آثار

حرب 1200 سنة بين اليمنيين وبين العنصريين السلاليين (ج7)

حيثيات أكذوبة بغض أهل البيت النبوي وذريته

نواصل في هذا الجزء استعراض ونقد بعض الأكاذيب التي اعتمدتها الهادوية الزيدية في تزييف وعي العوام والأتباع في اليمن، وأشربتها في قلوبهم وجعلتهم مجرد آلات قتل ونهب يستحلون دين ودماء وأموال إخوانهم ممن يخالفونهم في الانتماء المذهبي بحجة انهم أعداء لأهل البيت النبوي وكارهون لهم مبغضون محاربون لذرية النبي الكريم  ﷺ

ج/ رزية يوم الخميس ومنع الصحابة رسول الله ﷺ من كتابة الوصية لعلي بالخلافة بعده

وقصة يوم الرزية (وفق وصف الصحابي عبدالله بن عباس له) مذكورة في صحيحي البخاري ومسلم وفي صحيح ابن حبان، وكلها متفقة في الألفاظ تقريبا، ففي البخاري عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه: [ لَمَّا اشْتَدَّ بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَعُهُ قَالَ: ائْتُونِي بكِتَابٍ أكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ قَالَ عُمَرُ إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا. فَاخْتَلَفُوا وكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ: قُومُوا عَنِّي، ولَا يَنْبَغِي عِندِي التَّنَازُعُ فَخَرَجَ ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: إنَّ الرَّزِيَّة كُلَّ الرَّزِيَّةِ، ما حَالَ بيْنَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ كِتَابِهِ]..

ويروج العنصريون السلاليون أن هذه الواقعة دليل على تآمر الصحابة الكرام وبغضهم لعلي بن أبي طالب إلى درجة أنهم رفضوا طلب رسول الله ﷺ أن يؤتى بكتاب يكتب فيه لهم فلا تضل الأمة بعده لأنه كان (بزعمهم) يريد كتابة وصية بتولية علي بن أبي طالب الخلافة بعده فمنعوه من ذلك وتطاولوا على مقام النبي الكريم في مرضه دون احترام.

وبداية فإن أول وأقوى رد على تخاريف العنصريين في هذه الأكذوبة هي حقيقة أن هذا الحديث موجود في ثلاثة من كتب الصحاح المتعمدة عند السنة، ولو كانت الواقعة خاصة بولاية عليّ ما أوردوا الحديث ولضعّفوه ولو على طريقة الشيعة في قبول ورد الأحاديث التي لا تناسبهم.

ثانيا/ فإن ترويج هذه الأكذوبة فيها إساءة واتهام لرسول الله ﷺ نفسه واتهام له بعدم القدرة بل العجز على تبليغ أخطر أمر من أوامر الله تعالى (وفق عقيدة الشيعة) إلى الناس يتعلق بحاضر الأمة ومستقبلها إلى يوم الدين. وفيها تجاهل إلى أن الدين قد أكمله الله تعالى بآية [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.. المائدة 3] التي نزلت يوم عرفة، وأن رسول الله ﷺ قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة على أكمل وجه، والكتاب الذي كان سيكتبه لن يكون بلاغا جديدا ولا استكمال لنقص، ولن يكون أكثر من الوصية ببعض الأحكام لكن ليس مسائل مهمة مثل الخلافة.

ثالثا/ المروجون لهذه الأكذوبة يتناسون أكذوبتهم الكبرى بأن رسول الله ﷺ في غدير خم بلغ المسلمين (بزعمهم) أمر الله تعالى بأن عليا هو الخليفة من بعده وأن الحاضرين من المهاجرين والأنصار (بزعمهم) سمعوا وأطاعوا وبايعوا عليا بالخلافة يومها، ويتناسون أن كتبهم مشحونة بما لا يحصى من الأكاذيب المنسوبة زورا للنبي الكريم ﷺ عن مصير خلافته وأنها لعلي وذريته وأن من يرفض ذلك فهو كافر بأوضح كثيرا من عبارة حديث غدير خم الذي يخلو من أي دلالة عن الخلافة.. فلماذا يحتاج الأمر بعد ذلك الموقف الحاسم لإعلان ثان وفي ساعة حرجة من حياته ﷺ  يسهل للمنافقين ولمن أراد أن يتأول في معناها أو يشكك في صحتها؟

رابعا/ إن الحادثة وقعت يوم الخميس والنبي ﷺ انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الاثنين أي أنه كانت هناك فرصة ثلاثة أيام على الأقل ليأمر رسول الله ﷺ عليا نفسه بإحضار كتاب وكتابة الوصية بدون اعتراض من أحد، أو أن يخرج بنفسه إلى المسجد ويعلن خلافة علي وذريته من بعده. ولا يمكن التفكير أبدا أن أحدا كان سيمنع رسول الله ﷺ من أن يقول ما يريد.. لكن الثابت أن شيئا من ذلك لم يحدث، وهذا يعني أحد أمرين إما وأن الكتاب الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام لا علاقة له بأمر جديد وهو المؤكد بدليل أن النبي الكريم ﷺ لم يعد إلى طلب الكتاب.. وإما أن النبي الكريم (حاشاه) تراجع عن تبليغ أمر من أوامر الله تعالى الواجب تبليغها وهو حال لا يجوز حتى مجرد التفكير فيه لأنه يمس رسالة الله تعالى ويمس مقام النبوءة بما لا يليق به ﷺ الذي بلّغ الدين كله في أعتى من هذه المواقف فلم يجبن ولم يتردد ولم يساوم ولم يصانع.

خامسا/ إن الصحابة المتهمين بالإساءة في مقام النبي الكريم ﷺ هم الذين حاربوا العرب كلهم مشركيهم ويهوديهم وواجهوا الروم أعتى قوة بشرية يومها، والمهاجرون منهم تركوا بلادهم وأموالهم وأهلهم طاعة لله تعالى ورسوله ﷺ وهاجروا إلى المدينة طاعة لله تعالى ولرسوله فكيف يجوز القول إنهم في تلك الساعة وحبيبهم ﷺ يودع الدنيا انقلبوا عليه وعصوه وأساءوا الأدب في حضرته؟ والحال واضح أن رحمة الصحابة بالنبي الكريم وقت مرضه وتعبه كان الدافع الذي جعلهم يترددون في الاستجابة لطلب الكتابة شفقة عليه.. ولا يجوز وصف ذلك الموقف بالعصيان وقلة الأدب مع رسول الله ﷺ فهم في هذا الموقف كانوا في مثل موقف علي بن أبي طالب عندما رفض طلب النبي ﷺ محو صفته أنه رسول الله أثناء كتابة وثيقة صلح الحديبية عندما أصر ممثل قريش على حذف الصفة لأنه لا يؤمن بها فأقره النبي ﷺ على طلبه وأمر عليا أن يمحو الصفة الذي أصر على موقفه رافضا الاستجابة للأمر فقام النبي الكريم بمحوها بنفسه.. مع الفارق أنه ﷺ لم يصر على طلب الكتاب قبل زفاته ولو أصر ما كان لأحد أن يرفض لكن الصحابة فهموا أن الكتاب مجرد تأكيد لما في القرآن الكريم وأنه لن يزيد ولا ينقص في دين الله شيئا، وكان الدافع لموقفهم هو رحمة وشفقة برسول الله ﷺ في مرضه الشديد والمعاناة الشديدة التي كان يشعر بها في مرضه الذي مات فيه. وهي حالة إنسانية معقولة وغير مستغربة وتحدث مع أقل من ذلك كمن يطلبون من أحبابهم ألا يرهقوا أنفسهم في الكلام أو الحركة شفقة بهم.

سادسا/ إن الحديث عن يوم الرزية الموجود لدى السنة والشيعة الاثني عشرية على حد سواء لا يوجد فيه أي إشارة إلى موضوع الخلافة عموما ولا إلى خلافة علي بن أبي طالب تحديدا لا من قريب ولا بعيد.. وعليه فمن باب المحاججة فيمكن أن يقال أيضا إن رسول الله ﷺ كان يريد أن يعهد بالخلافة لأبي بكر أو عمر أو غيره.

سابعا/ إن العبارة المنسوبة لعمر أنه قال (وعندنا كتاب الله حسبنا) هي عبارة تتفق مع ما يروجه الشيعة من الهادوية الزيدية وغيرهم عن علو القرآن على كل شيء وأنه الحاكم على كل حديث نبوي.. ولو أنصفوا لكتبوها بالذهب ووضعوها في مقدمة كل كتبهم حتى تلك التي تكفر عمر بن الخطاب وتتهمه بقتل فاطمة الزهراء وإجهاضها وإحراق بيتها وعلي أسد الله الغالب يتفرج ولا يدافع عن زوجه وبنت رسول الله ﷺ ويكتفي (وفق لروايات الشيعة) وهم يجرونه غصبا عنه لمبايعة أبي بكر بتذكيرهم بوصية له بالخافة وبالصياح: أنا أخو رسول الله!

ثامنا/ وأما كلام الصحابي ابن عباس عن ذلك اليوم ووصفه بأنه يوم الرزية أي المصيبة فلا يعدو أن يكون رأيا وتوصيفا خاصا به، ولا يفهم منه بالضرورة أنه يقصد به الوصية بالخلافة لعلي، وليس في الكلام كما سلف أي دلالة على موضوع الخلافة، بل هناك من يقول إن الرزية قصد بها ابن عباس تشكيك المنافقين وأمثالهم في خلافة أبي بكر.

د/ تخلف الصديق وعمر عن جيش أسامة لمنع تولي علي الخلافة

وهذه أكذوبة تماثل أكذوبة يوم الرزية في الإساءة للنبي الكريم ﷺ فكما زعموا أنه عجز (حاشاه) عن كتابة كتاب يوصي بالخلافة إلى علي بن أبي طالب أمام اعتراض الصحابة فقد أساءوا إليه أيضا بالقول إنه دبر إخراج كل الصحابة (بمن فيهم أبو بكر وعمر)(1) من المدينة وإرسالهم في جيش أسامة المتجه لمنازلة الروم ليخلو الجو لتولي علي الخلافة عند موت النبي ﷺ دون اعتراض أو ممانعة لكون الصحابة بعيدا عن المدينة!

ولا شك أن هذه الفكرة الجهنمية لا تخطر ببال عربي لم يكن قومه يعرفون مثل هذه الدسائس وألاعيب الأكاسرة والأباطرة والقياصرة والملوك.. وأنها بالتأكيد من تراث أكاسرة الفرس المجوس.. وها نحن قد رأينا رؤساء جمهوريات عتيقة يحولون أنظمتهم الجمهورية إلى ملكية وراثية بأسهل من إلقاء خطاب عن الجمهورية وذم الملكية وتوارث الحكم في أسرة واحدة والتنديد بمنهجية: كلما مات كسرى او قيصر خلفه كسرى أو قيصر، مما تعودوا الطنطنة به أمام شعوبهم.. وقد رأى العالم جمهوريات ملكية يتوارثها الأبناء عن الآباء ببجاحة مثلما حدث بنجاح في كوريا الشمالية (الجد والأب والابن) وسوريا، ومثلما كان مخططا أن يحدث في العراق واليمن ومصر وليبيا لولا أن المشيئة الإلهية ومن بعدها إرادة الشعوب أفشلت تلك المخططات.

وما كان أسهل أن يقول النبي الكريم ﷺ للمسلمين أن خليفتي هو علي بن أبي طالب ومن بعده الحسن والحسين وذريتهما إلى يوم الدين حتى يقول الصحابة: آمنا بذلك وصدقنا.. ودون الحاجة للمناورة وإخراج المسلمين كلهم من المدينة وتركها خالية منهم.. ثم إن حسم مسألة الخلافة والصحابة موجودون في المدينة أفضل وأقوى لكيلا يشككون في الأمر في حالة أنهم كانوا خارجها وتم الأمر دون علمهم.. وقد حدث أن الشيعة ما يزالون يشككون في سلامة بيعة أبي بكر في سقيفة بين ساعدة وهي تمت بحضور 300 من أهل الحل والعقد والشوكة من الصحابة ثم بموافقة جميع المسلمين بمبايعتهم لأبي بكر بسبب عدم حضور خمسة أو أقل أو أكثر من بني هاشم. وبالمثل فقد شكك آخرون في صحة بيعة عليّ بعد مقتل عثمان لأسباب عدة منها عدم اجتماع الأمة عليه، وظلت مذاهب وعلماء كبار لا يعدون عليا من ضمن الخلفاء الراشدين الأربعة بسبب عدم اجتماع كلمة الأمة عليه (بل هناك من كان يعد معاوية هو الخليفة الرابع لاجتماع الأمة عليه في عام الجماعة بعد تنازل الحسن بن علي له بالخلافة) إلى أن جاء الإمام أحمد بن حنبل وصحح حديث (الخلافة بعدي ثلاثون عاما…) وأثبت بذلك أن فترة عليّ تدخل ضمن زمن الخلافة الراشدة.. فماذا كان سيكون الوضع لو خرج كل الصحابة إلى الروم ثم سمعوا باختيار علي خليفة؟ لا شك أن الوضع كان سيكون أشد غرابة وادعى للتشكيك بصحة ما حدث!

ه/ رفض ابي بكر منح فاطمة ميراثها من أبيها رسول الله ﷺ

وهذه الطنطنة المستمرة من 1400 سنة عن الوصية بالخلافة لعلي ألقت بالعنصريين في حفرة تكذيب حديث (إنا معاشر الأنبياء لا نورّث وما تركناه صدقة) الذي رد به الخليفة أبوبكر على طلب فاطمة بنت النبي الكريم في منحها ميراثها في قرية فدك، وهو حديث صحيح في أكثر من مصدر من مصادر الحديث، والتزمه علي في خلافته خمس سنوات ولم يعلم أنه ردّ فدك المقصودة بميراث النبي ﷺ إلى أبناء فاطمة ولا لبقية ورثة النبي ﷺ كأزواجه وورثة عمه العباس ممن يستحقون أيضا الميراث مثلهم مثل فاطمة. بل موجود في مسند الإمام زيد الذي يقدسه هادوية اليمن ويعدونه أصح كتاب بعد القرآن الكريم ما يفيد أن الأنبياء لا يورثون المال، فقد جاء في المسند النص رقم (600) [حدثني الإمام أبو الحسين زيد بن علي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يخلّفوا دينارا ولا درهما إنما تركوا العلم ميراثا بين العلماء]. ولا شك أن هذا مما يليق بمقام الأنبياء لكيلا يتهمهم جاهل ومنافق بأنهم كنزوا الذهب والفضة وخلفوا الأرض والمال لأهلهم. وعديدة هي الآيات القرآنية التي قال فيها الأنبياء لأقوامهم أنهم لا يريدون من تبليغ رسالات الله مالا ولا غنيمة.

وبنى العنصريون على حكاية حرمان فاطمة من ميراثها المشروع بزعمهم أن السبب في ذلك أن الخليفة أبا بكر منعها الميراث لكيلا يستعين علي بالمال على استرداد حقه المزعوم في الخلافة، ونسوا أولا أن مطالبة فاطمة بميراثها من الخليفة هو اعتراف بشرعيته وإلا بأي صفة تطالبه بحقها؟ ونسوا أنهم يقولون إن عليا رفض عرضا من أبي سفيان بن حرب وغيره من زعماء الطلقاء الذين جاءوا إليه يحرضونه على المطالبة باستحقاقه للخلافة دون أبي بكر مبدين استعدادهم لوضع كل إمكانياتهم المادية والبشرية تحت تصرفه.. وهي بالتأكيد ستكون أكثر تأثيرا وأكثر أهمية من نصيب فاطمة في الميراث المزعوم.. فإذن لم يكن هناك عذر للمطالبة بالخلافة والتعذر لقلة المال والمناصرين فإذا كانت المشكلة في قلة المال والمناصرين فقد توفر له المال والمقاتلون.. وإن كانت المشكلة في رفض العرض هو أنه جاء ممن لا يؤتمنون على الإسلام فلماذا إذن إشعال الفتن والحروب بين المسلمين 1400 سنة وصاحب الحق المزعوم قد تنازل عن حقه وآب إلى جماعة المسلمين وسمع وأطاع للخلفاء الثلاثة قبله؟

ولتحريض العوام والجهلة على الصحابة وأبي بكر خاصة يقولون إن فاطمة (بنت النبي الأحب إليه والأكثر شبها به الذي كان يمر عليه الشهر والشهران وهو لا يأكل هو أزواجه إلا التمر والماء) غضبت على أبي بكر صاحب أبيها وقاطعته حتى موتها بسبب حرمانها من ميراثها المزعوم، وبناء على تلك الأكذوبة قالوا إنهم غاضبون من أبي بكر إلى اليوم لأن جدتهم غضبت منه لحرمانها من الميراث ووفق أحاديث منكرة وضعيفة وكاذبة كذبا بينا يروجونها أن رسول الله ﷺ قال إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. وبالبديهة فلو أن الأمر أمر دنيا وأموال فقد كان الأسهل لأبي بكر بعد أن بايعه أهل الحل والعقد أن يعطي فاطمة فدك وغيرها أيضا لطلب رضاها وسكوتها وليس منعها من الميراث المزعوم. وهكذا يسيئون لبنت خاتم المرسلين وإحدى سيدات نساء الجنة بأنها خاصمت صاحب أبيها الأقرب إليه وقاطعته حتى ماتت من أجل المال وليس من أجل الدين،(2) ولم تصنع كما فعل بقية الورثة الذين قبلوا حديث النبي الكريم وهم عمه العباس وأمهات المؤمنين ومنهن عائشة وحفصة بنتا أبي بكر وعمر ولم يطالبوا بحقهم.

وتناسلت الأكذوبة مواليد حرام عن هجر فاطمة لأبي بكر وأنها قاطعته حتى ماتت.. وكأن الوضع الطبيعي بينهما أن يتقابلا ويتحادثا وهو ليس من محارمها أصلا فضلا عن أن فترة ما بعد وفاة النبي الكريم كانت فترة فتن وردة وتمردات كادت تسقط دولة الإسلام وتمزقها شذر مذر.. وأنها أوصت عليا زوجها أن يدفنها ليلا دون إخبار أبي بكر غضبا عليه! ولأن الرافضة بيت الكذب وفق التعبير الشهير للإمام الشافعي والكذب حبله قصير فهم ينسون أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر هي التي اعتنت بفاطمة في مرضها وهي التي قامت بتغسيلها وتكفينها فهل قامت بكل ذلك دون علم زوجها وحتى أنها أخفت عنه خبر الوفاة والجنازة؟

و/ رفض عائشة السماح بدفن الحسن بن علي بجوار جده

وهذه حكاية يروجونها ضد عائشة زوجة رسول الله ﷺ في الدنيا والآخرة مع أن الذي منع دفن الحسن هم مروان بن الحكم وعدد من بني أمية الذين استنكروا أن يدفن عثمان بتلك الطريقة المشينة من قبل قتلته ويدفن الحسن بجوار الرسول ﷺ .. وحتى الشيعة الإسماعيليون (الذين يتظاهرون بالدروشة في عصرنا هذا) تجد في كتبهم حمية ونسبة قرار المنع لعائشة ووصفها (بالظالمة) وفي كتاب لوامع الأكاذيب للمؤيدي يروج كاهن الرافضة لرواية من تفاهاتهم العنصرية أن الحسن بن علي قال في وصيته لأخيه الحسين قبل وفاته أن يدفنه مع رسول الله ﷺ  فإني أقرب إليه وأحق به ممن دخل بيته بغير إذنه ولا بعهد منه لقوله تعالى [ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم] فوالله ما أمروا بالدخول من رسول الله ولا جاءهم كتاب من بعده بالإذن فإن أبت الإمراة..(3) والرواية التافهة تقصد بالقول إن عائشة سمحت بدخول الرجال إلى بيت جده   السماح بدفن أبي بكر وعمر بجوار النبي ﷺ

واما في كتب التاريخ المعتبرة فقد جاء فيها أن الحسن بن علي في مرضه الذي مات فيه استأذن عائشة أن يدفن بجوار رسول الله ﷺ فوافقت رغم أنها كانت تريد أن تدفن هي بجواره في البقعة الصغيرة المتبقية من حجرتها لكن المنع جاء من بني امية وتلك مسألة أخرى كان الحسن نفسه يتوقعها فأوصى أخه الحسين بعدم الإصرار على دفنه هناك في حالة حدوث ما يعرقل ذلك حفاظا على حرمة الدم المسلم، وهو ما تم وخاصة أن الدفن بجوار النبي الكريم لم يكن يشغل بال المسلمين كثيرا، ولو كان هناك من هو أولى بالدفن لكانت فاطمة بنت النبي الكريم وعمه العباس، وأزواجه أمهات المؤمنين وفي مقدمتهم عائشة فهو بيتها بنص القرآن: [ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهنّ لعدتهنّ وأحصوا العدة، واتقوا الله ربكم لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا] الطلاق الآية1

ومن كتب التاريخ المعتبرة التي ذكرت موافقة عائشة على السماح بدفن الحسن بن علي بجوار جده رسول الله ﷺ هذه الكتب المشهورة: أسد الغابة لابن الأثير – تاريخ دمشق لابن هبة – الاستيعاب لابن عبد البر – البداية والنهاية لابن كثير، والذهبي في تاريخ الإسلام، وفي هذه الروايات كان جواب عائشة على طلب الحسن الدفن بجوار النبي الكريم: (حبا وكرامة) و(أنا أوثرك به). وفي الخلاصة حتى عائشة أوصت قبل موتها بدفنها في مقبرة البقيع جوار أمهات المؤمنين، وقبرها موجود بقرب قبري فاطمة والحسن رضي الله عنهم أجمعين.

وفي بعض كتب الشيعة الاثني عشرية ضعف فقهاء الشيعة حديث رفض عائشة دفن الحسن مثلما جاء في مرآة العقول للمجلسي ج3 ص 304 وفي الأمالي للطوسي وصف الحديث بأن رواته مجاهيل.

الهوامش:

  1. كان عمر بن الخطاب ضمن الجيش أما أبوبكر فلم يكن ضمنه وكان يتولى إمامة الصلاة بأمر من رسول الله ﷺ. وكذلك عثمان.
  2. لو صح حديث إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها فلن يكون المعنى إلا أن غضبها للدين وليس من اجل المال أو لأي أمر من أمور الدنيا، وإلا كان معنى ذلك أن أي غضب يساورها تجاه أحد من أبنائها أو زوجها فإن غضب الله قد نزل بهم.. وليس من المعقول إنه لم يحدث بينها وبين علي ما يحدث بين الأزواج من حنق وغضب فقد حدث مثله بين النبي الكريم نفسه وبين أزواجه في الحادثة المشهورة التي هجرهنّ فيه شهرا بسبب مطالبتهن له بشيء من متاع الدنيا.
  3. لاحظوا كيف ينسبون للحسن استخدام لفظة غير مهذبة عند الإشارة لأم المؤمنين عائشة زوجة جده وأمه بنص القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى