم) أي انتصار من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال: “ثم خُصّت عِبرة تسبب التكذيب في العقاب بجملة تخصها تهويلاً للتكذيب، وهو من مقامات الإِطناب”.

أقول: ليس هذا من مقامات الإطناب في شيء، وإنما هو تكرار يتنزه عنه الأسلوب الحكيم، ثم إذا كانت كلتا الجملتين بمعنى واحد، فَلِمَ تُخص ثانيتهما بالعقاب دون الأخرى، ولم تخص أولهما دون الثانية بمعنى التسلية والانتصار للنبي صلى الله عليه وسلم؟! إنْ هذا إلا تحكم.

إن ما دلت عليه الأولى- في حال لو ذهبنا إلى تشابه مضمون الجملتين- ينطبق على الثانية أيضًا والعكس صحيح؛ فتكون كلتا الجملتين تدل على التسلية وتدل على العقاب أيضًا، ولكان لنا في الاستغناء عن أحدهما – فيما لو كانا بمعنىً واحد- عذرًا وسعة.

كما أن قوله هذا يتناقض مع ما ذكره سابقًا في الفقرة (7) أن الجملة الخاصة بالعقاب، وهي: (فكيف كان نكير) متفرعة عن قوله: (وكذب الذين من قبلهم)؛ لكنه هنا يجعلها مسببة عن قوله (فكذبوا رسلي).

وبإعادة الآيات التي سبق ذكرها، والتي وردت على نفس السياق، وهي: (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير). [الحج: 44]. (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير). فاطر: 26]. [ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير]. [الملك 18]؛ نلاحظ أن جملة (فكيف كان نكير) متفرعة عن فعل “الأخذ” الظاهر في سورة الحج وفاطر، والمحذوف من سورة تبارك وسورة سبأ، والواقع بعد الجمل الدالة على تكذيب الأمم السابقة.

فيتضح أن تخصيصه جملة عِبرة تسبب التكذيب في العقاب بجملة تخصها تهويلاً للتكذيب، وهي جملة (فكذبوا رسلي)، ليس بسديد بحسب ما يراه الباحث.

ثم قال: “فصادف أن كان مضمون الجملتين متحدًا اتحاد السبب لمسببين، أو العلةِ لمعلولين كعلة السرقة للقطع والغرم، وبني النظم على هذا الأسلوب الشيق؛ تجنبًا لثقل إعادة الجملة إعادةً ساجذة[28]؛ ففرعت الثانية على الأولى، وأظهر فيها مفعول (كذب)، وبني عليه الاستفهام التقريري التفظيعي.

أقول: لم يتضح لي قوله: إن مضمون الجملتين متحدًا اتحاد السبب لمسببين أو العلة لمعلولين، كعلة السرقة للقطع والغرم، ولعله يقصد في غالب ظني جملة (وكذب الذين من قبلهم)، وجملة (فكذبوا رسلي).

نعم اتضح لي الآن أنه يقصد أن الجملة الأولى، وهي (وكذب الذين من قبلهم) أفادت التسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، والأخرى وهي (فكذبوا رسلي) اختصت بالعقاب، فكانت كلتا الجملتين متحدتين اتحاد السبب لمسببين والعلة الواحدة لمعلولين.

لكن لنا أن نتساءل أليس بوسع القادر الحكيم أن يصدر من الوحدة الكثرة، ومن العلة الواحدة معلولات كثيرة؟!

ثم إن قياس الجملتين المتكررتين- بحسب ما يذهب إليه- على حكم السرقة قياس مع الفارق، وما هو الحكم الذي يترتب على السرقة في حال تكرارها؟!

إن جملة (وكذب الذين من قبلهم) – وحدها- أفادت التسلية كما يذهب إليه الأستاذ ابن عاشور، أو التهديد كما يذهب إليه بعض من يذهب إلى هذا الرأي، أو الاثنين معًا كما يذهب إليه أبو حيان، كما رشح عنها جملتان هما: (فكذبوا رسلي)، المفيدة لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء كافة من قبله، وجملة (فكيف كان نكير)، المفيدة لحلول العقاب بالأقوام المكذبة، كما أفادت أيضًا التهديد للمخاطبين، وهم كفار قريش الذين مشوا بسيرتهم، وإنذارهم بقرب حلول العذاب بهم.

ولو كانت الجملتان لهما نفس المعنى- كما يذهب إليه الأستاذ ابن عاشور وغيره من المفسرين- لكان في ذلك ثقل وإعادة للجملة إعادة ساذجة يتنزه عنها أسلوب القرآن الذي هو في الدرجة العليا من الفصاحة والبيان.

وقبل أن نختم بحثنا، أود الإتيان على دليل أن تركيب جملتي: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا)، (وكذب اللذين من قبلهم … فكذبوا رسلي)، تتشابهان مع الجملة الشرطية (وإن يكذبوك، فقد كذبت قبلهم قوم نوح …)؛ وحتى يتسنى لنا ذلك، فلنأتِ على الآية الواقعة في سورة يوسف، والتي جاءت على صيغة الشرط، وهي قول أخوة يوسف حين وُجِد الصواع في متاع بنامين: (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل).

ومعنى الآية كما يقول الإمام المفسر ابن عطية:” إن كان قد سرق؛ فغير بدعٍ من ابني راحيل؛ لأن أخاه يوسف كان قد سرق”[29].

فكأن أخوة يوسف حققوا السرقة على بنامين، ولم يستبعدوها عنه؛ كون أخوه وشقيقه يوسف سرق قبله بحسب زعمهم. لكأن الوراثة النسبية المشتركة من جهة الأم كانت سببًا وداعيًا موثرًا- في نظر الأخوة- لوقوع وتكرر فعل السرقة من بنيامين الذي أشبه أخاه وفعل مثل فعله.

دعونا نعيد تركيب هذه الجملة التي قالها أخوة يوسف من الشرطية إلى الخبرية، فنفترض أن أخوة يوسف قالوا: (سرق يوسف؛ فسرق شقيقه بنيامين)؛ فهل تجد بين هذين التركيبين من فرق؟!

إنهما ليكادان يتطابقان، فالفاء السببية في قول أخوة يوسف: (فقد سرق أخ له من قبل)، والتي هي بمعنى لام التعليل أُتي بها لتفيد أن سرقة بنيامين إن كانت وقعت فعلاً منه؛ فهي بسبب ما من شقيقه يوسف الذي سرق من قبل، وهي نفسها الفاء في العبارة المفترضة: (سرق يوسف؛ فسرق شقيقه بنيامين).

وكذلك هو الأمر في الجملتين: (وإن يكذبوك؛ فقد كذبت قبلهم قوم نوح)، و(كذبت قبلهم قوم نوح؛ فكذبوا عبدنا)، فإنها تتشابهان، فيما لو أعدنا تركيب الجملتين في شكلهما الخبري، حيث نقول: كذب قوم نوح؛ فكذبت قريش.

لأن السبب الداعي لتكذيب الأولين، هو نفسه السبب الداعي لتكذيب المتأخرين؛ وهو الكبر والطغيان والعلو في الأرض؛ فلذلك جاء بفاء السببية على سبيل المجاز؛ لأن المكذبين المتأخرين لما جاءوا بعد الأولين، وترتب تكذيبهم في الوجود بعد تكذيب القوم الأُوَل ترتب المعلول على العلة والمسبب على السبب، جاء بهذه الفاء الدالة على السببية على طريق الاستعارة التبعية، وكما قال الحق سبحانه: (إنهم ألفوا آباءهم ضالين؛ فهم على آثارهم يهرعون). [الصافات 69-70].

وهنا سؤال: كيف أن الكلمة المفردة (عبد) أضيفت إلى (نا الفاعلين) في قوله: (فكذبوا عبدنا)، وكلمة (رسل) الدالة على الجمع، أضيفت إلى ياء المتكلم المفردة في (رسلي)؟

والذي يظهر بالنسبة لكلمة عبدنا، أنه لمراعاة سياق الجمع في الآيات الواردة قبله من أول السورة إلى قوله: (خشعًا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر)، ثم قال عقبها: (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر)، وكذلك لتناسب ما بعدها وهي واردة أيضًا بصيغة الجمع، وهي: (ففتحنا أبواب السماء)، (وفجرنا الأرض عيونا) …إلخ.

ويمكن أن يقال- إلى جانب ذلك- أنه لما كان المقام مقام تعظيم مكانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بأعظم مقام؛ وهو مقام العبودية جاء معه الضمير الدالة على التعظيم في حق الله سبحانه.

كما يلاحظ أنه انتقل بعدها إلى جملة (فدعا ربه أني مغلوب فانتصر) بصيغة مغايرة للسابق، وهي صيغة الإفراد كدليل على أن المتحدث عنه غير المذكور قبله، وهو نوح عليه السلام، وهو مناسب للفعل الوارد في جملة (كذبت قبلهم قوم نوح) ليعطف عليه.

أما قوله: (فكذبوا رسلي) فلأجل مراعاة الفاصلة في آخر الآية، وهي (فكيف كان نكير)؛ فنكير مضافة إلى ياء المتكلم المفردة، فناسب أن يضيف (رسلي) إلى ياء المتكلم المفردة؛ حتى لا يختلف الضميران، والله أعلم.

وبتتبع كلمة (رسلنا) الواردة في القرآن، يلاحظ فيها أنها إنما جاءت لمناسبة الجمع الواقعة في سياقه.

قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل)، ثم أتى عقبها قوله: (ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات). (ونرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا)، (وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون). (ثم ننجي رسلنا).

(وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون).  (فلما جاء أمرنا نجينا صالحًا … ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى). (وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط… فلما جاءت رسلنا لوطاً). (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك… سنة من أرسلنا قبلك من رسلنا). (ثم أرسلنا رسلنا تترى). (ووهبنا له إسحاق ويعقوب … ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى). (ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى… ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم). (إنا لننصر رسلنا). (وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون). (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون). (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات). (ثم قفينا على آثارهم برسلنا).

هذا ما سنح لنا أثناء قراءة تفسير العلامة محمد الطاهر بن عاشور لهذه الآيات، والحمد لله أولاً وآخرًا، وظاهرا وباطنًا.

الهوامش:

  1. الاحتمالان الآخران ذكرهما ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز، وأحدهما اختيار ابن عباس، فكيف لا يستقيم معه سياق الآية؟! وسنأتي عليهما عند مناقشة الفقرة (3).
  2. هكذا وردت في المطبوعة! ويظهر أن الصواب التقريع.
  3. هكذا وردت في المطبوعة! والصواب ساذجة.
  4. هكذا ورد في المطبوعة! والصواب العام؛ أي التكذيب العام.
  5. التحرير والتنوير، (مصدر سبق ذكره)، 11/ 229 – 230.
  6. قد جمع أبو حيان في تفسيره بين الأمرين: التهديد والتسلية، فقال: “(وكذب الذين من قبلهم): توعد لهم ممن تقدمهم من الأمم، وما آل إليه أمرهم، وتسلية لرسوله بأن عادتهم في التكذيب عادة الأمم السابقة، وسيحل بهم ما حل بأولئك”. انظر البحر المحيط، تحقيق صدقي محمد جميل، دار الفكر، بيروت، 1420: 8/ 559.
  7. في رأي الباحث أن الذي لا يستقيم معه سياق الآية هو الرأي الذي ذهب إليه ابن عاشور، ولو ساغ للباحث الترتيب في درجة القوة في عود الضمائر، لجعل الرأي الأول هو ما ذهب إليه ابن عباس، والثاني ما رجحه ابن حيان، أما الرأي الذي ذهب إليه ابن عاشور فهو الأضعف.
  8. إن ترتيب ابن عطية للأقوال، وبدئه بالوجه الذي ذكره ابن عباس وقتادة وابن زيد يجعل له الأولوية والصدارة على سائر الأقوال.
  9. المحرر الوجيز (مصدر سبق ذكره)، 12/ 200- 201.
  10. كذا وردت، ولعل الصواب: وكيف لا ينكر على هؤلاء- والمشار إليهم كفار قريش- وقد كذبوا بأفصح الرسل، وأوضح السبل.
  11. مفاتيح الغيب، لمحمد بن عمر المعروف بفخر الدين الرازي، دار إحياء التراث العربي، 25/ 214.
  12. البحر المحيط (مصدر سبق ذكره)، 8/ 559.
  13. انظرها في مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لجمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري، دار الفكر، بيروت، الطبعة السادسة، 1985م، تحقيق د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، 1/ 514، وما بعدها.
  14. المحرر الوجيز (مصدر سبق ذكره)، 12/ 200-201.
  15. منع جماعة من النحاة تقديم جملة الحال المقترنة بالواو على عاملها، وأجازه آخرون، وفي رأي الباحث أن هذه الآية دليل على الجواز.
  16. سياتي معك أن المقصود برسلي هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  17. ص 141.
  18. النكت والعيون، لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، 4/ 455.
  19. انظر: معالم التنزيل (مصدر سبق ذكره)، 1/ 230.
  20. الفوز الكبير في أصول التفسير، للإمام الكبير الشيخ أحمد المعروف بشاه ولي الله ابن عبد الرحيم العمري الدهلوي، المكتبة العلمية، ص61.
  21. معالم التنزيل (مصدر سبق ذكره)، 2/ 33.
  22. مفاتيح الغيب (مصدر سبق ذكره)، 5/ 330- 331.
  23. معالم التنزيل، (مصدر سبق ذكره)، 4/ 389..
  24. معالم التنزيل، (مصدر سبق ذكره)، 6/ 121.
  25. الكشاف، (مصدر سبق ذكره)، 2/ 207.
  26. روح المعاني (مصدر سبق ذكره)، 22/ 154.
  27. التحرير والتنوير، (مصدر سبق ذكره)،7/ 205. هنا يستظهر ابن عاشور أن المراد برسلي هم جميع الرسل.
  28. هكذا وردت في المطبوعة! والصواب ساذجة.
  29. المحررالوجيز(مصدر سبق ذكره)، 8/36.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى